انشاء عن التنجيم

مقدمة عن التنجيم

لا جدال في أن كثيراً من الناس لديهم

حب

لاستطلاع

المستقبل

وتوقع ما سوف يحدث لهم غدا وما بعد غد، مما يدفعهم إلى البحث عن طرق تكشف لهم عما هو خفي، فقد يسلكوا طرق غير مشروعة ومحرمة ويسيروا مسافات طويلة بحثاً عن من هم يدعوا علمهم بالغيب، كما أن الطرق التي يمكن للمنجمين أتباعها كثيرة، فمنهم من يرافق

الجن

وينفذ أوامره، ومنهم من يتبع حركة الطير ومنهم من ينظر للسماء ويتتبع النجوم والكواكب، ليس فحسب بل البعض يستخدم إعمال العقل ويقوم بالرياضة الذهنية ليعرف ما يخبأه القدر.

العجيب أن معرفة المستقبل لا تغير ما وف يجري، ولا توقف ما سوف يحدث، تلك الأقدار مكتوبة بحكمة ألهيه لا يستطيع أن يغيرها مخلوق، ولا للأنس ولا الجن وحتى حتى الملائكة في أنفسهم شيء، فكل الأمر بيد

الله

وحده من يحرك الأرض ومن يسير عليها، ووحده من يحدد الأقدار ويرسيها لأصحابها، كما أن وحده صاحب اللطف والتخفيف، لذلك يجب أتباع ما قاله الله ورسوله، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الجن آية 27 “عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ”[1].

تعريف التنجيم

عند القيام بعمل


بحث عن التنجيم


فيتضح أنها كلمة مأخوذة في اللغة من النجم وهو الكوكب أو الثريا، والنجوم هي الأجرام المضيئة في السماء، لذلك فيطلق على المهتمين بمتابعة حركة النجوم والكواكب منجم أو متنجم، ولكن هؤلاء علماء يبحثوا حركة النجوم والكواكب للتبع الهلال ومعرفة المواقيت وغيرها، ولكن التنجيم المقصود به اصطلاحاً، هو التكهن والادعاء بمعرفة أمور الغيب سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، كما أن المنجمون يحاولوا الربط بين حركة النجوم والفلك وبين الأحداث التي تجري على الأرض وهي علاقة الأثر بالمؤثر[2].

أنواع التنجيم

للتنجيم أنواع، يختلف من كونه كفر أم لا حسب الاستخدام ووفقاً لما يريد الناس معرفته، فالتنجيم بواسطة العلماء والمختصين لمعرفة حالة الهلال أو توقع حالة الطقس أو معرفة المواقيت الخاصة بالصلاة وتتبع الفصول والشهور يختلف عن التنجيم بأغراض أخرى وذلك على النحو التالي:


الدراسات الحسابية

يقصد بها الدراسات التي يقوم بها العلماء والمختصين بعرض التعرف على جريان الأفلاك والكواكب في عمل التقاويم ومعرفة التواريخ وتحديد بدايات الشهور ونهاياتها والتعرف على مواقيت

الصلاة

واختلاف المطالع، وتفاوت الليل والنهار وتتبع الفصول ومعرفة حالة الطقس ومواعيد هبوب الرياح، وهذا ذكر في كتاب الله تعالى حيث يقول الله تعالى في سورة يونس آية 5″هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ”.


الدراسات الطبيعية

تهتم الدراسات الطبيعية بدراسة الأفلاك ومواقع النجوم ومطالعها ومساقطها من أجل

تحديد

الاتجاهات على الأرض والتعرف على أتجاه

القبلة

للصلاة وسير

السفن

فالله تعالى خلق النجوم ليهتدي الناس بها في البر والبحر، وهي علامات للناس، كما تستخدم الآن النجوم والكواكب في دراسة المجالات الفيزيائية والتقنية والعلوم الطبيعية بشكل عام.


  • التأثير

وهنا تقع مشكل الشرك، فالله خلق الكثير من الأشياء لخدمة الإنسان وليس ليستخدمها الإنسان في الشرك بالله، فالتأثير هو ادعاء علاقة بين النجوم والكواكب والحوادث الأرضية فالبعض من المنجمين يقول أن النجوم والكواكب والأفلاك هي المؤثرة على كل الحوادث التي تجري على الأرض، وهذا معناه أن هناك ريك لله عز وجل في ربوبيته وهو من يتحكم في الكون، وهذا ينافي الشريعة التي تنص على أن الله أحد فرد صمد، فيقول الإمام الخطيب “وإن أناساً جهلة بأمر الله قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ومن سافر بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا ولعمري، ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود والطويل والقصير والحسن والدميمُ، وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذا الطائر بشيء من هذا الغيب، ولو أن أحدا علم الغيب، لعلمه

آدم

الذي خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء”.

التنجيم في الإسلام

الدين الإسلامي الحنيف دين وضوح، دين عقيدة وتشريعات وقوانين لا تقبل النقاش لأنها من الله عز وجل، حيث رتب الله الكون ترتيباً، ووضع نظامه وضعاً لا يقبل التعديل، فمن العبث أتباع الهوى والبحث فيما لا ينبغي البحث عنه، واللجوء لبشر أو لمخلوق كالجن أو غيره للتعرف على ما أخفاه الله عز وجل عنا، فالحكمة من عدم معرفة الغيب حفظ الإنسان من

الألم

والانتظار والخوف، فكل شيء مقدر بحسابات ألهيه صارمة وقوية.

رفض الدين الإسلامي التنجيم رفضاً باتاً، وكان الأمر واضحاً وضوح المشمس، فوضع الله قانون التفرد بالخلق والغيب، فوحده من يخلق ووحده من يعرف المستقبل ووحده من يضع الأقدار، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الكهف آية 26″قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا”، كما يقول عز وجل في سورة

النمل

آية 65″قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ “، ويقول في سورة الأنعام آية 59″وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ” صدق الله العظيم.

كل هذه الآيات المباركة توضح انفراد الله عز وجل بالغيب، وأن من يحاول الإطلاع عليه يكون قد أقترف ذنب عظيم، وبرغم أن لا يمكن لأحد أن يعرف ما لا يريد الله عليه إطلاعه إلا أن المحاولة وحدها شرك بالله عز وجل، فيقول الله تعالى مراراً وتكرار في

القرآن الكريم

ما يؤكد أن وحده له الغيب وله الخلق كله، فيقول في سورة يونس آية 31″قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ”[6][7][8].

حديث عن التنجيم

أكدت السنة النبوية الشريفة على حرمانية استخدام النجوم والكواكب لمعرفة الغيب أو التطلع للمستقبل، حيث يقول الرسول الكريم”من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد”، كما قال الرسول في حديث معاوية بن الحكم”قيل يا رسول الله عندنا أناس يدعون الكهان، قال

لا تأتوهم

قال: ومنا أناس يتطيرون؟ قال:

ذاك شيء يجده أحدُكم في صدره، فلا يصدنكم”[5].

يقول الرسول صلى الله عيه وسلم”من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد”، وجاء ف صحيح البخاري “خلق الله هذه النجوم لثلاث، زينة للسماء، ورجوما للشياطين، وعلامات يهتدى بها. فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ، وأضاع نصيبه، وكلف ما لا علم له به”[4][3].

يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يدخلوا

الجنة

، مدمن الخمر، ومصدق بالسحر، وقاطع الرحم”، كلها أحاديث نبوية شريفة دلالة على أن التنجيم حرام شرعاً ومن أتبعه فقد كفر بالله عز وجل، وأشرك بالله شيء أخر، والتجأ لغير الله للتعدي على علم الغيب، كما أن من أتبع التنجيم لم يدخل الجنة أبداً، وهذا أسوأ جزاء في الأخرة، كما أن في الدنيا يكون غضب الله شديد وعقابه أشد.

خاتمة عن التنجيم

يقول الله تعالى في كتابه العزيز”وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”.

فالله تعالى رفض سعي الإنسان لما يحزنه إن علمه ولما يعكر صفوه إن أدركه، حين تأتي الأقدار تأتي خفيفة هينه، يقف الله مع عبده ويلطف به لطف المحب الخالق، لذا فلا يجب أتباع مثل هذه الأمور فهي حمق في حق الذات وفي حق الكون وفي حق الله عز وجل الذي خلقنا فقط لعبادته ونعمر الكون بما يرضيه ونتقرب له بما نحبه رغبة في رضاه وحبه وكرمه وجنته.