شعر القاضي الفاضل

من هو القاضي الفاضل

هو القاضي الفاضل محيي الدين أبو علي عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن المفرج اللخمي الشامي، ولد في مدينة عسقلان الواقعة في

فلسطين

في شمال غزة عام 526 هجريًا،  وهو صاحب ديوان الإنشاء الصلاحي، ولقد تميز شعر القاضي الفاضل بأسلوبه الجذاب، كما لقب بسيد الفصحاء، ولقد كان وزيرًا للسلطان

صلاح الدين

الأيوبي، ولقد عاش في الإسكندرية ثم انتقل إلى القاهرة ولقد برز في صناعة الإنشاء وتفوق على من قبله ولقد قال عنه الأصفهاني:(رَبُ القلم والبيان واللسن اللسان، والقريحة الوقادة، والبصيرة النقادة، والبديهة المعجزة).[1][2]

أشعار القاضي الفاضل

يمتلك القاضي الفاضل ديوانًا كاملًا قام بتأليفه، ومن أشعار القاضي الفاضل الأشعار الأتية:

قصيدة من لي بوجهك والشباب وثروة

مَن لي بِوَجهِكَ وَالشَبابِ وَثَروَةٍ

وَالأَمنِ مِن دَهري وَمِن أَبنائِهِ

وَيحَ المُحِبِّ وَقلبُهُ وَحَبيبُهُ

وَرَقيبُهُ وَالدَهرُ مِن أَعدائِهِ

وَيَموتُ بِالداءِ الَّذي في قَلبِهِ

وَيَخافُ مِن عِلمِ الطَبيبِ بَدائِهِ

وَعَذولِهِ وَكَفاهُ هَمُّ عَذولِهِ

وَالمَوتُ مِنهُ وَمِن تَفَلسُفِ رائِهِ

وَتَكَلُّمٍ مِن تَحتِ نَثرِ دُموعِهِ

لِمُكَلَّمٍ مِن تَحتِ نارِ بَلائِهِ

تَبدو نُجومُ الشَيبِ فَوقَ صَباحِها

وَالنَجمُ لا يَبدو بِلا ظَلمائِهِ

وَمُضيءِ شَمسِ الوَجهِ لم يَهدِ الهَوى

في خاطِري إِلّا سِراجُ ضِيائِهِ

قصيدة وأغيد شق لي فيه قميص تقى

وَأَغيَدٍ شُقَّ لي فيهِ قَميصُ تُقىً

وَفاضَ دَمعي عَلَيهِ مِن دَمٍ سَرِبِ

سَتَرتُهُ مِن عَذولٍ إِن رَضيتُ بِأَن

أَموتَ فيهِ فَما مَعناهُ بِالغَضَبِ

فَهوَ القَيمصُ الَّذي جِئتُ العِشاءَ بِهِ

وَما أَتَيتُ عَلَيهِ بِالدَمِ الكَذِبِ

وَلا مَنِيَّةَ إِلّا قَبلَها سَبَبٌ

وَجَفنُهُ لِلمَنايا أَوكَدُ السَبَبِ

وَأَسطُرُ الحُسنِ في عَينَيهِ واضِحَةٌ

وَزادَ إيضاحَها شَكلٌ مِنَ الهَدَبِ

كَالسُحبِ مُسوَدَّةَ المَرأى وَدانِيَةً

وَفي جُفوني أَرى مُستَودَع السُحُبِ

تَقَدَّمَت هُدبُكَ الأَجفانَ شائِكَةً

مِثلَ السِهامِ الَّتي أَنذَرنَ بِالقُضُبِ

فاضَت عَلَيهِ دُموعي فِضَّةً فَإِذا

أَغلى الوِصالَ شَراهُ الجَفنُ بِالذَهَبِ

قصيدة زارت فزارك في الظلام ضياء

زارَت فَزارَكَ في الظَلامِ ضِياءُ

غَشِيَت بِهِ عَن لَمحِنا الرُقَباءُ

لَم تَبدُ شَمسُ الصُبحِ في جُنحِ الدُجى

إِلّا لِأَمرٍ تَحتَهُ أَنباءُ

مِن ثَغرِهِ وَحُلِيِّهِ وَنَسيمِهِ

ما لا تَقومُ بِكَتمِهِ الظَلماءُ

وَمَتى يَفوزُ بِما تَمَنّى عاشِقٌ

وَجَميعُ ما يَهوى لَهُ أَعداءُ

لَكَ مِن نَسيبي فيكَ رَوضٌ يانِعٌ

يَجري عَلَيهِ مِن دُموعي الماءُ

رَتَعَت جُفوني مِن سَناكَ بِجَنَّةٍ

فَتَبَوَّأَت مِنهُ بِحَيثُ تَشاءُ

قصيدة وددت أن لو تراجعنا بألسننا

وَدَدتُ أَن لَو تَراجَعنا بِأَلسُنِنا

كَفى تَراجُعُنا مِن أَلسُنِ الكُتُبِ

وَكَم رَسائِلِ تَسليمٍ مُحَمَّلَةٍ

لِلطَيفِ وَالبَرقِ وَالأَرواحِ وَالسُحُبِ

وَلَيسَ يَخلو حَديثُ الطَيفِ مِن جَزَعٍ

وَلا حَديثُ نَسيمِ الريحِ مِن نُوَبِ

وَلا تَبسُّمُ وَجهِ البَرقِ مِن مَلَقٍ

وَلا تَصوُّبُ دَمعِ السُحبِ مِن حَصَبِ

وَفي اللِقاءِ لَوَ اَنَّ الدَهرَ جادَ بِهِ

مِنَ الأَحاديثِ صَفوٌ غَيرُ مُؤتَشِبِ

هُنالِكَ اِشتَعَلَت نارٌ فَما اِشتَعَلَت

غَيرُ الضُلوعِ وَلا أَورَيتُ بِالحَطَبِ

صَحِبتُ دُنيايَ لا مُستَصحِباً لِرِضاً

وَالمَوتُ مِن صُحبَةِ الدُنيا عَلى غَضَبِ

لَفظٌ يُصيخُ لَهُ سَمعُ البَليغِ فَما

يَذوقُ ذائِقُهُ ضَرباً مِنَ الضَرَبِ

هَذا المُحِبُّ المُخِبُّ السَيرِ نَحوَكُمُ

تُراهُ يَرجِعُ عَنكُم خائِبَ الخَبَبِ

مُعَمَّرٌ وُدُّهُ فيكُم وَمُغتَبِطٌ

رَجاؤُهُ مِنكُمُ كَالراحِ وَالحَبَبِ

قصيدة لا تقبلوا قول الوشاة فإنهم

لا تَقبَلوا قَولَ الوُشاةِ فَإِنَّهُم

كانوا لَنا في حُبِّكُم أَعداءَ

جاءَت خَواطِرُكُم إِلَيَّ فَجاءَها

بِالإِفكِ فَاِنصَرَفَت بِهِ إِذ جاءَ

هُوَ في الفُؤادِ إذا دنا وتناءى

ومناهُ أحسنَ أو إليَّ أساءَ

وإذا جرى فيه الحَديثُ جَرى لَهُ

دَمعي فَيَنقَلِبُ الحَديثُ بُكاءَ

قالوا بِقَلبِكَ مِنهُ شَيءٌ قَلتُ لا

بَل إِنَّ فيهِ لَعَمرُكُم أَشياءَ

يَقَعُ العِقابُ لِغَيرِ ذَنبٍ مِنهُمُ

وَلَرُبَّما وَقَعَ العِقابُ جَزاءَ

وَحَديثُ نَفسي بِالعِتابِ شَجاعَةٌ

فَحَصِرتُ عَن بَثِّ العِتابِ حَياءَ

ممّا مُنانا أَن تَعيشوا بَعدَنا

يا غادِرينَ وَأَن نَموتَ وَفاءَ

إِمّا عَصَينا فيكُمُ النُصَحاءَ

فبما أَطَعنا فيكُمُ البُرَحاءَ

أَنتَ المَليحُ وَذَلِكَ اِسمُكَ مُنيَتي

مِن يَومَ عَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ

يا ذا الَّذي أدعوهُ بِاِبني وَهوَ مَن

يَعصي البَنونَ لِحُبِّهِ الآباءَ

قصيدة ويأمرني من لا أطيق بهجرها

وَيَأمُرُني مَن لا أُطيقُ بِهَجرِها

وَحَسبي بِهِ لَو كانَ يَنظُرُها حَسبي

يُشيرُ عَلى جِسمي بِفُرقَةِ قَلبِهِ

بَقيتَ كَذا هَل كانَ جِسمٌ بِلا قَلبِ

وَإِنّي عَلى الأَيّامِ فيها لَعاتِبٌ

وَحاشا لِذاكَ الوَجهِ مِن أَلَمِ العَتبِ

قصيدة يا مالكا حسبي به حسبي

يا مالِكاً حَسبي بِهِ حَسبي

كَم تَبعُدُ العُتبى عَن العَتْبِ

الذَنبُ ذَنبُكَ لَستَ تَجحَدُهُ

وَقَد اِعتَرَفتَ بِهِ فَهَب ذَنبي

في العَينِ غَيبٌ بَعدُ أَعرِفُهُ

إِنَّ العُيونَ طَليعَةُ القَلبِ

قصيدة شربت فأذكى الشرب نار عنائي

شَرِبتُ فأذكى الشُربُ نارَ عَنائي

دُموعي وَتَغريدُ الحَمامِ عَنائي

رَدَدتُ عَلى العُذّالِ فيَّ اِجتِهادَهم

وَفي مَذهَبِ العُشّاقِ قُلتُ برائي[3]

وَفي مَذهَبِ العُشّاقِ قُلتُ برائي

مَضى اِمرُؤُ القَيسِ في دينِ الهَوى سَلَفاً

سَنَّ الوُقوفُ عَلى رَبعِ الهَوى فَقِفا

نَبكي فَيا لَيتَ شِعري هَل تُراهُ دَرى

هُنالِكَ الرَبعُ مِثلي اليَومَ أَم ذَرَفا

قِفا نَكُن في الهَوى وَالدَمعِ نَنثُرُهُ

وَالشِعرِ نَنظِمُهُ مِن بَعدِهِ خَلَفا

كانَ السُكوتُ غِطاءً كُنتُ أُسبِلُهُ

حَتّى تَكَلَّمَ دَمعُ العَينِ فَاِنكَشَفا

لَو أَنَّ أَتباعَ آثارِ الهُداةِ مَشَوا

كَما مَشَينا عَلى الآثارِ ما اِختُلِفا

أَمّا المَشيبُ فَلا بُعداً لِأَبيَضِهِ

لَعَلَّ أَبيَضَهُ أَن يُعدِيَ الصُحُفا

هَذا الجَنى مِن عِتابِ الشَيبِ أَورَدَهُ

سَمعي فَأَصغي إِلَيهِ العِطفُ فَاِنعَطَفا

وَمَجلِسُ المُلكِ لَم أَركَع لِمالِكِهِ

دالاً وَإِن قامَ لي مِن دَستِهِ أَلِفا

قصيدة جَنابكِ منه تُسْتَفَادُ الفَوائدُ

جَنابكِ منه تُسْتَفَادُ الفَوائدُ

ولِلناسِ بالإحسَانِ منكِ عوائدُ

فَطُوبَى لِمنَ يَسْعَى لِمَشْهَدِكِ الذي

تكَادُ إلى مَغْنَاهُ تَسْعَى المشَاهِدُ

إذَا يمَّمَتْهُ القاصِدُونَ تَيَسَّرَتْ

عليهمْ وإن لم يسألوكِ المقَاصدُ

تحَقَّقَتِ البُشْرَى لَمِنْ هُوَ رَاكِع

يُرَجّي به فضلاً وَمَنْ هُوَ ساجِدُ

فعَفَّرَتِ الشُّبانُ وَالشَّيبُ أوْجُهاً

بهِ والعَذارَى حُسَّرٌ والقَواعِدُ

هُوَ المَنْهَلُ العَذْبُ الكَثِيرُ زِحامُهُ

فَرِدْهُ فمَا مِنْ دُونِ وِرْدِكِ ذائدُ

أَتيْتُ إليه والرَّجاءُ مُحَلّأٌ

فما عُدْتُ إِلَّا والمُحَلَّا وَارِدُ

فيا لَكَ مِنْ يَأْسٍ بَلَغْتُ بِهِ المُنَى

وعُسْرٍ لأَقْفَالِ اليسَارِ مَقالِدُ

أَلَذُّ مِنَ الماءِ الزلالِ مَوَاقِعا

عَلَى كَبِدِ الظَّمْآنِ وَالماءُ بارِدُ

قصيدة وَفِّر سِهامَكَ قَد أَصَبتَ مَقاتِلي

وَفِّر سِهامَكَ قَد أَصَبتَ مَقاتِلي

وَاِغضُض جُفونَكَ قَد عَرَفتَ مَخاتِلي

ما أَنكَرَت نَفسُ القَتيلِ مُصابَها

بَل أَنكَرَت غَضَباً بِوَجهِ القاتِلِ

أَنتَ الحَبيبُ بِعَينِهِ فَإِذا بدا

وَجهُ الصَباحِ فَأَنتَ عَينُ العاذِلِ

وَلَقَد كُفيتُ العَذلَ فيكَ لِشيمَةٍ

غَضَّت لِحاظَ الأَشوَسِ المُتَخايِلِ

وَإِذا عَذَلتَ فَما ظَفِرتَ بِسامِعٍ

وَإِذا سُمِعتَ فَما ظَفِرتَ بِقائِلِ

لا أَشتَكي دَهراً تَميلُ صُروفُهُ

فَكَم الشِكايَةُ مِن قَضيبٍ مائِلِ

أَشَكَرتُهُ في يَومِ نَغبَةِ راشِحِ

وَأَذُمُّهُ مِن بَعدِ ديمَةِ وابِلِ

ما كانَ يُعلى ناظِري وَيَغُضُّهُ

بِشرُ الكَريمِ وَلا عُبوسُ الباخِلِ

وَأَصونُ آمالي صِيانَةَ مَن يَرى

عُرفَ المُؤَمَّلِ دونَ شُكرِ الآمِلِ

أَمّا وَصَدرُ الدينِ مَورِدُ هيمِها

فَعَلَيهِ مَصدَرُها بِرَؤِّ الناهِلِ

وَإِذا ظَفِرتَ بِرَأيِهِ وَبِرَيِّهِ

أَمِنَت مُناكَ بِهِ خُمولَ الخامِلِ

يَمَّتُهُ فَعَقَدتَ نِيَّةَ قاطِنٍ

أَوصافُهُ يَعقِدنَ نِيَّةَ راحِلِ

آنَستُ نوراً مِن جَلالَةِ وَجهِهِ

حَلّى تَريبَةَ كُلَّ يَومِ عاطِلِ

تِلكَ اليَدُ البَيضاءُ إِلّا أَنَّها

مِن طِرسِها حَيَّت بِسِحرٍ بابِلي

فَلَبِثتُ مِنها في أَوارِ هَواجِر

ما رُدَّ روحي في ظِلالِ أَصائِلي

جاءَت بِشِكَّةِ كُلِّ مَعنىً مُعجِزٍ

وَأَتَت بِشَوكَةِ كُلِّ لَفظٍ هائِلِ

رَدَّدتُها بَل خِفتُها فَرَدَدتُها

وَالغَدرُ بادٍ عِندَ دَمعِ الصائِلِ[4]