إعجاز القرآن في البعوضة.. وكم مرة ذكر في القران؟
سبب ذكر الله تعالى للبعوضة في القرآن
ذكر
الله
تعالى البعوضة في
القرآن الكريم
بالآية التالية، قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ)
سورة البقرة
السورة الوحيدة التي ذكر فيها البعوض
هي سورة البقرة، وقد ذكر الله تعالى البعوضة، للدلالة على عظيم قدرة الله تعالى، فالله الذي خلق هذه المخلوقات، من اصغرها لأكبرها، لا يستحي ان يضرب بها الأمثال، وحتى البعوضة التي يراها الإنسان مخلوقًا ضعيفًا ليس له أهمية، فإن الله أودع فيها من القدرات ما تذهل له العقول، وبعض الحشرات ما يفوق الإنسان في تنظيم اسلوب حياته مثل
النمل
والنحل، وربما ذكر الله البعوضة دلالة على عظمة خلقه.
نزلت هذه الاية القرآنية لتكون دليلًا قاطعًا على أن ذكر الله تعالى للمخلوقات الضعيفة مثل
النحل
والذباب والعنكبوت والنمل لا يؤثر على فصاحة القرآن الكريم وإعجازه، إنما يدل على حكمة بالغة من رب العالمين.
-شرح الأية
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً، هذه الآية جاءت كرد على المشركين والمنافقين بأن الله لا يستصغر شيئًا من مخلوقاته، مهما كان كبيرًا او صغيرًا، والله الذي خلق هذه الكائنات لا يستنكف عن ضرب الأمثال بها، سواء البعوض او الحشرات الأخرى
وقد اختلفت التفسيرات القرآنية حول بعوضةً فما فوقها، فالبعض وجد انها تعني ما هو اصغر واضعف منها، والبعض الآخر قام بتفسير ذلك على أنها تفيد ما هو اكبر من البعوضة، والرأي الثالث لتفسير هذه الآية الكريمة هو البعوضة وما فوقها من الجراثيم المسببة للامراض مثل الحمى الصفراء والحمى المخية الشوكية، والطفيليات التي تنقتل مرض الملاريا، ودودة الفلاريا التي تسبب داء الفيل، وما يؤكد ذلك هو ذكر الله البعوضة وهي التي تنقل الأمراض، ولم يذكر البعوض الذكر الذي لا يسبب الأمراض ولا يتغذى على دم الإنسان. [1]
أما تفسير الفوقية من حيث اللغة العربية يعني الزيادة في صفة سبقتها، وفي قوله تعالى (بعوضة فما فوقها)، فإن الزيادة تعني من صغير لأصغر، والفاء تشير إلى ما فوقها في الصغر، وقال الرازي أن الله أراد ما فوقها من الصغر، اي ما هو اصغر منها، والحكمة من وراء ذلك، هو ان الشيء كلما صغر، كلما كان إدراك كنهه وفهم اسراره اصعب، فإذا كان بالغ الصغر، فإن الله وحده من يطلع على اسراره وخفاياه،
الاعجاز العلمي في بعوضة فما فوقها
اشار إلى عظمة الله بشكل اكبر مما لو ذكر الله كائنًا كبيرًا مثلًا. [2]
الإعجاز العلمي في ذكر القرآن للبعوضة
ذكر الله تعالى البعوضة بصيغة الأنثى وليس الذكر، لأن البعوضة الأنثى هي التي تهاجم الإنسان للتتغذى على دمه من اجل ان تحصل على
البروتين
اللازم لتنضج البيوض في مبايضها، وهي تحتاج وجبة واحدة من
الدم
على الأقل كي تنتج دفعة واحدة من البيوض، أما الذكر فيتغذى على أوراق النباتات ولا يقوم بمهاجمة الإنسان، ولا يتغذى على دم الإنسان وبالتالي لا ينقل الأمراض للإنسان، أما البعوضة الانثى فهي تنقل العديد من الامراض للإنسان وتنشرها بين الناس مثل الملاريا.
إن ذكر البعوضة في القرآن قد زاد المؤمنين إيمانًا، لأن هذه الآية كانت هداية من الله لهم، قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ) ۖ، أما الكافرين فما زادهم ذلك إلا تكبرًا، قال تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا)، اي ان الكافرين يتعجبون من ضرب الامثال بهذه الكائنات الضعيفة والتي لا أهمية لها، لكن الله يرد عليهم (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) [1]
هذه الكائنات الموضعية التي لا تعجب البشر يمكن ان تسبب نقل أمراض واسعة للإنسان، وتسبب العديد من الآفات، وهي جعلت البشر يشعرون بالعجز امامها، ولا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.
لم يدرك البشر حتى وقت قريب الامراض التي تنقلها البعوضه، على سبيل المثال، لم يعرف دور البعوضة في نقل الملاريا إلا قبيل القرن العشرين، حيث تمكن الفونس لافيران من معرفة الطفيلي المسبب للملاريا عام 1880، وفي عام 1898 تمكن بعض الباحثون الإيطاليون معرفة دور البعوضة في نقل المرض، وفي عام 1881 افترض كارلوس فينلاي ان ناقل الحمى الصفراء هو البعوض، وأكدت الابحاث بعد ذلك افتراضاته
لذلك عندما استنكر القرأن الكريم الاستهانة بالبعوضة بسبب ضآلة حجمها كان ذلك دلالة على خطرها، وقد سبق
المعرفة
وتطور العلوم باكثر من عشرة قرون، وكيف لا يتم ذلك، والله هو خالق هذا الكون وهو المطلع على اسراره وخفاياه وهو المسؤول عن
معجزة خلق البعوضة
. [2]
البعوض في السنة النبوية
حديث سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله ﷺ: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
اي ان النبي صلى الله عليه وسلم يرى ان هذه الدنيا ليس لها اي قدر عند الله عز وجل، ولو انها كانت ذات اهمية، لما سقى منها الكافر شرب ماء واحدة، ومنعه من متاع الدنيا، لأن الكافر والجاحد بأنعم الله هو عدو الله، والله لا يعطي
الجنة
إلا لعباده الصالحين، لكن لشدة حقارة الدنيا، أعطاها الله الكافرين، وذلك لقلة النعم فيها، ولو تفكرنا في وزن جناح البعوضة في الميزان، لوجدنا انه لا يساوي شيء حرفيًا، وهذه هي الدنيا التي نعيشها، بلا اي قيمة، فلنتفكر.
والوزن يكون يوم الحساب لأصحاب الاعمال الصالحة، اما الكفار فليس لهم اي اهمية في الآخرة، وليس لهم اي قيمة او منزلة مهما علا شانهم في
الحياة
الدنيا، وأن الميزان الحقيقي هو ميزان التقوى.
كم مرة ذكرت البعوضة في القران وما هي الدروس المستفادة من ذكرها
ذكرت البعوضة في القران مرة واحدة
في الآية السابقة، وهناك العديد من الدروس والعبر التي يمكن الاستفادة منها من البعوض، وهي:
- البعوض مخلوق صغير في الحجم لكن خلقه عظيم ويدل على عظمة خلق الله.
- الجرأة في الحق وضرب الامثال التي تزيد المؤمنين إيمانًا وتزيد الكافرين جحودًا وكفرًا.
- يجب عدم الاستهانة حتى بالمخلوقات الضعيفة لأن البعوضة تدمي مقلة الاسد وتسبب أمراض خطيرة يمكن ان تميت الإنسان عند عدم وجود العلاج الكافي.
- العبرة من ضرب الأمثال ليست بحجم الكائن او شكل المثل، إنما الغاية والرسالة التي يريد الله إيصالها من المثل.
-
إن المشركين والمنافقين والذين في قلوبهم مرض دائمو
الشك
بآيات الله الواضحة، ودائمو الإعراض والتكبر عن الإيمان بالله. - التقبل واليقين بآيات الله هو امر يختلف من شخص لآخر، لأن الله يهدي إلى دينه من يشاء.
- الاطمئنان بآيات الله يولد اليقين والإيمان به، أما الشك يولد الكفر والتشكيك. [1]