مفهوم الاستخلاف وأنواعه

مفهوم الاستخلاف

الاستخلاف في الأرض مفهوم يتعلق بكافة النّاس على أساس أنّ كل منهم يخلف الآخر، بمعنى أن يتولى الخليفة أمر الناس بما أمر به

الله

والتمكين في هذه الأرض.

ويعتبر بني

آدم

عليه

السلام

هم الخلفاء في هذه الأرض، وهم المسؤولون عن تعمير الأرض خلفًا بعد سلف، وأئمة الناس والولاة عليهم وبهم تصلح البلاد.

والمقصود بالخليفة في

القرآن الكريم

في

سورة البقرة

، يقول الله تعالى:”وإذ قاَل ربك للملائكة أنى جَاعِلٌ فى الأرضِ خَليفَةَ” هو سيدنا آدم حيث جعله الله سبحانه وتعالى خليفة في الأرض، ومن بعده جميع الرسل، فقد استخلفهم الله في الأرض ليعمروها ويطبقون أوامر الله في النّاس، كما ويقصد بالخلافة كل ذرية آدم من بعده.

وقد تولى

الأنبياء

علهيم

الصلاة

والسلام وأتباعهم خلافة الله في الأرض بإحسان، وتولوا مهمة الخلافة على أكمل وجه، وكانوا يدعون الله سبحانه وتعالى، ويحكمون فيمن هم تحت خلافهم بالحكم العادل والسياسة الحسنة، مع تنفيذ شرع الله في الحكم وتطبيق حدوده.

جاء في سورة البقرة الحديث عن موضوع سورة البقرة الرئيسي حول الخلافة في الأرض، فيقول الله تعالي في سورة البقرة: “إني جاعلٌ في الأرض خليفة”.

ولهذا كان ذكر الأصناف المتنوعة للبشر وهم المؤمن والمنافق والكافر، ومن الوارد جدًا أنْ يكون الخليفة المستخلف في الأرض واحدًا منهم.

قد تستغرب ذلك، ولكن هناك من الخلفاء المزمنين بالله ويحكمون بأمر الله وبالعدل، ويطبقون حدود الله في حكمهم، وبالمقابل هناك الخلفاء الكفاء المتجبرين، أو قد يكون الخليفة في الوسط بين الصنف المؤمن وبين الصنف الكافر، وهو الخليفة المنافق.

وقد خصت سورة البقرة الخلافة لآدم في الأرض بعد أنْ منحه الله عزّ وجل العلم والمعرفة التي يستطيع أنْ يستخلف في الأرض بها، ولم تكن

قصة

آدم عليه السلام هو الهدف أو الحكمة التي جاءت به سورة البقرة، ولكنّها لعظمة هذا الأمر فقد بدأت به السورة ومن ثمّ جاءت الآيات بعد ذلك بقصص غيرها.

كذلك قد

ورد

في سورة البقرة استخلاف بني اسرائيل في الأرض، وكيف ابتعدوا عن حكم الله في الأرض، وعدم ايمانهم بنبي الله محمد خاتمًا للأنبياء والمرسلين. [1]

أنواع الاستخلاف

يتنوع الإستخلاف بشكل عام ويندرج تحته الكثير من التفرعات والتقسيمات، ويكون

استخلاف الإنسان في الأرض

واحدًا من الأنواع التالية:

الخلافة العامة

تختص الخلافة العامة باستخلاف الانسان للإنسان، وبناءً عليه فإنّ كل خلف بنو آدم هم خلفاء لأنّهم خلفاء عن أسلافهم.

الخلافة الخاصة

وهي خلافة أولياء الأمور المتمسكين بالشرع واتباع السنة مثل أبي بكر

الصديق

الذي اشتهر بلقب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع معاصروه من الصحابة على خلافته وطاعته، ومثله بقية الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين، وقد ذكر الفقهاء أن كل من ملك على الأمة باستخلاف أو اتفاق عليه أو بغصب أنه تجب طاعته وعدم الخروج عليه ما لم يكفر، إلا أن الآخذ لها بالغصب والحاكم بغير الشرع عاصٍ بغصبه وخلافه للشرع.

شروط الاستخلاف في الأرض

لا يمكن تولّي الخلافة من قبل أي شخص، ولكن هناك بعض الشروط والمميزات التي يجب أنْ يتمتع بها المستخلفين، وهي:

  • من صفات البشر الحسنة وقيمهم إمكانية الخلافة أو تمثيل الله على أرضه، وهذه هي أعلى قيمة أو كمال قد يصل إليه المرء.
  • لفظة خليفة تعني حرفياً ما يأتي خلفاً للآخر، على سبيل المثال الجيل الجديد هو خليفة للجيل القديم، وأولئك الذين كانوا حكاما بعد النبي صلّى الله عليه وسلم، يسمون خلفاء الرسول، وهم أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، واختارهم الله لقيادة الناس والحكم بينهم  وهدايتهم لأنه لا يمكن لجميع الناس أن ينالوا الشرائع بأنفسهم أو يحكموا.
  • الخلفاء هم القادة المؤثرون والعلماء والقادة والسياسيون والشخصيات الرئيسية في المجتمع الإسلامي، وهم المؤثرون من حيث صنع القرار في الدولة الإسلامية ولديهم القوة والسلطة، أي سلطة انتخاب وعزل الحاكم المسلم الأعلى.
  • حسن الأخلاق بجميع مقتضياتها.
  • امتلاك

    المعرفة

    الكافية التي يفهم من خلالها من له الحق في قيادة الدولة الإسلامية والمتطلبات التي يجب توافرها في القائد.
  • أن يتمتعوا بالبصيرة والحكمة التي ستقودهم إلى اختيار الشخص الأكثر ملاءمة للإمامة والأكثر استقامة ودراية فيما يتعلق بإدارة مكاتب الإدارة.

ومع ذلك لا توجد طريقة مقررة لاختيار المستخلفين، ورأى بعض العلماء أنه يجب اختيارهم على عادات وتقاليد المجتمع بشرط استيفاء مقتضيات الشريعة، حيث تختلف صفات من يحق له اختيار الخليفة المسلم وتسليم قيادة الدولة الإسلامية له باختلاف السياق الاجتماعي والزمان.

كما وتختلف معايير اختيار أعضاء هذه الهيئة من وقت لآخر ومن بيئة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، إنها مسألة قابلة للتغيير حسب التطورات والتغيرات في حياة الناس ومدى تعليمهم وحضارتهم ونطاق مساهمتهم الاجتماعية.

المجتمعات والقرى الحضرية عرضة للتغيير الاجتماعي الكبير، وعليه تختلف معايير اختيارالخلفاء، بما أن الأمر متروك للمسلمين ليقرروا مثل هذا الأمر فلهم أن يضعوا آلية ومعايير اختيارهم التي من خلالها يتم إنشاء القيادة الإسلامية العليا والقيام بكل ما يخدم مصلحة المسلمين.

هذا يمكن أن يتم عن طريق انتخاب النخبة في مجتمع معين للعمل كأعضاء في هيئة إقليمية ومحلية داخل مناطقهم ثم من قبل كل بلد باختيار النخبة من بينهم، تلك النخب من أجزاء مختلفة من أرض المسلمين تشكل

الجسم

الرئيسي لأهل الحل والعقد لاختيار الخليفة المسلم. [3]

مراحل نظام الاستخلاف في الارض

أظهر تاريخ الخلافة ثلاث مراحل رئيسية من التطور، وهما:

  1. في البداية بدأ كنظام سياسي مستوحى من الدين يجب على حامله التأكد من أنّ قانون الله يجب أن يسود على أرضه، على الرغم من أن الافتقار إلى المركزية يعني أن معظم

    العادات

    المحلية والأطر الإدارية استمرت في الأراضي المحتلة حديثًا، فكان لهذه المرحلة المبكرة عيب خطير وهي أنّ الإلهام الديني لم يكن كافياً لتأمين مركز الخلفاء.
  2. بعد مقتل عثمان أصبح من الواضح أن المكون السياسي للخلافة هو العنصر المهيمن وأنه يمكن ببساطة انتزاع الخلافة، وقد تم تأكيد ذلك بشكل أكبر عندما صعدت السلالات الأموية والعباسية إلى السلطة، وقوبل كلاهما بمقاومة واستياء شديدين لكنهما استمرتا في الحكم على الرغم من ذلك وهو أمر لم يكن بوسع الخلفاء الأوائل أن يفعلوه بالنظر إلى تساهل عثمان وعدم رغبته في استخدام القوة العسكرية لقمع الثورات، وقدمت هاتان الإمبراطوريتان أيضًا وخلطتا مفهوم الحكم الأسري مع الخلافة، أي يمكن الآن توريث الخلافة.
  3. عندما تولى العثمانيون رسمياً ادعاء الخلافة بلا منازع في عام 1517 م، أصبحوا أول غير العرب حسب العرق  يحصلون على أمر المؤمنين، وجلب هذا التغيير أيضًا إحساسًا جديدًا بالمساواة بين

    العالم

    الإسلامي، أو المسلمون العرب وغير العرب متساوون في جميع الجوانب حتى السياسة.

    ويعتبر إلغاء الخلافة وعدم بذل جهود لإحيائها أمرًا مؤسفًا من قبل المسلمين الذين يعتقدون أنّه على الرغم من ضياع القوة السياسية والعسكرية للخلافة منذ فترة طويلة إلا أنّ أهميتها الرمزية للمجتمع الإسلامي كنظام سياسي شبه ديني و كان الإلهام الذي قدمته إرثًا ثقافيًا لا يقدر بثمن. [2]

نظام الاستخلاف في الاسلام

كانت الخلافة نظامًا سياسيًا شبه ديني للحكم في الإسلام، حيث كان يحكم أراضي الإمبراطورية الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والشعوب بداخلها زعيم أعلى يُدعى الخليفة.

وكان الخلفاء في البداية هم

الملوك

الوحيدون الذين خلفوا النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأضافوا إلى حكمهم مناطق شاسعة من الإمبراطوريات المتنافسة المحيطة بها.

تم اختيارهم ويُشار إليهم الخلفاء الأربعة الأوائل، وهم الذين تم ترشيحهم للخلافة، باسم الخلفاء الراشدين في عند المسلمين السنيين، بينما المسلمون الشيعة يعتبرون علي هو الخليفة الشرعي الوحيد ويتجاهلون مزاعم الثلاثة الأوائل.

سرعان ما أصبحت الخلافة مؤسسة وراثية عندما تم إدخال نظام الحكم الأسري إلى العالم الإسلامي من قبل الأمويين، الذين أطيح بهم واستبدلوا بالعباسيين.

لم يحمل العباسيون بعد تدمير

بغداد

عام 1258 م سوى اللقب نفسه، وتغير هذا عندما تولى السلاطين العثمانيون الخلافة، ليصبحوا أول وآخر غير العرب الذين يكونون في الخلافة، واستمروا حتى عام 1924 م عندما ألغي نظام الحكم العثماني من قبل الزعيم القومي التركي مصطفى كمال باشا رسميًا والذي يعتبر والد تركيا الحديثة. [2]