فضل النصيحة في الدين الإسلامي وآدابها
واجب النصيحة في الإسلام
النصيحة هي النبتة الطيبة التي تنمو في المجتمع، فتنشر خيرها ويعم على الجميع، فلا خير في من لا ينصح أخيه، ولا بركة فيمن يستكبر على النصح، فالله تعالى أمرنا بالنصح لكل طيب، والتوجيه للخير والنهي عن المنكر وإبعاد الأذى عن الغير، إذ أن الدين
الإسلام
ي دين نصيحة وعفة وطاعة وسلوك حسن ومعروف، فكل الخير الدين دال عليه مانع للشر وللحقد وللبغض، حيث أن الرسول الكريم دعانا لنكون أمة واحدة وأخوة المرصوص يشد بعضه بعضا”[1].
النصيحة لا تعتبر تطوعاً وحسب بل هي واجب وفرض، كما أن العلماء أتفقوا على وجوبها، لقول
الله
عز وجل في كتابه العزيز في سورة آل عمران آية104 “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال” الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم[3].
النصيحة واجبة، حيث قال النووي ”
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أو لا يتمكن من إزالته إلا هو
“.
يجب على المسلم تقديم النصيحة بأي سبيل والنهي عن المنكر بكل الطرق، إذ يقول المناوي “إن لم يستطع الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به فلبسانه أي بالقول كاستغاثة أو توبيخ أو إغلاظ بشرطه فإن لم يستطع ذلك بلسانه لوجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال فبقلبه ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر فعل”[2][4].
أهمية النصيحة في الإسلام
النصيحة من أهم سبل الدعوة لله عز وجل، وه8ي واجبة في الدين الإسلامي، ومنزلتها عظيمة، إذ يقول جرير رضي الله عنه” بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لإقامة
الصلاة
وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم”، إذ أن النصح مكانته تأتي بعد الصلاة والزكاة، فهي من أذكى وأطيب وأرقى الأعمال عند الله عز وجل[5][6].
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، حق المسلم على المسلم ست، إذا استنصحك فانصح له، إذ أن على المسلم أن ينصح أخيه حتى ولو كان أعلى منه شانا وأقوى منه وأكثر منه علم، فالنصيحة واجبة من الكل على الكل، ولم يختص الإسلام بها أحد، لأن كل الناس متساوين عند الله عز وجل، وما يفرقهم إلا التقوى.
- النصيحة عماد الدين فالرسول أوصى بها وقال الدين النصيحة.
-
النصيحة دليل على تقوى
القلب
والحب، إذ يقول معمر أنصح الناس لك من خاف الله فيك. - النصح هو النجاة والدليل على الورع والتقوى، إذ يقول الفضيل بن عياض”ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والنصح للأمة”.
- سئل بن مبارك أي الأعمال أفضلن قال النصح لله عز وجل.
-
النصيحة تزيح الجهل وتعلم الناس ما لا تعلم، وجاء
الأنبياء
والرسل ناصحين بتقوى الله، إذ قال الله تعالى في سورة الأعراف عن قول نوح لقومه”قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ”. - يقول الله تعالى في كتابه العزيز”(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ”
-
فالنصح واجب على الجميع، وهو أمر عظيم ذكره الله تعالى في مواضع كثيرة في
القرآن الكريم
وذكرة الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته المباركة، لذلك يجب الحرص على النصيحة وتقديمها دائماً لمن حولنا لكي يرتقي المجتمع.
فضل النصيحة في الإسلام
فضل النصيحة في الإسلام عظيم، والله تعالى أوجبه على المسلمين جميعاً، فالنهي عن المنكر واجب من واجبات
إيمان
المسلم فلا يجوز للمسلم أن يرى المنكر ولا يفعل شيء ليغيره[7][10].
- النصيحة واجب في الدين الإسلامي ويجب أن يقدمها المسلم لأخيه المسلم، كاملة دون نقصان، وهذا أمر من أوامر الله عز وجل، إذ يقول الإمام النووي”وأما نصيحة المسلمين وهم من عدا ولاة الأمر ـ فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم وكف الأذى عنهم، فيعلمهم ما يجهلونه من دينهم ويعينهم عليه بالقول والفعل وستر عوراتهم وسد خلاتهم ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص والشفقة عليهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم وتخولهم بالموعظة الحسنة وترك غشهم وحسدهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه والذب عن أموالهم وأعراضهم وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه من أنواع النصيحة وتنشيط همهم إلى الطاعات والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة”.
- يجب على المسلم تقديم النصيحة بكل الطرق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم”من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”.
- يقول ابن بطال”والنصيحة فرض يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين”، إذ أن النصيحة واجبة على كل من يعرف الله وحق للمسلم على أخيه.
- النصيحة أحد السبل للدعوة لله عز وجل، وهدي الذين في قلوبهم مرض ويملأهم الكفر، فربما ينصح المسلم الكافرين ويهديهم لله عز وجل، فيبدل حالهم من حال لأخر، ويجازيه الله عنهم خير الجزاء.
- النصيحة سبيل هداية المجتمع، وجعل الجميع في خير ورخا، فيجب تقديم النصيحة للعاصِ بالهداية وللمرتشي بالتوقف عن الرجس والأذى، ولكل من يفعل منكر يجب دعوته ليغيره.
آداب النصيحة وشروطها في الإسلامي
يجب عند تقديم النصيحة، أتباع مجموعة من الآداب والشروط التي أوجبها الله عز وجل ووضعها الدين الإسلامي الحنيف، لكي تكون النصيحة مهذبة، وتقوم بهدفها السليم، ومن آداب النصيحة[8][9]:
-
الإخلاص
لله عز وجل، حيث يجب أن تكون النصيحة خالصة لوجه الله عز وجل فالله تعالى يقول في سورة البينة” وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ “. - يجب تقديم النصيحة في سرية تامة، ولا يجهر بها الشخص أمام الناس لكي لا يسبب حرج لأخيه المسلم.
- يجب تقديم النصيحة بالرفق واللين والأسلوب الطيب والكلمة الرقيقة، فلا يجوز الغلظة في تقديم النصح أبداً، إذ يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة آل عمران”فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ”.
-
يجب اختيار
الوقت
والزمن المناسب لتقديم النصيحة، لأن الأشخاص ليس دائماً مستعدون للاستماع فأحياناً تكون
القلوب
مليئة بالهم وتحتاج إلى الراحة وليس في الكلمات الناصحة التي قد تزعجها. - يجب أن تكون النصيحة في محلها وصادقة ولا رياء فيها ولا يجب أن تقدم النصيحة من باب التكبر والتعالِ والتفاخر بالعلم والمعرفة.
- يجب اختيار الأسلوب الذي يفهم به المنصوح النصيحة ويسطع أن ينفذها.
-
يجب
الصبر
عن الأذى عند تقديم النصاح ومعرفة أن ليس البعض يقبل النصح. - يجب أن يعمل الناصح بما يقدمه للناس وإلا يكون ذلك نفاق.