قصص من التراث الشعبي الإماراتي
تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة تراث عربي وإسلامي زاخر، وتعتبر قصص من التراث الشعبي الإماراتي خير دليل على ما كان عليه هذا الشعب قديمًا وتعطينا نظرة على حياتهم الاجتماعية، فالإماراتيين هم أصل العرب في عادات وتقاليد وسلوكيات هذا الشعب العربي الأصيل، كما أن هناك الكثير من الآثار الإسلامية والعربية والتي تعد خير شاهد على مدى فخامة العرب وحضارتهم الإسلامية، كما أن دولة الإمارات تعني بتراثها وآثارها عناية خاصة، حيث أنها تمتلك بعض القرى السياحية والثقافية والتي تعد مزارًا للسياح من خارج المنطقة، كما أن الجهات الإماراتية المختصة قد عانت بجميع الآثار الإماراتية عناية شديدة وبذلت جهود كبيرة لحفظها حتى تستطيع الأجيال القادمة أن تتعرف على مثل هذه الثقافة، وتتمثل أهم مظاهر التراث الإماراتي الاجتماعي فيما يأتي: [1]
-
القصص الشعبية.
-
الأمثال الشعبية
-
طقوس الزواج.
-
الحرف اليدوية.
-
الفنون الشعبية.
-
ثقافة الطعام.
-
الملابس التراثية الاماراتية
قصص من التراث الإماراتي
تمتلك الإمارات إرثًا شعبيًا زاخرًا بالكثير من القصص وأشهر قصص من التراث الإماراتي تتمثل في القصص الآتية كما يأتي:
قصة بابا درياه (أبو البحر)
تعتبر قصة بابا درياه من قصص الرعب والإيذاء والتي تتحدث عن واحد يدعى بابا درياه، وهو شخصية خيالية من عالم الجن، وانتشرت هذه القصة بين المدن الإماراتية الساحلية وخاصةً بين البحارة والصيادين، وبابا درياه معناها في اللغة الفارسية أبو البحر، مما يدل على أن هذه الأسطورة ذات منشأ فارسي وهناك نسختان من هذه الرواية وهم ما يأتي:
-
تقول الرواية الأولى من على لسان الراوي أن بابا درياه: «اعتاد أن يتسلل إلى قوارب الصيادين في الفترة بين صلاة العشاء وأذان الفجر لخطف أحد البحارة أو الصيادين وهم نيام، وبعدها يقوم الجني الضخم بابتلاع الضحية وإغراق القارب، واتقاءً لشره يلجأ الصيادون إلى وضع اثنين أو ثلاثة من البحارة لحراسة القارب، وعندما يسمعون صوت بابا دارياه ينادون بأعلى الأصوات على رفاقهم«هاتوا الميشارة والجدوم» وعندما يسمعهم الجني يهرب ويختفي دون أن يستطيع أحد تبين ملامحه لأنه دائماً ما يأتي في الظلام الدامس، ولكنهم يؤكدون أنه رجل قوي وضخم الجثة.»
-
تقول النسخة الثانية من الرواية: «أن كل من يركب البحر يسمع صياح »بابا دارياه«، يتردد في غياهب الليل طالباً نجدته من الغرق، ولكن البحارة يعلمون أنهم إذا أنقذوه فسوف يسرق مؤونتهم من الطعام والشراب، ويحاول أن يخرب سفينتهم مما يعرضهم للغرق، ولذلك يأخذون الحيطة والحذر منه، ويقومون بقراءة سور من القرآن الكريم والأدعية التي تبقيه بعيداً عن سفنهم»
يبدو أن الأهالي كانوا يخافون على أطفالهم في المدن الساحلية وخاصةً الشباب المغامرين لذلك لجأوا لتأليف هذه الرواية حتى لا يقوم أحد منهم بالإبحار ليلًا.
قصة سلامة وبناتها
قصة سلامة هي واحدة من القصص الخيالية الشعبية المشهورة في الإمارات قديمًا وتتحدث عن جنية عملاقة تدعى سلامة تقوم بإغراق السفن في البحر مما حمل البحارة على تقديم القرابين من الماعز والغنم عندما يروون أن سلامة بدأت في إغراق سفنهم عن طريق صنع الأمواج والعواصف منتظرين بذلك أن تشبع سلامة وبناتها من هذه القرابين التي قدموها، وكانت القرابين تقدم عند مضيق هرمز، وربما لجأ الناس لتأليف هذه الحكاية ظنًا منهم أن هذا هو الحل للتغلب على المصاعب التي كانوا يواجهونها عند عبورهم لمضيق هرمز، وذلك لأن مضيق هرمز كان من أصعب المضايق فهو ممر ضيق جدًا يقع بين المحيط الهندي والخليج العربي وتزداد عنده حركة المد والجزر وأمواجه عالية مما يتسبب في حدوث دوامات تهدد سلامة السفن التي تعبر من هناك وتعرضها لخطر الغرق.
قصة أم الدويس
تعتبر قصة أم الدويس واحدة من أهم القصص التي ترويها المجتمعات عن مدى تهديد المرأة الجميلة والجذابة للاستقرار العائلي، وأن الجمال الخارجي من الممكن أن يخفي تحته شر مستطير، خاصةً عندما يستغل صاحب هذا الجمال جماله من أجل إغواء الآخرين والإيقاع بهم، وتروي الحكاية: “أن أم الدويس امرأة شديدة الجمال، ولكن من يدقق النظر فيها يلاحظ أن لها عينا قط تميزها عن الإنسان، وهي في مقتبل العمر، تشبه القمر في ليلة البدر، شعرها طويل منسدل وجمالها آسر لا يقاوم، تفوح من جسمها رائحة المسك والعنبر، وتتزين بالذهب، صوتها ناعم لا يستطيع الرجال مقاومته، عندما تصادفهم وتطلب منهم أن يتبعوها، وما إن يصبحوا أمامها حتى تتحول إلى عجوز مرعبة، تقتل كل من انجذب إليها.”
قصة أم الهيلان
إن قصة أم الهيلان واحدة من أهم القصص الإماراتية الشعبية التي تروي قصتها عن امرأة تدعى أم الهيلان وتقوم القصة على المفهوم السائد في معتقدات الناس سواء في الشرق الأوسط أو في دول أوروبا عن العين الشريرة أو العين الحاسدة، وتقول واحدة من النساء:
في صباح أحد الأيام، وبينما كنا مجتمعات عند صديقة لنا كعادتنا في تمضية الوقت، ونتحدث في أمور شتى، ظهرت فجأة ودون استئذان امرأة غريبة في فناء الدار، وفي بداية الأمر ظننا أنها متسولة وجدت الباب مفتوحاً فدخلت تطلب صدقة، وعندما سألناها ماذا تريد، قالت إنها جاءت من قرية بعيدة للتسوق في بلدتنا، وأنها كانت تمر من أمام المنزل الذي كنا به عندما شعرت بالتعب والعطش، فدخلت تطلب كأساً من الماء وأن تستريح قليلاً، وأخذت تتحدث عن الكثير من الأمور التي لا تحمل معنى، ودون توقف، وكانت تنتقل في حديثها من موضوع إلى آخر دونما رابط، فيما كانت تجول بنظرات قاسية على كل شيء في البيت، وفجأة غادرت البيت بنفس الطريقة الغريبة التي ظهرت بها، وكأنها تهرب من أمر ما، ما أثار حيرتنا وشكوكنا، والذي زاد من غرابة الأمر، أنها لم تشرب كأس الماء الذي كانت قد طلبته، كما أنها لم تكن تحمل معها أي مشتريات تشير إلى أنها كانت تتسوق، وفوق كل هذا انتبهنا بعد أن غادرت إلى أن حجتها عن التسوق تثير الريبة كون البيت الذي كنا نجتمع به لم يكن قريباً من السوق، وفي نفس اليوم ليلاً مرضت صاحبة البيت مرضاً شديداً دون أي أعراض سابقة، وبقيت طريحة الفراش مدة يومين، حتى وافتها المنية، وقالت الراوية: «كنا نعرف آنذاك أن تلك الزائرة الغريبة لم تكن سوى أم الهيلان». [2]
قصة من الموروث الشعبي
تعتبر قصة المرأة البدوية التي قتل ابنيها بعضهما في شجار على أمرٍ لم يحدث بعد، وتعتبر هذه القصة أحد أهم القصص الشعبية التي تحمل في طياتها حكمة وموعظة، كما أنها تبين لنا مدى فطنة الأجداد في حكي مثل هذه الرواية التي تعد نموذج واقعي للحكمة وكيف أن التهور والتسرع قد يودي بحياة صاحبه، ولو أن أحد هؤلاء الولدين قد تراجع ما كان ليحدث هذا، وتحكي القصة: أن امرأة بدوية كانت تغزل الصوف بجانب ولديها وقالت أنها سوف تدخر المال الناتج من بيع هذا الصوف وتشتري به ناقة أنثى وتزوجها لأحد مشاهير الإبل (الزمول) إي ذكر الإبل، وأنها سوف تقوم بإعطاء هذا الإبل الذي سوف يولد إلى أحد ولديها كي يربيه ويؤدبه، لكن نشأ صراع بين الولدين على من سوف يقوم بهذه المهمة حتى انتهت بقتل أحدهما للآخر وانتهت نهاية مأساوية لكنها واقعية.
ظهر مثل شعبي شهير بين أبناء الشعب الإماراتي بسبب هذه القصة وهو: “البكرة ما يت والعيال تذبحوا على عيالها” [3]
قصص تراثية إماراتية قصيرة للاطفال
تناسب قصص التراث الإماراتي معظم الأعمار، لكن هناك بعض القصص التي تكون موجهة خصيصًا للأطفال فقط، ويتم استعراض بعض القصص التراثية في
المهرجانات التراثية في دولة الإمارات
، وذلك من أجل إيصال أحد الرسائل الهامة إليهم من خلال القصة منها تشجيع أو تهذيب بعض السلوكيات العامة، وذلك في محاولة منهم إلى تلقين الأطفال دروس وعبر من هذه الحياة، ومن أشهر قصص تراثية إماراتية قصيرة للأطفال قصة خطاف النساء:
خطاف رفاي (خاطف النساء)
قصة خطاف النساء واحدة من أشهر القصص الإماراتية التي كان يستخدمها الأهلي لتخويف أبناءهم من الابتعاد عن المنزل أو القرية والذهاب بعيدًا عن طريق استخدام مخلوق شيطاني خيالي يقوم بخطف الأطفال وخاصةً الفتيات، وتقول الحكاية: في الليل يظهر مخلوق مخيف يدعى خطاف رفاي، يظهر في البحر على شكل زورق له عدة أشرعة، وله أطراف تساعده على اللحاق بضحاياه إلى البر، ودائماً يحمل بيده حبلاً يلوح به بيديه، محاولاً اختطاف من يراه أمامه وخاصة النساء اللواتي يخرجن من البيت ليلاً، لقضاء بعض الحاجات، وغالباً ما يفشل في مسعاه، بسبب هروب النساء وقراءتهن آيات من القرآن الكريم، وهو لا يخاف إلا من الرجال وخاصة الأقوياء منهم، أو عندما يكونون في مجموعة، ولقد كان هناك مجموعة من النساء كانت تسير خارجاً في المساء، عندما اعترض طريقهن شبح أسود، تحول فجأة إلى قارب، ولما حاول أن يمسك بهن، بدأن بالصراخ والركض إلى أن وصلن إلى البيوت القريبة، وقد سمع صراخهن وطلبهن للنجدة أحد الرجال فخرج من منزله واستطاع أن يمسك الحبل الذي كان بيد خطاف رفاي ويأخذه منه.
ولكن الشبح تمكن من الهرب وترك الحبل خلفه، ولكونه لا يستطيع العيش من دون الحبل، فقد عاد في الليل إلى منزل الرجل متوسلاً أن يعيده إليه، وواعداً إياه بعدم الظهور ثانية في هذا المكان إن أعاد له الحبل، فصدقه الرجل وأعاد إليه الحبل، وبالفعل لم يشاهده أحد منذ ذلك الوقت. [2]