شواهد من التاريخ العربي عن التسامح
ما هو التسامح
التسامح هو
السلام
، وقبول الآخر، وقبول التعايش معه، والبحث عن نقاط التوافق والالتقاء، ورأب الصدع، وإزالة العنصرية والكراهية التي تؤدي إلى العنف والقتال، لأن امتلاك هذه الشخصية يرث محبة
الله
، فقال تعالي ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾، كما إن
التسامح
يحقق الهدوء النفسي والاستقرار الداخلي، بحيث يتفرغ الإنسان لنفسه ويصحح عيوبه وهذا يعد من
مزايا التسامح في بناء المجتمعات
.
فعند التفكير في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم المليئة بالتسامح والتعايش والموقف الرافض للخلافات والفتن والعنف، ولعل من أعظم الأمثلة على ذلك “معاهدة صلح الحديبية” وهي رمز للتسامح في
الإسلام
، استسلم الرسول صلى الله عليه وسلم للعديد من الشروط التي تعتبر ضارة بالمسلمين، حتى يتمكن من تحقيق السلام بينهم وحفظ الأرواح وحقن الدماء بينهم وهذا
اثر التسامح في بناء المجتمعات ورقيها
.
وكان الرسول صلي الله عليه وسلم، مثالا قوي للتسامح وكان يعلمه لأصحابه، حتى يتخذونه مبدأ في حياتهم فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قَال: قَالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ؟، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ” كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ، قَرِيبٍ، سَهْلٍ)، وهذه كانت معاملته صلى الله عليه وسلم مع الناس جميعا، قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.
وجوهر التسامح هو العيش بسلام مع الجميع ونبذ كل أشكال العنف والقتال وهذا ما يثبته الإسلام ويدعو إليه، كما ان هناك آيات عديدة في القرآن تدعو إلى التسامح مع الآخرين، ومنها قول الله عز وجل (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
نماذج وشواهد للتسامح في التاريخ العربي
هناك مجموعة كبيرة من الشواهد من
التاريخ
العربي عن التسامح ومن ضمن هذه الشواهد والنماذج:
-
“اذهبوا فأنتم الطلقاء”وهذه أعظم وثيقة سماحة أطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وأمر الملك في ذلك
الوقت
بطرد قومه وإيذائهم، متهما إياه كذبا، ولم يرد حتى على الإساءة بالإساءة، بلا كان مثالا للسماحة والرقي، في معامله من يعتدي عليه او يأذيه وكان لهذا
دور التسامح في بناء المجتمعات مع أمثلة من التاريخ الإسلامي
.
- وايضا من مواقف السماحة في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم، موقفة مع الاعربي الذي كان يريد قتله، وهو يستظل تحت شجرة فعن جابر رضي الله عنه قال: “كنا مع رسول الله “صلى الله عليه وسلم” بذات الرقاع (إحدى غزوات الرسول)، ونزل رسول الله “صلى الله عليه وسلم” تحت شجرة فعلَّق بها سيفه فجاء رجل من المشركين، وسيف رسول الله “صلى الله عليه وسلم” معلَّق بالشجرة فأخذه، فقال الأعرابي: تخافني؟ قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: لا، فقال الأعرابي: فمَن يمنعك مني؟ قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: الله، فسقط السيف من يد الأعرابي، فأخذ رسول الله “صلى الله عليه وسلم” السيف فقال للأعرابي: مَن يمنعك مني؟ فقال الأعرابي: كن خير آخذ. فقال “صلى الله عليه وسلم”: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكني أُعاهدك ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى رسول الله “صلى الله عليه وسلم” سبيله، فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس” [صححه ابن حبان].
-
ومن اقوي أمثلة التسامح أنه كان صديقان يمشيان في الصحراء ويتشاجران أثناء المشي، وضرب أحدهما الآخر، وأصيب
الصديق
بصفعته، لكنه لم يتكلم! ! بدلاً من ذلك، كتب على الشاطئ: “اليوم صفعني أعز أصدقائي” وكتب على الحجر أنقذ أعز أصدقائي حياتي فابتسم صديقه، وسأله لماذا فعلت هذا فأجاب: “عندما يؤلمنا عاشق، يجب أن نكتب ما حدث على الشاطئ حتى تمحى به رياح المغفرة ، ولكن عندما يفعل الحبيب شيئًا عظيمًا، يجب أن نحفره على الصخر احتفظ بها في ذاكرة قلبك ولن تمحوها الريح “. -
قصة
سيدنا يعقوب وابناءة فكان يحب ابنه يوسف وكان يحبه أكثر من إخوته، فيغار إخوته منه بسبب هذا الحب، لذلك قرروا التخلص من يوسف، فطلبوا من الأب أن يسمح ليوسف بأخذهم إلى المزرعة للعب وافق، وأوصاه لهم وأخذوه، حيث ألقوا به في البئر، ثم صرخوا وعادوا إلى والدهم ليلاً، وقالوا له إن الذئب قد أكله، فحزن والده على انفصال يوسف، ومرّت قافلة ووجدوا يوسف، فأخذوه عنهم وأخذوه لنبلاء مصر، ونشأ يوسف في قصر عزيز، وبسبب شخصيته النبيلة ومعرفته، أصبح وزيراً للملك المصري، وفي نفس الوقت جاء إليه إخوته لشراء
الطعام
المصري لأسرته وبدل من أن ينتقم من أخواته غفر لهم وقال لهم:” قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ” ( يوسف: 92 ) .
آيات قرآنية عن التسامح
يوجد الكثير من الايات القرآنية عن التسامح منها:-
-
ما ذكر في
سورة البقرة
في قوله عز وجل قال الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. -
وما
ورد
ذكرة في سورة آل عمران قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين. - وما ذكر في سورة المائدة قال الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
- وما ورد ذكرة في سورة النور الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
عبارات عن التسامح
- احذر من يضربه ولا يقاومه فهو لن يغفر لك ولن يسمح لك أن تسامح نفسك.
- الذات السلبية للإنسان هي الشخص الغاضب والمنتقم والمعاقب، بينما طبيعة الإنسان نقية ومتسامحة وهادئة ومتسامحة.
- قد يرى بعض الناس في التسامح فشلًا والصمت على أنه فشل، لكنهم لا يعرفون أن التسامح يتطلب قوة أكبر من الانتقام، والصمت أقوى من أي كلام.
-
الزوجة
الصالحة هي التي تسامح زوجها دائمًا عندما يخطئ. - التسامح جزء من العدالة.
- يعد التسامح زخرفة فضيلة.
- أذكى الناس يغفرون للناس.
- فقط الروح العظيمة تعرف كيف تغفر.
- مسامحة الذات من الفروسية لكنها الفروسية بأعلى معانيها. [1]