معنى آذنتنا بِبَينها أسماء رب ثاو يمل منه الثواء


من صاحب المعلقة المرتجلة وما مطلعها


إن صاحب المعلقة المرتجلة هو الشاعر الجاهلي الحارث بن حلزة واسمه الحارث بن ظليم بن حلزّة اليشكري، وهو أحد عظماء قبيلة في الجاهلية تدعى قبيلة بكر بن وائل، ولقد كان الحارث شديد الحب لقبيلته وظهر ذلك في قصائده جليًا  حيث كان كثير الفخر بقبيلته قبيلة بكر بن وائل حتى أن فخر الحارث بن حلزة كان يضرب به المثل في الجاهلية قائلين: «أفخر من الحارث بن حلزة»، ويقال أن



معنى الحارث



هو المزارع وكان العرب فديمًا يسمونه بمعنى الأسد، والمقصود به القوة، لكن على الرغم من شهرته آنذاك وكثرة قصائده وشعره لكن لم يردنا الكثير عنه إلا واقعة حدثت آنذاك وهي واقعة الاحتكام إلى عمرو بن هند من أجل خلاف وقع بين قبيلة الحارث وهي قبيلة بكر، وقبيلة أخرى تدعى قبيلة تغلب ولقد أنشد معلقته المرتجلة على الملك عمرو بن هند من أجل أن يرد على أحد الخصوم من قبيلة تغلب وهو عمرو بن كلثوم، وقيل أنه قد أعدها لينشدها أحد أفراد قبيلته لكنه قام بإنشادها في آخر لحظة، ولقد أُعجب الملك بها كثيرًا وأمر برفع الستور التي كان قد فرضها على بني بكر بن وائل، حيث كان السبب الرئيسي لإنشاد هذه المعلقة هو الدفاع عن قبيلة بكر بن وائل أمام الملك، وتقع هذه المعلقة في ثمانين بيتًا، ولقد تمت ترجمتها إلى أكثر من لغة، وتوفي الحارث عم سنة 580 م، أي في أواخر القرن السادس الميلادي على وجه التقريب.


تبدأ



معلقة الحارث بن حلزة



اليشكري بالأبيات الآتية:


آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ


آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ


[1] [2]


شرح آذنتنا بِبَينِها أسماء رب ثاو يُمَلُّ منه الثَواءُ


يقول الحارث بن حلزة اليشكري في بداية معلقته: آَ


ذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ


، ويمكن شرح هذا البيت كما يلي:


أولًا: معاني الكلمات


  • الإيذان: والمقصود به الإخبار أو الإعلام.

  • البين: المقصود به الفراق.

  • لثواء والثُويّ: يأتي هنا بمعنى الإقامة والثاوِ هو الشخص المقيم، والفعل ثوى من يثوي.


ثانيًا: شرح البيت


يقول الحارث ابن حلزة في معلقته أن أسماء قد أخبرتهم بأنها سوف تفارقهم أي أنها كانت عازمة على الفراق، ثم يقول رب ثاوٍ يمل منه الثواء أي أن أحد المقيمين قد تمل من إقامته لكن المقصود هنا أنه لن يمل من إقامة أسماء حتى وإن طالت، والتقدير هنا: رب ثاو يمل من ثوائه، ولقد بدأ الشاعر قصيدته بالتحدث عن أسماء ووقوفه على دارها ومدى حزنه لفراقها وبعدها انتقل إلى الغرض من هذه القصيدة وهو تكذيب شاعر بني تغلب عمرو بن كلثوم ولقد جرت عادة شعراء الجاهلية أن يستفتحون قصيدتهم بمثل هذا النوع من الرثاء أو الغزل ويعتمد هذا على المغزى الأصلي من القصيدة. [3] [4] [5]


معلقة الحارث بن حلزة


يبدأ الشاعر قصيدته بالبكاء على أسماء ومدى صعوبة فراق الأحبة ثم ينتقل لغرض القصيدة الرئيسي وهو تكذيب أقاويل بنو تغلب، ثم يمدح الملك عمرو بن هند كما يأتي: [2]


آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ


آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ


بَعدَ عَهدٍ لَها بِبُرقَةِ شَمّاءَ فَأَدنى ديارَها الخَلصَاءُ


فَمَحيّاةٌ فَالصَفاحُ فَأَعلى ذي فِتاقٍ فَغَاذِبٌ فَالوَفاءُ


فَرياضُ القَطا فَأَودِيَةُ الشُربُبِ فَالشُعبَتانِ فَالأَبلاءُ


لا أَرى مَن عَهِدتُ فيها فَأَبكي اليَومَ دَلهاً وَما يَرُدُّ البُكاءُ


وبِعَينَيكَ أَوقَدَت هِندٌ النارَ أَخيراً تُلوي بِها العَلياءُ


أَوقَدَتها بَينَ العَقيقِ فَشَخصَينِ بِعودٍ كَما يَلوحُ الضِياءُ


فَتَنَوَّرتُ نارَها مِن بَعيدٍ بِخَزارٍ هَيهاتَ مِنكَ الصلاءُ


غَيرَ أَنّي قَد أَستَعينُ عَلى الهَمِّ إِذا خَفَّ بِالثَوِيِّ النَجاءُ


بِزَفُوفٍ كَأَنَّها هِقلَةٌ أَمُّ رِئالٍ دَوِّيَّةٌ سَقفاءُ


آَنَسَت نَبأةً وَأَفزَعَها القَنّاصُ عَصراً وَقَد دَنا الإِمساءُ


فَتَرى خَلفَها مِنَ الرَجعِ وَالوَقعِ مَنيناً كَأَنَّهُ إِهباءُ


وَطِراقاً مِن خَلفِهِنَّ طِراقٌ ساقِطاتٌ تُلوي بِها الصَحراءُ


أَتَلَهّى بِها الهَواجِرَ إِذ كُلُّ اِبنَ هَمٍّ بَلِيَّةٌ عَمياءُ


وَأَتانا عَن الأَراقِمِ أَنباءٌ وَخَطبٌ نُعنى بِهِ وَنُساءُ


أَنَّ إِخوانِنا الأَرَاقِمَ يَغلونَ عَلَينا في قَولِهِم إِحفاءُ


شرح معلقة الحارث بن حلزة


نظم الحارث بن حلزة معلقته الشهيرة المرتجلة على البحر الخفيف، وقام بإلقائها أمام الملك عمرو بن هند وذلك من أجل الرد عن أحد شعراء قبيلة التغلب التي كانت متناحرة مع قبيلته قبيلة بكر بن وائل، وتتألف هذه المعلقة من حوالي خمسة وثمانين بيتًا من الشعر، بدأ الشاعر قصيدته بالبكاء على فراق الأحبة ثم قام بوصف الناقة ثم انتقل إلى تكذيب أقوال شاعر قبيلة تغلب ثم انتقل إلى المفاخرة بقومه بكر بن وائل، ثم بدأ في مدح الملك وأوضح مدى وطادة العلاقة بين بني بكر والملك عمرو بن هند، وإليك شرح أبيات معلقة الحارث بن حلزة كما يأتي:


  • شرح البيت الأول:


يقول الحارث ابن حلزة في معلقته أن أسماء قد أخبرتهم بأنها سوف تفارقهم أي أنها كانت عازمة على الفراق، ثم يقول رب ثاوٍ يمل منه الثواء أي أن أحد المقيمين قد تمل من إقامته لكن المقصود هنا أنه لن يمل من إقامة أسماء حتى وإن طالت.


  • شرح البيت الثاني:


ثم بعدها يقول الشعار حزينًا أن أسماء قد أعلمته بفراقها ثم ذهبت، ويتمنى أن يعلم متى يمكن أن يتجدد بينهم اللقاء.


  • شرح البيت الثالث:


ثم يبدأ بلومها التي ذهبت بعد أن عهدت إليهم بالبقاء بعد أن التقوا ببرقة شَمّاء وخلصاء وهي أقرب الديار لديارهم.


  • شرح البيت الرابع والخامس:


يتذكر الشاعر في البيت الرابع والخامس وعوده هو وأسماء والتي نقضت بها جميعًا بعد أن تعاهدوا على الكثير من الأشياء معًا، ولقد عزمت أسماء الفراق بعد أن تعاهدنا معًا.


  • شرح البيت السادس:


يتعجب الشاعر من عدم وجود أسماء التي عهد إليها بالكثير من الأمور لكنه لا يمتلك إليها سبيلًا للرجوع فيقوم بالبكاء عليها، لكنه يقول أن البكاء لن يعيدها إليه، والمراد هنا أن حزنه قد أذهب عقله وإدراكه بان البكاء لن يحل الأمر، وهذا استفهام يتضمن الجحود.


  • شرح البيت السابع:


المراد أن هندًا قد أشعلت النار بينهم بمرأى من الجميع على بقعة مرتفعة أي أن الجميع قد رأها الجميع بوضوح لكنهم تجاهلوها.


  • شرح البيت الثامن:


ويقول الشاعر أنه قد رأى نار هند مشتعلة من مكان قريب يستطيع أن يصله، لكنه لما أراد أن يذهب إليها ابتعدت تلك المسافة ويقصد أن سبب هذا البعد هو الحروب بينه وبين قبيلة تغلب.


  • شرح البيت التاسع والعاشر:


يقول الشاعر أن هندًا قد أوقدت هذه النار بين الخصمين، وأنه يريد لو يستطيع إخمادها لكن يحول بينه وبين ذلك ما تفرقه بينهم المسافات، وأنه لا يستطيع أن يتخلص من تلك المشاعر التي أصابته بالهم بسبب أن الشخص الذي فارقه قد أسرع بالذهاب.


  • شرح البيت الحادي عشر:


يقول الشاعر أنه يحاول أن يقضي على هذا الهم عن طريق أن يركب ناقته ويرحل سريعًا إلى أي مكان، ولقد شبه سرعة ناقته في هذا الوقت بسرعة النعام وخفتها.  [4] [5]