الشعر الديني في العصر المملوكي ونماذج عليها
أشهر نماذج الشعر الديني في العصر المملوكي
تميز العصر المملوكي بنشاط الجانب الديني، وبالتالي تأثر الشعر ومال إلى أخذ الطابع الديني، حيث قام الكثير من الشعراء بمدح النبي صلى
الله
عليه وسلم وفيما يلي الشعر الديني في العصر المملوكي ونماذج عليها:
-
قصيدة السـلطان عبد الحميد الأول بن السلطان أحمد خان النبوية
هذه القصيدة من
أشهر
القصائد في الشعر الديني في العصر المملوكي، والجدير بالذكر أنه تم نقشها على الحجرة النبوية الشريفة سنة 1191 هجرية:
“مـا لِـي سِـواك ولا أَلْوِي علَى أَحدِ
وأَنْـتَ سِـر الـنَّدى يـا خَير معتَمدِ
وأَنْـتَ هـادي الورى اللهِ ذي السددِ
لِلْواحـدِ الفَـردِ لَـم يولَـد ولَـم يلِدِ
يـا سيـدى يـا رسولَ االلهِ خُذْ بِيدِي
فَأَنْـتَ نُـور الهـدى فِـي كُلِّ كَائِنَةٍ
وأَنْـتَ حقّـاً غِـياثُ الخَلْقِ أَجمعِهم
يـا مـن يقُـوم مقَـام الحمدِ منْفَرِداً”
-
قصيدة البردة للبوصيري
قصيرة
البردة هي أشهر القصائد في المدح النبوي وهي قصيدة مكونة من عشر فصول وفي التالي جزء صغير منها:
“محمد سيد الكونين والثقليــن .. والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحد .. أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته .. لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به .. مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ .. ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمسٌ .. غرفاً من
البحر
أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهم .. من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته .. ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه ..فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادعثه النصارى في نبيهم ..واحكم بما شئت
مدح
اً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف … وانسب إلى قدره ماشئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له .. حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم”
-
قصيدة يا رب صل على المختار من مضر للبوصيري
“يا رَبِّ صَلِّ عَلَى المُخْتَارِ مِنْ مُضَرٍ
وَالأَنْبِيا وَجَميعِ الرُّسْلِ مَا ذُكِرُوا
وَصَلِّ رَبِّ عَلَى الهَادِي وَشِيْمَتِهِ
وَصَحْبِهِ مِنْ لِطَيِّ الدِّينِ قدْ نَشَرُوا
وَجاهَدُوا مَعَهُ في اللهِ وَاجْتَهَدُوا
وهاجَرُوا ولَهُ آوَوْا وَقَدْ نَصَرُوا
وبَيَّنُوا الْفَرْضَ وَالمَسْنُونَ وَاعْتَصَبُوا
للهِ وَاعْتَصِمُوا باللهِ وَانْتَصَرُوا
أزْكَى صَلاَةٍ وأتماها وَأَشْرَفَها
يُعِطِّرُ الكَوْنُ رَيَّا نَشْرها العَطِرُ
مَفْتُوقَةً بِعَبِيرِ الْمِسْكِ زَاكِيةً
مِنْ طِيبها أَرَجُ الرَّضْوَانِ يَنْتَشِرُ
عَدَّ الْحَصَى وَالثَّرَى والرَّمْلِ يَتْبَعُهَا
نَجْمُ السَّماءِ وَنَبْتُ الأَرْضِ والمَدَرُ
وَعَدَّ ما حَوَتِ الأُشْجَارُ منْ وَرَقٍ
وكُلِّ حَرْفٍ غَدَا يُتْلَى وَيُستَطَرُ
وَعَدَّ وَزْنَ مَثاقِيلِ الْجِبالِ كَذَا
يلِيهِ قَطْرُ جَمِيعِ الماءِ والمَطَرُ
وَالطَّيْرِ وَالوَحْشِ وَالأسْماكِ مَعْ نَعَمٍ
يَتْلُوهُمُ الجِنُّ وَالأمْلاكُ وَالبَشَرُ
والذَّرُّ والنَّمْلُ معَ جَمْعِ الحُبُوبِ كَذَا
والشَّعْرُ والصُّوفُ والأَرْياشُ والوَبَرُ
وما أحاطَ بهِ العِلْمُ المُحِيطُ وَما
جَرَى بهِ القَلَمُ المَأمُونُ وَالقَدَرُ
وعَدَّ نَعْمَائِكَ اللاتِي مَنَنْتَ بِهَا
عَلَى الخلائِقِ مُذْ كانُوا وَمُذْ حُشِرُوا
وعَدَّ مِقْدَارِهِ السَّامِي الَّذي شَرُفَتْ
بهِ النَّبِيُّونَ والأمْلاكُ وافْتَخَرُوا
وعَدَّ ما كانَ في الأكْوانِ يا سَنَدِي
وما يَكُونُ إلَى أنْ تُبْعَثَ الصُّوَرُ
في كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ يَطْرِفُونَ بِها
أهْلُ السَّموَاتِ والأَرْضِينَ أوْ يَذَرُ
مِلْءُ السَّموَاتِ والأَرْضِينَ مَعْ جَبَلٍ
والْفَرْشِ والعَرْشِ والكُرْسِي وَما حَصَرُوا …..”
المديح النبوي في العصر المملوكي
كان المديح وخاصة الديني أكثر أنواع الشعر ظهوراً في هذا العصر، وشهد الكثير من التغيرات من خلال مروره بالكثير من المراحل ويعتبر المديح من أهم الأغراض الشعرية حتى عصرنا هذا، واهتم الكثير من الشعراء بالمديح النبوي وخذ شعبية كبيرة فأعتبره البعض أنه
تعبير
جميل ومميز للعواطف الدينية.
وقد زادت شعبية المديح النبوي بسبب كثرة الحروب والظلم مما جعلهم يردون التعبير عن مشاعرهم الدينية والإسلامية، وكانت يتميز هذا العصر باهتمام شعراء بالسيرة النبوية و شغفهم بحب الرسول صلى الله عليه وسلم ومات البوصيري من أشهر الشعراء في العصر المملوكي، وفيما يلي أشهر
قصائد
المديح النبوي في:
-
قصيدة مدح النبي أمان الخائف الوجل
هذه القصيدة للشاعر الشهير البوصيري وتتكون من عشرة أبيات وهم:
“مَدْحُ النَّبيِّ أُمانُ الخائفِ الوجِلِ
فامْدَحْهُ مَرْتَجِلاً أَوْ غيرَ مُرْتَجِلِ
وَلا تُشَبِّبْ بأَوْطَانٍ وَلا دِمَنٍ
ولا تُعَرِّجْ عَلَى رَبْعٍ ولا طَلَلِ
وصِفْ جَمالَ حَبيبِ اللهِ مُنْفَرِدَاً
بِوَصْفِهِ فَهْوَ خَيْرُ الوصْفِ وَالغَزَلِ
ريْحانَتاه على زَهْرِ الرُّبا
رَيْحانَتاهُ مِنَ الزَّهْراءِ فاطِمَةٍ
خَيرِ النِّسَاءِ وَمِنْ صِنْوِ الإِمامِ علي
إذا امْتَدَحْتُ نَسِيباً مِنْ سُلاَلَتِهِ
فهْوَ النَّسِيبُ لِمَدْحِي سَيِّد الرُّسُلِ
مُحَمَّدٌ أَفْضَل الرُّسْل الَّذي شَهِدَتْ
بِفَضْلِهِ أَنبياءُ الأَعْصُرِ الأُوَلِ
لَمْ يَعْدُهُ الحُسْنُ في خَلْقِ وفي خُلُقٍ
وَلَمْ يَزَلْ حُبُّهُ لِكُلِّ خَلِي
وَقِفْ عَلَة سُنَنِ المَرْضِيِّ مِنْ سُنَنٍ
فإنَّ فيها شِفاءَ الخَبْلِ والخَبَلِ
ونَزِّهْ الفِكْرَ في رَوْضاتِ فِكْرَتِها
واجْنِ البَلاغَةَ مِنْ أَغْصانِها الذُّلُلُ”[1]
أشهر شعراء العصر المملوكي وأشهر قصائدهم
-
الشاعر ابن نباته المصري
ومن أشهر قصائده مَعْذورَةً في هَجْرِها لِجَمالِها:
“
ومَعْذورَةً في هَجْرِها لِجَمالِها
كَبَدْرٍ عَلى خُوطٍ مِنَ البانِ مائِدِ
أَرومُ هَواها والمَشيبُ مُحالِفي
وقَدْ هَجَرَتْني والشَّبابُ مُساعِدي
ومَنْ عَرَفَ الدُّنْيا اسْتَقَلَّ سُرورَها
ولَوْ بَرَزَتْ مِنْ حُسْنِها في مَجاسِدِ
صَقيلُ حُسَامِ الفِكْرِ يَلْقاكَ رَأْيُهُ
لمّا غابَ عَنْ أَلْحاظِهِ كَالمُشاهِدِ
وما شَهِدَ الهَيْجاءَ إِلاّ تَباعَدَتْ
مَسافَةُ ما بَيْنَ الكُلَى والسَّواعِدِ
يُؤَازِرُهُ في الرَّوْعِ قَلْبٌ مُشَيَّعٌ
ومُبْتَسِمٌ يُبْكي عُيونَ العَوائِدِ
سَهِرْتُ لَها والنَّجْمُ في الأُفُقِ نَائِمٌ
فَهاهِيَ كَالإِبْريزِ في كَفِّ ناقِدِ
بَقيتَ كَما تَبْقى مَعاليكَ في الوَرى
فَهُنَّ عَلى الأَيّامِ غَيْرُ بَوائِدِ
سَعِدَتْ صُحْبَتي بِدَيْرِ سَعيدِ
يَوْمَ عيدٍ في حُسْنِهِ أَلْفُ عيدِ
كَمْ فَتاةٍ مِثْلَ المَهاةِ سَلَبْنا
ها صَليباً مِنْ بَيْنِ نَحْرٍ وَجيدِ
وغَريرٍ مِثْلَ الغَزَالِ حَلَلْنا
عَقْدَ زُنّارِ خَصْرِهِ المَعْقودِ
وحَطَطْنا رِحالَنا بِفِناءِ ال
هَيْكَلِ المُوَنَّقِ البَعيدِ المَشِيدِ
والرَّوابي مُشَهَّراتٌ كَغُلْما
نٍ لَنا في مُحَبَّراتِ البُرودِ
فَخُدودٌ مِثْلَ الشَّقائِقِ في اللو
ن تَليها شَقائِقٌ كَالخُدودِ
وإِذا مَا الهَزارُ غَرَّدَ في الغُصْ
نِ حَكَتْهُ الأَوْتارُ في التَّغْريدِ
مَنْ رَآنا ونَحْنُ في الأَرْضِ صَرْعَى
قَالَ قَوْمٌ مَوْتى بِغَيْرِ لُحُودِ”
-
الشاعر صفي الدين الحلي
ومن أشهر قصائده صَحا قَلبُهُ عَن سُكرِهِ فَتَأَمَّلا:
صَحا قَلبُهُ عَن سُكرِهِ فَتَأَمَّلا
وَكانَ بِذِكرى أُمِّ عَمروٍ مُوَكَّلا
وَكانَ لَهُ الحَينُ المُتاحُ حَمولَةً
وَكُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِما قَد تَحَمَّلا
أَلا أَعتِبُ اِبنَ العَمِّ إِن كانَ ظالِماً
وَأَغفِرُ عَنهُ الجَهلَ إِن كانَ أَجهَلا
وَإِن قالَ لي ماذا تَرى يَستَشيرُني
يَجِدني اِبنَ عَمٍّ مِخلَطَ الأَمرِ مِزيَلا
أُقيمُ بِدارِ الحَزمِ ما دامَ حَزمُها
وَأَحرِ إِذا حالَت بِأَن أَتَحَوَّلا
وَأَستَبدِلُ الأَمرَ القَوِيَّ بِغَيرِهِ
إِذا عَقدُ مَأفونِ الرِجالِ تَحَلَّلا
وَإِنّي اِمرُؤٌ أَعدَدتُ لِلحَربِ بَعدَما
رَأَيتُ لَها ناباً مِنَ الشَرِّ أَعصَلا
أَصَمَّ رُدَينِيّاً كَأَنَّ كُعوبَهُ
نَوى القَسبِ عَرّاصاً مُزَجّاً مُنَصَّلا
عَلَيهِ كَمِصباحِ العَزيزِ يَشُبَّهُ
لِفِصحٍ وَيَحشوهُ الذُبالَ المُفَتَّلا
وَأَملَسَ صولِيّاً كَنَهيِ قَرارَةٍ
أَحَسَّ بِقاعٍ نَفحَ ريحٍ فَأَجفَلا
كَأَنَّ قُرونَ الشَمسِ عِندَ اِرتِفاعِها
وَقَد صادَفَت طَلقاً مِنَ النَجمِ أَعزَلا
تَرَدَّدَ فيهِ ضَوءُها وَشُعاعُها
فَأَحسِن وَأَزيِن بِاِمرِئٍ أَن تَسَربَلا
وَأَبيَضَ هِندِياً كَأَنَّ غِرارَهُ
تَلَألُؤُ بَرقٍ في حَبِيٍّ تَكَلَّلا
إِذا سُلَّ مِن جَفنٍ تَأَكَّلَ أَثرُهُ
عَلى مِثلِ مِصحاةِ اللُجَينِ تَأَكُّلا
كَأَنَّ مَدَبَّ النَملِ يَتَّبِعُ الرُبى
وَمَدرَجَ ذَرٍّ خافَ بَرداً فَأَسهَلا[2]
-
الشاعر البوصيري
ومن اشهر قصائده نَمْ هَنِيئاً مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ:
نَمْ هَنِيئاً مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
بِجَميلٍ قَدَّمْتَ بَيْنَ يَدَيْكَا
لَمْ تَزَلْ عَوْنَنَا عَلَى الدَّهْرِ حَتَّى
غَلَبَتْنَا يَدُ المَنُونِ عَلَيْكا
أَنْتَ أَحْسَنْتَ في الحَياةِ إلَيْنَا
أَحْسَنَ اللهُ في المَمَاتِ إلَيْكا[3]