هل يجوز صلاة الجماعة مرتين
هل يجوز للمرء أن يصلي الجماعة مرتين
الصلاة عماد الدين، والمسلم يصلي خمس مرات في اليوم لربه تعبدًا، وقيامًا بالفريضة، وتقربًا لله، ومخافة من عذاب النار، ورغبة في النجاة منها، ودخول الجنة، فهل يجوز صلاة الجماعة مرتين، وما حكم ذلك.
يرعى العلماء أنه يجوز صلاة الجماعة مرتين، لأنها تعتبر في حق الشخص صدقة منه على أخيه، وفي هذا الأمر، وكيف تكون صدقة، هذا التفصيل التالي، لتوضيح المقصود، وهو ما يكون في حالتين.
-
الحالة الأولى
إذا صلى مجموعة من الناس صلاة الجماعة، ثم انتهوا منها، ودخل رجل يريد أن يصلي جماعة، هنا يمكن لأحد المصلين أن يصلي معه لينال ثواب الجماعة، ومن يكون قد صلى جماعة مرتين، وبناء على ذلك يجوز بالفعل أن يصلي الشخص صلاة الجماعة مرتين.
روى أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي
الله
عنه أَنَّ رَجُلًا جَاءَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : (أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ ؟)
ومن هنا يتبين أنه يجوز صلاة الجماعة مرتين، صدقة على من أراد أن يصلي جماعة، وببساطة فإن الشخص الذي أدى الجماعة بالفعل للمرة الأولى، ومن ثم يصلي جماعة للمرة الثانية تكون صلاته هنا تصدق على أخيه، فهي ليست صلاة واجبة في حقه، لأنه بالفعل قد أدى
الصلاة
، وأداها جماعة، لكن لولا صلاته الجماعة الثانية، لما نال الآخر الذي جاء متأخر عن الجماعة الاولى ثواب صلاته.
ومن هنا يتبين حرص
الإسلام
على منفعة المسلمين بعضهم لبعض، وحرصهم على صلاة الجماعة، والحرص على الثواب والاجر العظيم، ويتأكد بذلك قيمة وأهمية صلاة الجماعة.
فلو لم تكن صلاة الجماعة مرتين جائزة، ومقبولة في حق من أداها سابقآ، لما وجد الشخص معين له، وفقد أجر الجماعة، وقل بين الناس
التعاون
على البر، والمساندة، وكل من أتى متأخر لصلاة الجماعة لعذر ضاعت عليه فرصته في أداء الجماعة.
-
الحالة الثانية
وفي هذه الحالة قد يكون الشخص قد صلى في مكان ما في غير المسجد، ثم صلى الناس جماعة في المسجد، فعلى من صلى خارجه أن ينضم لصفوف الجماعة في المسجد، وهو ما يتبين من خلال السنة، ومن الحدث الوارد في التفصيل التالي.
ومن هذا أيضاً يذكر العلماء هذا الحدث، حيث يمكن للمسلم أن يعيد صلاته في الجماعة مثال على ذلك أن يصلي المسلم صلاة الصبح في مسجد ما، وبعدها في حال ذهب إلى مسجد غيره، ووجد الناس يصلون هم أيضاً، فإن له أن يصلي مع هؤلاء أيضاً، ولا يأثم من يفعل ذلك، ولا يوجد عليه نهي واضح.
بل على العكس من ذلك فهناك دليل على مشروعية ذلك من السنة، وهو، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ذات يوم في منى، فلما انصرف رأى رجلين لم يصلوا معه فسألهم لماذا لم تصليا ؟ قالا : صلينا في رحالنا، قال : ( إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم. [1]
ومن هنا تتلخص الإجابة هل يجوز صلاة الجماعة مرتين، الإجابة على ذلك أنها نعم تجوز إذا كان الغرض منها مساعدة من لم يحضر الجماعة الاولى، ولا يجد من يصلي معه لينال ثواب الجماعة، هنا يمكن لمن صلى بالفعل وانتهى أن يصلي معه مرة أخرى.
حكم إعادة الصلاة احتياطا
لمعرفة حكم إعادة الصلاة احتياطا، يجب الانتباه للفرق بين الوسواس والشك، والنسيان، حيث يرى العلماء في حالة
الشك
، أنه من صفات المؤمنين الورع، وهو ما يعني أن على من يشك في صلاته، أن يحتاط، ويتورع، ويعيدها، ما دام شك في صحتها لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي في سننه.
ومن المهم هنا التأكيد على وجوب تعلم المسلم للصلاة، والفريضة، وأحكامها، وفقهها، وغيرها من علوم الدين النافعة له في الدنيا والآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، متفق عليه، وقال أيضا: طلب العلم فريضة على كل مسلم.
أما إذا كانت الإعادة بسبب الوسواس الذي يلازم بعض الناس في اغلب تصرفاتهم، ويشمل ذلك أمر الصلاة، فلا تعاد الصلاة، وإنما يبنى الشك على الاقل ويسجد
سجدة
سهو، بمعنى إذا كان الشخص يصلي صلاة المغرب ولا يدري هل صلى إثنان أم ثلاثة فإن له أن يعتبرهم إثنان ويكملهم ثلاثة ويسجد سجدة السهو.
يتبقى امر
النسيان
وحكم النسيان في الصلاة مختلف، ويختلف بحسب النسيان، هل ما نساه الشخص كان فريضة أم نافلة أم واجب، أو مستحب، ولكل من هذه الحالات حكمها الشرعي الذي يشملها، فالفريضة تستوجب إعادة الصلاة، على سبيل المثال، لذلك فصل الفقهاء أنر النسيان بشكل أوسع، من الحالتين السابقتين من الشك والوسواس.
هل يجوز للإمام أن يصلي الفرض مرتين
وتكثر الأسئلة حول بعض الحالات في الصلاة، ومن بينها سؤال
حكم من صلى منفردا والجماعة قائمة
، وحكم صلاة الإمام للفرض مرتين، وهذا
السؤال
سؤال صلاة الإمام الفرض مرتين يفترض فيه حالتين، الحالة الأولى هي أن يصلي الإمام بالناس الفرض مرتين، مع كونهم نفس الجماعة، لم يتغيروا، تحت أي ذريعة أو حجة، مثل ان الصلاة الثانية لقضاء صلوات فائتة عليهم، أو غير ذلك من الأسباب، ويرى أغلب العلماء أن هذا الأمر بدعة لا تقبل.
فلا يجوز صلاة الإمام جماعة بنفس الناس مرتين، ولكن الحالة الثانية تختلف، وهي أن يصلي الإمام بالناس جماعة مرتين، وفي كل مرة مجموعة مختلفة عن التي قبلها، أي يصلي مع جماعة منهم، والباقي يحضرون متأخرين فيصلي بهم بعد الانتهاء من المجموعة الأولى، فتكون فكرة الصلاة مرتين في حق الإمام فقط، وليست في حقه وحق من معه مثل الحالة الأولى.
أختلف العلماء حول هذا الأمر فإذا كانت الصلاة الثانية لعذر لحق بالناس وأخرهم عن الجماعة الأولى فهو أمر جائز، اما إن كان بدعة، أو لتفرقة الجماعة فلا يجوز. [2]
هل يجوز الصلاة جماعة بعد فوات وقتها
في رأي العلماء، أنه يجوز بالفعل صلاة الجماعة بعد فوات وقتها، حتى ولو لم تكن صلاة حالية وكانت قضاء، حيث يجوز في تلك الحالة أيضاً صلاة الجماعة، وغير صحيح أن من فاتته صلاة لا يقضيها جماعة لفوات وقتها، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو وصحابته، حين فاتتهم الجماعة، فصلوها قضاء جماعة.
ففي صحيح مسلم في حديث طويل، وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَأَصْحَابُهُ فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلاَلٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَاجِهَ الْفَجْرِ فَغَلَبَتْ بِلاَلاً عَيْنَاهُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَلاَ بِلاَلٌ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقَالَ «أي بِلاَلُ» فَقَالَ بِلاَلٌ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِى أَخَذَ ـ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ـ بِنَفْسِكَ قَالَ «اقْتَادُوا» فَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَقَامَ الصَّلاَةَ فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ. [3]