احداث معركة الرس .. ونتائجها .. والمواقف البطولية
القائد السعودي في معركة الرس بالقصيم هو
منصور العساف
.
وهو الذي تولى إمارة الرس لمدة سنة، وقد كان أهل الجزيرة العربية عامة في تلك الحقبة وبالأخص أهل المملكة العربية السعودية يرفضون بشدة وجود المستعمر الأجنبي في أراضيهم وشرعت
معارك الدولة السعودية الأولى
، وكانوا على مدى قرون كثيرة بطولات مشرفة في مقاومة الاستعمار والتدخلات الأجنبية لبلادهم، وفي يوم ذي قار من أيام العرب المعروفة بعصر الجاهلية خلال مقاومة الاحتلال الفارسي وهزيمته، واستمرت هذه المقاومة خلال القرون التي تلت هذا، فقاوموا بكل شجاعة يقاوموا الاحتلال في أرضهم المقدسة، سواء كان برتغالياً أو صفوياً فارسياً، أو عثمانياً تركياً، وهي مقاومة شجاعة وجهاد مشرف مكتوب بسطوره وخطوط من ذهب .
موقع الرس تعتبر هي حلقة الوصل بين كل من نجد وغربي الجزيرة العربية وأصبحت محطة جائزة لكل حملة عسكرية سائرة إلى نجد ومنها، وهذا ما يوضح مرور الحملات العسكرية العثمانية بالرس وتصميمها على فرض الحصار عليها، إذ أوضحت الأحداث أن السيطرة على الرس تعد مفتاح السيطرة على باقي المنطقة.[1]
احداث معركة الرس بالقصيم
حملة المعتدي إبراهيم باشا دخلت في خلال تقدمها إلى الرس إلى بلدة الشنانة، وهي كانت خاوية من الأهالي، بعد أن نقل الإمام عبدالله بن سعود القادرين من أهلها على حمل السلاح إلى الرس، لتزويد القوات المتوفرة فيها، في الوقت نفسه نقل الشيوخ والنساء والأطفال والماشية إلى الوشم، وتم ردم آبارها حتى لا تعيش عليها القوات الغازية، وكانت قوات إبراهيم باشا قد أنهكت خلال سيرها، لذلك أقامت عدة أيام داخل الشنانة ليأخذ أفرادها قدر من الراحة قبل مواصلة السير نحو الرس.
وبعد أن الحملة قد ارتاحت في الشنانة، تحركت بقيادة إبراهيم باشا في 500 جندي من رجاله، وما قبل وصولهم إلى الرس فقام إبراهيم باشا ومن معه بعملية استطلاعية ليراقبوا الوضع ومعرفة المكان قبل هجوم الجيش، لكنه واجه بعض جنود الحامية السعودية الشجعان داخل الرس واشتبكوا معاً، وقد قتل اثنان من رجاله وجرح خمسة، وفي اليوم التالي صدرت أوامره بالتحرك إلى الرس وضرب الحصار حولها.
تعد الرس من أكبر مدن القصيم في هذه الفترة ومن أقواها تحصينا، فكانت محصنة بقلعة حربية كبيرة وأسوار قوية مبنية بالأحجار الصغيرة ومن الطين الأصفر الذي ينشف سريعاً وذي المتانة المرتفعة، وكانت أسوارها مكونة من ثلاثة جدران وبذلك يصعب اختراقها، كما حفر من حول البلدة خندقا عميقا للحماية، وقد جمعت فيها قوات الكثيرة من المناطق المجاورة، كما أرسل إليها الإمام عبدالله حامية عسكرية بقيادة حسن بن مزروع وتركي الهزاني لتقوية قواتها، إلى جانب اشتراك الأهالي في الدفاع عنها، وعلى رأسهم أمير الرس منصور العساف وقاضيها الشيخ قرناس بن عبدالرحمن القرناس، كما استطاعت سريتان سعوديتان تحملان كميات كبيرة من المؤن من الدخول إلى الرس، ما ساعد على المقاومة أكثر.
فقام الأمير منصور بعمل نفق مقابل لنفق إبراهيم باشا وكان له نافذة، من ثم قام بإطلاق قط ليذهب إلى معسكر إبراهيم باشا وكان على ذيله خيط به نار، وجعل القط يذهب للمعسكر عن طريق النفق المقابل الذي حفر وبالتالي اشتعال البارود، بعد إشتعال النيران والتفجير وقد مات 150 جندي من جنود إبراهيم باشا، ومن بعد هذا بدأت المعركة الشديدة راح ضحيتها القائد الشجاع الأمير منصور رحمه الله .
كم حاصر ابراهيم باشا الرس
حاصرها ثلاثة أشهر و17 يوما .
حيث انه كان مسيطر على كل الامور فيها وصولاً حتى منطقة الدرعية ليقوم بالسيطرة عليها، وكان حصاره كاملاً وقد تحمل اهل الرس العديد من القسوة الاجرائية والامنية وبقيت صامدة ضد الغزو العثماني لفترة من الزمن .
من نتائج معركة الرس بالقصيم
- في ذلك الحين كان موقف إبراهيم باشا سيء جداً وهذا بعد ما خسر عدداً كبيراً من قوات جيشه فأرسل لطلب الدعم من الجيش العثماني ومع هذا لم يتحسن موقفه .
- قد طلب إبراهيم باشا الصلح مع أهل الرس وقال جملته المعروفة “يا رس يا عاصي، أقضيت ملحي ورصاصي”.
- قام الإمام عبدالله بن مسعود بالموافقة على تولي مدينة الرس بعد الامير منصور .
- ومن ثم عقد التصالح في يوم الجمعة 12 من ذي الحجة لعام 1232 هـ، وقد نص التصالح على نهاية الحصار عن المدينة، وأن لا يقتحمها الجيش العثماني ثانياً أبدًا.
- وأن يقال لأهل الرس إذا كانوا يريدون الإنضمام إلى ولاية إبراهيم باشا أم للدولة السعودية الأولى .
- وقد أصبح الأهالي غير مجبرين على أن يقدموا أي شيئ للجيش ولا يطلب منهم أي من المؤن أو الغرامات.
- أن الرس لن يتواجد بها أي حامية عثمانية إلا إذا تمكن إبراهيم باشا من الاستيلاء على عنيزة، وأنه إذا لم يستطيع هذا، فإن المعارك ستبدأ من جديد بين كلا الطرفين .
- ألا يدخل جنود ابراهيم الباشا لداخل البلدة أي كانت الأسباب.
انتهت معركة الرس بانتصار أهل الرس
كانت النهاية أن معظم الخسائر والهزائم التي تعرض لها إبراهيم باشا من بلدة الرس نتيجة للمقاومة العنيفة التي تعرض لها طوال مدة الحصار في ثلاثة أشهر و17 يوما وبهذا الصلح انتهى حصار الرس تماماً، كما يشار إلى أن خسائر حملة إبراهيم باشا وصلت لنحو ثلاثة آلاف و400 رجل مقابل 160 شهيد من القوات السعودية ، ويذكر ايضاً أن قتلى الجيش العثماني وصلوا إلى 900 رجل، والجرحى وصولوا لألف آخرين، أما القوات السعودية فقد فقدت 50 رجلا وجرح 70 رجلاً، كما يذكر أن عدد قتلى جنود الحملة التركية العثمانية حوالي 600 جندي.
أما القوات السعودية فقد وصل عدد شهدائهم 70 رجلا، وقد ورد في الوثائق العثمانية عددا مقاربا لما ورد في الوثائق الأخرى، فذكر أن فقد خلالا المعركة عدد 380 جنديا من مغاوير الانكشارية، وأكثر من 100 جندي من المغاربة و60 جنديا من حاشية إبراهيم باشا، واضحى مجموع القتلى 550 جنديا، كما ذكر أن في خلال الحصار جرح نحو 400 جريح.
ماذا عن نفق الباشا في الرس
قد أمر إبراهيم الباشا رجاله بحفر النفق في أواخر الليل حتى لا يعلم به أهالي الرس، وقد استطاع مهندسو الغزاة حفره ودعمهم في هذا طبيعة أرض المنطقة ووفرت أدوات ومعدات الحفر، وكان ايضاً في جيش الباشا عدداً لا يستهان به من المهندسين الفرنسيين الذين ظلوا في مصر بعد حملة نابليون بجانب عدد من المهندسين الإنجليز والإيطاليين.
وكان قطر فوهة النفق متراً أو يزيد قليلاً وأسلوب حفره كانت وفق خطة الغزاة لهدم السور، حيث لم يحفر بالعمق بل سار نحو أسفل السور بتجويف كبير كان الغزاة قد ملؤه بالبارود ليهدم السور لكن الحيلة انطلت عليهم وسبقهم أهالي البلدة إلى تفجيره بما داخله من الجنود.
إن نفق إبراهيم باشا لا يزال يحكى عنه كونه شاهد عن كفاح ومقاومة أهالي هذه البلاد للاعداء، ورغم مرور مائة وتسع وتسعين سنة على هذه الأحداث، إلا أن هذه النفق لا يعرفه الكثيرين، بل قد تعرض للعبث حتى من خلال المنطقة المجاورة مرتعاً للحيوانات الأليفة رغم أن هذه المنطقة تشمل قصر الشيخ قرناس التي شملتها بنود الاتفاق على الصلح.[2]