تعريف تمييز النسبة .. وأمثلة عليها
تعريف تمييز النسبة
تمييز النسبة من
الأمور اللغوية التي يصعب على كثير من الطلاب استيعابها من المرة الأولى، ويقال عن تمييز النسبة أنه تمييز الجملة، لأنها ترفع الغموض بين ركنيها، وتعريف هذا النوع من
التمييز
يتلخص في كونها
تعبير
يستخدم لإبراز
معنى
مبهم، وجعله أكثر وضوحًا مما كان عليه، وهي تأتي ضمن جملة وليس لفظ مفرد، ويقصد بالأمر المبهم الذي إن قيل دون
تحديد
تكون الجملة في هذه الحالة غير مفهومة، وبيان هذا في الجزئية التالية.
-
تعريف التمييز في اللغة والاصطلاح
يعد التمييز في اللغة لفظ يفصل الشيء، بينما معناه في الاصطلاح اسم غير معرف، وهو منصوب، ويستخدم لتوضيح المقصود فهمه من لفظ أو جملة قبله، وهي فالأصل تتضمن تأويلات كثيرة لكن جاء التمييز ليميز معنى الجملة.
وفي العادة يأتي تمييز النسبة لتوضيح معنى جملة بأكملها كانت غامضة قبل استخدام هذا التمييز، وقد قسم النحاة هذا النوع من التمييز إلى قسمين، وهما كالتالي:
-
تمييز النسبة المحول
هذا النوع من التمييز كان أصله في الجملة فاعل، أو مبتدأ أو مفعولًا به، ولمزيد من التوضيح ما
ورد
في الآية الكريمة على لسان زكريا عليه السلام، عندما ناجى ربه قائلًا “قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبًا” تمييز النسبة هنا في كلمة شيبًا والذي في تقديره وأصله فاعلًا فتحول وتم استخدامه كتمييز، وكان أصل الكلمة هنا اشتعل شيب الرأس، وهذا القسم من التمييز النسبة لا يجر أبدًا بالإضافة، هكذا أوضح علماء اللغة والنحو، وكذلك حسُن الفتاة أدبًا، وأصل الجملة هنا حسن أدب الفتاة.
-
تمييز النسبة محول عن مفعول به
كما أن التمييز المحول قد يعود أصله لمفعول، كأن تقول فرشت الأرض سجادًا، فهنا كلمة سجادًا كان أصلها مفعولًا به واُستخدمت كتمييز لتوضيح معنى الجملة، وكان أصلها فرشت سجاد الأرض.
-
مثال على تمييز محول عن مبتدأ
وآخر أنواع التمييز المحول ما كان أصله مبتدأ، مثل: أكرم بالفتى رزانةً، وكذلك لله درها شجاعةً، ومن أبرز أمثلة التمييز المحول عن مبتدأ قوله تعالى “أنا أكثر منك مالًا وولدًا” وقد فسر علماء النحو هذه الآية بأن أصلها “مالي أكثر من مالك” لكن تم حذف المضاف من تلك الجملة.
-
تمييز نسبة غير محول
بينما هذا النوع يتلخص في كونه غير محول، بمعنى أنه لم يكن في أصله فاعلًا، أو أي شيء آخر، وهو يأتي عادةً بعد أسلوب التعجب لتمنحه مزيدًا من التوضيح وبروز المعنى، ومثال ذلك ما يلي: ما أجمله شعورًا! هنا مثلًا التمييز غير المحول كلمة شعورًا فإن قلنا ما أجمله وسكتنا لن تكون الجملة هنا واضحة، لهذا أتت كلمة شعورًا كتمييز نسبة غير محول أتم معنى الجملة.
وكذا الحال ما يأتي في الجمل التي بها تعبير الامتلاء مثل قوله تعالى “وإنا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرسًا شديدًا وشُهبًا” فكلمة حرسًا التي وردت في الآية الكريمة أتت لتبرز معنى الفعل ملئت، لتوضح بماذا ملئت السماء.
وقد أوضح العلماء أحكام النوع الغير محول من تمييز النسبة يجوز نصبه، وكذلك يمكن جره بحرف الجر من، ومثال هذا قول لله دره من طالب ذكي.
وقد فرق العلماء بين قسم تمييز النسبة غير المحول والمحول بأن الأخير يعني أن يكون للتمييز
موقع
مفهوم في الجملة، بينما الغير محول عكس ذلك فهو ليس له موقع بالجملة التي أتي ليميزها.
تعود أهمية تمييز النسبة إلى توضيحها لمعنى مبهم يقبل التعدد، والمقصود هنا أن استخدام الجملة وحدها دون تمييز يجعلها غير وافية، ولا مفهومة للسامع، كأن تقول اشتريت زجاجة، هذه الجملة غير مفهومة بالمرة، فالسامع هنا لن يفهم نوع الزجاجة التي اشتريتها هل هي زجاجة عصير، أم مياه، أم زجاجة عطر وغيرها من الأمور التي يتم تداولها في زجاجات. [1]
أمثلة على تمييز النسبة
بعد أن تبينت المعلومات المتعلقة بهذا النوع من التمييز بشكل موجز، يأتي دور التأكيد بأمثلة هامة تدعمه، وهذه الأمثلة من القرآن الكريم، وكذلك بعض الأبيات الشعرية، وكل من الشعر والقرآن يمكن أن يقدم أمثلة سواء تمييز النسبة أو
امثلة على تمييز المساحة
، وتفصيل
هذا كالآتي:
_ “إني رأيت أحد عشر كوكبًا” في هذا الآية أتى لفظ كوكبًا كتمييز للجملة السابقة له، والتي لولاه لظلت غامضة، أما إعراب كوكبًا فهو تمييز تم نصبه باستخدام الفتحة الظاهرة على آخر حروفه.
_ “فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره” التمييز هنا كلمة خيرًا، وإعرابه تمييز منصوب أيضًا بالفتحة الظاهرة.
_ “فجرنا الأرض عيونًا” لو أن الجملة فجرنا الأرض فقط لكان معناها غامضًا، لهذا أتى لفظ عيونًا ليذهب غموضها، ويتم إعراب كلمة عيونًا بأنها تمييز منصوب وعلامته الفتحة الظاهرة على آخره.
_ “إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طُولًا”.
_ “ولملئت منهم رعبًا”.
_ “فكلي واشربي وقري عينًا”.
_ “إنها ساءت مستقرًا ومُقامًا”.
_ “وساء لهم يوم القيامة حِملًا”.
_ “بئس للظالمين بدلًا”.
_ “ومن أصدق من
الله
حديثًا”.
_ “والذين آمنوا أشد حُبًا لله”.
_ “وكأين من قريةٍ هي أشد قوةً من قريتك”.
-
أمثلة من القرآن على التمييز الغير محول
“وأرسلناك للناس رسولًا وكفى بالله
شهيدًا
“
“ويقول الذين كفروا لست مرسلًا قل كفى بالله
شهيدًا
بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب”.
-
أمثلة على التمييز من الشعر
من أهم الأمثلة الشعرية الدالة على تمييز النسبة الأبيات الشعرية التالية:
-
“باتت لتحزننا عفاره يا جارتا ما أنت جاره”
-
“ولقد علمت بأن دين محمد
من خير أديان البرية دينا”.
-
“يا سيدًا ما أنت من سيد موطأ الأكناف رحب الذراع”.
-
“والتغلبيون بئس الحل فحلهم فحلا، وأمهم زلاء منطيق”.
-
“تخبره فلم يعدل سواه فنعم المرء من رجل تهامي”.
-
“طافت أمامه بالركان آونة ياحسنه من قوام ومنتقبًا”. [2]
إعراب تمييز النسبة
قد يختلط على غير الدارسين معرفة الفرق بين منصوبات اللغة، مثل التمييز والحال، وكذلك المفعول المطلق، والمفعول لأجله، وغيرها من القواعد النحوية المدرجة في لائحة المنصوبات، وقد تمكن النحاة من توضيح الفرق بينهم بطريقة مبسطة لا تحتاج لخبير لغوي، وفيما يخص التمييز فله نوعين أحدهما النسبة موضوع حديثنا اليوم، والآخر تمييز نوعه ذات.
وللتفرقة بينهما يمكنك استخدام خطوة بسيطة، وهي إضافة حرف الجر من أو حرف الجر الباء قبل كلمة التمييز، فإن لم يتغير معنى الجملة فاللفظ هنا تمييز دون شك، ومثال ذلك: أكلت كيلو لحمًا، ضف قبلها من فتكون أكلت كيلو من اللحم فالمعنى هنا كما رأينا لم يتغير.
أما إعراب التمييز على حسب نوعه فتفصيله كالآتي:
-
التمييز المفرد: يأتي على الدوام منصوبًا، ويمكن جره بحرف الجر من.
-
تمييز النسبة المحولة: ينصب بالفتحة كذلك، لكن لا يمكن جره.
-
التمييز الغير محول: وأحكامه تشبه كثيرًا النوع المفرد، حيث يتم نصبه أيضًا، ويمكن جره بحرف الجر من.
-
وفيما يخص حكم تمييز النسبة فهي تبنى على السكون، ويتم إعرابها على حسب موقعها، سواء كانت فاعلًا، أم مفعولًا. [3]
أحكام تمييز النسبة
ذكرنا مسبقًا أن هذا النوع من التمييز يوضح معنى جملة والمراد منها تحديدًا، لذلك سُمي بعدة أسماء منها: تمييزالنسبة، تمييز الجملة، التمييز الملحوظ، وهو له حكمين لا ثالث لهما، بيانهما كالآتي:
-
النصب: وهو يأتي منصوبًا في إعرابه كتلك الأمثلة العديدة التي ذكرناها في موضع سابق بالمقال.
-
الجر بـ من: حكم آخر يخص تمييز النسبة، حيث يتم جرها بمن لكن يظل معناه تمييزًا، وفي هذه الحالة يكون حرف الجر تقديره زائدًا. [4]