متى بعث النبي صلى الله عليه وسلم ؟.. وكم كان عمره
متى نزل الوحي على الرسول
بعيدًا عن زحام الحياة في مكة بكل ترفها واستهتارها وبكل جدها ونشاطها كانت هناك روح تقية نقية ورعة متسامية مفطورة على كل ما هو عظيم. كان الرسول صلى الله عليه وسلم مدرك حاجته وحاجة قومه وحاجة البشرية كلها إلى دعوة الحق والتوحيد من جديد بعيدًا عن عبادة الأصنام والأوثان التي انتشرت في مكة. وهكذا أعطى ظهره للأصنام والأوثان وراح يتأمل ويتدبر ويطلب الهداية والتوفيق.
كانت النبوءات برسول يخرج من تلك الأمة تملأ الزمان والمكان. ولكن كل النبوءات التي تشير إليه صلى الله عليه وسلم منذ مولده ما كانت إلا حافز له على المزيد من الإخلاص في الخشوع والتضرع والتعبد لله سبحانه وتعالى الذي يهديه إليه قلبه قبل أن يهديه إليه الوحي المبين. وهكذا حبب إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الخلاء في غار حراء فكان يقضي شهر في غار حراء في كل عام.
وكانت إرهاصات النبوة بدأت تظهر على النبي صلى الله عليه وسلم مثل الرؤيا الصادقة. وقد راح النبي صلى الله عليه وسلم يقسم أيامه بين داره وغاره. إلى أن جاء اليوم الموعود يوم نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في
يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلا، ويوافق 10 من شهر أغسطس سنة 610 م
وكان عمره صلى الله عليه وسلم بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، و 12 يوما، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و 12 يوما.[1]
كم كان عمر النبي عندما نزل عليه الوحي
إن البعثة النبوية ليست أحداث تاريخية وقعت في فترة من الزمان القديم بل هي بداية سيرة تكوين الإنسان وتكوين العقيدة والقيم وتكوين السلوك القويم من أجل تحقيق رسالة إعمار الكون وإقامة حضارة إنسانية للناس كافة وذلك في زمان كثر فيه الجهل والظلم والانحطاط والشرك. وقد كانت بداية البعثة النبوية بنزول أول آيات من القرآن الكريم من سورة العلق وهي قول الله تعالى ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ في حين أن بداية الرسالة النبوية كانت بنزول آيات من القرآن الكريم من سورة المدثر وهي قول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّر، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾
وقد كان عمر النبي عندما نزل عليه الوحي أول مرة
أربعين سنة قمرية، وستة أشهر
، و 12 يوما، وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و 12 يوما وذلك في يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلًا الموافق للعاشر من شهر أغسطس سنة 610 م. وقد كان بدء نزول الوحي بعد أربعين سنة من عام الفيل. فمن المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل وقد بعث بعد أربعين سنة من عام الفيل وذلك من
بحث عن بعثة الرسول
.[2]
موقف نزول الوحي على الرسول
يحدثنا الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن كيفية وبداية نزول وإشراق الوحي على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتقول:
أول ما بدىء به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه – وهو التعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: (ما أنا بقارىء). قال:
(فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم}).
فرجع بها رسول الله ﷺ يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: (زملوني زملوني). فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: (لقد خشيت على نفسي). فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله ﷺ خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله ﷺ : (أومخرجي هم). قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي.[3]
مدة نزول الوحي على الرسول
كان هذا اللقاء الأول بداية نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم. ولعل انقطاع الوحي بعد اللقاء الأول كان من أجل أن يذهب الروع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتشوق إلى عودة الوحي. وقد اختلف العلماء في مدة انقطاع الوحي الأولى فقيل ثلاث سنوات وقيل قريبًا من سنتين وقيل قريبًا من سنتين ونصف وقيل اثنا عشر يومًا وقيل خمسة عشر يومًا وقيل أربعون يومًا وقيل غير ذلك والله أعلم. أما مدة انقطاع الوحي الثانية فقد كانت بعد عدة سنوات في مكة أيضًا وقد أعقبها نزول سورة الضحى والله أعلم.
وقد كانت في مدة انقطاع الوحي الأولى حكمة بالغة من أجل دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التفكر في الآيات الخمس التي نزلت من القرآن الكريم والتشوق والاستعداد للرسالة العظيمة. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من التردد على غار حراء لعله يلقى جبريل عليه السلام من جديد. وهذا التشوق والتلهف في غاية الأهمية لحمل الرسالة والصحبة الطويلة للوحي التي دامت
ثلاثة وعشرين عامًا
كاملة.
وهكذا تبع اللقاء الأول لقاءات كثيرة وتوالى نزول الوحي من السماء إلى الأرض من الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وعشرين سنة كاملة نزل فيها القرآن الكريم.[4]