ما اثر الرياء على العمل

ما هو الرياء

رياء في اللغة العربية مصدر راءي، وهو مشتق من الرؤية، والمقصود به التظاهر بخلاف ما في باطن المرء وهو في الدين الإسلامي يعرف بالشرك الأصغر، أي من أسوأ ما يقدم الإنسان على فعله، فلا يجوز للمرء أن يفعل شيء بهدف الرياء، ويشير مصطلح الرياء إلى أن يكون ظاهر المرء يخالف ما في باطنه، كما أن يتحدث بما لا يعتقد، ويقدم على فعل أشياء وهو بداخله رغبات أخرى لا يظهرها[1].

إذ أن الرياء هو فعل شيء من أجل الناس وليس من أجل

الله

عز وجل، ليقول الناس فلان يفعل الخير ويقدم عليه ويثنوا عليه، وهذا هو كل هدفه أن ينال رضا الناس وإعجابهم، والرياء في الدين الإسلامي الحنيف ضد الشريعة، وهو عمل غير مقبول ولا يرضى الله عنه.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم”إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء”، كما روى أحمد بن ماجه عن أبي سعيد قال” خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الدجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من الدجال، قلنا بلى، فقال الشرك الخفي، أن يقوم

الرجل

يصلي فيزين صلاته لما يدرك من نظر رجل”، صدق رسول الله الكريم.

أنواع الرياء

إن الرياء كله حرام، ولا يليق بقلب العبد المؤمن والله تعالى نهى عنه في العديد من المواضع والأيات، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز في

سورة البقرة

آية264 “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ”[2].

وأنواع الرياء خمس يجب أن يعرفها المؤمن ويبتعد عنها بكل الطرق، لأنها طريق الهلاك وتفسد المؤمن وتفسد إيمانه، وتتمثل في[3][6]:


  • الرياء بالبدن

وهو رغبة الناس في إظهار المرض والتعب وتعظيم

الحزن

والشكوى وكأنه يخاف من الله عز وجل، ويعمل على مراضاته، وكأن يتفانى في العبادات حتى يشقى، حيث يقول يحيى بن معاذ”لا تجعل الزهد حرفتك لتكتسب به الدنيا ولكن اجعل عبادتك لتنال الآخرة وإذا شكرك أبناء الدنيا ومدحوك فاصرف أمرهم على الخرافات.


  • الرياء بالهيئة والزي

رياء الهيئة هو أن يبقى الرجل صورته وهيئته دالين على ما يقدم عليه من فعل، فأن يترك أثر

السجود

على بهته، ويمشي بهدوء شديد حتى يقول الناس أنظروا لهذا التقي، ولبس

الملابس

البالية التي تدل على شدة الزهد وعدم الإقبال على الحياة.


  • الرياء بالقول

وهو الرياء الذين يقدموا عليه مدعين التدين حيث يعظوا الناس دائماً وينطقوا بالحكمة وبسم الدين وادعاء العلم والمعرفة واستعراض المعلومات ليقول الناس عنهم أنهم يعلموا وأنهم أهل الدين والعلوم، كما إنهم دائماً مستنكرون من أخطاء الغير ويتكبرون على أفعال الناس ويظهروا أنهم غاضبون من المعاصي وفي قلوبهم عكس ما يظهروا.


  • الرياء بالعمل

يقصد برياء العمل أن يقدم الشخص على القيام بأفعال من أجل أن يرضي الناس ويظهر لهم بمظهر جميل، ويتحدثوا الناس عنه، فيقول الناس فلان يطيل الصلاة، ويطيل السجود، فلان خاشع فلان يتصدق كثيراً ويحج كثيراً ويفعل الكثير من الأفعال الطيبة، فهناك

أمثلة على الرياء

كثيرة، كالذي يتصدق أما العامة.


الرياء بالأصحاب

يقصد به أن يتقرب الشخص من أهل الدين مثلاً أو العلماء أو الشيوخ ليقول الناس عنه أنه من أصحاب فلان وأنه يقدم على فعل الخير، وأنه يتقرب لله ويتفقه في أمور الدين.

أثر الرياء على العمل

الرياء له اثر سلبي على عمل المسلم حيث إنه يفسد العمل لأن أصل قبول العمل هو أن يكون العمل خالص لوجه الله عز وجل، وحين يشوف الرياء شيء من عدم

الإخلاص

في العبادة لا يقبل عمل العبد، فالله تعالى يقول في كتابه العزيز في سورة البينة آية5 “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ”، كما يقول في سورة هود آية 16″مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”[4][5].

فالرياء هو الشرك الذي يفسد الصوم والصلاة والصدقات والحج والزكاة وكل ما يقدم عليه العبد للتقرب لله، فإذا دخل الرياء على قلب مسلم أفرغه من الخير وملأه بالذنوب، وبعده عن الله وجعل الناس هم شغله الشاغل وهمه الأكبر، فيجد نفسه يذهب للمسجد لكي يقول الناس فلان يصلي، ويحج ليقول الناس له فلان حج ويتصدق ليقولوا كريم، وهكذا.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم”يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر”، قالوا: يا رسول الله وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا لما يرى من نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر، فالله تعالى يرى

القلوب

ويعمل ما تكنه من خير وما تكنه من الشر، وما أسوأ من الرياء إذا أصاب قلب المسلم ونال منه.

وفي وصف الله تعالى لأهل الرياء يقول عز وجل في سورة

النساء

آية 142″وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً”، أي أن الذين يعملوا من أجل الناس ويصلوا ليراهم الناس ولكن ليس الهدف الأساسي لهم هو ذكر الله عز وجلا ولا عبادته، ففي قلوبهم الكسل وعدم الرغبة في التقرب لله ولكن الناس هم هدفهم الأساسي.

وعن الرياء يقول الرسول صلى الله عليه وسلم”

إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله عز وجل، فليطلب ثوابه من عند غير الله عز وجل، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك”، إذ يقول الله تعالى في الحديث القدسي” أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه”.

الرياء يفسد العمل ويبطله، ويجعله غير مقبول عند الله عز وجل، فالله تعالى يحب المخلصين ويقبل أعمالهم ويجزيهم خيراً، أما أهل الرياء فما لهم إلا ما صبوا إليه من أن يقول الناس عنهم هؤلاء يفعلوا الخيرات وينفقوا في سبيل الله، فالإخلاص جزائه عظيم، حيث يقول سهل بن عبد الله التستري”ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص إنه ليس لها فيه نصيب”.

علاج الرياء

لا يجوز للمسلم أن يكون بداخله ذرة كبر ولا رياء ولا أن يعمل من اجل الناس، فالله تعالى يحب المخلصين إذ يقول عز وجل في كتابه العزيز في سورة البينة”وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ”، كما يقول في سورة غافر”ادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”، لذلك يجب التخلص من الرياء وعلاج النفس منه فهو مرض القلوب، وللتخلص من الرياء يجب أتباع بعض من الأمور:

  • يجب أن يعلم المرء دوماً بان الله تعالى يراه ويراقبه في كل صغيرة وكبيرة، كما يجب أن يعبد الإنسان الله كأنه يراه، وهذه منزلة عظيمة، فغن لم يكن العبد يرى الله فالله تعالى يراه.
  • الاستعانة بالله عز وجل في التخلص من الرياء، بأن يتقي الله ويدعوا الله من كل قلبه أن ينقيه من الرياء ومن كل عمل يبعد بينه وبين الله عز وجل.
  • معرفة أن الله تعالى وحده هو من يمتلك القلوب، ويراها ويعرف ما بداخلها، وأن الله إذا رضى على عبد جعل كل الناس عنه راضية وله محبة.
  • يجب أن يحدث المرء نفسه بعقوبة الرياء في الدنيا، وهي أن الله سينفر الناس منه مهما حاول أن يبدي لهم، كما إنه سيفضحه حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم”من سمع سمع الناس به، ومن راءى راءى الله به”.
  • من خطوات العلاج من الرياء، أخفاء كل العبادات وممارستها سراً، لي لا يكون فيها شبهة رياء والله تبارك وتعالى يقبل

    التوبة

    ويغفر للعباد كل ما سلف من ذنوب، إذ هموما بالتوبة[7][8].
  • يجب التذكر أن

    أثر الرياء على الفرد والمجتمع


    ،

    سلبي وأن الشخص الذي يمارس الرياء يكون شخص مدمر لمجتمعه ولنفسه.