هل فائدة الأقساط حرام
هل فوائد الأقساط حرام
في كافة المعاملات الحيوية في حياة الناس والعبادات، قدمت الشريعة الإسلامية ضوابط تنظيمية، وقدم الفقهاء ما ييسر للناس فهم ما استشكل عليهم، منها الأمور المادية مثل البيع والشراء والأقساط، وهنا يدور سؤال في ذهن الناس عن البيع بالقسط والذي يتضمن فائدة هل حرام أم لا، والإجابة الفقهية تقول انها ليست حرام، والتفصيل فيما يلي:
_ يجوز للمسلم أن يبيع سلعة معينة أو يشتريها إلى
ميعاد
معلوم، حتى وإن زاد الثمن الخاص بالبيع أو الشراء إلى أجل، والأجل هنا مقصود به وقت لاحق على وقت عملية البيع نفسها، ولو زاد عن ثمن البيع أو الشراء في
الوقت
الحالي.
_ يجوز ذلك ولا حرج فيه لأن العلماء يرون أن للزمن نصيب في الثمن، وهو مما تطلبه القواعد الشرعية وتتحقق به مصالح الناس، على أن يلتزم بذلك صحة أن يستوفى البيع الشروط المعتبرة، والتي من بينها الجزم من الطرفان بالاتفاق على طريقة للدفع، وذلك قبل إبرام العقد.
_ حيث يتفقان هل عملية البيع سوف تتم بالتقسيط، أو بالدفع الفوري، حتى لا يحدث أمر يخل بالبيع مثل:
-
عدم تأكيد أحدهما بطريقة البيع مع تخيير المشتري بين الطريقتين وهذا ما يعد من باب بيعين في بيعة واحدة وهذا الأمر نهى عنه رسول
الله
صلى الله عليه وسلم وذلك بدليل الحديث.
-
في سنن أبي داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا”.
-
أن يكون الشيء المباع مباح، وأن يكون البائع من مالك الشيء أو وكيل البائع.
-
أن يكون القسط معلوم وأن يكون الأجل مسمى، كما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه).[البقرة:281].
-
وهناك أيضاً دليل من الحديث وهو
قصة
بريرة في الصحيحين فقظ اشترت نفسها من مالكها بتسع أواق لتدفع في كل عام أوقية.
وباعتبار ما سبق يعتبر ذلك هو بيع بالتقسيط ولما علم به النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكره صلى الله عليه وسلم، بل أقر ذلك وأيضًا لم ينه عنه، وفي ذلك كان في حق السيدة عائشة، حيث جاء في الروايات، أن اشترتها عائشة فيما بعد وعجلت الأقساط، ومن هنا جرت أعمال المسلمين في القديم وفي الحديث.
_ كما يؤكد العلماء ان التقسيط ليس من من الربا أو من جنسه، فالناس يتاجروا بالمداينة، وبما رضيوا به، سواء كانت تلك الاقساط كثيرة، أو كانت أقساط تحتاج زيادة في الثمن، كما قد تكون قليلة، لأنها تعتبر مداينة، والمداينة ليست من نفس جنس البيع النقدي.
والآية الكريمة : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282] لم تجعل كلا من السعر أو الوقت محدودين، وهو ما كان ذاته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
_ والخلاصة في ذلك بحسب جمهور الفقهاء أن الناس في البيع قسط يعتبرون في حالة مداينة، والمداينة لابد لها من زيادة، لأن الزيادة هذه هي التي تجعل البائع يقبل مد أجل الدفع، ولولاها لطلب المبلغ في وقتها حاضرًا، لتكون هنا المنفعة بينهما متبادلة، ينتفع الشاري بالوقت والدفع المؤجل، وينتفع البائع بزيادة المال، ولا حرج في ذلك، ولا يعتبر ربا كما يظن البعض. [1]
شروط بيع التقسيط
تعتبر أهم شروط البيع بالتقسيط بحسب ما بينه جمهور العلماء وفقهاء الشريعة الإسلامية بشكل موجز هي ما يلي:
-
أن لا يكون الهدف والغرض من عملية البيع هو أن يتم التقسيط شكلًا ويكون غطاء لعملية ربا.
-
ملكية البائع للسلعة، أي أن يكون البيع للسلعة ملك للبائع.
-
أن يكون الشيء
محل
البيع ملك او في قبضة البائع قبض كامل تام وكمال الحرية في التصرف فيه قبل البيع.
-
يجب أن يكون البيع بثمن مدرج على ذمة المدين ضمن الديون، ولا يكون عين.
-
أن يتم الاتفاق على فترة معلومة للسداد التقسيط، مع مواعيد الأقساط المتفق عليها.
-
أن يكون البيع تاما ولا يتم التعليق لعقد البيع لوقت يتم فيه تسديد كافة الأقساط، مثله مثل البيع التام المدفوع في وقته، لأن الغرض الانتفاع بالشيء مع الدفع على فترات. [2]
متى يكون البيع بالتقسيط حرام
دائماً ما يوجد تفاصيل كثيرة ومتعددة في العبادات والمعاملات، وبعض هذه التفاصيل إذا تغيرت أو غابت تغير معها الحكم الشرعي، لذا على الإنسان أن يتحرى الدقة في معاملاته حتى لا يشوبها حرام، ومن بين هذه الأمور التي قد تشوب البيع بالتقسيط فتجعله حرام، ما يلي:
-
دفع مبالغ زائدة عن المتفق عليها بسبب التأخير في الدفع للأقساط.
-
البيع بالتقسيط من شخص ثم إعادة بيع نفس الشيء لنفس الشخص بيع نقدي او فوري، لأنه تحايل وربا.
-
بيع شيء ليس في ملك وقبضة البائع.
-
عدم الاتفاق على سعر محدد للبيع.
-
البيع بسعر غير مستقر بحيث يبيع قبل أن يتم الاستقرار على السعر المتفق عليه
حكم البيع بالتقسيط عن طريق البنك
كثير من البنوك تقدم للمواطنين خدمات متعددة للبيع والشراء، بجانب الادخار والاستثمار ومن بين هذه الخدمات خدمة البيع بالتقسيط، وهنا يكون
السؤال
هل هذه العملية من البيع تعتبر ربا أم لا.
فإذا كانت عملية البيع بين الشخص وبين البنك على أن البنك يقوم بالشراء سواء كان شقة أو سيارة أو غيره، ويدخل ما يشتريه البنك في ملكيته وضمانه، بحيث تصبح الشقة أو
السيارة
ملك للبنك قبل أن يبيعها للشخص بنظام التقسيط وفقاً للضوابط الشرعية، دون الحاجة أن تدخل ضمن أملاك البنك لفترة معينة حتى لو دخلت ضمن أملاكه للحظات، هنا جاز البيع بالتقسيط ويكون بيع حقيقي.
أما ما يعد ربا وحرام شرعًا هو في حالة أن البنك لم يقم بشراء السيارة أو المنزل وإنما يقوم بدفع ثمنها لمالكهم بالنيابة عن الشخص فقط ثم يستوفي من الشخص الفائدة فهنا يكون الربا، ولا يعتبر بيع بالتقسيط حتى ولو سماه البنك او الناس بيع بالتقسيط أو غيره، وهذه الطريقة بالفعل تقوم بها بعض البنوك في تغطية لعملية الربا تحت ستار البيع بالتقسيط، والعبرة في هذا الأمر بحقيقة هذه العملية لا باسمها الذي يطلقه عليها الناس أو البنوك، كما أكد العلماء. [3]
مثال على بيع التقسيط المحرم
قد يصعب أحياناً فهم الكلام الشرعي مجرد دون أمثلة واضحة، وخاصة لغير الدارسين من عامة الناس، ومن الأمثلة على البيع بالتقسيط المحرم ما يلي:
-
البيع دون
تحديد
السعر بمعنى أن يقول البائع لو سددت خلال سنة سوف يكون الثمن مائة دينار ولو سددت بعد سنتين يكون ألفين وهكذا فيقول المشتري اتفقنا وينصرف دون أن يبلغه بما قرره ويعتبرون أن الاتفاق تم بحسب ما يستطيعه الشاري، والصحيح هنا حتى لا يكون البيع هو أن يحدد المشتري ما قرره قبل الانصراف كأن يقول سوف أشتري وأسدد بنظام الدفع على عامين بسعر الألفين.