ما الحكمة من تأخير النصر عن المؤمنين
الحكمة من تأخير النصر عن المؤمنين هي :
قد يتساءل العديد من المسلمين خاصةً في اوقات الشدة لماذا يتأخر نصر الله، ولماذا لا ينصر الله جنوده ضد الكفار واعداء الدين الذين يعيثون في الارض فسادًا، لكن هذا الامر يتم لحكمة بالغة من الله عز وجل، وهي من حكم الله في الابتلاء، كي يزيد المؤمنين حبًا وتعلقًا بالله ولجوءًا الى الله، وليختبر المؤمنين الذين ينهار حبهم لله اذا ما تعرضوا للمحن والابتلاءات
ومن حكم الله عز وجل في تأخير النصر عن المؤمنين :
- قد يبطئ الله النصر حتى يزداد اللجوء لله رب العالمين في الضراء والتضرع اليه وزيادة الصلة بالله فقط
- يمكن ان يتأخر النصر كي تبذل الامة اخر قوة لها وتستبسل في سبيل الدفاع عن ارضها
- يمكن ان يبطئ الله النصر لأن الامة الاسلامية لم تقاتل في سبيل اله فقط، بل تقاتل لرغبة دنيوية، والله يريد ان يكون الجهاد في سبيله وحده، وليس لحاجة دنيوية
- قد يتأخر الفتح والنصر لان الشر ليس خالصًا وفيه بذور من الخير، ويريد الله ان ينتهي الخير كي يتجرد الشر بالكامل، فيذهب وحده
- يمكن ان يتأخر النصر لان البيئة الحالية لا تصلح في الوقت الحالي لاستقبال العدل اللائق بالامة الاسلامية، فيريد الله في البداية ان تتطهر النفوس من اجل استقبال الحق [2]
يمكن ان يؤخر الله عز وجل النصر كي يصلب عود المسلمين، ويشتد عودهم، كما حدث في غزوة الخندق، عندما نقض يهود بني قريظة العهد مع النبي عليه الصلاة والسلام، وقد ارسل الله النصر في الوقت المناسب، لكن الزلزلة التي حدثت جعلت المسلمين يشعرون بافتقارهم لله رب العالمين، ولا يسندون الفضل في النصر الى انفسهم، بل الى الله، الذي نجاهم وهم على وشك الهلاك، ولو اتى النصر في لحظة مبكرة لظن المسلمين بأن لهم الفضل في النصر، ولكن تأخر النصر جعلهم يدركون افتقارهم للمولى، ولكنه لم يتأخر الى حد كبير كي لا يتزعزع ايمان المسلمين
فالله عز وجل لا يضيع عمل المؤمنين، ويعطيهم من الابتلاءات على قدر تحملهم كي يؤدبهم ويزيدهم ايمانًا.
سبب تأخير النصر عن المؤمنين قد يكون زيادة في التمحيص والإبتلاء
الله سبحانه عز وجل يرسل النصر للمؤمنين في الوقت المناسب، لأن يبتلي المؤمن على قدر ايمانه
ويمكن ان يتأخر النصر وينزل بالمسلمين البلاء الشديد، لكن حكمة الله انه لا ينزل بالمؤمنين ابتلاءات لا يستطيعون احتمالها، بل ينزل بلاءً يتناسب مع شدة ايمان المسلم، لذلك كان الانبياء اشد الناس ابتلاءً
ويقع البلاء بالمسلمين من اجل تمييز المؤمنين عن المنافقين، قال تعالى: مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُ ۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ ۚ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
والله سبحانه يترقق في عباده المسلمين فيبتليهم على قدر ايمانهم، فإذا صبر المسلم وكان ايمانه يؤهله لتحمل درجة اشد من الابتلاء، يمتزج البلاء بالايمان فيرتقيان بالعبد الى منزله لم يتخيل انه بالغها
ويتأخر النصر فيزيد الابتلاء والتمحيص، لكن يزيد مع ذلك طعم السكينة والانس والتعلق بالله وحده دون غيره والرضا بقضاء الله عز وجل. [1]
الحكمة من تأخر النصر ونزول البلاء
الله سبحانه وتعالى اذا اراد شيءًا او اراد بقوم مصيبة، فإنه ربما يريد اختبار ايمانهم، فهل سيصبرون على هذا الابتلاء، واذا صبر المؤمن يثاب اجر عظيم على صبره وثقته بالله، والابتلاء قد يكون لحكمة لا يعلمها الا الله عز وجل، قال تعالى: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) [الأنبياء:23].
وكل ما يصدر عن الله في كتابه العزيز او السنة النبوية الشريفة من تشريعات واحكام فبها حكمة بالغة، ويجب على المسلم ان يرضى بها ويسلم سواء ادرك الحكمة منها ام لا
- وقد يكون الحكمة من البلاء وتأخر النصر تكفير الخطايا والذنوب، لقول النبي عليه الصلاة والسلام “ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه”
- يمكن ان يكون البلاء لرفع درجات المؤمنين في الدنيا والاخرى واكتساب الحسنات، مثلما حدث مع الانبياء، ويجب معرفة ان البلاء يكون على قدر الايمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل… فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة” رواه البخاري
- يمكن ان يكون البلاء عقاب من الله وتأديب للمؤمن على الذنوب التي اكتسبها في حياته، او لتمييز المؤمنين عن المنافقين والكاذبين قال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت:2-3]
- قد يكون البلاء كي ينال المسلمين اجر الصابرين والشاكرين، وكي يرجع المؤمن الى الله ويكثر من الصلاة والتقرب الى الله من خلال تلاوة القران وتجنب الذنوب الكبائر وتقوية الصلة بين العبد وربه. [3]
تأخير النصر لنصر أكبر
يمكن ان يتأخر النصر عن المسلمين لان الله عز وجل يهيئ لهم النصر الاكبر والاكثر تاثيرًا في حياة المسلمين، وذلك بعد ان يستحق المسلمين النصر الاكبر كما حدث في فتح مكة، قال تعالى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
حيث دخل في الاسلام انذاك بعد فتح مكة جماعات من المسلمين بعد ان كان يدخل في الاسلام واحد او اثنين، والنصر لا يكون للمسلمين الكسالى، بل يجب على المسلمين الراجيين النصر ان يشحذوا كل قواهم، ويوفروا استعدادهم ويجمعوا طاقاتهم، حتى تنمو هذه الطاقات، ويكتمل نموها، وهكذا ربى النبي الانبياء والصحابة رضوان الله عليهم اجمعين.
ومن حكم الله تأخير النصر
- المداولة بين الناس: اي ان الحياة تتداخل بين عسر ويسر، وبين اوقات ظفر وفوز، واوقات خسارة، والخسارة او الفوز منوطة باسباب الفوز والخسارة، ويجب على المسلمين ان ينظروا في مواطن الضعف لديهم ويراجعوا عزيمتهم قبل ان يسألوا عن سبب الخسارة
-
من حكم الله عز وجل الا ينزل النصر على المؤمنين المتراخيين الكسالى، فيكون النصر سهل بدون عناء، لمجرد انهم يقيمون الصلاة ويؤتون الذكاة ويقرأون
دعاء النصر
، بل ان النصر يتطلب هذه العوامل، لكنها غير كافية وهي بمثابة الزاد للمعركة، وواجب عليهم ان يخوضوا المعركة التي يستردوا بها حقهم ضد الظالمين فيفوزوا بالدفاع عن انفسهم، ويأتي نصر الله عندها. [4]