هل ثبت صيام الأيام البيض ؟.. وما قول العلماء ابن باز وابن عثيمين عنها
ما هي الأيام البيض
الأيام
البيض
هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهجري، و
يحرص المسلمون على تتبع حركة اوجه القمر
من أجل معرفة بداية الشهر الهجري وبالتالي الأيام البيض، وقد سميت هذه الأيام بالأيام البيض لابيضاض لياليها بالقمر لأنه يطلع فيها من أولها إلى آخرها أو بالأيام الغر لأن لياليها تشبه النهار في بياضها بسبب اكتمال ضوء القمر، والصحيح أن تسمى أيام البيض بدلًا من الأيام البيض بمعنى أيام الليالي البيضاء لأن البيض من صفة الليالي، وقد اتفق العلماء على أن صوم أيام البيض سنة مستحبة وذلك لما روي عن النبي صلى
الله
عليه وسلم من أحاديث تبين فضل صيام هذه الأيام.[1]
حكم صيام الأيام البيض
يندرج صيام
الايام البيض
في باب صيام التطوع، والهدف من صيام التطوع زيادة الطاعة والتقرب من الله سبحانه وتعالى ونيل محبته ورضاه، كما
ورد
في الحديث الصحيح:
(وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه)،
وينقسم الصيام إلى قسمين:
- القسم الأول هو الصيام المفروض وهو ملزم على كل مسلم مكلف، مثل صيام رمضان وصيام الكفارات وصيام النذر.
- القسم الثاني هو صيام النوافل وهو غير ملزم سواء كان مطلق أو مقيد، الصيام المطلق هو الصيام في غير الأيام المنهي عن الصوم فيها، أما الصيام المقيد فهو الصيام الذي حث الشرع عليه وهو أفضل من الصيام المطلق، ويعتبر صيام الأيام البيض من الأمثلة عن صيام النوافل.
أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بصيام أيام البيض وأيام البيض هي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من
الأشهر
الهجرية، وقد أجمع العلماء على أن صيام الأيام البيض سنة مستحبة عظيمة الأجر بإذن الله إذ إن الحسنة بعشر أمثالها وهذا يعني أن صيام ثلاث أيام من كل شهر كصيام الشهر ومن داوم على صيام الأيام البيض كل شهر فكأنما صام الدهر.[2]
فضل صيام الأيام البيض
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صوم ثلاثة من كل شهر ورمضان إلى رمضان صوم الدهر. رواه مسلم.[3]
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وهي أيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. رواه النسائي.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه، فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا، وأمسك الأعرابي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما يمنعك أن تأكل، قال إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، قال: إن كنت صائمًا فصم الغر. رواه النسائي.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض، ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. رواه الترمذي والنسائي.
عن قتادة بن ملحان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض، ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. رواه أبو داود.
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على وتر.[4]
أقوال الفقهاء في صيام الأيام البيض
ابن باز
حث النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام على صيام ثلاثة أيام من كل شهر كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما: صم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر، ونرى تأكيد ذلك في
القرآن الكريم
في قوله تعالى: مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ [الأنعام: 160]، وكذلك في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر، وقد أكد الشيخ ابن باز
رحمه الله
أن الأفضل أن تكون هذه الأيام الثلاثة في الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهجري، إذا استطاع الشخص صيام هذه الأيام كان ذلك أفضل، وقد سميت هذه الأيام بيض لابيضاض ليلها بالقمر وابيضاض نهارها بضوء الشمس، أما إذا صام هذه الأيام الثلاثة في غير وقت الأيام البيض في أول أو وسط أو آخر الشهر فلا بأس في ذلك ويحصل على الأجر إن شاء الله، كما ذكر ابن باز أيضًا أنه إذا صام الشخص في بعض الشهور وعجز عن ذلك في شهور أخرى فلا حرج في ذلك.[5]
ابن عثيمين
صيام ثلاثة أيام من كل شهر أمر مستحب في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء وغيرهما من الصحابة بصيام ثلاثة أيام من كل شهر كما أوصى عبد الله بن عمرو بذلك، إلا أن الأفضل أن تكون هذه الأيام أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، لكن من عجز عن صيام أيام البيض يمكن أن يصوم في بقية الشهر حسب قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وقد جاء في قول الشيخ أيضًا إمكانية صيام هذه الأيام الثلاثة متتالية أو متفرقة، حيث يجوز أن تكون في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، فالإسلام دين يسر لا عسر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعين، فحين سئلت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، فقيل: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم. رواه مسلم.
لكن صيام اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر أفضل لأنها الأيام البيض، ومن عجز عن صيام هذه الأيام الثلاثة وصام يومًا أو يومين من أيام البيض ثم صام يومًا من غيرها من أيام الشهر كان له بعض الفضل المتعلق بصيام هذه الأيام إن شاء الله، وإن ما لا يُدرك كله لا يُترك جله، وهذا الأمر سمح ويسر والحمد لله، حيث يستطيع الإنسان صيام أحد الأيام البيض وصيام يومين في أيام أخرى من الشهر.[6]