الفرق بين مفهوم العبادة الشرعي والمفهوم السائد عند الناس
حقيقة مفهوم العبادة
العبادة هي الهدف الأساسي من إيجاد الخلق، حيث خلق
الله
تعالى الإنسان والجن ليعبدوه، وسخر للإنسان كل شيء من حوله ليساعده على العبادة، إذ يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الذريات أية 56″وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”[2][3][4].
والعبادة كلمة تشمل كل الأفعال التي يجب أن يقدم عليها الإنسان لينال رضا الله عز وجل، فهي كلمة شاملة جامعة لجميع الأفعال الطيبة في الجهز والسريرة، وتعني العبادة في اللغة الخضوع، وتعني اصطلاحاً، الطاعة والخضوع لله عز وجل، حيث إن العبادة لا تجوز لغير الله، ولا يمكن أن يطلق على الإنسان عبد إلا لله عز وجل، حيث حين جاء
الإسلام
ألغى العبودية ورسخ مفهوم الكرامة الإسلامية، ولكن يبقى الإنسان عبداً لله الواحد القهار وحده دون شريك له، وهذا يزيد من كرامة الإنسان ويعفه فالخضوع لله عزة ودلالة على خشوع القلب.
العبادة في الدين الإسلامي والشريعة تعني عبادة الله بكل معانيها ومفاهيمها، سواء الظاهرة أو الباطنة، حيث يجب عبادة الله ظاهراً بالقدوم على الأفعال السلوكية بالصلاة والزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول الحسن والسير بين الناس بالإصلاح وقول الحق وشهادة الحق والمحافظة على الصدقات وصلة الرحم، وفعل كل ما أمر به العبد من الله عز وجل، والقدوم على جميع السلوكيات الإسلامية الطيبة.
كما تشمل العبادة العبادة الباطنة، وتشمل التوكل على الله حق توكله والإيمان بأن الله هو القادر على تغير كل شيء، والصبر دائماً والإيمان بالله وبملائكته ورسله، والاعتقاد بكل ما أنزل من الله عز وجل دون ذرة شك تدخل قلب العبد والخوف من الله وتقوى الله وعدم ارتكاب الفواحش سراً لأنه يدرك بأن الله يراه، وشكر الله عز وجل على كل النعم والحب الخالص لله ورسله ورجاء رحمة الله[5].
في
القرآن الكريم
هناك العديد من الآيات التي وضحت حقيقة العبادة حيث في فاتحة الكتاب يقول الله عز وجل” إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ” دلالة على أن العبادة تخس الله وحده ولا يشرك الناس به أحد، هو العون وهو السند وهو الذي يحق له دون غيره
السجود
والصلاة والصوم والحج والطواف وكل ما يقوم به الناس من نسك.
كما يقول الله تعالى في سورة الأعراف آية 65″لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”، ويقول في سورة مريم”رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا”.
فعبادة الله الحقيقية لا تنحصر في أمر معين فهي العبادة القلبية والسمعية والنفسية والبدنية والروحية، فلا يمكن حصرها في مفهوم ضيق، ففي الدين الإسلامي الابتسامة صدقة والصدقة عبادة، فكل فعل يقرب العبد لربه عبادة، فالدعاء والاستغفار والصبر والإحسان وكل شيء من الأشياء الطيبة عبادة.
ما هو الفرق بين مفهوم العبادة الحقيقي والمفهوم السائد عند الناس
الفرق بين مفهوم العبادة في الشريعة الإسلامية ومفهوم العبادة عند الناس فرق كبير وعظيم، يجب أن يحرص الناس على فهم الأشياء والتعرف على أصولها، وعدم أخذ القشور فقط، فمفهوم العبادة اسع، ومتفرع وكل فرح يحتاج إلى مزيد من الدراسة والفهم، حيث ينحصر مفهوم العبادة عند الناس في
الصدقة
والصوم والحج والصلاة والزكاة، وهم أركان لإسلام، وهو حقاً من فعلهم فقد أتى الواجب الذي أمر به، ولكن العبادة الحقيقية تشمل كل ما يجب أن يفعله الإنسان لصلاح المجتمع والبيئة، وهداية الناس وأن يكون قدوة معبرة عن الدين الإسلامي الحنيف.
فالمفهوم الضيق للعبادة السائد عند الناس ليس كله العبادة، بل هو إسلام المرء ليكتب عند الله مسلم، ولكن العبادة تشمل الإيمان والإحسان والعبادة لها عدة أنواع وعدة أشكال لذلك لا تنحصر على المفهوم الضيق السائد عند الناس.
أنواع العبادة في الشريعة الإسلامية
تشتمل العبادة في الشريعة الإسلامية على عدة أمورن تسمى أنواع العبادة التي يجب أن يعرفها المسلم ويعبد الله من خلالها حق عبادته، وتتمثل في[6]:
-
العبادة القلبية
العبادة القلبية والمقصود بها كل ما يجب أن يعتقده الإنسان ويصدقه من قلبه، كأن يؤمن المسلم بوجود الله عز وجل وأن لا شريك له، وأن يتوكل العبد على الله حق التوكل، ويكون على اعتقاد تام بأن الله وحده من يستطيع أن يفعل كل شيء في هذا الكون ويخاف الله ويتقيه ويرجوه ويرغب رضاه.
-
العبادة اللفظية
ويقصد بها ما يلفظه الإنسان من عبادة، كنطق الشهادة وقراءة القرآن وتسبيح الله والاستغفار والدعاء، كما أن القول الحسن وتقديم النصح للناس والدعوة لله عز وجل من افضل الأمور التي ينطق بها المسلم.
-
العبادة البدنية
هي العبادة التي يقوم بها العبد من سلوك كالصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والسير بين الناس لإصلاح ذات البين والدفاع عن الحق والعمل، فالجسد أيضاً يعبد الله بكل ما يقدمه، ويفعله في سبيل الله وبنية خالصة لابتغاء وجه الله الكريم.
-
العبادة المادية
العبادة المالية تشمل إنفاق المال في سبيل الله عز وجل فهذا نوع من أنواع العبادة، كتوجيه المال لليتامى والمساكين ودفع الزكاة والتصدق وكرم الضيف ودفع المال في الجهاد والعديد من الجهات بقصد مراضاة الله عز وجل.
-
العبادة المركبة
يقصد بالعبادة المركبة القدوم على أكثر من عبادة معاً، كالحج فهو عبادة بدنية ومالية ولفظية معاً، فيقدم العبد على القيام بالعديد من العبادات ف الحج.
خصائص العبادة
تتسم العبادة في الدين الإسلامي بعدة خصائص تميزها، وتتمثل في[1]:
-
العبادة مبنية على اليسر
الدين الإسلامي مبني على السلالة والفهم واليسر، فراعى الدين الإسلامي أن العبادات كلها تكون مناسبة لطبيعة البشر وقدرتهم على فعلها بسهولة، فالله تعالى أمر المرء بما يستطيع ويسر عليه كل الأوامر، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة النساء”يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا”.
-
لا وسيط بين العبد وربه
تنعدم
الوساطة
بين العبد وربه، فالدين الإسلامي الحنيف كرم العبد وجعله قادر على التواصل مع ربه بالدعاء والصلاة والعمل الطيب، فكل العبادات تصل لله وهو من يعرف النوايا ويجازي على الأفعال، فهو أقرب للعباد من حبل الوريد، كما يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة البقرة”وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.
-
الإخلاص
في العبادة
يجب أن تكون العبادة خالصة لله عز وجل، حيث أنها أساس خلق الإنسان فالله تعالى خلق الإنسان ليعبده ويتقيه بحب وإخلاص فيقول الله في القرآن الكريم في سورة البينة”وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ”.
-
العبادة توقيفية
شرح الله تعالى العبادة وعرف العباد من هي الواجبات والحقوق والمناسك وحذر من الشرك الأصغر والأكبر، فلا يجوز الاختلاف على العبادات ولا أن يكون في قلب العبد شيء من الرياء أو الردة أو الكبر، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز”فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً”.