قصة عمر بن أبي ربيعة مع هند

من هو عمر بن ابي ربيعة

ولد عمر بن ابي ربيعة في يوم وفاة عمر بن الخطاب، ولا شك بان وفاة عمر بن الخطاب كانت بالامر الجلل الذي لا ريب فيه، اما شاعرنا عمر بن ابي ربيعه فهو ظاهرة ادبية فريدة، سواء احببنا شعره وقصائده الغزلية الفاضحة ام لا، ولد عمر بن ابي ربيعة في سنة ثلاث وعشرين للهجرة، وقيل انه مات مقتولًا، او مدعوًا عليه

كان عمر بن ابي ربيعه شاعر العصر المترف في ذاك

الوقت

وكانت


قصائد عمر بن أبي ربيعة الغزل الإباحي


ذائعة الصيت، وكان في حقيقة الامر شاعر الطبقة المترفة من ابناء وبنات ذلك العصر دون غيرهم من الناس، وكان شغله الشاغل هو ملاحقه الحسان ووصفهن، وكان من اكثر الناس ترفًا في طبقته وجل همه هو

النساء

اللواتي يساوينه في الطبقة من

بنات

هذه البيوت، كما انه وصف الجاريات ايضًا، لكن الحسان اللائي اشتهر بحبهن هن جميعًا من اولات الحسب والثراء، ومن طبقة خاصة لانه ذوقه كان لا يشبه سائر الاذواق

النساء في حياة عمر بن ابي ربيعة

من النساء اللواتي تقدم لهن عمر بن ابي ربيعة عائشة بنت طلحة بن عبيد

الله

وحفيدة ابي بكر

الصديق

من ناحية امها، وزوجة مصعب بن الزبير، وصاحبة الشهرة العظيمة بترفها وشدة مالها، ومن اخبارها، انها كانت نائمة فدخل عليها مصعبًا بلؤلؤ يساوي عشرين الف دينار، فما كان منها إلا ان قالت: نومتي كانت أحب إلي من هذا اللؤلؤ.

والثريا وهي بنت علي بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصفر بن عبد شمس، وهي ايضًا من النساء اللواتي تمتعن بحظ كبير من المال.

وايضًا السيدة سكينة بنت الحسين، وفاطمة بنت عبد الملك بن مروان وكان لهما نسب وثراء لا يشابهه فيهن أحدًا من النساء أنذاك، ويلحق بهن حسان اخريات مثل زينب بنت موسى، وهند بنت الحارث المرية، وإن النساء اللواتي يشير إليهن عمر بن ابي ربيعة جميعن كان لهن طبقة ومنزلة، حتى لو يم يصرح بذلك، وكان


شعر عمر بن ابي ربيعه في الغزل الصريح


موجه لهؤلاء النسوة. [1]

قصة عمر بن ابي ربيعة مع هند بنت الحارث

هند بنت الحارث المرية من عشيقات عمر ومن تغزل بهن، ولهند

قصة

شهيرة مع عمر بن ابي ربيعة، والقصة كما يلي:

ذكر ان عمر قال: بينا أنا منذ أعوام جالس، إذ أتاني خالد الخريت، فقال لي: يا أبا الخطاب، مرت بي أربع نسوة قبيل العشاء يردن موضع كذا وكذا لم أر مثلهن في بدو ولا حضر، فيهن هند بنت الحارث المرية، فهل لك أن تأتيهن متنكرًا فتسمع من حديثهن وتتمتع بالنظر إليهن ولا يعلمن من أنت، فقلت له: ويحك، وكيف لي أن أخفي نفسي؟ قال تلبس لبسة أعرابي ثم تجلس على قعود فلا يشعرن إلا بك قد هجمت عليهن، ففعلت ما قال، وجلست على قعود، ثم أتيتهن فسلمت عليهن، ثم وقفت بقربهن، فسألنني أن أنشدهن وأحدثهن، فأنشدتهن لكثير وجميل والأحوص ونصيب وغيرهم، فقلي لي: ويحك يا أعرابي، ما أملحك وأظرفك، لو نزلت فتحدثت معنا.

وتنتهي القصة بمعرفة النسوة لعمر، ومعرفة عمر بأن النسوة قد احتلن عليه واستدرجوه ليفعل ذلك عن طريق خداعه بخالد الخريت، وقلن لعمر أتراك خدعتنا منذ اليوم، بل نحن والله خدعناك واحتلنا عليك.

وإن هذه القصة تدل على الحالة الاجتماعية التي وصلت إليها نساء الحجاز من ترف وحب للهو والعبث وفعل اي شيء من اجل قتل الفراغ فكانوا يتسلين مع الرجال خاصةً المغنين والشعراء، كما ان ذلك يظهر الجرأة التي كانت لدة نساء الحجاز أنذاك، وكيف كانت تظهر مفاتنها للرجال كي تغريهم بملاحقتها، كما فعلت هند بنت الحارث مع عمر حيث قالت: يا عمر اسمع مني، لو رأيتني منذ أيام واصبحت عند أهلي، فأدخلت رأسي في جيبي، فنظرت إلى حري فإذا هو ملء الكف ومنية المنى، فناديت يا عمراه يا عمراه، فقال عمر: فصحت يا لبيكاه يا لبيكاه

وهذه القصة تشير إلى أن عمر كان مثل هؤلاء النسوة متنقل اللهو محب للعبث واللهو ومتتبع للجمال، وبعد هذه القصة اصبح عمر محبًا لهند وتابعًا لها، ولا يستطيع فراقها، لكن عندما فارقته اصبح يذرف

الدموع

حزنًا على الايام التي قضاها معها، واختتم قصيدته بان كل شيء مهما كان طويلًا، فإن نهايته إلى الزوال

قصيدة ليت هندًا أنجزتنا ما تعد وسبب كتابتها



شواهد من شعر عمر بن ابي ربيعة


على تتبعه لهند، ووصفه لها وتعلقه بها:

لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد

وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد

وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً

إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد

زَعَموها سَأَلَت جاراتِها

وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد

أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني

عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد

فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها

حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد

حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها

وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد

غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها

حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد

وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما

حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد

طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا

مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد

سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى

تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد

وَلَقَد أَذكُرُ إِذ قُلتَ لَها

وَدُموعي فَوقَ خَدّي تَطَّرِد

قُلتُ مَن أَنتِ فَقالَت أَنا مَن

شَفَّهُ الوَجدُ وَأَبلاهُ الكَمَد

نَحنُ أَهلُ الخَيفِ مِن أَهلِ مِنىً

ما لِمَقتولٍ قَتَلناهُ قَوَد

قُلتُ أَهلاً أَنتُمُ بُغيَتُنا

فَتَسَمَّينَ فَقالَت أَنا هِند

إِنَّما خُبِّلَ قَلبي فَاِجتَوى

صَعدَةً في سابِرِيٍّ تَطَّرِد

إِنَّما أَهلُكِ جيرانٌ لَنا

إِنَّما نَحنُ وَهُم شَيءٌ أَحَد

حَدَّثوني أَنَّها لي نَفَثَت

عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَد

كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا

ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد

تمنى عمر في هذه القصيدة لو انجزت هند ما وعدته اياه وهو اللقاء الذي طال، كي تشفي الم الحرمان، وهذا الامر يدل على انها شخصية مستبدة ولا تفي بالوعود، لكن حتى المستبد كما يصف الشاعر يستبد مرة واحدة او مرتين ثم يتوقف، لكن هند لا تتوقف عن ذلك، والاستبداد التي اتصفت به هند كان من شدة جمالها، واعتدادها بنفسها، فكانت تجلس بين اقربائها

تستحم

متباهية بجمالها، وتتساءل هل ما يقوله عمر عن وصف جمالها صحيح، لكن يأتيها الرد بطريقة خبيثة من نسوة لا يقللن شيء عن حنكتها بأن الجمال شيء نسبي والجميل يكون جميلًا بعين المحب، لكن ردهم هذا كان بداعي الحسد.

ثم يصف الشاعر جمال هند، وهي امرأة جميلة، لينة الملمس، لذيذة المذاق، بيضاء الاسنان، اما عينيها ففي طرفيهما شدة بياض وسواد، والعنق ناعم، وفي الصيف تنبعث برودة من جسمها، وفي الشتاء تكون دافئة لمحبوبها، كي لا يشعر بالبرد. [2]



مقتطفات من شعر عمر بن أبي ربيعة


تظهر حزنه على فراق هند:

أَراكِ يا هِندُ في مُباعَدَتي

مُعتَلَّةً لي لِتَقطَعي سَبَبي

هِندُ أَطاعَت بِيَ الوُشاةَ فَقَد

أَمسَت تَراني كَعُرَّةِ الجَرِبِ

يا هِندُ لا تَبخَلي بِنائِلِكُم

عَنّا فَلَم أَقضِ مِنكُمُ أَرَبي [3]