قصة الشافعي في سرعة الحفظ

من هو الإمام الشافعي

الإمام الشافعي هو عبد

الله

محمد بن إدريس الشافعي المطلبي القرشي، وهو من الأئمة الأربعة، وقد أسس علم أصول الفقه فهو من العلماء الذين أناروا للناس طريق الهداية، وقضى جُّل وقته وكرّس حياته لخدمة الدين، وهو صاحب المذهب الشافعي، وقد عُرف بالشعر والفصاحة وكان بليغ اللسان، وولد الشافعي في غزة عام 150

هجري

بعد أن كان والده في مكة ولكنه هاجر إلى غزة طلبًا للرزق، وبعد أن ولد توفي والده وعاش يتيمًا، أما والدته فقد كانت يمنية الأصل من قبيلة تسمى أسد وهي من القبائل العربية، وعادت إلى مكة بعد بلوغ ابنها عمر العامين خوفًا من ضياع نسبه، ولهذا فقد حفظ

القرآن الكريم

كاملًا وهو في عمر السابعة والتحق بقبيلة اسمها قبيلة هذيل لتعلم اللغة والفصاحة، ولازم الإمام مالك لمدة تقارب ستة عشر عامًا وتوفي عام 179 هجري.

فعندما كان الشافعي صغيرًا أجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالصبيان الذين كانوا معه وذلك لاجتهاده في طلب العلم، وعندما كبر سافر إلى نجران بصفته واليًا عليها وخاصة بعد وفاة الإمام مالك، وعندما كان واليًا وشى البعض به للخليفة هارون الرشيد مع أنه كان يتصف بالعدالة، وقد استدعاه الخليفة ولكنه استطاع أن يدافع عن نفسه وأظهر براءته أمام الخليفة، فعندما كان في

بغداد

قام بقراءة كتب محمد بن الحسن الشيباني وهو من تلاميذ الإمام أبي حنيفة ومن ثم رجع إلى مكة ونشر مذهبه بها لمدة تسع سنوات عن طريق حلقات العلم التي كان يقيمها.[2]

قصة قوة الحفظ عند الشافعي

عاش الشافعي فقيرًا ويتيمًا، وكان حافظًا للقرآن الكريم بأكمله وهو في سن السابعة ، وبعد أن أنهى حفظ القرآن الكريم توجه إلى حفظ الأحاديث النبوية فقد كان يتميز بقوة وسرعة الحفظ، فعندما كان يستمع إلى المحدثين فيحفظ بسرعة ما سمعه بالسمع ثم يكتبه إما على الخزف أو على الجلد، وقد كان يمارس القراءة دائمًا ويمارسها بطريقة القراءة التصويرية، وورد أنه كان يملك القدرة على التقاط العديد من الكلمات بشكل سريع، فقد كان يقرأ صفحة ويقوم بتغطية الصفحة المقابلة لها لأنه لو وقع نظره على كلمة منها لحفظها قبل أن ينتهي من السطور التي يقوم بقراءتها، وقد حفظ الشافعي موطأ الإمام مالك في مدة لا تزيد عن تسعة أيام وهو ابن الثالثة عشرة سنة، فكان يتألف موطأ الإمام مالك من 9500 حديث وقد حفظها الإمام الشافعي جميعها مع أسانيدها المرفقة وشروحاتها.

شكوت إلى وكيع

عُرف الإمام الشافعي بتميزه بسرعة الحفظ ولكنه في فترة

قصيرة

غدا بطيء الحفظ، فجاء إلى شيخه الإمام وكيع وهو مقرئ الإمام الشافعي، وقال له: “ياشيخ لم أعد أحفظ بسرعة ولم أعرف السبب”، فقال له الشيخ وكيع: “لا بد أنك قد ارتكبت ذنبًا ما فراجع نفسك… “، فأصبح الإمام الشافعي يتذكر أي ذنب أذنب، وذات يوم تذكر أنه من غير قصد نظر إلى امرأة تركب دابتها ولكنه نظر نظرة عابرة إلى جزء من ساقها التي انكشفت أثناء ركوبها للدابة، و غض بصره بسرعة بعدها، وبعد تذكره لهذا الموقف ذكره لشيخه وكيع فقال له: “هذه هي العلة ولا شك”، وقد أخبره أن العلم هو نور من الله سبحانه وتعالى فلا يمكن أن يتم هدايته إلى عاصي، وأنشد الشافعي هذه الكلمات وحولها إلى أبيات قائلًا:

ﺷﻜﻮﺕ ﺇﻟﻰ ﻭﻛﻴﻊٍ ﺳﻮﺀ ﺣﻔﻈﻲ

ﻓﺄﺭﺷﺪﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺗــــــــﺮﻙ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ

ﻭﻗــــﺎﻝ ﻟﻲ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻠــــــــــﻢ ﻧﻮﺭ

ﻭﻧـــــــــــﻮﺭ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳُﻬﺪﻯ ﻟﻌﺎﺻﻲ

وهنا يجدر بنا التنويه أن الإمام الشافعي لم يكن فاقدًا للنور في قلبه فبعلمه ملأ الأرض علمًا، وإن رسولنا الكريم عليه

الصلاة

والسلام بشر به ولكن المعنى المراد إيصاله من أبيات الشعر التي أنشدها الشافعي ما يلي:

  • الإمام الشافعي أظهر علم شيخه وحكمته.
  • الهدف منها إعلام الناس أن العلم لا يمكن أن يأتي إلا بالأوراد وذكر الله سبحانه وتعالى فهي التي تنير

    القلب

    فالعلم نعمة من الله عز وجل، بالإضافة إلى البعد عن المعاصي.
  • تسليط الضوء على أن المسلم عليه أن يتخذ شيخًا يعلمه ويربيه ويقوم سلوكه ويقربه من الله سبحانه وتعالى.

وقد نسب هذين البيتين للإمام الشافعي جماعة من العلماء وهم:

  • الشيخ عبد القادر القرشي في الجواهر المضية.
  • الشيخ أبو بكر الدمياطي في كتابه “إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين”.
  • وقد وردت هذه الأبيات في كتاب

    القيم

    للخطيب البغدادي.[1]

كيف كان يحفظ العلماء

الثمرة في معرفة طريقة حفظ العلماء هو أن يصل المسلم إلى حفظ القرآن الكريم كله لدرجة أنه يستطيع الاستغناء عن حمل المصحف وأن يتم حفظه في الصدور، ولهذا فإن

السؤال

المطروح هنا كيف كان يحفظ العلماء؟… وما هي طريقتهم؟، فالطريقة التي سنذكرها في هذا المقال ليست بصعبة وهذا الأمر ليس بعسير، وإنما هذه طريقة مستحدثة ولكنها مستوحاه من طريقة السلف الصالح في الحفظ، وتعتمد هذه الطريقة على ثلاثة أمور تتجلى في:

  • التكرار المكثف.
  • الربط .
  • المراجعة.

فقبل البدء بالحفظ والتكرار يجب سماع المحفوظ من أحد الشيوخ المجودين والمعروفين بضبط التجويد لديهم والأداء السليم، ثم يجب أن يتم الحفظ بمقدار يومي بشرط أن يكون الحفظظ من أول الوجه إلى أول آية من الوجه الثاني لتشكيل الربط ما بين الآيات، أي ربط الوجه الأول مع الوجه الذي قبله، فعند الانتهاء من هذا المقدار العمل على إغلاق المصحف وتكرار المحفوظ منه أربعين مرة، وإذا استصعب التكرار لهذا العدد من المرات يبدأ الحافظ بالتكرار 20 مرة ومن ثم يزيدهم تدريجيًا، فقد قال أبو مسعود أحمد بن الفرات الرازي أنه قال له رجل: “إنا ننسى الحديث”، فقال له: “أيكم يرجع في حفظ حديث واحد 500 مرة”، فهنا نلاحظ أن التكرار 40 مرة ليست بكثير ولا تأخذ الكثير من الجهد، ويجدر بنا التنويه أن التكرار لا يكون أثناء الحفظ وإنما بعد الإتقان والضبط.

وبعد الانتهاء من الوجه الأول يبدأ الحافظ بالوجه الثاني بتكرار نفس الخطوات، ولكن عليه أن يعيد ما تم حفظه في اليوم السابق خمس مرات، وفي اليوم الثالث عند حفظ الوجه الثالث عليه أن يكرر الوجه الثاني خمس مرات، أما الوجه الأول فيتم تكراره مرة واحدة فقط، ويجدر بنا التنويه أنه إذا وصل الحافظ إلى الوجه العشرين عليه أن يكرر الوجه التاسع عشر خمس مرات، أما من الوجه الأول إلى الوجه الثامن عشر يكررهم مرة واحدة فقط، ويجب أن يستمر التكرار حتى يصل الحافظ إلى جزأين كاملين بعدها يجب أن يتم تقسيم الحفظ لمدة يومين وهي كالتالي:

  • اليوم الأول يتم فيه مراجعة الجزء الأول كاملًا.
  • اليوم الثاني يتم فيه مراجعة الجزء الثاني كاملًا.
  • اليوم الثالث يتم فيه مراجعة الجزء الأول كاملًا.[3]