شرح بيت يا دار عبلة بالجواء تكلمي
هو عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي، وهو تابع لأهل نجد ويرجع نسبه إلى مضر، وقد أخذ لقب عنترة: بالفَلحاء، وقد سمي بعنترة الفلحاء، وكانت أمه هي أَمَةً حبشية يقال لها: زبيبة، وكان أولادها عبيد من غير شدَّاد، وكانوا أخوة عنترة من أمه.
اما أبوه فقد نفاه، وكان العرب اثناء الجاهلية إذا كان شخص مولود من أمه استعبده، ثم دعوه بعد الكبر واعترف به واعطاه بنسبه، وكان سبب ادعاء أبيه أن بعض أحياء العرب قد قاموا بغارة على بني عبس فأصابوا منه واستاقوا إبلًا ثم تبعوا العبسيون فلحقوهم وتقاتلوا معهم، وعنترة كان معهم، فقال له أبوه: “كِرّ يا عنترة” فقال عنترة: “العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الْحِلاب والصّر” فقال: “كرَّ وأنت حر”. فَكرَّ، وقاتل في هذا اليوم قتالًا حسنًا فادَّعاه أبوه بعد هذا واعطاه بنسبه.
وقد كان من الشعراء الفرسان، وكان شاعر من بني عبس وفارسهم المعروف، كما كان رجلاً شديد البطش، وكان مع قوة بطشه لَيِّن الطبع وحليمًا، حسن الأخلاق، لطيف الحضور، وكان من أشد أهل عصره واحسنهم بما ملكت يداه، وكان مسامح معتز بنفسه لا يقر على ضيم ولا يغمض على قذى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “ما وصف لي أعرابي قط فأحببت أن أراه إلا عنترة”.
معاني الألفاظ في بيت يا دار عبلة بالجواء تكلمي
معنى الجو: الوادي وجمعها الجواء، والجواء معناه البيت مكان بعينه، اما عبلة: فهو اسم حبيبته، وقد سبق قوله في قوله: عِمِي صباحًا.
يقول: يا دار حبيبتي بهذا الموضع تكلمي وأخبريني عن أهلك ما فعلوا، ثم أضرب عن استخباره إلى تحيتها فقال: طاب عيشك في صباحك وسلمت يا دار حبيبتي.[1]
شرح بيت يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وفي شرح يادار عبلة بالطائرة: شرح وتحليل البيت وهو يا بيت عبلة في الهواء تحدث معي وعمي في الصباح دار عبلة وأسلمي في هذا البيت يتكلمون مع عنترة بن شداد البيت عبلة حبيبته وهو المكان الذي تركت فيه بيت حبيبته عبلة، عبلة وما فعلته بها بعد أنها تركت منزلها، ثم عادت لتحية منزل حبيبته عبلة وتدعوها إلى السلام والأمان.
التعبيرات والمفردات الشعرية:
- يادار عبلة: معناه المكان الذي غادر فيه حبيبته عبلة.
- الجواء: ويقصد بها اسم المكان الجديد الذي ستقيم به عبلة، والمعنى الحقيقي لكلمة الجواء هو الوادي كما ذكرنا.
- عمي: وهو السلام على أهل الجاهلية، كما كانوا يقولون وقتها بمعنى: صباح ومساء، وهنا رجع عنترة التحية إلى حبيبه عبلة.
- أسلمى: عنترة يدعو دار عبلة للسلام والطمأنينة والأمان.
الجمل الأدبية:
- يَا دَرَ عَبْلـةَ بالجواء تَكَلَّمِـي
يتكلم الشاعر مع البيت في هذه الأبيات وتعتبر هذه النوعية من الاستعارة، حيث يقصد الشاعر الوطن لشخص يكلمه ويتحدث للرد عليه.
- عمى صَبَاحًا
وهي تعرف استعارة مكنية يخاطب فيها الشاعر البيت، حيث شبه الشاعر دار عبلة بشخص يرد عليه التحية.
الأنماط الأدبية:
- أسلوب النداء في: يا دار عبلة ، “يا” أداة النداء ، “دار عبلة” النداء ، الهدف من الدعوة هو التمني.
- الأسلوب الحتمي: الفعل الحتمي وهو “تكلم يا عمي إسلام” كان الهدف من الأمر هنا هو الدعاء.
يادار عبلة في الهواء يتحدث فيها الشاعر ويخاطب عنترة بن شداد بيوت حبيبته الجديدة ويسأل عن حالة حبيبته عبلة، بينما ويكلم بيت عبلة ويطلب منها أن يتكلم ويخبره عن حبيبته، ثم يواصل ويدعو بيوت عبلة بسلام وطمأنينة وأمان، وهذه الآيات كلنت من ضمن معلقة عنترة بن شداد العبسي والتي سنعرضها ادناه.
أبيات من معلقة عنتر بن شداد
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ = أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ
يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي = وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي
فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـ= فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ
وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا = بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ
حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ = أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ
حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ = عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ
عُلِّقْتُهَـا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَـا = زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَـمِ
ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ = مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ
كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا = بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ
إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا = زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ
مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا = وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ
فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً = سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ
إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ = عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ
وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ = سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ
أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا = غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ
جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ = فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ
سَحّـاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّـةٍ = يَجْـرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَـرَّمِ
وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ = غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ
هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـه = قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ
تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ = وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ
وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى = نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ
هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ = لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ
خَطَّـارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَـةٌ = تَطِـسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ
وكَأَنَّمَا تَطِـسُ الإِكَامَ عَشِيَّـةً = بِقَـريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّـمِ
تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ = حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ
يَتْبَعْـنَ قُلَّـةَ رأْسِـهِ وكأَنَّـهُ = حَـرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ
صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَـةُ = كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ
شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ = زَوْراءَ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَـمِ
وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ = وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ
هِـرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لـهُ = َضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَـمِ
بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّـما = بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ
وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً = حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ
يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ = زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ
إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي = طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ
أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي = سَمْـحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ
وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ = مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ
ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَمـا = رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَـمِ
بِزُجاجَـةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِـرَّةٍ = قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَـدَّمِ
فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ = مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ
وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً = وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمـي
وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً = تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ
سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ = ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ
هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ = إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي
إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ = نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ
طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً = يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ
يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي = أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ
ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ = لامُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ
جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ = بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ
الصور البلاغية في معلقة عنترة بن شداد
الجواء: وهي بلد يسميها أهل نجد جواء عدنة، والجواء أيضا يعني الجو، وهو البطن من الأرض، ثم معنى تكلمي: أخبري عن أهلك، وسكانك وعمي قال الفراء: عمي وانعمي واحد، ومن ثم أن النون قد حذفت كما ما تم حذف فاء الفعل من قولك خذ وكل ويروى أن أبا ذر لما أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أنعم صباحا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله قد أبدلني منها ما هو خير منها. فقال له أبو ذر: ما هي. قال السلام اما اسلمي: سلمك الله من الآفات.[2]