فضل العبادة في وقت الغفلة
الثابت عى الطاعة في زمن الفتن له أجر
العبادة في الغفلة لها أجر عظيم، وذلك لأن العبد يقوم بجهد مضاعف لكي يثبت على دينه ويحافظ على عباداته ويتقرب من
الله
تعالى عز وجل، واسباب ارتفاع فضل العبادة وارتقائها وقت الفتن يتمثل في[1][4]:
-
أن حين يكون الناس غافلون ومنشغلون في امور اللهو والدنيا يكون العبد منفرداً وقليلاً من العباد من يبحث عن طريق الله عز وجل، ويلتجأ إليه ويحتمي فيه، فطريق الله لا يعرفه إلا المتقين لذلك للعابدين المستغفرين وقت الغفلة ثواب عظيم، إذ يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة
النمل
آية92″وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ”، إذ أن المهتدين هم الفائزون، ويقول الله عز وجل في سورة الكهف آية28 “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا” صدق الله العظيم. -
الناس في زمن الفتن من البديهي اتباع أهوائهم ولا ينظروا إلى الدين الحق الذي يهديهم كحال الجاهلية وزمن الكفر والعربدة، فمن أتبع الله وأهتدى وأبتعد عن الشهوات وهن الهوى الذي يضل العبد ويسوقه إى
جهنم
فتكون منزلته عظيمة وكريمة ويكون نجى بنفسه يوم لا ينفع الندم. - يضطر العابد المتقرب لله عز وجل، أن يعتزل الناس في زمن الفتن لأنهم يكونوا منشغلون بأمور أخرى غير التي يريدها هو فهو متجه للصلاة والدعاء والزكاة وأتباع تعاليم الدين في حين إنهم في غفلة ولا يمكن أن يجتمع بهم فكل منهم قد اختار طريق مختلف، فالعبد المستقيم اختار طريق الله الذي يهديه للجنة، والغافلون اللاهون منشغلون بطريق اللهو والمفاسد.
- جهاد النفس، حيث يرى الإنسان المستقيم كل من حولة يتمتع بشهوات وهمية ومزيفة، فيجاهد نفسه لتصبر على الفتن وذلك أجره عظيم أيضاً، لهذه الأسباب فجزاء العبد المجاهد لنفسه الذي يبتعد عن الفتن والمعاصي في من اختلط فيه الحق بالباطل عظيم.
فضل العبادة في مواطن الغفلة
إن العبادة وقت الغفلة أمر عظيم، فالله تعالى ما خلق الإنس والجن إلا ليعبدوه ويوحدوه ويذكروه في كل وقت وحين، إذ يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الذاريات آية 56″وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”، صدق الله العظيم، وذلك يعني ان الهدف الحقيقي من خلق البشر هو العبادة لله عز وجل، وما غير ذلك فهو غفلة وفساد عظيم[2].
يتمثل فضل العبادة في الغفلة
في
ارتقاء الشخص إلى منزلة عظيمة وكرم كبير، كالذي هاجر إلى رسول الله وأعتمر وما اجل تلك الهبة وذلك الفضل، حيث إن في وقت الفتن وكثرة المعاصي وقتل الغنسان أخيه الغنسان وذلك محرم فالله تعالى حرم النفس على النفس، وحين تكون الغفلة في الخمر والنساء والميسر وكثرة الملاهي واختلاط الأمور وتوالي الفتن، وعدم معرف الحق من الباطل ولا الطيب من الخبيث، فيكون العبد الطائع كالمحارب والمجاهد الذي يقبض على دينه وكأنه يقبض على جمر موقد.
ففي هذا الزمان أصبحت مواطن الفتن كثيرة، والمغريات اكثر، فمن عف نفسه وأعتدل في أمره ولم يظلم نفسه ولا احد ولم يغريه المغريات الكاذبة الواهية، كانت مكانته عظيمة وأجره كبير كالمجاهدين لأن أعظم الجهاد هو جهاد النفس وجهاد الرغبات والشهوات.
ومن اوقات الغفلة وقت السهر او
النوم
ليلاً، فمن يستيقظ ليقيم الليل ولم يغفل على عبادة الله الواحد الاحد في غسق الليل والناس نيام فأجره عظيم ومضاعف، لذلك كان يؤخر النبي الكريم صلاة العشاء، وكان ينصح دائماً بصلاة القيام لأن ذلك من أحب الطاعات والعبادات لله عز وجل، إذ يقول الرسول صلى اله عليه وسلم” أفضل الصيام، بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل
الصلاة
بعد الفريضة، صلاة الليل”.
إن الله تعالى يمنح من يقوم ليلاً ويصلي ما يريد ويصلح له شأنه، ولا يرد له الدعاءن إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” إن من الليل ساعة، لا يوافقها عبد مسلم، يسأل الله خيراً، إلا عطاه إياه”، فكلما زاد شقاء العبد في العبادة زاد الاجر، وكلما قام العبد بمجهود كبير كان الجزاء عظيم والله تعالى لا يظلم أحد[3].
حديث الهرج
لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم كبيرة ولا صغيرة تهم امر المسلمين إلا وبلغ بها، وقال عنها ما يغني وينفع، فحدثنا رسول الله عن
العبادة في الهرج
والفتن قائلاً “العبادة في الهرج كهجرة إلي” صدق رول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود بالهرج الكثرة في
المشي
والاختلاط ويقصد بالهرج الفتنة التي تأتي في آخر الزمان كما يقصد به القتل[1].
ويقصد من الحديث الشريف أن العبادة في هذا الزمان الذي ياتي على الناس وكثر فيه الفتن والقتل والهرج والفغلة، كالهجرة للرسول الكريم وهي من أعلى وأعظم الطاعات لله عز وجل، كما أن كلما زادت الفتن أقتربت الساعة، حيث يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام” إن بين يدي الساع أياما، يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج، والهرج القتل”.، كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” يتقارب الزمان، ويقبض العلم، وتظهر الفتن، ويلقى الشح، ويكثر الهرج”.
ومعنى ذلك أن العبادة وقت انشغال الناس بالفتن والقتل والفساد، يعتبر عمل عظيم كهجرة كريمة لرسول الله وهي عبادة لا يستطيع الجميع أن يقدم عليها، مثل العبادة في الفتن والهرج، فقد يغفل الناس عن العبادات والذكر ولا يكونوا متفرغين للعبادة، حيث إتباع الهوى والانشغال عن الطريق المستقيم السليم.
أجر الصبر على الفتن
الصبر من العبادات العظيمة في الدين الاسلامي فالله تعالى ذكر الصابرين كثيراص في
القرآن الكريم
ورفعهم مكانة مرموقة كريمة، تليق بمرارة ما ذاقوا فيقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة آل عمران آية200 “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”، صدق الله العظيم[5]، كما أن في هذا الزمان كثرت الفتن، وكثرت طرق الوصول إليها، فأصبح من اليسير الوصول للمعصية وارتكاب الفواحش، كما كثر المرض والفساد واللهو والفزع والخوف بين الناسن مما قد يلهي الناس عن العبادات، ويفقدهم
الصبر
ولا يشعروا بالأمان ولا السكينة، ولكن الصابرون على الفتن لهم جزاء عظيم، إذ يقول الله عز وجل” أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ[6].
ويتمثل اجر الصابرون على الفتن بخير الجزاء فجنة الخلد هي خير الجزاءن كما أن الله تعالى يجازي الصابرون في
الحياة
الدنيا ويكرمهم ويعزهم، فعلى المؤمن الصبر على الفتن حيث يقول الرسول الكريم”يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر”، وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”ويل للعرب من شر قد اقترب، فتناً كقطع الليل المظلم يصبح
الرجل
مؤمناً ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر”.
يقول الرسول الكريم”أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة”، ومن أتبع كلام الله ورسوله حصل على الرحمة والعفو والعافية والستر في الدنيا والآخرة، وعوضه الله بالجن فما جزاء الصبر إلا جبراً[7].