بما اشتهرت حفصة رضي الله عنها

اشتهرت حفصة رضي الله عنها



اشتهرت السيدة حفصة رضي الله عنها بأنها كاتبة تتمتع بالبلاغة، والفصاحة في القول.

فقد نشأت في بيت عمر بن الخطاب نشأة كريمة، وتعلمت في صغرها القراءة، والكتابة على غرار الأشراف والسادة، وقد كانت متفوقة على قريناتها من بنات الأشراف، وهي حفصة بنت عمر بن الخطاب بن فضيل العدوية القرشية، وأمها زينب بنت مظعون، أخت عثمان بن مظعون أحد أوائل المسلمين في مكة.

خطبة حفصة عن موت سيدنا عمر

قالت حفصة في مرض أبيها : (يا ابتاه ما يحزنك وفادتك على رب رحيم ولا تبعة لاحد عندك ومعي لك بشارة لا أذيع السر مرتين ونعم الشفيع لك العدل لم تخف على الله عز وجل خشنة عيشتك وعفاف نهمتك واخذك بأكظام المشركين والمفسدين في الأرض، وفي بعض الكتب قيل أن السيدة حفصة ألقت خطبة بعد مقتل أبيها، تقول : (الحمد لله الذي لا نظير له والفرد الذي لا شريك له وأما بعد فكل العجب من قومٍ زين الشيطان أفعالهم وارعوى إلى صنيعهم ورب في الفتنة لهم ونصب حبائله لختلهم حتى همّ عدوا الله بإحياء البدعة ونبش الفتنة وتجديد الجور بعد دروسه وإظهاره بعد دثوره وإراقة الدماء وإباحة الحمى وانتهاك محارم الله عز وجل بعد تحصينها فاضرى وهاج وتوغر وثار غضباً ونصرة لدين الله فأخسأ الشيطان ووقم كيده وكفف إرادته وقدع محنته وأصعر خده لسبقه إلى مشايعة أولى الناس بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه الماضي على سنته المقتدي بدينه المقتص لأثره فلم يزل سراجه زاهراً وضوءه لامعاً ونوره ساطعاً له من الأفعال الغرر ومن الآراء المصاص ومن التقدم في طاعة الله اللباب إلى أن قبضه الله إليه قالياً لما خرج منه شانياً لما ترك من أمره شيقاً لمن كان فيه صبا إلى ما صار إليه وائلاً إلى ما دعى إليه عاشقاً لما هو فيه فلما صار إلى التي وصفت وعاين لما ذكرت أومأ بها إلى أخيه في المعدلة ونظيره في السيرة وشقيقه في الديانة ولو كان غير الله أراد لأمالها إلى ابنه ولصيرها في عقبه ولم يخرجها من ذريته فأخذها بحقها وقام فيها بقسطها لم يؤده ثقلها ولم يبهظه حفظها مشرداً للكفر عن موطنه ونافراً له عن وكره ومثيراً له من مجثمه حتى فتح الله عز وجل على يديه أقطار البلاد ونصر الله بقدمه وملائكته تكنفه وهو بالله معتصم وعليه متوكل حتى تأكدت عرى الحق عليكم عقداً واضمحلت عرى الباطل عنكم حلا نوره في الدجنات ساطع وضوءه في الظلمات لامع قالياً للدنيا إذ عرفها لافظاً لها إذ عجمها وشانياً لها إذ سبرها تخطبه ويقلاها وتريده ويأباها لا تطلب سواه بعلاً ولا تبغي سواه نحلاً أخبرها أن التي يخطب أرغد منها عيشاً وأنضر منها حبوراً وأدرم منها سروراً وأبقى منها خلوداً وأطول منها أياماً وأغدق منها أرضاً وأنعت منها جمالاً وأتم منها بلهنية وأعذب منها رفهنية فبشعت نفسه بذلك لعادتها واقشعرت منها لمخالفتها فعركها بالعزم الشديد حتى أجابت وبالرأي الجليد حتى انقادت فأقام فيها دعائم الإسلام وقواعد السنة الجارية ورواسي الآثار الماضية واعلام أخبار النبوة الطاهرة وظل خميصاً من بهجتها قالياً لأثاثها لا يرغب في زبرجها ولا تطمح نفسه إلى جدتها حتى دعى فأجاب ونودي فأطاع على تلك من الحال فاحتذى في الناس بأخيه فأخرجها من نسله وصيرها شورى بين أخوته فبأي أفعاله تتعلقون وبأي مذاهبه تتمسكون أبطرائقه القويمة في حياته أم بعدله فيكم عند وفاته ألهمنا الله وإياكم طاعته).

حفظت حفصة ما كُتب من الوحي على الرقاع، وألواح العظام في حجرتها، حتى شرح الله صدر أبي بكر لجمع المصحف، بعدما استجاب لإلحاح عمر بن الخطاب عليه بسبب حروب الردة، وخاصةً يوم اليمامة، حيث قُتل فيه الكثير من حفظة القرآن الكريم، اعتمدوا حينها على ما عند حفصة للمراجعة، والضبط، فكانت حفصة حينئذٍ

حارسة القران

.[1][2]

اشتهرت حفصة رضي الله عنها بالصيام والقيام



اشتهرت حفصة رضي الله عنها بالصيام والقيام وبالتقوى والتدين


، فقد قال جبريل عنها لرسول الله صلّ الله عليه وسلم : (إنها صؤوم قؤوم، وإنها من نسائك في الجنة)، حدث جويرية عن أسماء عن نافع قال : (صامت حفصة حتى ما تُفطر، أما حجها فحدث عنه ولا حرج)، شهدت حفصة حجة الوداع مع رسول الله، ولم تنفك تلبي نداء المؤذن للحج كل عام من بعد وفاة زوجها الحبيب، وأما عن صدقاتها، فكانت تبذل كل ما تستطيع لمساعدة الفقراء، فكان كل ما يأتيها من عطايا الخلفاء تنفقه في سبيل الله.[1]

من صفات حفصة رضي الله عنها

  • عرفت السيدة حفصة رضي الله عنها بكثرة الصيام، والقيام، وإخراج الصدقات.
  • كانت شديدة الغيرة على زوجها رسول الله صلّ الله عليه وسلم.
  • كانت بليغة، فصيحة، تعلمت القراءة، والكتابة، وبرعت فيهما.
  • كانت أمينة على ما تم تدوينه من الوحي، فكانت حارسة للقرآن.
  • شهدت لها السماء أنها من نساء الجنة.
  • نضجت حفصة في سنٍ مبكرة، وكانت امرأة حكيمة من نعومة أظفارها.[1]

زوج حفصة رضي الله عنها قبل ان تتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم

تزوجت حفصة خنيس بن حذافة السهمي، وكان من السابقين إلى الإسلام، وكانت تقدّر في زوجها ذلك، فقد حمل الدعوة في قلبه، وروحه، وجاهد من أجل الإسلام بأمواله، ونفسه، وقد كان من مهاجري الحبشة (الهجرة الأولى)، ثم هاجر هو وزوجته حفصة مرة أخرى من مكة إلى المدينة، وخاض مع النبي بدر في العام الثاني من الهجرة، وعادوا إلى المدينة بعد النصر الساحق الذي زلزل كبرياء قريش، فخرجت قريش من مكة إلى المدينة للانتقام فحدث ما حدث في أحد، ووقع خنيس جريحًا، وظل يعاني حتى قضى نحبه، وذهب إلى معية ربه شابًا شهيدًا، وترك حفصة من وراءه أرملة حزينة منفطرة الفؤاد.

أصاب عمر حزن مرير لفقدان خنيس، وترمل حفصة، فعرض على عثمان الزواج من ابنته بعدما فقد زوجته رقية، فقال له عثمان: (مالي في النساء حاجة..)، فقد كان حزينًا مكلومًا لفراق زوجته رقية، فعرض عمر على أبي بكر الزواج من حفصة فلم يُجبه، فغضب عمر وذهب إلى رسول الله، فاستمع إليه، وقال : (يُزوج الله عثمان خيرًا من حفصة ويُزوج حفصة خيرًا من عثمان)، فهدأ واطمئن، وما أن رجع إلى داره ومرت بضع أيام، فإذا برسول الله أمام بابه يطلب حفصة للزواج، وتزوج خير البشر حفصة بنت عمر بن الخطاب، وتزوج عثمان بن عفان من أم كلثوم بنت رسول الله صلّ الله عليه وسلم.[1]

مولد السيدة حفصة ووفاتها



وُلدت السيدة حفصة رضي الله عنها قبل بعثة النبي


صلّ الله عليه وسلم بخمس سنوات في نفس تاريخ مولد فاطمة الزهراء ابنة الرسول رضي الله عنها، صدف مولدها إعادة بناء قريش للكعبة بعدما جرفها السيل.

كانت تستقبل المستفسرين، والمتعلمين وكبار الصحابة، والسائلين في دارها في المدينة، في بيت النبي صلّ الله عليه وسلم، ولا تغادر دارها إلا للمسجد، أو زيارة قبر زوجها الحبيب رسول الله، ثم وافتها المنية في المدينة سنة 45هـ، وقيل 41هـ، وقيل 27هـ بعدما أرهقها المرض، وكانت جنازتها مهيبة، حيث حُملت على سرير في نعش، ويتبعها كبار الصحابة بصمت، ووقار، وصلى عليها مروان بن الحكم، وكان أمير المدينة في ذلك الوقت، ودُفنت في البقيع، وأنزلها إلى قبرها أخواها : عبدالله، وعاصم ابنا عمر بن الخطاب، بارك الله مثواها، وألحقنا بها في الصالحين.[1][2]