ماذا يسمى ذكر الانسان في غيبته بما يكره وهو ليس فيه

ذكر الانسان في غيبته بما يكره وهو ليس فيه


ذكر الانسان في غيبته بما يكره وهو ليس فيه

يُعرف باسم البهتان .

ذِكر أخاك في غيبته بصفات مذمومة ليست فيه هو بهتان، والغيبة هي أن تذكر أخاك المسلم في غيابه بما يكره أن يقال عنه ولا يحب أن يُوصف به، قال تعالى في كتابه العزيز :

(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)، فقد شبَّه الله اغتياب المسل أخاه بأكل لحمه وما أفظعها من فعلة، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّ الله عليه وسلم، قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ : ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ : إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ).


قال الحافظ ابن حجر يُعرِّف الغيبة والبهتان : (ذِكْرُ المرْءِ بِمَا يَكْرَهُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي بَدَنِ الشَّخْصِ أَوْ دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ أَوْ نَفْسِهِ، أَوْ خَلْقِهِ، أَوْ خُلُقِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ وَالِدِهِ، أَوْ وَلَدِهِ، أَوْ زَوْجِهِ، أَوْ خَادِمِهِ، أَو ثَوْبه، أَو حركته، أَو طَلَاقَتِهِ، أَو عُبُوسَتِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ سَوَاءٌ ذَكَرْتَهُ بِاللَّفْظِ، أَوْ بِالْإِشَارَةِ وَالرَّمْزِ).

روي عن الرسول عدة أحاديث يرد على الصحابة رضوان الله عليهم في مواقف قاموا فيها بذكر غائب بما يكره دون أن يعلموا أنها غيبة، روى الإمام أبو داود بسند صحيح عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلَّ الله عليه وسلم : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا (تَعْنِي قَصِيرَةً)، فَقَالَ : لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ)، يريد الرسول أن يبيِّن لزوجته فداحة هذا الفعل أن تصف صفية في غيابها بقصرَّ القامة بينما قد تكره ذلك الوصف، وروى الإمام أبو نعيم في الحلية بسند حسن عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه أَنَّهُمْ ذَكَرُوا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلَّ الله عليه وسلم رَجُلا فَقَالُوا : (لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُطْعَمَ، وَلا يَرْحَلُ حَتَّى يُرْحَلَ لَهُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلَّ الله عليه وسلم : اغْتَبْتُمُوهُ، فَقَالُوا : إِنَّمَا حَدَّثْنَا بِمَا فِيهِ، قَالَ : حَسْبُكَ إِذَا ذَكَرْتَ أَخَاكَ بِمَا فِيهِ)، وهنا يبيِّن النبي صلَّ الله عليه وسلم خطورة ذكر أخاك بما يكره ولو فيه.[1][2]

البهتان أعظم من الغيبة عند الله


البهتان أعظم من الغيبة عند الله



لأنه رمي الناس بالباطل، ووصفهم بما ليس فيهم .

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : (

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) :

(أي ينسبون إليهم ما هم براء منه لم يعملوه ولم يفعلوه)، (

فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً

)، وهذا هو البهت الكبير أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتّنقّص لهم، ومن أكثر من يدخل في هذا الوعيد الكفرة باللّه ورسوله، ثمّ الرّافضة الّذين ينتقصون الصّاحبة ويعيبونهم بما قد برّأهم اللّه منه ويصفونهم بنقيض ما أخبر اللّه عنهم فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد أخبر أنّه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلة الأغبياء يسبّونهم وينتقصونهم ويذكرون عنهم ما لم يكن ولا فعلوه أبدا، فهم في الحقيقة منكّسوا القلوب، يذمّون الممدوحين، ويمدحون المذمومين).

بايع الرسول صلَّ الله عليه وسلم أصحابه، والمؤمنين على ألا يباهتوا، فعن عبادة ابن الصامت أنه رأي رسول الله صلَّ الله عليه وسلم يقول لأصحابه : (بايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على اللّه، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره اللّه فهو إلى اللّه، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه)، فبايعناه على ذلك، وقد رواه البخاري في صحيحه، ودخول النهي عن البهتان في البيعة هو دليل على أهمية اجتناب الغيبة، والبهتان، والنميمة.[3]

حكم ذكر الانسان في غيبته بما يكره وهو ليس فيه


ذكر الانسان في غيبته بما يكره وهو ليس فيه



من أكبر الكبائر .

قال ابنُ حجر الهيتمي رحمه الله : (البهتانَ من كبائر الذنوب، وذكَر أنه أشدُّ من الغيبة إذ هو كذبٌ فيَشُقُّ على كلِّ أحد، بخلاف الغيبة التي لا يشقُّ على بعض العقلاء لأنها فيه، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قال : (خمس ليست لهن كفَّارة : الشِّرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبَهْتُ مؤمنٍ، والفِرار يوم الزَّحف، ويمين صابرة (أي كاذبة) يقتَطِعُ بها مالاً بغير حق).

ورد في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّ الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا : يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ : فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا : بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ : فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا : شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ : فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)، فقد عرض الرسول صلَّ الله عليه وسلم تحريم الخوض في الأعراض في خطبة الوداع، وهذا بيان لخطورة الأمر.[2][4]

هل مدح الشخص يعتبر غيبة



مدح الشخص في غيابه لا يعتبر غيبة .

جاء في شرح سنن

أبي داود للرد على سؤال (هل مدح الشخص في غيبته يعتبر غيبة؟)


: (لا بأس بذلك، لأن المقصود هو النهي عن ذكره بشيء يسوؤه، وأما أن يذكره بخير لأمر يقتضي ذلك مع أنه يكره ذلك لو سمعه، فلا بأس، وقد يكون إذا مدح في وجهه قد لا يعجبه، ولكن أن يذكر بخير عند أناس للتشجيع أو للتأسي به، وأن يكون غيره على حالة حسنة، حتى وإن كان لا يرغب في ذلك من أجل التواضع، ومن أجل أنه لا يحب أن يتكلم فيه، وإنما يحب أن يكون مغموراً، ولا يحب أن يذكر وأن يشتهر، فذلك لا بأس به، من أجل المصلحة التي هي أن غيره قد يأتسي به).[5]

تحتسب الغيبة والبهتان على ما ذُمَّ من الصفات والأفعال التي قد يصف بها شخصًا أخاه في غيبته سواءًا كانت فيه أو لم تكن فيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلَّ اللّه عليه وسلّم قال : (

أتدرون ما الغيبة؟

قالوا : اللّه ورسوله أعلم، قال :

ذكرك أخاك بما يكره..)، أي أن ضابط الحكم بالغيبة هو أن تكون فيما يكره أن يُذكر به من الأفعال والصفات المذمومة، وجاء فيما رواه أبو داوود وحسَنه الألباني عن النبي صلَّ الله عليه وسلم فيمن يرمون الناس بالباطل والبهتان يقول : (ومن رمى مسلما بشيء يريد شينه (أي عيبه وذمّه) به حبسه اللّه على جسر جهنّم حتّى يخرج ممّا قال).[3]