اشهر شعراء الشعر الماجن في وصف النساء

شعر الغزل

  • حفل الشعر العربي القديم بأنواع الشعر المختلفة من الوصف والغزل والهجاء والمديح والفخر والرثاء، وكان للغزل حصة الأسد حيث كثر ذكر المرأة وأيام اللقاء بها والحب الذي كان يجمع بين الشاعر وحبيبته، وقد كانت بعض الأشعار غزلًا عفيفًا وحنينًا صادقًا بينما كان بعضها الآخر غزلًا فاحشًا ووصفًا للمرأة بأسلوب خارج عن العفة، وكانت الأشعار الغزلية تعبر عن أمرين أساسيين هما العلاقة بين الشاعر وذاته ومشاعره الخاصة وتأثير

    البيئة

    الاجتماعية المحيطة به، والعلاقة بين الشاعر والمحبوبة مع وصف هذه العلاقة ووصف المحبوبة، ولا بد من الإشارة إلى تنوع


    شعر الغزل


    بحد ذاته ما بين شاعر وآخر كونه تعبيرًا عن الموقف الشخصي للشاعر ووصفًا لردود أفعاله.

أنواع شعر الغزل

يمكن تقسيم شعر الغزل إلى قسمين، الأول هو الشعر العذري العفيف وهو أكثر عمقًا وصدقًا مثل شعر مجنون ليلى وجميل بثينة وكثير من الشعراء الآخرين، والثاني هو الشعر الفاحش الماجن مثل شعر امرؤ القيس والأعشى وعمر بن أبي ربيعة، والسبب في كون الشعر العفيف أكثر عمقًا من الشعر الماجن هو أن الشاعر يعبر فيه عن ذاته ومشاعره الصادقة.

وقد عرف العرب منذ العصر الجاهلي شعراء غزل كثيرين، بعضهم عاشق عفيف مثل عنترة بن شداد وبعضهم الآخر باحث عن المتعة واللهو في

الحب

مثل امرؤ القيس والأعشى، واستمر هذا الأمر على مدى العصور التالية، حيث شهد العصر الراشدي والأموي شعراء من العشاق العفيفين مثل قيس بن الملوح (مجنون ليلى) وقيس بن ذريح (مجنون لبنى) وكثير عزة وجميل بثينة، كما اشتهر غيرهم من الشعراء في الشعر الفاحش الماجن مثل عمر بن أبي ربيعة والأحوص والعرجي.[1]

الشعر الماجن

الشعر الماجن أو الفاحش هو نوع من أنواع الغزل الذي يركز على وصف المرأة وصفًا ماديًا وتصوير مفاتن المرأة الجسدية وما تثير هذه المرأة في نفس الشاعر من

الشوق

واللهفة على عكس الغزل العذري الذي يهتم بتصوير الجوانب المعنوية في التعبير عن الأحاسيس والمشاعر.

وقد نشأ هذا النوع من الشعر الغزلي في العصر الجاهلي، فهناك الكثير من القصائد  لشعراء جاهليين تغزلوا بمحبوباتهم في مطالع قصائدهم أو في قصائدهم الغزلية، وكان هذا الشعر ينطوي على تصوير المرأة وتصوير العواطف والغرائز الإنسانية المادية، إلا أن هذا النوع من الشعر الغزلي نشأ ونما وازدهر في

العصر الأموي

حيث اتساع موجة

الله

و والترف والبذخ يضاف إلى ذلك ازدهار فن الغناء الذي يعد من أهم عوامل انتشار هذا الشعر.[2]

اشهر شعراء الشعر الماجن

امرؤ القيس

هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر من قبيلة كندة ولقبه الملك الضليل، وقد نشأ امرؤ القيس ميالًا إلى الترف واللهو، عرف امرؤ القيس بأشعاره الغزلية الماجنة في وصف محاسن

النساء

وعلاقاته الغرامية الكثيرة مع النساء، ومن أبرز قصائده الغزلية قصيدة كتبها في وصف محبوبة له تدعى فاطمة.

سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُه

سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ

فَقالَت سَباكَ اللَهُ إِنَّكَ فاضِحي

أَلَستَ تَرى السُمّارَ وَالناسَ أَحوالي

فَقُلتُ يَمينَ اللَهِ أَبرَحُ قاعِد

وَلَو قَطَعوا رَأسي لَدَيكِ وَأَوصالي

حَلَفتُ لَها بِاللَهِ حِلفَةَ فاجِرٍ

لَناموا فَما إِن مِن حَديثٍ وَلا صالِ

فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت

هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ

وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُن

وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ

فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُه

عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ[3]

الأعشى

هو ميمون بن قس بن جندل، من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، لقبه أعشى قيس أو أعشى بكر بن وائل أو الأعشى الكبير، وهو من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات، وكان غزير الشعر ينوع في أشعاره ويغنيها لذلك سمي صناجة العرب، وهو من اشهر شعراء الشعر الماجن في الجاهلية حيث عرف بشعره الغزلي ووصفه للنساء ولقب بالأعشى لضعف بصره حتى أنه عمي في أواخر عمره.

وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ

وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ

غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها

تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ

كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها

مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ

تَسمَعُ لِلحَليِ وَسواساً إِذا اِنصَرَفَت

كَما اِستَعانَ بِريحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ

لَيسَت كَمَن يَكرَهُ الجيرانُ طَلعَتَها

وَلا تَراها لِسِرِّ الجارِ تَختَتِلُ

يَكادُ يَصرَعُها لَولا تَشَدُّدُها

إِذا تَقومُ إِلى جاراتِها الكَسَلُ

إِذا تُعالِجُ قِرناً ساعَةً فَتَرَت

وَاِهتَزَّ مِنها ذَنوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ[4]

عمر بن أبي ربيعة

هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، كنيته أبو الخطاب، كان من أشعر أهل قريش وزعيم المذهب الماجن في الغزل، وقد عرف عنه انتظاره موسم الحج حيث تكون النساء حاسرات الوجوه، فيتقرب منهن وينظم أبيات الغزل في صفاتهن وحسنهن، وكان كثير الاختلاط بالنساء وكثير التغزل به، وكان أكثر


شعر عمر بن ابي ربيعه في الغزل الصريح


ووصف النساء.

لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد

وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد

وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً

إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد

زَعَموها سَأَلَت جاراتِها

وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد

أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني

عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد

فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها

حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد

حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها

وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد

غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها

حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد

وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما

حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد

طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا

مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد[5]

الأحوص الأنصاري

هو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري من بني ضبيعة، عاصر جرير والفرزدق، ولقب بالأحوص لضيق في مؤخر عينه، وقد كان الأحوص شاعرًا هجاءً للناس قليل المروءة مما دفع قومه إلى شكايته حيث تم نفيه إلى دهلك وهي جزيرة بين اليمن والحبشة، وقد عرف عن الأحوص

حب

النساء والتغزل بهن في أشعاره وقصائده.

سَلامُ ذِكرُكِ مُلصَقٌ بِلِساني

وَعَلى هَواكِ تَعُودُني أَحزانِي

مَا لِي رَأَيتُكِ في المَنامِ مُطيعَةً

وَإِذا انتَبَهتُ لَجَجتِ في العِصيانِ

أَبَداً مُحِبُّكِ مُمسِكٌ بِفؤادِهِ

يَخشى اللَجاجَةَ مِنكِ في الهِجرانِ

إِن كُنتِ عاتِبَةً فَإِنّي مُعتِبٌ

بَعدَ الإِساءةِ فَاِقبَلي إِحسانِي

لا تَقتُلي رَجُلاً يَراكِ لِما بِهِ

مِثلَ الشَرابِ لِغُلَّةِ الظَمآنِ

وَلَقَد أَقولُ لِقاطِنينَ مِنَ اهلِنا

كانا عَلى خُلُقي مِنَ الإِخوانِ

يا صَاحِبيَّ عَلى فُؤادِي جَمرَةٌ

وَبَرى الهَوى جِسمي كَما تَرَيانِ

أَمُرَقّيانِ إِلى سَلامَة أَنتُما

ما قَد لَقيتُ بِها وَتَحتَسِبانِ[6]

العرجي

هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي القرشي، أبو عمر، شاعر غزل ينحو نحو مذهب عمر بن أبي ربيعة في الشعر والغزل، وقد كان العرجي شغوفًا باللهو والنساء، ولقب بالعرجي لأنه أقام في العرج وهو مكان في وديان الطائف، وهو أحد شعراء العصر الأموي الذين اشتهروا بالغزل وملاحقة النساء والمغامرات الغرامية.

حُورٌ بَعَثنَ رَسُولاً في مُلاطَفَةٍ

ثَقفاً إِذا أَسقَطَ النَسَّاءَةُ الوَهِمُ

إِلَيَّ أَن إِيتِنا هُدءٍ إِذا غَفَلَت

أَحراسُنا إِفتَضَحنا إِن هُمُ عَلِمُوا

فَجِئتُ أَمشي عَلى هَولٍ أُجَشَّمُهُ

تَجَشُّمُ المَرءِ هَولاً في الهَوى كَرَمُ

إِذا تَخَوَّفتُ مِن شَيءٍ أَقُولُ لَهُ

قَد جَفَّ فامضِ بِما قَد قُدِّرَ القَلَمُ

أَمشي كَما حَرَّكت رِيحٌ يَمانِيَةٌ

غُصناً مِنَ البانِ رَطباً طَلَّهُ الرِهَمُ

في حُلةٍ مِن طِرازِ السُوسِ مُشرَبَةٍ

تَعفُو بِهَدّابِها ما تُندِبُ القَدَمُ[7]