قصة روز تايتنك الحقيقية

هل قصة روز وجاك حقيقية

فيلم

التيتانك

أحد الأفلام الرومانسية العالمية التي حظيت باهتمام كبير لدى الجماهير حول العالم، فهي قصة مؤثرة للغاية جعلت دموع المشاهدين تنزل زفات زفات على النهاية المؤلمة للفيلم، والذي يعتقد الجميع إنها قصة حقيقية وقعت على متن تيتانك، في حين أن الأمر ليس كذلك، فربما تكون تيتانك وحدها كسفينة غارقة هي الحقيقية بينما قصة الحب الذي أذهلت الجميع ما هي إلا مجرد خيال غصب للمؤلف.

بالفعل روز كالفيرت وحبيبها جاك ما هما سوى شخصيات خيالية لم تكن على متن تيتانك شخصيات تشبههم من الأساس، ولكن ذلك لا يمنع أن شخصية روز نفسها مقتبسة من شخصية حقيقية لسيدة مشاغبة مرت بالعديد من التجارب في حياتها وتنقلت بين العديد من الدول، لكي يستوحي منها أفكار روز ويكون شخصية ذو حبكة درامية واقعية، وبينما كان جيمس كاميرون في رحلة بحثة عن شخصية يستوحي منها روز، أهدت له زوجة بيل باكستون كتاب يحمل السيرة الذاتية لسيدة اسمها بياتريس وود، ومن خلال قرائته لسيرة وود أكتشف أنها الشخصية المثالية التي يمكن أن تكون عليها بطلة فيلمه.

قصة روز تيتانك

الجميع يعرف أن هناك سفينة غارقة تدعى تيتانك مات أثر غرقها الكثير من الأفراد ونجى البعض، مما دفع المؤلفين للبحث عن قصص درامية يمكن أن تكون أحداث مميزة وجذابة ونجح جيمس كاميرون في عمل ذلك، فصنع من تيتانك قصة حب عنيفة للغاية، عاشت في نهايتها البطلة ومات البطل، بينما البطلة تحكي لنا الأحداث كلها وهي الثمانينيات من عمرها عن حب العمر الذي ألتقته في رحلتها على تيتانك وانتهت القصة في نفس الرحلة بموته غرقاً، فلم يكن الأمر سهل على المشاهدين إذ أحدث الفيلم ضجة كبيرة وتأثير عظيم، ما زال مذهل ومميز للجميع حتى الآن[1].

القصة الحقيقية التي استوحت منها روز تيتانك هي شخصية السيدة بياتريس وود، والتي تستعرضها في كتاب يحمل السيرة الذاتية لها، وكانت محقة في كتابة قصتها في كتاب فحياتها كانت مكتظة بالأحداث مليئة المواقف والمغامرات، حيث ولدت بياتريس وود عام 1893م في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا لأبوين أثرياء من أعيان وكبار المجتمع، وهي في سن الخامسة من عمرها قامت عائلتها بالانتقال إلى مدينة نيويورك، وحينها قررت والدتها بأن ترسلها إلى فرانسا لكي تدخل المدرسة وتلتحق بالدير وتتعلم على أفضل مستوى، وبالفعل ذهبت روز لتخوض أول تجاربها في الحياة في فرنسا والتحقت بالمدرسة وكانت تستمع بالعطلة الصيفية في أوروبا بشكل دائم.

في أحد المرات التي كانت تزور فيها بياتريس أوروبا تعرفت لأول مرة على المعارض الفنية وزيارة المتاحف والمسارح، وظل مغرمة بالفن والمسرح ولديها شغف كبير بهم، وفي عام 1912 حيث كانت تلغ بياتريس حينها 19 عام كان من المفترض أن تقيم أول حفل لها، بعدما تمكن من العرض الجيد على المسرح ومن الجدير بالذكر أن عام 1912م هو نفس العام الذي غرقت فيه تيتانك ولكن لم تكن بياتريس على متنها، قررت حينها بياتريس وبشكل مفاجئ أنها ستلغي الحفل وقالت أنها لا تريد أن تعرض شيء، بل تريد أن تصبح رسامة، فكانت بياتريس عاشقة للتحدي، إذ أنها فتاة عنيدة للغاية.

كانت والدة بياتريس سيدة راقية للغاية وافقت مباشرة على رغبت بياتريس ورحبت بها، وأرسلتها مرة أخرى إلى فرنسا لكي تتعلم الرسم، ولكن حين وصلت لم تتأثر بالدراسة ولم تشعر أنه المجال الذي تجد نفسها فيه، وسرعان ما قررت العودة إلى والديها، وحينها استغلت فرصة مرض والدتها البسيط وعادت إليهم ولكنها سرعان ما شعرت بالممل وعدم الراحة تجاه تحكم والدها الزائد وخوفه عليها الذي كانت تراه غير مبرر، فعادت مرة ثانية إلى باريس وهناك بدأت رحلة جديدة في دراسة المسرح وبالفعل درسته بشكل جيد، ولكن في هذه الفترة كانت بياتريس التحقت بالمسرح الوطني الفرنسي، وقدمت حينها أكثر من 60 دوراً، وكانت تعرف باسم Mademoiselle Patricia.

حين كانت بياتريس تعمل في المسرح تعرفت على شاب يسمى مارسيل دروشامت، وهو فنان ورسام يعرف بلوحاته المميزة والمثيرة للجدل الدائم، وحينها قدمها دوشامت إلى والتر ولويز أرنسبرغم، بعدها مباشرة قدموا حفل معاً وفي هذه الأثناء حدثت حركة تسمى دادا وهي حركة مناهضة للفن والفنانين، وتسببت في مرور بياتريس بحالة غريبة، ولكن دخول دوشامب والكاتب هنري روشيه كانوا مصدر لسعادتها وألهامها، وحدث حينها أن كان مثلث حب بينهما، وتعتبر هي المرة الأولى التي تشهر فيها بياتريس بالحب، ولكنها أحبت روشيه بشدة وكان أول رجل يكسر قلبها كما وصفت.

في عام 1918م، قامت الملولة بياتريس بترك نيويورك وذهبت لمونتريال ولكن والدها لم يتكرها فظل يتعقبها مع محقق خاص ليصل إليها، وهناك التقت بصديقها بول والذي كان يعمل مدير للمسرح فتقاسمت معه المنزل، ولكن حينها لم يكن مفر من مطاردة والدها سوى الزواج من بول، والذي لم يتعدى زواج المصلحة حيث استغلها بول لتدعمه في سهرات القمار الذي كان يلعبه كل ليله وهي استغلته لتختبأ من والدها في حماية رجل أخر، ولكن حرص والدها على فسخ الزواج ونجح في ذلك بعد بضع سنوات.

لم تتوقف أحلام ورحلات بياتريس فبعدما عادت مع والدها إلى نيويورك كانت حركة دادا تلاشت ووجدت أن دوشامب سافر ‘ل أوروبت، وروشيه عاد لباريس فوقعت حينها في حب ممثل بريطاني يسمى ريجنالد بول، ولكنه لم يحبها فكسر قلبها للمرة الثانية دون رحمة، ثم قررت بعد ذلك الذهاب إلى لوس أنجلوس.

يبدوا أن بياتريس كانت تحب التنقل والسفر كثيراً وفي احدى رحلاتها اشترت مجموعة من أطباق الحلوة المميزة المطلية بطلاء لامع، وحاولت كثيراً أن تبحث عن إبريق للشاي يتناسب مع الطقم الذي أقتنته، فهي كانت تراه قطعة فنية يجب أن تكتمل، ولكنها لم تستطع ذلك، ولأنها فتاة عنيدة قررت أن تتعلم فن الخزف وصناعته لكي تصنع بنفسها إبريق وتتحدى الموقف السخيف الذي تعرضت له، وبالفعل التحقت بدورة صناعة الخزف بمدرسة هوليوود الثانوية عام 1933، واكتشفت حينها أن الأمر صعب جداً، ولكنها وجدت شغف كبير وحب لفن التزجيج وبالفعل بدأت بإتقانه وقدمت بعض القطع المميزة وباتت تبيعها وحرصت على التديب على يد كبار فناني الخزف مثل جلين لوكنز وجيرترود وأوتو ناتزلر

في عام 1947م، كانت بياتريس متمكنة ومحترفة في صناعة الخزف فكانت تشارك في المعارض الكبرى بأعمالها المميزة، ومن بينها متحف لوس أنجلوس للفنون وتحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، كما أن هناك الكثير من المتاجر الكبرى بطلب القطع منها لبيعها في متاجرهم مثل مازال وجامبس ونيمان ماركوس، كما أنها باتت تدرس صناعة الخزف في مدرسة هابي فال، المتواجدة الآن باسم بيسانت هيل، كما عملت بتقديم أعمالها في صالة عرض خاصة بها.

في اواخر الثمانينيات من عمرها نشرت كتابها الأول بعنوان

The Angel Who Wore Black Tights، وكان يضم السيرة الذاتة الخاصة بها والرحلات التي قامت بها وكم الأمور السيئة التي مرت بها والتي نسبتها لنفسها وأنها هي من ألمت نفسها ولقي الكتاب حينها رواج كبيراً وانتشرت قصتها وصارت محل شغف للجميع، من بينهم جيمس كاميرون الذي اختارها لتكون هي الشخصية المسيطرة على بطلة الفيلم روز تيتانك.

متى توفيت روز تايتنك الحقيقية

روز تيتانك والمقصود منها السيدة بياتريس وود توفيت بعد العرض الأول من الفيلم والتي لم تستطيع الحضور إليه بسبب حالتها الصحية، فقد كانت في هذه الفترة عمرها 104 عام، ولكن ذهبت إليها بطلة الفيلم جلوريا ستيورات  وكاميرون إلى منزل بياتريس وتناولوا معها العشاء وان معهم الفيلم ليمكنوها من مشاهدته ولكنها رفضت تماماً، وقالت من المؤكد أن الفيلم سيكون حزين للغاية بينما قد فات وقت الحزن، وبعدها بأيام قليلة توفيت السيدة بياتريس عن عمر يناهز 105 عام في عام 1997م.