أقسام دلالات الألفاظ
تقسيم دلالات الألفاظ عند الجمهور
-
المنطوق.
-
المفهوم.
ألتزم علماء الأصول، بتقسيم دلالات الألفاظ أو كما يُقال عنها دلالة الخطاب وهو الوارد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبالتالي يكون مبني على الحكم الشرعي الأصلي، وبذلك نجد أن هذا المنهج يعتمد على ارتباط الدلالات بصريح اللفظ ومحل النطق، أو قد لا يرتبط بها لا في محل اللفظ ولا النطق، وتنقسم دلالات الألفاظ عند الجمهور إلى قسمين رئيسين وهما:
المنطوق:
يعتبر لفظ المنطوق هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق، أي أن دلالة المنطوق تكون هي دلالة اللفظ نفسه على حكم قد تم ذكره في الكلام ونطق به، سواء كان ذلك الحكم بالمطابقة أو التضمن، أو الالتزام، وفي هذه الحالة تُسمى الدلالة اللفظية، وهي التي تشمل دلالة العبارة، ودلالة الإشارة، ودلالة الاقتضاء عند جمهور الحنفية، وسوف نجد أن أمثلة دلالة المنطوق كثيرة جدًا، وهي تُعبر عن معظم أحكام الشرع المأخوذة مباشرة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة: 275]، فهنا نجد أن الله سبحانه وتعالى أشار في الآية الكريمة بمنطوقها إلى جواز البيع وتحريم الربا، وأيضًا في قول الله تعالى: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا) [الإسراء: 23]، فسوف نجد هنا أيضًا أن الله عز وجل قد أشار في الآية بمنطوقها إلى النهي عن التأفف أمام الوالدين وتحريمه، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تُنكح المرأة على عمّتها) وذلك دليل منطوق من الحديث على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها في النكاح.
المفهوم:
وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، بمعنى أن اللفظ قد يدل على حكم شيء لم يُذكر في الكلام، ولم ينطق به، أي تُال بطريقة غير مباشرة، وذلك يكون بأن يثبت نقيض حكم المنطوق للمسكوت عنه، ويُسمى بالدلالة المعنوية أو الدلالة الالتزامية، ويدل على الحكم من باب دلالة الالتزام، ويوجد منه نوعان، مفهوم الموافقة، وهو دلالة النص عند جمهور الحنفية، ومفهوم المخالفة وذلك ما سوف نتحدث عنه فيما يلي:
مفهوم الموافقة:
هو ما يوافق حكمه المنطوق ومن أنواعه:
-
النوع الأول:
في حوى الخطاب يصف هذا، وهو ما كان المفهوم فيه أولى بالحكم من المنطوق، وهو كفهم تحريم الشتم والضرب من قوله تعالى: (فلا تقل لهما أف) وبما أن منطوق الآية تحريم التأفيف، فالبتالي يكون تحريم الشتم والضرب لهما أولى لأنهما أشد .
-
النوع الثاني:
أما لحن الخطاب فهو ما ثبت الحكم فيه للمفهوم كثبوت للمنطوق على السواء، وذلك كدلالة قوله الله عز وجل (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا)، وهنا تدل الآية على تحريم إحراق أموال اليتامى أو إضاعتها بأي نوع من أنواع التلف، لأن هذا مساوٍ تمامًا للأكل في الإتلاف.
وتم تسمية هذين بمفهوم الموافقة، لأن المسكوت عنه يكون موافقًا للمنطوق به في الحكم وإن زاد عليه في النوع الأول، وساواه في الثاني، وهنا تكون الدلالة فيه من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى، أو مثلًا بالأعلى على الأدنى، وقد اجتمع هذا في قوله الله عز وجل (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك) فهنا نجد أن في الجملة الأولى، ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، من التنبيه على أنه يجب أن يؤدي إليك الدينار وما تحته، والجملة الثانية: ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك، وهنا من التنبيه على أنه إن لم يؤده إليك فعليك ألا تأمنه بقنطار.
مفهوم المخالفة:
وهو ما يخالف حكمه المنطوق ومن أنواعه:
-
مفهوم صفة:
وهنا المراد بها الصفة المعنوية، كالمشتق، في قول الله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، فمفهوم التعبير بـ فاسق أن غير الفاسق لا يجب التثبت في خبره ولا الأخذ به، ومعنى هذا أنه يجب قبول خبر الواحد العدل، وقوله تعالى: (ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم) فهنا الدلالة على انتفاء الحكم في المخطئ، لأن ذلك يعتبر بتخصيص العمد بوجوب الجزاء به، وهذا أن دل فيدل على نفي وجوب الجزاء في قتل الصيد الخطأ، وكالعدد في قوله: (الحج أشهر معلومات) وهنا المفهوم أن الإحرام بالحج في غير أشهره لا يصح، وقوله تعالى: (فاجلدوهم ثمانين جلدة) مفهوم الآية هنا ألا يتم الجلد أقل أو أكثر.
-
مفهوم الشرط:
كقول الله تعالى: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن) فمعنى الآية هنا أن غير الحوامل لا يجب الإنفاق عليهم.
-
مفهوم الغاية:
كقوله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) فمفهوم الآية هنا أن هذا لا تحل للأول إذا نكحت غيره بشروط النكاح.
-
مفهوم حصر:
كقوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين)، فمفهوم الآية أن لا يعبد غير الله سبحانه وتعالى، وألا يستعان بغيره، ولذلك كانت الدالة على الإفراد لله وحده سبحانه وتعالى بالعبادة والاستعانة. [1] [2]
دلالات الألفاظ عند الحنفية
-
دلالة العبارة.
-
دلالة الإشارة.
-
دلالة الاقتضاء.
تم تقسيم الدلالة عند جمهور دلالة المنطوق ودلالة المفهوم، وقد قسم الحنفية الدلالة إلى أقسام وهما:
دلالة العبارة (عبارة النص):
وهي دلالة تنص على اللفظ والمعنى المتبادر فهمه من الصيغة التي تم عرضها، مثال قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) [الأنعام121] فعبارة النص هنا تدل على تحريم متروك التسمية، وهي تقابل دلالة المنطوق عند الجمهور.
دلالة الإشارة (إشارة النص):
وهي دلالة تنص على اللفظ ومعنى غير المقصود بسياق الكلام، ولكنه لازم للمعنى الذي سيق له الكلام، مثال قوله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) [الحشر8]، قالوا الحنفية: هذه الآية تدل بطريق الإشارة على أن الكفار إذا استولوا على أموال المسلمين يملكونها، وهنا لأن الله عز وجل قد سماهم فقراء مع أن أموالهم موجودة تحت أيدي الكفار،
دلالة الاقتضاء (اقتضاء النص):
وهي تعني زيادة على المنصوص ويشترط تقديرها ليصير المنظوم مفيدًا. [3]
أقسام الدلالة عند الأصوليين
-
الأهتمام باللغة.
-
اللفظ والسياقة.
-
عناصر السياق.
-
ألفاظ الخطاب.
الأهتمام باللغة:
أهتم الأصوليين أهتمامًا بالغةً باللفظ العربي، وذلك كان حيث معانيه المعاني ودلائلها، وقد اهتموا باللغة كل هذا الاهتمام لكونها الأساس في عملهم، وأساس الحُكم الشرعي، ولذلك قاموا بتتبعو مفردًا ومركبًا، وخاصًة وعامًة، وأمرًا ونهيًا، ومطلقًا ومقيدًا، وقد قاموا أيضًا بفصل القول في مراتب الدلاله على المعنى، وكان ذلك من حيث الوضوح والخفاء، من أجل الوصول إلى القواعد التي تنص على فهم النص الشرعي.
اللفظ والسياقة:
لقد اهتم المفكرين باللغة منذ زمن طويل، وذلك كان لأنها كان قائم عليها مجتمعاتهم الفكرية والاجتماعية، فتعبر اللغة هي أساس المجتمع وهي التي تحدد ثقافته، وبها يتم فهم الكتب المقدسة ودراستها وفهم معانيها، ولذلك تعتبر اللغة العربية من أهم لغات العالم لأنها في الأساس لغة القرآن الكريم، وقد دونت بها كافة العلوم الإسلامية، ولهذا أهتم علماء الشريعة باللفظ العربي لكي يتمكنوا من حفظ لغة القرآن، حتى لكي يظل مفهومًا ومقروءًا ومتدارسًا على مدى الزمن باعتباره مصدر الشريعة الإسلامية، ولهذا السبب ازدادت عنايتهم باللفظ وسياقه.
عناصر السياق:
توجهوا الأصوليين إلى عناصر السياق ومعرفة أثرها في تحديد المعنى، فكانت دائمًا فكرة السباق واللحاق حاضرة في أذهانهم، على الرغم من اختلاف مدارسهم، وقد وضع الأصوليين أيضًا ضوابط لإعمال أثر السياق، وهي اعتماد لغة العرب، واعتماد قصد المتكلم في النصوص الشرعية، وهو الله سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بصفته حال المخاطب.
ألفاظ الخطاب:
بحث الأصوليين في ألفاظ الخطاب كثيرًا من حيث شموله وعامته، فقاموا بتقسيم اللفظ، إلى لفظ عام، ولفظ خاص، ولفظ مشترك، لأن اللفظ إما أن يوضع لمدلول واحد، أو لأفراد كثيرين محصورين في وضع واحد. [4]