آيات قرآنية عن كرامة الإنسان

تعريف الكرامة


إن تعريف الكرامة كما جاء في المعاجم اللغوية هي أنها (الشرف والقيمة، وكرامة النفس ترفعها وتصونها. يقال: كرم الشيء بضم

الراء

كرما وكرامة إذا نفس وعز فهو كريم، وله علي كرامة أي عزازة، وكل شيء شرف في بابه فإنه يوصف بالكرم، ولا يقال في الإنسان كريم حتى تظهر منه أخلاق وأفعال حميدة.) كما أن هناك آيات قرآنية عن كرامة الإنسان في مواضع عديدة وذلك كي يتفكر الإنسان جيدًا في كيف خلقه

الله

تعالى معززًا مكرمًا عن سائر المخلوقات في الكون، كما أنه سخر له الكثير من الأشياء في الكون، لقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)، لذلك يجب أن يتحلى الإنسان بما وهبه الله تعالى وألا يفرط في كرامته.


آيات عن كرامة الإنسان في القرآن


كما أن الدين

الإسلام

ي قد حرم على كل مسلم أن يستذل أو أن يستضعف، أو أن تهان كرامته، فلقد خلق الله الإنسان كريمًا وخلقه فأحسن خلقه، وذلك لما

ورد

في قوله تعالى في سورة الإسراء: (


وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)، و


يقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: “يخبر تعالى عن تشريفه لبني

آدم

وتكريمه إياهم في خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكملها، فالآية دالة على أن الله شرف ذرية آدم على جميع المخلوقات بالعقل والعلم والنطق وتسخير جميع ما في الكون له ولخدمته.”


قال الفخر الرازي: كل ما حصل للإنسان من المراتب العالية والصفات الشريفة فهي إنما حصلت بإحسان الله تعالى وإنعامه، فلهذا المعنى قال تعالى: ولقد كرمنا بني آدم ومن تمام كرامته على الله تعالى أنه سبحانه لما خلقه في أول الأمر وصف نفسه بأنه “أكرم” فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (العلق، 1 – 2)، ووصف نفسه بالتكريم عند تربيته للإنسان فقال: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ (الإسراء، من الآية 70)، ووصف نفسه بالكرم في آخر أحوال الإنسان فقال: يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (الانفطار، 6). وهذا يدل على أنه لا نهاية لكرم الله تعالى ولفضله وإحسانه مع الإنسان.


يقول الأستاذ عبد

السلام

ياسين رحمه الله: “إن الله خلق الإنسان وجعله مهيئًا لكرامته في الدنيا باعتباره من بني آدم قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (الإسراء، 70)، فالأرض وخيراتها لبني آدم خلقت، وخلق ابن آدم للكرامة عند الله إن لم تستعبده شهواته ولم تفتنه الدنيا” (1).


آيات تكريم الإنسان في القرآن


اختص الله عز وجل الإنسان من بين سائر المخلوقات كي يكون معززًا مكرمًا في هذه الدنيا، فلقد خلق الله عز وجل الإنسان مختلفًا عن سائر المخلوقات، فلقد خلق الله آدم بنفسه ونفخ فيه من روحه، كما أن الملائكة سجدت لأول إنسان وهو آدم عليه السلام، كما أن الله جعل من هذا الإنسان هو موضع حكمته وأرسل للبشر رسلًا كي يختصوا بعبادته دونًا  عن سائر المخلوقات، كما وردت بعض آيات قرآنية عن كرامة الإنسان ولكن الكرامة كما وصفها الله تعالى مختلفة عن مفاهيم البشر، لذلك إليك ست مواضع توضح مفهوم الكرامة في الإسلام كما يأتي:


  • الموضع الأول: تكريم الذات


خلق الله الإنسان معززًا مكرمًا ويتجلى ذلك في الصورة التي خلقنا الله عليها، وذلك لقوله تعالى: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) من سورة التغابن، كما أن الله جعل للإنسان دور كبير في إعمار الأرض وذلك كما في قوله تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) من سورة هود، مما سبق يتضح أن تَّكريم الإنسان في الإسلام هو مفهوم يتضمن كلِّ خَيْر وشَّرَف وفضيلة حصل عليها الإنسان.


  • الموضع الثاني: الإيجاد


إن الله سبحانه وتعالى هو من اوجد الإنسان من بعد عدم، وذلك لقوله عزَّ وجلَّ: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) من سورة الإنسان، اي أن الإنسان أوجده الله تعالى من تراب، وقال يحيى بن سلام: لم يكن شيئًا مذكورًا في الخَلْق، وإن كان عند الله شيئًا مذكورًا.


  • الموضع الثالث: الفطرة التي خلقنا الله عليها.


خلق الله الإنسان مفطورًا على الإيمان، ومن على غير فطرة الله فلقد تبدل عن الفطرة التي فطرها الله عليه،وذلك لقوله تعالى في كتابه الكريم: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) من سورة الروم، والمعنى من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى قد خلق جميع البشر على نفس الفطرة المستقيمة، وأن الناس جميعهم متساوون في هذا الأمر، وأن أي تغير في الإنسان فهو من نفسه.


  • الموضع الرابع: إعمار الأرض


إن الإنسان هو المخلوق الوحيد المكلف بإعمار الأرض وهذه السمة تعكس أعلى مظاهر التكريم الإلهي الذي كرمه الله لنا نحن معشر البشر، فنحن مكلفون بإعمار هذه الأرض حتى نعبد الله، ومن ذلك قوله تعالى في كتابه الكريم: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) من سورة البقرة.


  • الموضع الخامس: نعمة العقل


إن أهم ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات على وجه الأرض هو امتلاكه العقل، عقل هو المرجع الأول والأخير للإنسان، وذلك لقوله تعالي في كتابه الكريم: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ).


  • الموضع السادس: إيداع مفاتيح

    المعرفة

    والإدراك في الإنسان


خلق الله الإنسان هو الكائن الوحيد الذي لديه مفاتيح العلم والمعرفة، كما أنه يستطيع استيعاب وتعلم واكتشاف العلوم المختلفة، وذلك كما في قوله تعالى ما يأتي: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ)، (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى)، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا)، (مَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).

تسخير الكون لخدمة الإنسان


سخر الله لنا العديد والعديد من الأشياء التي تقوم على خدمة الإنسان، على الرغم من أن هذه المخلوقات قد خلقت لتقوم بمثل هذه المهام، وأن هذا دورها، فمثلًا الشمس تعطي جسم الإنسان فيتامين دال وتعطي الضوء للنباتات التي يتغذى عليها الإنسان كي تقوم بعملية البناء الضوئي، كل هذه الأمور من باب تسخيرها للإنسان، أي أن هناك بعض الأمور من حولنا التي تكمل بعضها في سبيل أن يعيش الإنسان حياة كريمة بفضل الله تعالى وحده، ولنحقيق ذلك سخَّر الله عزَّ وجل للإنسان السَّماوات والأرض وما بينهما وذلك كما في وقله تعالى في كتابه الكريم: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) من سورة إبراهيم، وقال تعالى أيضًا:  (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ) من سورة لقمان. [1] [2] [3]