تعريف النجاسة المخففة .. وحكمها وأمثلة عليها
تعريف النجاسة المخففة
مسألة النجاسة، هي جزء من كتاب الطهارة في قسم العلم الشرعي في الدين الإسلامي، والذي يختص به هنا هو علم الفقه، وهو أحد العلوم الشرعية الهامة، التي تتناول أحكام العبادات والمعاملات في حياة الناس.
ا
لنجاسة المخففة
هي كل شئ مستقذر، وهذا هو تعريف النجاسة من الشق اللغوي، أما تعريف النجاسة من الناحية الشرعية، أو في الاصطلاح كما يطلق عليها الفقهاء، هي كُلُّ شيءٍ يستقذِرُهُ أهل الطبائع السليمة، وقَد أُمِرَ المُسلم أن يغسل ما أصابهُ منها، وتعريف النجاسة المخففة لا يختلف عن تعريف النجاسة بشكل عام.
أمثلة على النجاسة المخففة
تعتبر النجاسة المخففة جزء من النجاسات عامة، وتدخل في الأمور التابعة لأحكام كيفية تطهير النجاسة، ومن أمثلة النجاسة ما يلي:
-
بول
الطفل
الذكر إذا كان لم يتناول
الطعام
بعد، أي يعتمد في غذائه على لبن الرضاعة، ولا يتغذى على الطعام.
-
من النجاسة المخففة أيضاً
المذي
.
حكم النجاسة المخففة
بالنسبة لبول الطفل الذكر، أو كما يسميه العلماء، الغلام، وهو الطفل الذي لم يأكل الطعام، فإن حكمه هو النجاسة المخففة، بحيث يرش ما وقع عليه بالماء بدون القيام بالفرك ولا بالعصر، أي عصر الملابس.
وعن السيدة عائشة رضي
الله
عنها أنها قالت (أُتِيَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍ، فبال على ثوبِه، فدعا بماءٍ فأتْبعَه إيَّاه) رواهُ البخاري، أما بالنسبة للمذي فيكون حكمه هو تطهير
الفرج
الذي خرج منه، ويكون عن طريق الاستنجاء من المذي وغسل الذكر، ثم يكون بعده الوضوء إذا رغب الشخص في أداء
الصلاة
.
والدليل على ذلك ما حدث مع عليٌ رضي الله عنه حيث قال (كنتُ رجلًا مَذَّاءً، وكنتُ أستَحْيِي أَنْ أسأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لمكانِ ابْنَتِه، فأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فسألَه، فقال: ” يَغْسِلُ ذَكَرَه، ويتوضَّأُ “) رواهُ مُسلم
ويكون حكم الثوب إذا أصابه المذي، بتطهير ذلك الثوب من المذي ثم يتم رش الثوب بالماء حتى يصل إلى مكان النجاسة.
ومن الأحاديث التي تناولت أمر المذي أيضاً، عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: (كنتُ ألقى منَ المَذيِ شدَّةً، وَكُنتُ أُكْثرُ منَ الاغتِسالِ، فسألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلِكَ، فقالَ: ” إنَّما يجزيكَ من ذلِكَ الوضوءُ “، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فَكَيفَ بما يصيبُ ثوبي منهُ؟ قالَ: ” يَكْفيكَ بأن تأخذَ كفًّا من ماءٍ، فتنضَحَ بِها من ثوبِكَ، حيثُ ترى أنَّهُ أصابَهُ “) رواهُ أبو داود وحسّنهُ الألباني.
من أهم المسائل التي يجب الإشارة إليها في شأن النجاسات في الدين الإسلامي، هو وجوبُ إزالة هذه النجاسة، حيث يجب إزالتها أي كان نوع هذه النجاسة.
وذلك كما جاء في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكْثَرُ عذابِ القبْر مِن البَوْل)، وغيرها من دليل وجوب إزالة النجاسة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الطبائع السوية السليمة، حيث يعف السوي أي قاذورات. [1]
النجاسات المعفو عنها في الصلاة
النجاسات منها ما يعتبر من بين
النجاسات التي تبطل الصلاة
، ومنها ما هو معفو عنه في الصلاة، ويمكن معرفة المعفو عنه عن طريق معرفة
القدر
الذي يعفى عنه من النجاسة دون أن تتأثر الصلاة أو تبطل.
وهذه المسألة وجد فيها خلاف بين العلماء، وجاء تفصيل ذلك في كتب الفقه، وقد رأى أصحاب المذهب الحنفي، أنه يجب التفرقة بين النجاسة المخففة والنجاسة المغلظة، حيث جاء في رأيهم أن هناك فرق بين النوعين فالمغلظة إذا أصابت
الجسم
أو الثوب على أن لا تصيبهما ما لا يكون أكثر من حجم الدرهم.
ولكن ليس نفس الأمر بالنسبة للنجاسة المخففة، لأنهم في النجاسة المخففة قد اختلفوا في الكم المعفو عنه في الصلاة، ومن ذلك على روايات مختلفة، قال المرغيناني “” إن كانت كبول ما يؤكل لحمه جازت الصلاة معها حتى يبلغ ربع الثوب””، أي إذا كانت من المباح أكلها، يجوز الصلاة بالثوب حتى ولو بلغت ربع الثوب.
ولكن أصحاب المذهب المالكي قد فرقوا بين
الدم
وما مع الدم سواء كان صديد أو قيح أو سائر النجاسات.
يرى المالكية أنه معفو عنهم قدر الدرهم، والمراد هنا بكلمة درهم، هو ما قاله الصاوي، أما عن أصحاب المذهب الشافعي فقد رأوا العفو عن القليل من هذه النجاسات مثل الدم والقيح، وكذلك ما يصعب الاحتراز منه وتزيد به الإصابة مثل دم القروح والدمامل والبراغيث وما لا يدركه الطرف وما لا نفس له سائلة وغير ذلك.
ويمكن معرفة اليسير والكثير باتباع العرف، وهذا كان رأي الشافعية، أما عن رأي الحنابلة فإنهم صرحوا أنه لا يقبل العفو عن اليسير من النجاسة ولو لم يدركها الطرف، مثل الذي قد يتعلق بأرجل ذبابة أو نحوها، وإنما أيضاً يعفي عن القليل من الدم وما ينتج عنه مثل القيح والصديد، واستثنوا من ذلك الحيوانات النجسة فليس دمها من النجاسات التي يعفى عن القليل، او دمها، فهي تعتبر دمها مثل باقي الفضلات، ولا تعتبر من المعفو عنها في النجاسات الدماء التي تأتي من القبل والدبر لأن تلك تأخذ نفس حكم البول أو الغائط، والظاهر في مذهب الإمام أحمد ابن حنبل أن القليل ما لا يفحش في القلب. [2]
النجاسة التي لا ترى بالعين
قد يلمس الإنسان نجاسة ما وتكون صغيرة، أو لا ترى بالعين، فيكون حكمها، كما بينه الفقهاء، بعد التفريق بين النجاسة الرطبة، واليابسة، حيث أن لمس الإنسان للنجاسة اليابسة، لا ينقل هذه النجاسة إليه، كما أن ثيابه لا تتنجس، وكذلك أيضاً بدنه، ولكن تنتقل النجاسة فقط مع تواجد رطوبة.
وقد قال الشيخ صالح الفوزان” إذا لمس الإنسان نجاسة رطبة، فإنه يغسل ما لمسها به من جسمه، لانتقال النجاسة إليه، أما النجاسة اليابسة، فإنه لا يغسل ما لمسها به، لعدم انتقالها إليه “.
في حالة أن النجاسة كانت شئ بسيط، حيث لا تراها العين، فلا تؤثر، ويعفى عن وجودها، ولا يكون حكمها نجاسة للماء أو نجاسة الثوب، قال النووي
رحمه الله
“وإن كانت النجاسة مما لا يدركها الطرف، ووقعت على ثوب، أو في ماء””.
وهو ما يعني أن النجاسة هنا لا يمكن رؤيتها بالعين لأنها قليلة، ويعرف ذلك من خلال رؤية الثوب المخالف للون النجاسة التي وقعت عليه هل تظهر أم لا، ومثل الذبابة لو وقعت في
الماء
وهي تحمل نجاسة، لا ترى ما تركته في الماء لقلة حجم.
تعريف النجاسة الحكمية
يضع الفقهاء
تحديد
لمعنى النجاسة الحكمية، ويحددون
أنواع النجاسات
،
وهو أن هذه هي النجاسة التي لا أثر لها مثل البول إذا جف، أو النجاسة التي لم تعد ظاهرة، ليس بسبب الطهارة ولكن بسبب عوامل أخرى.
قال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: ثُمَّ النَّجَاسَةُ إمَّا عَيْنِيَّةٌ وَهِيَ التي تَحُسُّ أو حُكْمِيَّةٌ وَهِيَ بِخِلَافِهَا كَبَوْلٍ جَفَّ ولم يُوجَدْ له أَثَرٌ وَلَا رِيحٌ. [3]