من هي التي يطلق عليها جدة العرب ؟.. ولماذا
من هي المرأة التي يطلق عليها جدة العرب
جدة العرب هي هاجر المصرية ام اسماعيل، وقد وصى نبينا الكريم باهل مصر حين قال ” إذا فتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا”
هاجر رضي عنها كانت من ولد هود عليه
السلام
، وهود عليه السلام نبي
الله
وهو عربي، وقال الضحاك: كانت بنت ملك مصر، وكان ساكنا بمنف، فغلبه ملك آخر فقتله، وسبى ابنته فاسترقها، ووهبها لسارة، ثم وهبتها
سارة
لإبراهيم، فتزوجها فولدت إسماعيل، ثم حمل إبراهيم إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة، اي ان اصلها ليست جارية، إنما هي حرة وبنت ملك من الملوك.
كانت مثال للمرأة الصابرة التي تتوكل على الله وحده، وتسلم أمرها لله، وقد اتصفت باللين والطبع الهادئ، قوة العاطفة والحنان الفائض قي تربية ولدها، كما اتسمت بالصبر وقوة التحمل في الشدائد والرضا بقضاء الله تعالى وقدره، وكانت نعم المرأة الصابرة التي آمنت بالله عز وجل ولم تيأس عند المشكلات والابتلاء الذي حل بها وبابنها إسماعيل عندما امر الله النبي إبراهيم ان يذبح ابنه، وصبرت عل كل ذلك في سبيل طاعة الله عز وجل، وكانت مثال وقدوة للمرأة المؤمنة التقية، قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. [1]
لم لقبت هاجر بجدة العرب
هاجر هي أم العرب او جدة العرب، قال أبو هريرة (تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ)، لذلك يطلق على العرب بنو ماء السماء، لانهم من هاجر، وهي ام إسماعيل، والعرب من نسل إسماعيل وسموا ببنو ماء السماء لانهم سكان البوادي واغلب مياههم تأتي من المطر، وهي تسمى جدة العرب ايضًا لانها سبقت
النساء
بالكثير من الامور في اول من اطالت ثوبها وجرت ذيلها، وهي قدوة لبنات ونساء المسلمين، وهي اول من سعى بين الصفا والمروة، وهي اول من ثقبت أذناها فرضي الله عنها وارضاها.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«
إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ
“
،
– أي ستفتحون مصر –
“
فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَاخْرُجْ مِنْهَا
»
، قَالَ: فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ، يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجَ مِنْهَا، وكان يقصد بالرحم هاجر رضي الله عنها أم النبي إسماعيل عليه
الصلاة
والسلام، وهي ام او جدة العرب. [2]
صبر السيدة هاجر على الابتلاء
هاجر رضي الله كانت المثال للمرأة القدوة في طاعة زوجها واتباع ما يريده، حيث تحملت مع زوجها مشاق
السفر
والانتقال من بلد لأخرى، وتحملت كل المشاق المرافقة عندما غادرت وطنها مصر وهاجرت إلى الشام إلى مكان يسمى السبع من ارض
فلسطين
، فحفر النبي إبراهيم بها بئرًا واتخذ مسجد يسمى بئر السبع.
ثم انتقلت هاجر هي وابنها اسماعيل من ارض فلسطين الغنية بالخيرات إلى الصحراء القاحلة التي لا تحوي اي نبت او زرع وتركها النبي إبراهيم عليه السلام وانصرف، فجرت وراءه السيدة هاجر وهي تقول: إلى من تكلنا؟ فكان لا يرد عليها، فقالت له: الله أمرك بهذا؟ فقال: نعم، قالت: إذًا لن يضيعنا، ودعا النبي إبراهيم بهذا الدعاء، (فَقَالَ) عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37]، فهل يوجد في هذا العصر امرأة تصبر على الصعاب وتسلم امرها لله إذا ضاقت بها الحال إلى هذا الحد.
الابتلاءات التي مرت بها هاجر رضي الله عنها
-
المكوث في الصحراء
نفد من السيدة هاجر
الماء
، وكان معها صبي صغير واشتد بها العطش، فصعدت الصفا الذي كان وعرًا للغاية في تلك الفترة لعلها تجد ماءًا او تسمع صوتًا او ترى اي أحد، لكنها لم تجد اي أحد، فعادت وصعدت المروة، واخذت تسعى بين الصفا والمروة، واصبح ذلك فيما بعد من اركان الحج.
وفي ظل كل تلك الظروف القاسية، والجوع والعطش والحرارة المرتفعة، رأت السيدة هاجر عين يفيض منها الماء تحت قدم النبي إسماعيل، فأخذت تجمع الماء بيديها خوفًا من ضياعه وهي تقول: زم.. زم.. زم لذلك اطلق على هذا البئر اسم (بئر زمزم) وبقيت هاجر مع ولدها وحيدين حتى جاءت جماعة من الشام فاستئذنوا من السيدة هاجر ان يبقوا بجوارها فأذنت لهم، وكانت تأخذ اجر الماء منهم كي تنفق على ابنها وتقوم بتغذيته وتربيته.
-
ابتلاء الذبح
مرت السيدة هاجر باقسى ابتلاء يمكن لأي أم ان تمر به، وهو ابتلاء ذبح ابنها امام عينها بأمر من الله، فأي أم يمكن ان تحتمل مثل هذا البلاء او ان يصبر قلبها على مشيئة الله التي تكون أحيانًا دون إدراكنا الضعيف، لكن الإيمان الشديد الذي كان في قلب هاجر رضي الله عنها بالله عز وجل جعلها تصبر على كل الامتحانات والابتلاءات، واستطاعت ان تتخلص من وساوس الشيطان وتصبر على ما لا يمكن ان تصبر عليه أي امرأة، وترضى بقضاء الله عز وجل وتسلم به دون سخط على الاقدار، فكان هذا السبب من اعظم الاسباب كي يرفع الله البلاء عن ولدها إسماعيل ويفتديه بذبح عظيم من السماء، وهذا الموقف هو درس للمؤمنين من كل العصور كي يتعلموا منه ان
الرضا
بتسليم الله وقدره يؤدي إلى رضا الله عن الإنسان المبتلي ورفع البلاء عنه ورفع درجاته.
-
تربية النبي إسماعيل وحدها
عاشت هاجر رضي الله عنها مع النبي إسماعيل وكان إبراهيم عليه السلام يزورها كل عام مرة او مرتين إلى ان اصبح إسماعيل شابًا، وقد احسنت هاجر رضي الله عنها تربيته حتى اشتد عوده، دون مساعدة من احد وبالاستمرار بالرضا بما قضاه الله. [1]
دروس من قصة السيدة هاجر
ضربت السيدة هاجر مثال في التوكل على الله والاحتساب بقدر الله، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، وجعلت من الثقة بالله والتوكل عليه درس لنا يجب ان نتعظ به ونتعلم من هذه المرأة المخلصة لله عز وجل الثقة والإيمان بالله عز وجل.
كما صبرت السيدة هاجر على اشد الابتلاءات وهي ذبح ابنها إسماعيل، وحاول الشيطان ان يوسوس لها فتسخط على قدر الله، لكن إيمانها الشديد منعها من الاعتراض على
القدر
وظنها بالله بأنه لن يضيعها أدى في النهاية إلى فداء النبي إسماعيل بذبح عظيم جزاء للسمع والطاعة والتسليم بقضاء الله وقدره. [3]