ما هي نظرية الانتشار الثقافي
تعريف بنظرية الانتشار الثقافي
ما هي نظرية الانتشار الثقافي
سؤال تردد أكثر من مرة عن اسم تلك النظرية، فما هي مباديء تلك النظرية، وكيف نشأت، ومن أسسها، إن نظرية الانتشار الثقافي تعني انتقال ثقافة وعادات دولة لدولة أخرى تخالفها في
العادات
وما تورثه للأجيال، وهذه النظرية انتشرت بالفعل، وتظهر آثارها جلية في المجتمعات الشرقية التي باتت تقلد الغرب في بعض عاداته بدافع التحضر والعولمة.
هذه النظرية هي إحدى عناصر علم النفس الاجتماعي، أما مبتكرها والذي نادى بضرورة تطبيقها فهو
العالم
ألفريد كوبر، وحدث هذا تحديدًا عام 1940م، وأدرج تفاصيل نظريته تلك في كتاب له يسمى “انتشار المثيرات”.
وقد نادى كوبر بضرورة تبادل اللغات والعادات بين المجتمعات المختلفة حول بلاد العالم، وتتلخص أهداف نظرية الانتشار فيما يلي:
-
تبادل الثقافات بين مجتمعين مختلفين بهدف التطوير ونشر الثقافة.
-
نقل العلوم للبلاد التي يجتاحها ظلام الجهل، لتصبح أفضل حالًا مما هي عليه، بالإضافة لمساعدتها على مجاراة التقدم من حولها.
-
التعرف على ثقافات مختلفة، وحضارات متنوعة، وهذا يعني أن العقل البشري سيكتسب معلومات جديدة تجعله قادرًا على فهم
الحياة
أكثر.
عوامل نجاح الانتشار الثقافي
لكي يتم تبادل العادات بين المجتمعات كان لابد من توفر عوامل بعينها، تساعد على نجاح هذا الانتشار، وتكمن تلك العوامل في الآتي:
-
وجود أكثر من طرف حتى يتم التبادل الثقافي بينهم، وكلما زادت الأطراف كلما كان الانتشار أسرع وأعم.
-
وجود فرصة تدعم هذا التبادل الحضاري، كما حدث مع البلاد المحتلة والتي تأثرت بعادات العدو المحتل، وكذلك عند الهجرة، أو
السفر
لبلد آخر بهدف التعليم.
-
أن يكون هناك استعداد بين الأطراف لتبادل تلك العادات والثقافات الجديدة، وهذا يحدث عندما يكون هناك تشابه بعض الشيء في التفكير والثقافة، أو رغبةً في اكتساب كثير المهارات الاجتماعية الثقافية التي يفتقرها المجتمع.
-
تعد قرب المسافة بين الأطراف ما يعين على انتشار وانتقال الثقافة من طرف لآخر، حيث تم ملاحظة أن المجتمعات المتقاربة في المسافة أسرع تأثرًا ببعضهما من المجتمعات البعيدة.
لكي يتم انتشار ثقافي بين أكثر من مجتمع، لابد وأن تتوفر عناصر معينة ليتم هذا الأمر بشكل مثالي، ومن أمثلة تلك العناصر ما يلي:
1 – اللغة
-
بعد أن تعلم الإنسان الحديث واللغة، تمكن من التواصل بنجاح مع الآخرين، لهذا تعد اللغة من عناصر الانتشار الثقافي.
-
لكن تلك اللغة يطرأ عليها تغيرات جذرية أحيانًا نتيجةً للتقارب والتبادل الثقافي الذي تم، مثل الحال الآن، بات كثير من
الشباب
الشرقي يدخل بعض الكلمات
الإنجليزية
في لغته العربية التي يتحدث بها مع الآخرين، كأن يقول sorry بدلًا من آسف، وهاي بدلًا من مرحبًا، و fine بدلًا من بخير الحمد لله.
-
وأيضًا بعض الكلمات التي تم اكتشاف أن أصلها ليس عربيًا، بل تركيًا أو إنجليزيًا ونحن نتداولها مثل كلمتي GPS و MP3.
2- الأدب
-
ظهر التأثر الحضاري جليًا خاصةً في الأدب، مثل استخدام بعض القواعد اللغوية اللاتينية أو الهولندية في اللغة اليابانية.
-
كما سنلاحظ أيضًا بعض الكلمات
الفرنسية
الرومانسية المستخدمة في
قصائد
الشعر الإنجليزية.
3- الفن
لوحظ تأثر كثير من المجتمعات في فن عمارتها ببعض الثقافات الأخرى، كما حدث مع تشابه فنون العمارة بين أوروبا والحضارة اليونانية، وكذلك بين الهند والصين، وغيرها من الأمثلة.
كما دخلت بعض التغيرات في الفن كالرسم مثلًا، كأن ينتهج الفنان قواعد مدرسة معينة في لوحاته، أو تأثر أديب في كتاباته بثقافة تختلف عن ثقافة مجتمعه.
4 –
المهن
اليدوية
عُرف أن بعض المجتمعات تناقلت حرف بعينها نتيجة التواصل الثقافي مع مجتمعات أخرى، مثلما حدث في مصر عندما قام الإنجليز بعمل خطوط السكك الحديدية، ثم نظمت الحكومة المصرية عدة بعثات لمعرفة جوانب هذا المجال.
كما يحدث أيضًا أن تتعلم المجتمعات تصنيع أشياء كانت تستوردها قديمًا من بلاد أخرى مثل
الصين
واليابان والهند.
5 – الدين
يعد الدين من أهم العناصر التي يتم عن طريقها تبادل الثقافات أيضًا، وأبرز الأدلة ما حدث بين المجتمعات المتقاربة في المعتقدات الدينية، مثلما حدث في البلاد التي كانت تعتنق دين سماوي ثم أتى من بعده دين أخر مكمل له، يتشابه في معتقداته ومبدائه، وهذا لاحظناه في
قصص
الأنبياء
جميعهم، بداية من
آدم
عليه
السلام
حتى محمد عليه أفضل
الصلاة
والتسليم. [1]
اتجاه الانتشار الثقافي
في العادي يتم عملية التأثير الثقافي بين مجتمعين أحدهما متقدم والآخر نامي، وبطبيعة الحال من يتأثر هي المجتمعات النامية، والتي ترغب في اللحاق بركب التطور، فتحذو حذو المجتمعات الراقية، رغبةً في التقدم، فهنا قامت
الدول المتقدمة
بدور المرسل بينما
الدول النامية
هي المستقبلة.
على عكس ما سيحدث بين مجتمعين متقدمين، فكلاهما ليس بحاجة للتأثر بثقافة الآخر، فكل منهما يري أن هناك ما يميزه عن الآخر، وليس من الضروري التأثر به لأن الاختلاف واجب في هذه الحالة.
كما أن الأزمات التي تحدث في المجتمع وتصيبه بالضعف أحيانًا، يجعله مستقبلًا جيدًا للثقافات الأخرى الخاصة بالمجتمعات التي تعرضت لمثل تلك الأزمات وتمكنت من تخطيها. [2]
النقد الذي وُجه لنظرية الانتشار الثقافي
بعض الباحثين والعلماء رأوا أن نظرية الانتشار الثقافي ليست مثالية بشكل عام، وأنها تفتقر لبعض الأسس الهامة كي يتم تعميمها، وبنود النقد تلخصت في:
-
لا يمكننا الاعتماد على نظرية الانتشار الثقافي في تدوين التاريخ، لأنها المعلومات المتبادلة غير موثقة بالكامل، ومشكوك في دقتها.
-
كذلك الأمر عندما يتم انتشار ثقافة بين مجتمعين متشابهين في العادات تقريبًا، يجعل الأمر غير دقيق بالمرة.
-
أحيانًا تلك الطريقة في تبادل الثقافة، لا ينال نجاحًا كاملًا، ولا يتم أيضًا بشكل كامل، وهذا لأن كل مجتمع يأخذ ما يناسبه فقط، ويترك بقية ما يتعارض مع ثقافاته.
أفكار النظرية الانتشارية
تتلخص أفكار تلك النظرية في إحداث تأثير إيجابي بين المجتمعات، فتحرص كل دولة على التعلم من حضارة الأخرى ما يدفعها للأمام، ويصلح ما بها من مشكلات، وترك ما قد يسيء لحالها أكثر.
فما هو ملائم في مجتمع قد يكون غير ملائم في الآخر، ومن مبادئ نجاح النظرية الانتشارية الثقافية أن تعتمد ما يناسب معتقدات مجتمعك، وترك ما لا يليق، حتى لا يحدث صراع ثقافي كما سنشرح بعد قليل.
نظرية الصراع الثقافي
تلك النظرية تعني أن يتم الاستعانة بمبدأ معين من ثقافة تخالف معايير المجتمع، وعند تطبيقها تواجه كثير من النقد، وبعض التأييد، كما حدث في مجتمعنا الشرقي، عندما انتهج الشباب بعض العادات الأوروبية بدافع التحضر، كأن ترتدي الفتاة ملابس غير مناسبة لمبادئ مجتمعنا الشرقي، أو أن يتشبه الشاب بالفتيات في المظهر، فالبعض يشين مثل تلك التصرفات، والبعض الآخر يراها حرية شخصية، ومن هنا نشأ ما يعرف بـ الصراع الثقافي.
وبرزت مثل هذه الصراعات الثقافية عندما ظهر بعض
الشواذ
في المجتمعات المسلمة وأعلنوا عن ميولهم دون حياء، بحجة أن هذا أمر مقبول في الغرب، وهو بالفعل في المجتمعات الغربية أمر مسلم به، لكن في المجتمع المسلم غير مقبول البتة. [3]