ما هي دلائل وحدانية الله سبحانه وتعالى
من دلائل وحدانية الله سبحانه وتعالى
-
نظام الكون.
-
فطرة الله التي فطر الناس عليها.
-
رسالة الأنبياء والرسل.
-
برهان التمانع.
إن دلائل وحدانية الله سبحانه وتعالى واضحةً لنا في كل شيء موجود من حولنا، فهذه الدلائل تتمثل في كل ذرة من ذرات هذا الكون العظيم، فالله سبحانه وتعالى هو الخالق البارئ المصور، وجميعنا نعلم أن كل مخلوق لا بد له من وجود خالق، فكيف يمكن لهذه السموات أن ترفع بدون أعمدة؟ وكيف يمكن لهذه الأرض أن تستقر مكانها؟ بالتالي فإن دلائل خلق الله تعالى تتمثل السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم والبحار والأنهار والأمطار والإنسان والحيوان والنبات والجبال والصخور، فكيف يمكن لكل هذه الأشياء أن توجد من غير خالقها الله سبحانه وتعالى جل قدره وتقدس اسمه، وإجابةً على سؤال ما هي دلائل وحدانية الله سبحانه وتعالى ما يأتي:
نظام الكون :
خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون وجعل له نظام دقيق، فعلى الرغم من اختلاف المخلوقات واختلاف أنظمتهم إلا أن الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان والحيوان والنبات والشمس والقمر والأرض والسموات وسائر المخلوقات في علاقة تكاملية، يعتمد فيها كل طرف على الطرف الآخر حتى يكمل نفسه وهذا دليل على أن من أوجد هذا النظام ووضعه هو الله سبحانه وتعالى لأنه من المستحيل إيجاد هذا النظام الدقيق من تلقاء نفسه، وذلك كما جاء في قوله تعالى: “ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون” وقال الله سبحانه وتعالى أيضًا: “ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم”. [1]
فطرة الله التي فطر الناس عليها :
كما جاء في الحديث الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ ثم يقول أبو هريرة ـ رضي الله عنه: فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) رواه البخاري ومسلم، ويدل ذلك على أن الإنسان خلقه الله سبحانه وتعالى مفطور على عبادة إله واحد لكن انحرفت هذه الفطرة بسبب شياطين الإنس والجن الذين حالوا دون ذلك، فلقد حاول الإنسان على مر العصور أن يعبد أي شيء ويجعل له إلهًا من الحيوانات التماثيل والشمس والقمر، كل هذه المحاولات في إيجادهم لإله تدل على فطرة الإنسان السليمة التي تحثه على العبادة وعلى محاولته لعبادة الله وحده، وهذا يعتبر أهم الدلائل التي تدل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، فلقد قال في كتابه الكريم : (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ). [2]
رسالة الأنبياء والرسل :
جاء جميع الرسل والأنبياء برسالة واحدة إلى أقوامهم ألا وهي عبادة الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد، وذلك على الرغم من اختلافهم، واختلاف أماكنهم والأقوام والبيئة التي ولدوا فيها إلا أنهم اجتمعوا على أمر واحد أراده الله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وذلك على الرغم من تباعد الأزمنة التي جاؤوا فيها إلا أن الله سبحانه وتعالى أرسلهم بمعجزات إلهية فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ). [3]
برهان التمانع :
والمقصد من هذا الدليل أنه لو وجد خالقان وأراد كلًا منهم شيء مختلف عن الآخر فالنتيجة أن يقع ما يريدانه معًا أو لا يقع أيٍ منهما، أو أن يقع ما يريده أحدهما دون الآخر، فالأول والثاني أمور مستحيلة لأن الأول متناقض والثاني مرتفع وهذان لا يجوزان أما الثالث فهو يثبت عجز الآخر وهذا مستحيل على من يتصف بالربوبية، مما يستحيل معه أن يكون الله سبحانه وتعالى بأحد هذه الصفات، فالله خالق هذا الكون وحده لا القدرة على فعل ما يريد لأنه واحدٌ أحد لا شريك له. [2]
ما معنى وحدانية الله تعالى
إن مفهوم وحدانية الله تعالى يقوم على توحيد الله عز وجل والإيمان بصدق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الإيمان بالتوحيد المطلق في ذات الله سبحانه وتعالى وصفاته، وإن شهادة المؤمن بأنه لا إله الله اعتراف منه بوحدانية الله سبحانه وتعالى الذي لا إله إلا غيره، مما ينطبق تحته الإيمان بجميع الأدلة التي تثبت وحدانيته وهذا ما حاول أهل قريش محاربته لأنه يهدم عقيدة القائمة على تعدد الآلهة الذين يعبدونهم بين اللات والعزى ومناة وغيرهم. [4]
دليل عقلي على وحدانية الله
إن المقاييس العقلية تشير إلى وحدانية الله سبحانه وتعالى، ولا يوجد دليل عقلي على وحدانية الله تعالى أقوى من قوله في كتابه الكريم: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) حيث يشير الله سبحانه وتعالى إلى مدى عجز الإنسان أن يخلق شيء حتى نفسه، وأن كل شيء حولنا في هذا الكون ما هي إلا محدثات أحدثها رب واحدٌ أحد، لأنه يستحيل أن توجد من العدم أو أن يكون لها أكثر من الخلق لأن صفة الألوهية يستحيل معها المشاركة في القرارات، ولقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هذا من أظهر المعارف الضرورية، فإن الإنسان بعد قوته ووجوده لا يقدر أن يزيد في ذاته عضوا ولا قدرا، فلا يقصر الطويل، ولا يطول القصير، ولا يجعل رأسه أكبر مما هو ولا أصغر، وكذلك أبواه لا يقدران على شيء من ذلك). [2]
أشهر الأدلة الكلامية على وحدانية الله
إن الأدلة الكلامية على وحدانية الله سبحانه وتعالى كثيرة ومن أشهره إن فلنفترض أن هناك آله آخر غير الله بالتالي سوف نرى دلائل على خلقه، ولو كان كذلك لقام بإرسال رسله إليه، ولقد قالَ أميرُ المؤمنينَ عليٌّ عليه السّلام : “واعلَم يا بُنيَّ أنّهُ لو كانَ لربّكَ شريكٌ لأتتكَ رُسلهُ ولرأيتَ آثارَ مُلكِه وسُلطانَه ولعرفتَ أفعالَه وصفاتَه، ولكنّهُ إلهٌ واحدٌ كما وصفَ نفسَه، لا يُضادُّه في مُلكِه أحدٌ، ولا يزولُ أبداً، ولَم يزَل”.
كما تشير بعض الأدلة الكلامية إلى أنه إذا كان هناك إلهين فلا بد ألا يتمايزان عن بعضهما في أي شيء، لأنه إن حصل ذلك لن تحدث الإثنينيّةُ، ويقول العلّامةُ الحلّيُ في شرحِ البابِ الحادي عشر: “ولاستلزامِه التّركيبَ لاشتراكِ الواجبينِ في كونِهما واجبا الوجودِ فلا بدَّ مِن مائزٍ” أي أنهما إذا اشتركوا في كونهما واجبا الوجوب لأنهم إلهين لا يجوز لهما أن يكونا متميزين عن أحدهما الآخر مما يكون مستحيل وجود إثنين معًا. [5]
دليل على وحدانية الله من القرآن
إن من أشهر الأدلة من القرآن على وحدانية الله سبحانه وتعالى هي ما استدل بها سيدنا موسى عليه السلام أثناء مناقشته لفرعون، والذي كان منكرٍ للألوهية في الظاهر فلقد قال تعالى في كتابه الكريم: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ، وقال أيضا: قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ).
يقول الإمام شارح الطحاوي في تفسير هذه الآية وعلاقتها بوحدانية الله: (إن انتظام أمر العالم كله وإحكام أمره من أدل دليل على أن مدبره إله واحد، وملك واحد، ورب واحد لا إله للخلق غيره ولا رب لهم سواه، ويحكى عن أبي حنيفة رحمه الله أن قومًا من أهل الكلام أرادوا البحث معه في تقرير توحيد الربوبية، فقال لهم: أخبروني قبل أن نتكلم في هذه المسألة عن سفينة في دجلة تذهب فتمتلئ من الطعام والمتاع وغيره بنفسها وتعود بنفسها فتُرسي بنفسها وتتفرغ وترجع كل ذلك من غير أن يدبرها أحد، فقالوا: هذا محال لا يمكن أبدًا، فقال لهم: إذا كان هذا محالًا في سفينة فكيف في هذا العالم كله علوه وسفله؟) [2]