متى يكون العمل صالحا مقبولا
يكون العمل صالحا مقبولاً إذا
يكون العمل صالحًا مقبولًا إذا
كان موافقًا للشرع، وأن يكون العبد مخلصًا النية في عمله لوجه الله تعالى.
يجب أن يكون العمل الصالح الذي يقومك به العبد لينال رضا الله تعالى موافقًا لأمر الله، وسنة نبيه، وأن لا يكون من محدثات الأمور، والبدع، وأن يكون عمله ابتغاءًا لوجهه تعالى، وفي سبيله دون غيره، لا يقصد به غيره بالقول، أو الفعل، يقول تعالى في كتابه العزيز في الآية (110) من سورة الكهف : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا)، يقول ابن كثير رحمه الله : (فمن كان يرجوا لقاء ربه، أي ثوابه وجزاءه الصالح، فليعمل عملا صالحا، أي ما كان موافقا لشرع الله، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا، وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له وهذان ركنا العمل المتقبل لابد أن يكون خالصا لله صوابًا على شريعة رسول الله صلّ الله عليه وسلم ).
يكون العمل صالحا مقبولاً إذا اجتمع توحيد الله مع كمال حبه
يُعد العمل الصالح عبادة إذا اجتمع فيه كمال حب الله تعالى مع توحيده
، وقصده دون غيره بالعمل الصالح، قال الله تعالى : (والذين آمنوا أشد حبا لله) سورة البقرة، الآية (165)، وقال سبحانه : (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون) سورة المؤمنون، الآية57، وقد جمع الله بين حبه تعالى، وخشيته في قوله : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) سورة الأنبياء، الآية 90.
يُقبل العمل الصالح من العبد المسلم دون غيره، يقول تعالى في كتابه العزيز في الآية الثانية والثلاثين من سورة الفرقان : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً)، وقيلت هذه الآية في غير المؤمنين الذين يعملون أعمالًا صالحة، في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ لَا يَنْفَعُهُ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) يعني أنه لم يمكن يؤمن بالله، والبعث، واليوم الآخر، ولم يكن يعمل أعماله الصالحة اتقائًا لهذا اليوم.[1]
أخلصه وأصوبه
يتسائل العبد الصالح الساعي لإرضاء ربه إذا كان كثرة العمل الصالح هي الأفضل، أم إحسان العمل، يقول تعالى في كتابه : (
لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)، ماذا يقصد الله في هذه الآية بالعمل الحسن، والأحسن؟ ويرد أبي علي ابن الفُضيل بن عياض عندما سُئِل : (يا أبا علي، ما معنى أحسن العمل؟ قال : أخلصه وأصوبه، قيل : ما أخلصه؟ وما أصوبه؟ قال : إنَّ العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، وإن كان صوابًا ولم يكن خالصًا فلم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، قيل : يا أبا علي، ما هو الخالص الصواب؟ قال : الخالص : أن يكون لله، والصواب : أن يكون على السنة).
يعتبر الاهتمام بإنجاز العمل الصالح في أحسن صورة أولى من كثرة الأعمال الصالحة، على المؤمن الإهتمام بتنقية العمل الصالح من الرياء، والشرك، وأن يكون مطابقًا للشريعة، خاليًا من الإحداث، والبدعة، وإذا صح للعبد أن يكثر من الأعمال الصالحة مع الإحسان فيها فقد فاز فوزًا عظيمًا.[2]
ماهو الإحسان
يقول رسول الله صلّ الله عليه وسلم في وصف الإحسان : (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، ويعني أن تراقب الله في كافة أعمالك، وأفعالك، وكأنه سيحاسبك عليها فور حدوثها، فتقوم بتأديتها على أكمل وجه لأنه تعالى في حين أنك لا تراه، يقول تعالى في كتابه العزيز : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)، ويقول تعالى : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ).
يأمر تعالى بالإحسان فيقول : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ)، ويقول : (وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، فمن يعلم أن الله يحب المحسنين، ولا يسعى ليكون من بينهم، ويعد الله المحسنين بالجنة فيقول : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وقال تعالى : (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)، والحسنى تعني : (الجنة)، أما (الزِّيادة فتعني النّظر إلى وجهِ الله الكريم في الآخرة، وينقسم الإحسان لقسمين :
الإحسان الذي يتحقق في عبادة الله
: ويتحقق الإحسان في عبادة الله تعالى بالخوف منه، والهرب إليه سبحانه، باجتناب ما نهى الله عنه، واتباع ما أمر به سبحانه، يقول تعالى : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)، (وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أكثر الصحابة خشية لله، فقد كان تحت عينيه خطّان أسودان من كثرة بكائه خشية من الله ورجاءًا لرحمته، وثبت أن ميمون بن مهران أتى الحسن البصري فقال له : ذكِّرنا بالله فقرأ عليه الحسن قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)، فأغمي على ميمون من خشية الله)، كما أن الإحسان يتحقق بالشوق لعبادة الله، والإقبال عليه دون تثاقل، يقول نبي الله صلّ الله عليه وسلم : (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن بينهم: رجل قلبه معلق بالمساجد).
الإحسان الذي يتحقق في حق خلقه تعالى
: يتحقق الإحسان في حقوق العباد في بر الوالدين، وإكرام الضيف، وصلة الرحم، ومساعدة الفقير، وغير ذلك من الأمور التي بها مراعاة لأمور الخلق، قال رسول الله صل الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى : (كتب الإحسان على كل شيء)، أي أنه تعالى أوجب الإحسان في كل الأمور، حتى أنه أوجب الإحسان في ذبح البهائم فقال على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى : (فإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة وإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، ولْيُحِد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته).
يقول إبراهيم بن أدهم في درجات الإحسان : (أعلى الدَّرجات أنْ تنقطعَ إلى ربِّك، وتستأنِسَ إليه بقلبِك، وعقلك، وجميع جوارحك حتى لا ترجُو إلاَّ ربَّك، ولا تخاف إلاَّ ذنبكَ، وترسخ محبته في قلبك حتى لا تُؤْثِرَ عليها شيئاً، فإذا كنت كذلك لم تُبالِ في بَرٍّ كنت، أو في بحرٍ، أو في سَهْلٍ، أو في جبلٍ، وكان شوقُك إلى لقاء الحبيب شوقَ الظمآن إلى الماء البارد، وشوقَ الجائعِ إلى الطَّعام الطيب، ويكونُ ذكر الله عندكَ أحلى مِنَ العسل، وأحلى من المَاء العذبِ الصَّافي عند العطشان في اليوم الصَّائف).[3]
من ثمرات الإخلاص لله تعالى
- الإخلاص في العمل الصالح يحوِّل الالمباحات إلى طاعات، روى البخاري أن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال : إنك لن تنفق نفقةً تبتغى بها وجه الله إلا أُجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك).
- من أخلص النية حتى ولو لم يستطع على تنفيذ العمل الذي نواه كُتِب له العمل، قال صلّ الله عليه وسلم : (من أتى إلى فراشه وهو ينوى أن يقوم من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كُتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه عز وجل).
- إخلاص النية يكفي العبد شر كيد الشيطان، قال تعالى عن نجاة يوسف عليه السلام من كيد امرأة العزيز : (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
- الإخلاص يخلِّص العبد من الكرب، ويخرجه من الشدائد سالمًا معافى.
- إخلاص العمل لوجه الله طريق الجنة.
- إخلاص العمل، والنية الصالحة لوجه الله ينقي قلب العبد من الأحقاد، والأغلال.
- إخلاص النية، والعمل يملأ على العبد حياته بالتوفيق، والبركة.[4]