سيرة حياة الشاعر متمم بن نويرة وأشهر قصائدة
حياة الشاعر متمم ابن نويرة
قد يشعر الإنسان في تلك الدنيا بعدد من المشاعر والأحاسيس الأليمة التي لا يستطيع أن يكتمها مع مرور حياته، وهكذا الشعراء عندما تنتابهم تلك الأحاسيس [1].
فقد يبدوا ذلك عليهم في عباراتهم المتحسرة والمتفحمة ويعد الشاعر متمم أحد هؤلاء الشعراء الذي صدم عند مقتل أخاه فظهر ذلك في شعره ونفسيته.
تنقسم حياة هذا الشاعر لمرحلتين إحداهما في الجاهلية والثانية في
الإسلام
وقد أهتم الباحثين والنقاد بمرحلته الثانية على نحو أكبر من الأولى.
-
اسم الشاعر ونسبه
فأسمه أبو نهشل متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد، ويعد هو مضري تميمي يربوعي النسب فكان من فرسان قومه وساداتهم وأشرافهم وشعرائهم.
-
مولده
حيث ولد هذا الشاعر بالعصر الجاهلي بإحدى البوادي ببني تميم، والمصادر التي ذكرته لم يرد بها تاريخ ميلاده فلا يوجد لديهم نظام يسجل به المواليد كما هو الحال في زمننا الحالي، ولكن على كل حال فهذا الشاعر أدرك الإسلام ودخل فيه وحسن دينه.
-
كنيته
حيث كني بن نويرة وفق لما جاء بالمصادر بمتمم بن نويرة، والجدير بالذكر بأن صاحب معجم الشعر زاد في كنيته بأنه يكنى بأبو نهيك وأبا أبراهيم وأبا أدهم.
-
صفات متمم ابن نويرة
لا يتوافر لدينا الكثير عن الصفات التي تحلى بها هذا الشاعر، ولكن عرف عنه بأنه كان قصير القامة وأعور بإحدى العينين نتيجة إصابته، ووفقا لما ذكره أبنه عنه يبدوا أنه كان جسيما.
وقد تزوج بامرأة من أهل المدينة، لكنها لم ترض عن أخلاقه لأنه شديد
الحزن
وقليل الحفل بسبب حزنه الشديد على أخيه، مما جعلها تؤذيه وتخاصمه فقام بتطليقها.
-
حياته في العصر الجاهلي
وردت أخبار قليله عن حياته في هذا العصر، لكن لا يمكننا الوقوف على حياته بصورة واضحة وفقا لما جاء بها، لكنه يعرف عنه بأنه ذو مكانة في قومه وكان فارس شجاع في قبيلته فكان يدافع عنها.
-
حياته في العصر الإسلامي
فقد أعتنق الديانة الإسلامية قبل أن يفتح المسلمون مكة، لكننا لا يمكننا
تحديد
السنة التي دخل فيها في الإسلام، وورد عن المؤرخين بأنه حسن إسلامه، وغلب الأسى والحزن على حياته بسبب مقل أخيه.
وأهتم كثيرا بأن يثأر لأخيه، وأبكاه كثرا ، والمصادر العربية التي تحدثت عنه لم تذكر مشاركته في
الفتوحات الإسلامية
لكنه قد أسلم وكان تقيا، وقد توفي ابن نويرة عام 30 هجريا.
متمم بن نويرة يرثي أخاه
هناك عدد من المظاهر التي ظهرت في شعر بن نويرة، وهي كانت تعبر عن حرارة الانفعال وصدق العاطفة الذي كان يعيشه الشاعر ويتجلى ذلك في الأتي:
-
بكاءه ولوعته
فقد كان أحد شعراء الرثاء لأن أشعاره به حزن ولوعة وبكاء، وذلك الشكل من الشعر لا يتطلب لمجهود في البحث عنه وقد تأثر في أبيا ته بالمؤثرات الخارجية وبكاء الانفعال الذي يداهم الإنسان، عندما يكون عاجزا عن المواجهة، وقد بكى على أخيه كثيرا فقال الأتي:
لقد لامني عند القبور على البكاء رفيقي لتذارف
الدموع
السوافك
أمن أجل قبر بالملأ أنت نائح على كل قبر أو على كل هالك
فقال أتبكي على كل قبر رأيته لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
فقلت له أن الشجا يبعث الشجا فدعني فهذا كله قبر مالك
-
همه وسهره
فقد تسلل الحزن لابن نويرة وخلف وراءه أنات وعبرات، لا تنتهي والهموم تلازمه حتى تأخذه إلى السهر والأرق الدائمين وقد عبر عن ذلك في رثاء أخيه فقال.
أرقت ونام الأخلاء وهاجني مع الليل هم في الفؤاد وجيع
وهيج لي حزنا تذكر مالك فما نمت إلا والفؤاد مروع
إذا عبرة ورعتها بعد عبرة أبت واستعلت عبرة ودموع
فقد شاغله
الصبر
والهم وعز
النوم
عليه، ولكن غيره ينام لأنه
خالي
البال، بينما هو يبات ويسهر في مناجاة همومه وشعر هو بالأرق وحده والناس يتمتعون بالنوم.
-
يخاطب عينه ويطلب منها
البكاء
فالعين تعبر عن الحزن في صورة الدموع والقلب قد يهدئ الحزن به عندما تبكي العين، لذا فقد طلب منها ابن نويرة أن تبكي حتى يشفى
القلب
من ألمه فأشعر وقال.
فعين هلا تبكيان لمالك إذا أذرت الريح الكنيف المرفعا
-
عند سماعه لصوت الحمام تذكر أخيه
فقد هيج الحمام لحزن الشاعر، فالشعراء يتذكرون الأحباب لهم الذين تركوهم ورحلوا عنهم، حال سماعهم لصوت الحمام لذا فتذكر أخيه عندما سمع صوت الحمام، فقال:
سأبكي أخي مادام صوت حمامة تؤرق في وادي البطاح حماما
إذا رقأت عيناي ذكرني به حمام تنادي في الغضون وقوع
شرح قصيدة متمم بن نويرة
كان ابن نويرة من الشعراء المخضرمين، وقد ظهرت إبداعاته في رثاء أخيه، ونال في ذلك إعجاب النقاد، لذا فقد تم تقديمه وأحتل مكانة أولى بين أصحاب المراثي.
فقال لعمري وما دهري بتأبين مالك ولا جزع مما أصاب وأوجعا
فتظهر عاطفته الجياشة في شعره، وكذلك استدارة الدموع واللوع الشديد والرقة والحزن، فهو يبكي أخاه بإجادة كبيرة.
وفي قوله وكنا كندماني جذيمة حقبة من
الدهر
حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
ففي تلك الأبيات تأبين لأخيه وقال سيدنا عمر لما سمعه والله أني لأود أن أحسن الشعر لأرثي أخي زيدا مثل ما رثيت أخاك.
وقد أبكى أخيه في أبياته فقال أتبكي كل قبر رأيته لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
أن الشجا يبعث الشجا فدعني فهذا كله قبر مالك
فهو لا ينسى أخاه بل كان يبكي ويتذكره دائما عندما يسمع ويرى ما يشجي، فهو في بكاء مستمر وحزن دائم وعبر عن ذلك في أسلوب حوار.
أما الأبيات التي تتعلق بسقي قبر أخيه فهي:
سقى
الله
أرضا حلها قبر مالك ذهاب الغوادي المدحنات فأمرعا
وآثر سيل الواديين يديمة ترشح وسيما من النبت خروعا
ظهرت في أبياته بأنه يدعوا للديار الخاصة بأخيه باسقيا المعادة التي يقوم بها العرب لإكرام الميت، ودعي ربه أيضا بأن يسقي
المطر
الأرض التي تضمه، وموت الأخ يعتبر من المصائب الكبيرة، التي لا من الصعب تحملها وقد ظهر ذلك في جميع أوجه حياة الشاعر الذي أصيب بألم بالغ وكذلك تأثر نفسه.
والجدير بالذكر بان الحزن ظهر عند هذا الشاعر بتعدد البواعث، ولكن اللوعة والبكاء هما من كان يلجأ لهما بن نويرة حتى يواجه الواقع المر الذي يعيشه، فالدموع تسبب له راحة نفسية وتخفف ألمه.