الاساليب الفنيّة في شعر عمر بن أبي ربيعة
عمر بن أبي ربيعة
هو عمر بن عبد
الله
بن أبي ربيعة المخزومي القرشي، كنيته أبو الخطاب، ووصف بشاعر قريش وفتاها، وهو أحد أهم شعراء الدولة الأموية، وهو زعيم المذهب الفاحش في الغزل، وهو شاعر فذ شهد له الجميع بالبراعة والقدرة، مما جعل العرب تشهد لقريش في الشعر، وكان عمر بن أبي ربيعة مثلًا للشعراء بعده، حيث أنه تصدر شعراء الغزل منذ ذلك
الوقت
إلى الوقت الحالي.
شعر عمر بن أبي ربيعة
تميز شعر عمر بن أبي ربيعة بالغزل، وقد اشتهر
شعر عمر بن ابي ربيعه في الغزل الصريح
بسبب اختلاطه الكبير بالنساء حيث يكاد يقتصر شعره على موضوع واحد هو المرأة، وقد برع في استخدام
السرد
القصصي والحوار، وقد أدى هذ السرد إلى جعل
قصائد
ه وحدة كاملة، حيث يصعب تقديم بيت على آخر، فأدى إلى وجود
الوحدة
العضوية في قصائده وهو أسبق الشعراء إلى هذا الأمر حيث كان هذا الأمر جديد على الشعراء، وقد تغنى كبار الشعراء في ذلك العصر بقصائد عمر بن أبي ربيعة.[1]
الخصائص الفنية في شعر عمر بن أبي ربيعة
المضمون
-
الأفكار والمعاني
من الأساليب الفنية في الشعر استخدام أسلوب الحوار وتبادل الكلام فهو يضفي على الشعر نوعًا من الفن القصصي ويركز على المشاعر والأحوال النفسية للأشخاص المتحاورين كما يعمل على تنويع الإيقاعات الداخلية وإضفاء روح جديدة على القصيدة.
ويعد عمر بن أبي ربيعة أول من جعل الحوار الأسلوب البارز في شعره، على الرغم من أن هذا الأسلوب كان معروفًا في السابق عند شعراء الجاهلية والإسلام، ولكنه كان جزءًا قليلًا من قصائدهم.
بنى عمر بن أبي ربيعة شعره ورتبه ترتيبًا منطقيًا متسلسلًا، حيث كانت أشعاره تأخذ شكل القصة أو الحكاية مع خلوها من المقدمة التقليدية للشعر، فكان يبدأ قصائده مباشرًة بالغزل مع ترتيب متسلسل ومترابط للأفكار والمعاني، حيث يصعب تقديم بيت على آخر، ثم يصل الشاعر إلى موضوع القصيدة وسرد الأحداث، حيث تبدأ القصة بمقدمة ووسط وخاتمة وعقدة، وتشمل معظم شروط القصة القصيرة.
ويعد عمر بن أبي ربيعة مبتكرًا في الأسلوب القصصي حيث توسع فيه في أشعاره وقصائده، وإن كان بعض الشعراء قد سبقوه إلى استخدام أسلوب الحوار، إلا أنه وسعه وطوره ووضع لمساته الخاصة على هذا الأسلوب، على سبيل المثال، تحقق معظم مقومات القصة القصيرة في القصيدة.
-
الدلالات النفسية
اهتم عمر بن أبي ربيعة في وصف تغير الدلالات النفسية في شعره بتغير الحالات التي تحكيها الأبيات، حيث تتلاءم الألفاظ مع الحالة النفسية، وتعد قصيدة أمن آل نعم أحد
أشهر
قصائد عمر بن أبي ربيعة غنية بالخصائص الشعرية والأساليب الفنية التي تصور
الحياة
الاجتماعية في زمن الشاعر أفضل تصوير، حيث يروي فيها أحد مغامراته العاطفية في قالب قصصي جميل فنجد ألفاظًا تدل على
الحب
اليائس بالإضافة إلى الألفاظ التي تدل على القلق والترحال بحثًا عن المحبوبة ثم وصف مغامرته ومشاعر الحذر واليقظة وهو يقف منتظرًا خلود القوم للنوم حيث تتلاءم الألفاظ مع هذه الحالة الحذرة، كما نجح في وصف قلقه ولهفته لرؤية المحبوبة وكيفية الوصول إليها ثم مشاعر الفرح والسعادة عند اللقاء، وكيف تحول هذا الشعور إلى
الخوف
والقلق والخشية من الفضيحة عند استيقاظ القوم، ووتغير المشاعر والحالة النفسية حين اجتاز الشاعر الحي ونجا من القوم كما نجت المحبوبة من الفضيحة.
نجح عمر بن أبي ربيعة في تصوير تغير المشاعر والأحاسيس تصويرًا رائعًا حيث أحسن تصوير
الشوق
واللهفة بالإضافة إلى الحديث عن الصعاب التي واجهها في سبيل الوصول إلى محبوبته نعم، وقد كان عمر بن أبي ربيعة على جانب من الإعجاب بنفسه جعله يصور نفسه معشوقًا لا عاشقًا فالنساء يطلبنه ويرغبن في وصله وقربه.
وبالنظر إلى
مقتطفات من شعر عمر بن ابي ربيعة
يمكن ملاحظة اهتمامه بوصف المرأة وصفًا دقيقًا حيث وصف عواطفها ونفسيتها وهواجسها وانفعالاتها وميلها إلى الحب والغرام ووصف جمالها وحسنها ومعرفة حديثها وطرق تعبيرها.
-
الدلالات الاجتماعية
صور عمر بن أبي ربيعة الحياة الاجتماعية اللاهية التي كان يحياها بالإضافة إلى تصوير
العادات
الاجتماعية المنتشرة في
البيئة
العربية في عصره.
أما حياة عمر بن أبي ربيعة اللاهية فكانت قائمة على تعقب ولقاء من يحب، وأما عادات البيئة العربية في ذلك الوقت فتتضمن
الغيرة
على المحارم وظهور المرأة بمظهر المترفة المنعمة التي تعيش في ظل أرحامها وأقاربها.
ومن العادات العربية الأخرى الخاصة بالسفر والترحال التي صورها في شعره استخدام الخيام للراحة والتوقف أثناء
السفر
وكذلك التبكير بالسير قبل طلوع الشمس والمناداة بالرحيل بالإضافة إلى اصطحاب الأغنام في السفر.
الشكل
-
الألفاظ
اتسم شعر عمر بن أبي ربيعة بالسلاسة والعذوبة والسهولة ووضوح المعاني والخلو من الغموض والتعقيد.
مزج الشاعر بين استخدام الأسماء والأفعال، وقد تغلب الأفعال على بعض الأبيات بينما تغلب الأسماء على أبيات أخرى، وكان لكل من الأسماء والأفعال وظيفتها الخاصة، حيث عبرت الأسماء عن الاستمرارية والعادة بينما جاءت الأفعال مناسبة للسرد القصصي ووصف مغامرات الشاعر عمر بن أبي ربيعة.
وقد نجح عمر بن أبي ربيعة في اختيار الألفاظ التي تناسب المعاني التي أرادها عند الحديث عن معاناته وتنقله بحثًا عن المحبوبة مثل ألفاظ غاد ومبكر ومهجر، وكذلك عند الحديث عن معاني الحذر والحيطة في انتظار خلود القوم للنوم مثل أحاذر ورقيبًا، وكذلك مشاعر
السعادة
عند لقاء المحبوبة مثل بت قرير العين وتقاصر طوله، وكذلك ألفاظ الخوف والقلق عند استيقاظ القوم من
النوم
والخوف من الفضيحة مثل ليس في وجهها دم وغيرها من الألفاظ ذات الدلالات المناسبة للحالة للشعورية للشاعر.
كما نجح الشاعر في اختيار الألفاظ التي تخلق صورًا حية في ذهن السامع حيث يكاد يرى المشهد ماثلًا أمام عينيه، وقد استخدم ألفاظ وتراكيب سهلة لا تحتاج إلى توضيح وإن كانت قصائده لا تخلو من جزالة وفصاحة.
-
التراكيب
نوع عمر بن أبي ربيعة في استخدام الجملة الاسمية والفعلية، حسب المعنى الذي يريد تأكيده، حيث أكثر من استخدام الجملة الاسمية عند الحديث عن طول أسفاره وترحاله للدلالة على الاستمرارية والملازمة، بينما استخدم الجمل الفعلية للدلالة على المبالغة وكذلك للوصف والسرد عند الحديث عن مغامراته.
نوع الشاعر أيضًا بين الأسلوبين الخبري والإنشائي بما يخدم موضوع القصيدة من أجل إبراز المعنى الذي يريده الشاعر.
وقد أدى التنويع في استخدام الجمل الفعلية والإسمية وكـذلك التنويـع فـي استخدام الأساليب الإنشائية المختلفة إلى إثراء الشعر، وتأكيد المعاني ووضوحها، خاصة أنها جاءت ملائمة للمعاني والحالات الشعورية المختلفة.
-
الصور الفنية
يعتبر شعر عمر بن أبي ربيعة غنيًا بالصور الفنية من تشبيه واستعارة وكناية، وقد استخدم الشاعر الأشكال المختلفة للصور الفنية من التشبيه مختلف الأركان والاستعارة المكنية والتصريحية من أجل إيصال المعنى للسامع، وقد ساعدت هذه
الصور
الفنية في وضوح المعنى.
-
الإيقاع الموسيقي
استخدم عمر بن أبي ربيعة أوزان سهلة خفيفة مناسبة للأسلوب القصصي المستخدم في قصائده، كما أن هذه الأوزان لا تتطلب مجهودًا في المغنى وتناسب مختلف الألحان والإيقاعات من أجل التخفيف والسهولة.[2]