القيم الغائبة في المجتمعات العربية المعاصرة
ما هي القيم الأخلاقية
القيم هي مجموعة السلوكيات والتنظيمات النفسية التي يكتسبها الفرد خلال معايشته لعادات وتقاليد الوسط الاجتماعي التي يعيش فيه ويمارس دوره من خلاله، وتعرف منظومة
القيم
الخلقية بأنها منظومة النسق القيمي الأخلاقي التي يحددها
القرآن الكريم
كمعايير للسلوك الإنساني في إطار الخير أو الشر، أي
تحديد
قرب هذا السلوك أو بعده عن
المثل
العليا التي تمثل المحكات الأساسية للأخلاق في المجتمع العربي.
كما أن
القيم الأخلاقية
هي
المعايير
والمبادئ والقواعد والموجهات لسلوك الفرد التي تصدر عنها أفعال من غير تفكير، وتتعلق بذات الفرد وصفاته ونمط سلوكه وشخصيته، ولاسيما أن
الفرق بين القيم والمبادئ والمعتقدات كبير
.
القيم الغائبة عن المجتمعات العربية الحديثة
الانفتاح المجتمعي وجعل
العالم
كله قرية صغيرة وأدى لانتشار العديد من
العادات
السلبية، وإلى غياب القيم والعادات الدينية والمجتمعية السليمة، حيث بات المجتمع يعاني من كثير من المشكلات، ولاسيما أن المجتمع العربي له عاداته وتقاليده الخاصة التي هي أساس شخصيته وكينونته
الإسلام
ية والحضارية، وتتمثل أهم القيم التي غابت عن المجتمع العربي في:
-
المعاملة الحسنة للمرأة
كان العنف ضد المرأة وإهمالها ومعاملتها على أنها عر يجب دفنه والتخلص منه عادات جاهلية، وعندما جاء الإسلام برأ المرأة ونزهها وكرمها ومنحها الحقوق ووضع لها الواجبات اللازمة، وبات تكريم المرأة عادة عربية وإسلامية فوصلت المرأة لأعلى المراكز والمناصب ولكن في
الوقت
الراهن وضحت المشكلات الغريبة على المجتمع، حيث إن المرأة باتت تعان وتعذب ووضح العنف ضدها كوسيلة لإثبات الرجولة، كما أن العنف ضد المرأة ومعاملتها بوحشية وسلبية نتاج
طبيعي
للانفتاح والعولمة ودخول
الرجل
في علاقات محرمة، فقد غاب التفاهم والوعي بين الزوجين، حين غابت المثل العليا والقيم الإسلامية، كما أن أحياناً العنف ضد المرأة يكون نتيجة للفهم الخاطئ للدين والعصبية الشديدة وعدم الفهم للنصوص والتشريعات الدينية[2].
-
ثقافة الاعتذار
غابت الاعتذار من القيم التي قل رؤياها في المجتمع العربي، حيث إن المجتمعات العربية سابقاً كانت مجتمعات فضيلة ورقي أخلاقي فكان الكبير يعتذر للصغير والعكس بالطبع، فالكبر ليس من صفات العربي ولا المسلم، كما أن الاعتذار ثقافة الشخص الواعي، ولكن غابت ثقافة الاعتذار في
الوطن
العربي كثيراً، فبات
الكبر
في قلوب الجميع، مما أدى لتفكك المجتمعات والأسر والعائلات، كما أن ثقافة الاعتذار في الإسلام واجبة وهي أحد القيم والأخلاقيات السليمة[3]
-
سلامة الصدور
كثيراً ما نواجه في مجتمعنا العربي أناس لا تعرف كيف تجعل قلوبها سليمة ولا تمارس
الرقي
في تعاملاتها، كما أن سلامة الصدور هي سبيل الألفة والحب، وهي عادة وقيمة لدى المجتمع العربي والمجتمع المسلم، لقول
الله
عز وجل في كتابه العزيز”وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً”، كما يقول الله تعالى عن سلامة الصدر في القرآن الكريم”يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ، إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”، ولكي تشيع المحبة بين الناس لابد من سلامة
القلب
والصدر[4].
-
قيمة الحوار
الحوار هو سبيل التفاهم والحب والحرية، فعندما يغيب الحوار بالطريقة السليمة، يبات العنف هو السبيل الأوحد للنزعات والاختلاف، والمجتمعات العربية منذ ظهور الإسلام وهي تقوم على ثقافة الحوار والتفاهم، ويعتبر الحوار من
أهم القيم التي يجب غرسها في الأطفال
، بينما في العصر الراهن بات الجميع يتحدث ولا أحد يستمع، والكل يتعصب لرأيه دون الوعي برأي الآخر، كما بات هناك فجوة كبيرة بين الآباء وأولادهم وعدم تفاهم واضح بين الأجيال، مما أدى لفقدان الحوار وقيمته العظيمة في المجتمع، إذ أن الحوار هو وسيلة فعالة لتقوية الروابط المجتمعية وضرورة تربوية وطريق لإيجاد أفضل حلول للمشكلات كما أنه وسيلة لتبادل الآراء والفهم والتطلع على ثقافة الآخر[5].
-
اللغة
اللغة العربي أهم لغات العالم وأكثرها حضارة وأهمية ففي الماضي كان من يتحدث بالعربي من أهل الغرب يطلق عليه اسم مثقف، وكان العرب يعتزوا بلغتهم اعتزاز بليغ، حيث إنها لغة القرآن الكريم، كما أن ظاهرة تداخل
الحروف
والكلمات الجديدة على اللغة واستبدالها بغيرها كنتيجة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح الشديد على العالم، يعتبر خطر يهدد اللغة العربية حيث أن الباحثين واللغويين يروا أن استعمال هذه اللغة الهجين في وسال التواصل الاجتماعي تشكل خطر على
الشباب
وهويتهم وعلى اللغة نفسها، حيث يجب احترام اللغة الأم وعدم الاستهزاء بها فهي الدليل الحضاري على جذورهم العربية الأصيلة[6].
-
الوقت
الشخصية العربية شخصية فريدة من عادتها تقدير كل شيء ذو قيمة ومنح الأمور حقها، ولكن كانت
التكنولوجيا
أسوأ مخرب للعادات والتقاليد والقيم والمبادئ، فبات العربي يفرط في وقته ولا شعر به، فمن الممكن أن يقضي الشخص يومياً أكثر من ساعتين على أقل تقدير برفقة المواقع الافتراضية في أمور لا قيمة لها ولا عائد منها ولا طائل، فإهدار الوقت وعدم الاكتراث له بات من العادات السيئة جداً من المجتمعات العربية.
-
العمل
على عكس ما كان، فالعربي دوماً مبدع في عمله، بل بات من سمات المجتمعات العربية إهدار الوقت وعدم الاكتراث للعمل، فالمقابل المادي هو الأهم لديه وليس إنجاز العمل بكل جهد وطاقة لكي يعبر عنه، ولكن ليس الجميع هكذا، فلا يمكن تعميم العادات السيئة فهناك من هم يقوموا بعملهم بكفاءة وحب، ولكنها باتت سمة ملحوظة مما جعل الأشخاص يفضلوا المنتجات المستوردة عن المنتج المحلي.
التسامح قيمة كبيرة يسمح بانتشار
الحب
والسعادة، ويجعل الأشخاص جميعهم في حالة من اللطف، فالله تعالى نهى عن الفظاظة وغلاظة القلب، فإن جاء أحدهم يطلب العفو فالعفو عند المقدرة، وبرغم أن الشخصية العربية لديها عاطفة كبيرة إلا أننا بتنا نلاحظ أن هناك أخوة متخاصمين وأصدقاء متفرقين، بسبب غياب العفو والتسامح.
-
الإي
ثار
الإيثار ثقافة المسلم والعربي منذ قديم الأزل، فالمجتمع العربي بطبعه مجتمع متدين، ولكن مع الانفتاح الشديد والسرعة وكثرة متطلبات الحياة، بات كل فرد منفرد بمصالحه، ولا يفكر في الآخر كما كان الأمر في الماضي، فالإيثار مرتبة عظيمة من مراتب المؤمن القوي، حيث أن
الإيثار
صلاح للمجتمع وتزين بمكارم الأخلاق، كما أن الإيثار يعني الرغبة في الآخرة والاستخفاف بالدنيا وتعليم النفس على تحمل الشدائد والصعاب، وتعظيم الحقوق وبغض الشح، فمنذ متى والمجتمع العربي هكذا، فطوال عمر العرب أخوة وكلهم عصبة فيجب دووماً الاتحاد في المجتمع العربي كله وفي المجتمع الواحد وفي
العائلة
والأسرة حتى يرضى الله عن عباده، فالإيثار الإيثار[7]
أسباب تراجع القيم في المجتمع
لم يكن تراجع القيم في المجتمع العربي وليد اللحظة بل هو نتاج تطورات وتغيرات طرأت على المجتمعات، مما أدى لحدوث تدهور كبير في الأسس والمبادئ والقيم، وتتمثل أهم الأسباب التي أدت لهذا التراجع في:
- ضعف الوازع الديني.
- قلة التجارب والخبرات لدى الشباب.
- الانفتاح الشديد والعولمة.
- عدم المشاركة في العمل الجماعي.
- تراجع دور الأسرة والمنظومة التعليمية.
- رفاق السوء من أسباب تراجع القيم السليمة.
- الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا.
- قلة الحوار الأسري والمجتمعي.
- عدم قيام وسائل الإعلام بدورها التوعوي الأمثل.
- الفراغ وعدم وجود مسؤوليات واقعة على عاتق الشباب.
- عدم المحاسبة على الأخطاء.
- عدم الاهتمام بغرس المبادئ والقيم الدينية.