هل الإبل خلقت من النار ؟.. وما قول ابن باز – ابن عثيمين بهذا الشأن


هل الإبل خلقت من النار


جاء عن النبي صلى

الله

عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (إن لَم تجِدوا إلَّا مَرابضَ الغنَمِ وأَعطانَ الإبلِ، فصلُّوا في مَرابِضِ الغنمِ، ولا تُصلُّوا في أعطانِ الإبلِ؛ فإنَّها خُلِقَتْ من الشَّياطينِ، أَلَا تَرَوْنَ عُيُونَهَا وَهِبَابَهَا إِذَا نَفَرَتْ وَصَلُّوا فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ فَإِنَّهَا هِيَ أَقْرَبُ مِنْ الرَّحْمَ) جاء في صحيح الجامع وصححه الألباني، ومما

ورد

في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الإبل خلقت من

الشياطين

، ومن المعروف أن الشياطين خلقت من النار مما يعني أن الإبل خلقت من النار أيضًا، وهذا رأي أحد العلماء، لكن هنا بعض العلماء الذين يرجحون أنها خلقت من صفة تشبه صفة الشياطين، يقول أهل العلم: إن هذا الأمر مما لا ينبغي إشغال الفكر به؛ لأنّه لا ينبني عليه عمل، والأفضل أن يلتفت المسلم للأعمال التي تفيده في آخرته، بالتالي إننا لا نعلم



كيف خلق الله الابل



، أو حتى



من ماذا خلقت الحيوانات



، وهذه الأمور علمها عند الله تعالى. [1] [2]


قول ابن باز في خلق الإبل من النار


وردت إحدى إجابات الشيخ ابن باز عن أحد المسائل التي تتناول حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: قال توضئوا من لحوم الإبل حيث أجاب قائلًا: (فحديث جابر بن سمرة المذكور صحيح رواه مسلم في الصحيح: أن النبي عليه

السلام

لما سئل عن لحوم الإبل أمر بالوضوء منها وأما في الغنم فقال: إن شئت وثبت في حديث البراء بن عازب أن النبي عليه السلام قال توضئوا من لحوم الإبل فأمر بالوضوء منها، هذا يدل على أن لحم الإبل ينقض الوضوء، وأن الواجب على من أكل لحم الإبل من الرجال والنساء الوضوء، وأما تركه الوضوء مما مست النار فهذا عام يستثنى منه لحم الإبل كان النبي ﷺ أمر بالوضوء مما مست النار ثم ترك ذلك، فقال جمهور أهل العلم: إنه منسوخ، وقال آخرون: إنما ترك ذلك من جهة بيان عدم الوجوب، وإلا فيستحب الوضوء من لحم الغنم ونحوه، فالحاصل أن ترك الوضوء مما مست النار أمر عام يعم الإبل والبقر والغنم وغير ذلك، فجاءت أحاديث لحم الإبل تستثنيه، فدل على أنه ما أراده ﷺ، إنما أراد البقر والغنم والطيور ونحو ذلك، أما الإبل فهو باقي، ولهذا جمع بينهما لما سئل عن لحم الإبل؟ قال: توضأ وعن لحم الغنم قال: إن شئت فدل هذا على أنه ما جاء نسخ.. الوضوء مما مست النار.) [3]


قول ابن عثيمين في خلق الإبل من النار


ورد سؤال إلى الشيخ والعلامة ابن عثيمين

رحمه الله

يسأله أحد عن نواقض الوضوء، ومنها تحدث الشيخ ابن عثيمين عن لحم الإبل وعن كونه ينقض الوضوء، كما تحدث تفصيلًا عن أن جميع أجزاء جسده تنقض الوضوء عند أكلها، حيث قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من نواقض الوضوء أيضاً أكل لحم الجزور؛ أي: الناقة أو الجمل، فإذا أكل الإنسان لحماً من لحم جزور الناقة أو الجمل فإنه ينتقض وضوءه سواء كان نيئاً أم مطبوخاً؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن سمرة أنه سئل عليه

الصلاة

والسلام: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت. قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم. فكونه يجعل الوضوء من لحم الغنم راجعاً إلى مشيئة الإنسان دليل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس براجع إلى مشيئته، وأنه لا بد منه. وعلى هذا فيجب الوضوء من لحم الإبل إذا أكله الإنسان نيئاً كان أم مطبوخاً، ولا فرق بين اللحم الأحمر واللحم غير الأحمر، فينقض الوضوء أكل الكرش والأمعاء والكبد والقلب والشحم، وكل شيء داخل في حكم اللحم فإنه ينقض الوضوء، وجميع أجزاء البعير ناقض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفصل، وهو يعلم أن الناس يأكلون من هذا ومن هذا، ولو كان الحكم يختلف لكان النبي عليه الصلاة والسلام يبينه للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم. ثم إننا لا نعلم في الشريعة الإسلامية حيواناً يختلف حكمه بالنسبة لأجزائه، فهو -أعني الحيوان- إما حلال أو حرام، وإما موجب للوضوء أو غير موجب، وإما أن يكون بعضه لو حكم فهذا لا يعرف في الشريعة الإسلامية وإن كان معروفاً في شريعة اليهود كما قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ﴾. ولهذا أجمع العلماء على أن شحم

الخنزير

محرم مع أن الله تعالى لم يذكر في القرآن إلا اللحم فقال: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾. ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن الشحم -أي شحم الخنزير- محرم. وعلى هذا فنقول: اللحم المذكور في الحديث بالنسبة للإبل يدخل فيه الشحم ويدخل فيه الأمعاء والكرش، ولأن الوضوء من هذه الأجزاء أحوط وأبرأ للذمة فإن الإنسان لو أكل من هذه الأجزاء -من

الكبد

أو الأمعاء أو الكرش- لو توضأ وصلى فصلاته صحيحة، لكن لو لم يتوضأ وصلى فصلاته باطلة عند كثير من أهل العلم. وعلى هذا فيكون أحوط، وما كان أحوط فإنه أولى؛ لأنه أبرأ للذمة. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. [4]


مظاهر الإعجاز في خلق الإبل


إن الإبل هو الحيوان الوحيد الذي يُركب ويؤكل لحمه كما يشرب لبنه، كما أن بوله يستخدم في بعض الأغراض الطبية أيضًا والعلاجية، لكن لا تكمن مظاهر الإعجاز في خلق الإبل هنا، بل إن الأمر يتعدى ذلك بكثير، ففي كل تفصيلة في خلقه إعجاز، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ، وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) من سورة الغاشية، تلفت هذه الآية الكريمة نظر الإنسان إلى الإعجاز في خلق الإبل وأن هذا الإعجاز من الخالق يأتي قبل خلقه السموات والأرض، وكيف أن السماء قد رفعت وأن الأرض قد سطحت، فالمغزى من هذه الآية هو تدبر خلق الإبل، وليس شكلها فقط ومواصفاتها الخارجية بل تدبر داخلها أيضًا، فالإبل حيوان عظيم في خلقه وفي معيشته، كما أن له العديد من السلوكيات الغريبة والنادرة والتي تحمل إعجازًا في حد ذاتها، والتي لا تتوفر أيضًا في أي مخلوق آخر، ويوجد من الإبل نوعان، وهما وحيد السنام، والجمل ثنائي السنام، ويمتلك كل نوع من هذين النوعين بعض السمات المتشابهة وتختلف في بعضها مثل

الطول

والحجم ومتوسط الوزن، وشكل الخف وحتى ألوانها.


ولقد وجد العلماء والباحثون أن الإبل تمتلك قدرة عجيبة تمكنها من إعادة امتصاص

الماء

عند العطش من الأمعاء والكلى، بالتالي يستفيد منها

الجسم

مرةً أخرى، كما أن الإبل تستطيع العيش لمدة أسبوعين بدون ماء أو طعام، ولقد ورد عن النبي عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيّ أَنّهُ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللّقَطَةِ؟ فَقَالَ: “اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمّ عَرّفْهَا سَنَةً، فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإلاّ فَشَأْنَكَ بِهَا”. قَالَ: فَضَالّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: “لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذّئْبِ”. قَالَ: فَضَالّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: “مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشّجَرَ، حَتّىَ يَلْقَاهَا رَبّهَا” رواه مسلم، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ومعها سقاؤها أي أنها تشرب في المرة ما يكفيها من الماء لمدة أسبوعين، حتى أنها تستطيع تحمل درجة حرارة تصل إلى 50 مئويًا، كما أن جمال تستطيع استخراج الماء من الدهون في جسمها، فالسنام على الجمل هو مكان تجمع الدهون، وتصل كمية هذه الدهون إلى 100 أو 120 كيلو، وعند الحاجة تتحول هذه الدهون إلى ماء وطاقة ما إذا احتاج الجسم إليها، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى



افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت



. [5]