ما هو علم فراسة الدماغ

نبذة عن علم فراسة الدماغ

بعض المفكرون في القرن الثامن عشر والتاسع عشر اعتقدوا ان شكل الجمجمة لدى الإنسان يمكن ان يكون له تأثيرات في شخصيته، وهو نوع من العلم الزائف.

في القرن الثامن عشر، بدأ علم جديد بالظهور في اوروبا، وهو علم فراسة

الدماغ

او ما يسمى بالفرينولوجي، هذا العلم الذي فقد مصداقيته منذ فترة طويلة، يعتبر أن اخصائي فراسة الدماغ يمكن ان يتنبؤا بشخصية الإنسان وميوله النفسيه فقط من خلال شكل جمجمته، كان أول من روج لهذه الفكرة هو الطبيب فرانز جوزيف غال (1758-1828)، الذي اعتقد ان شكل دماغ الشخص يحمل أدلة على شخصيته، ويؤثر أيضًا على شكل جمجمته.

تطور علم فراسة الدماغ في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، إلا أن تم رفض هذا العلم في نهاية القرن التاسع عشر. [1]

تاريخ علم فراسة الدماغ

نشأ علم فراسة الدماغ في نهاية القرن الثامن عشر في فيينا بعد نظرية الطبيب الألماني فرانز جوزيف غال في علم الأعضاء، انتشرت هذه

النظر

ية في وقت لاحق على أنها علم فراسة الدماغ، من قبل مساعد الطبيب غال، وهو الطبيب الألماني يوهان غاسبار سبورزهايم.

لاحظ غال أن القشرة الدماغية للبشر أكبر بكثير من القشرة الدماغية لدى الحيوانات، وهو ما جعله معتقدًا بأن هذا هو السبب وراء تفوق البشر الفكري على الحيوانات، واصبح مقتنعًا ايضًا انه يمكن التنبؤ بسمات الإنسان عن طريق شكل وحجم الجمجمة.

اعتقد غال أن النتوءات، والشكل الكلي للجمجمة يمكن ان يرتبط بالجوانب المختلفة من شخصية الإنسان، وصفاته، وبعد فحص جماجم العديد من النشالون، وجد أن الكثير منهم يحوي على نتوءات في الجمجمة فوق آذانهم، فاعتقد ان هذه النتوءات مرتبطة بالرغبة على الاستحواذ أو الميل للسرقة أو الجشع والرغبة في الحصول على ممتلكات الاخرين.

في كتابه، علم الفرينولوجي، أو فراسة الدماغ، اقترح غال أن المهارات والصفات الاخلاقية تعد فطرية، بمعنى ان الشخص يولد مع صفاته الاخلاقية وذكائه العام، وفي حال كان الشخص سارقًا، هذا يعني أنه ولد مع رغبة بالسرقة والاستحواذ على ممتلكات الاخرين.

اعتقد غال ان الدماغ يتحكم بكل الميول والمشاعر والصفات الشخصية، وأن الدماغ كان مؤلفًا من العديد من الاقسام التي يشغل كل منها حيز لمواصفات خاصة، وإن شكل الجمجمة يعكس شكل وتطور الدماغ.

أقسام علم الفراسة

حاول غال الحصول على دعم لأفكاره من خلال قياس حجم جماجم الاشخاص الموجودين في

السجون

والمشافي والمصحات، خاصةً الأشخاص الذين كانوا يملكون رؤوس غريبة الشكل، وبناءً على هذه الدراسات، طور غال نظام لفراسة الدماغ يتألف من 27 قسمًا مختلفًا، واعتقد ان كل قسم يتوافق مع منطقة معينة من الرأس، الأقسام تشمل ما يلي:

  • الغرائز الإنجابية
  • حب الشخص لأولاده
  • المودة والصداقة
  • الدفاع عن النفس، والشجاعة، والقتال
  • الغرائز الإجرامية
  • الذكاء، المكر، والحدة
  • الإحساس بالملكيات الخاصة، والرغبة بارتكاب السرقات
  • الفخر، التكبر، العلو،

    حب

    السلطة، والغطرسة
  • الطموح، الغرور وحب المجد
  • الحذر ومراقبة الأوضاع بدقة
  • القدرة على التعلم
  • الإحساس بالمكان
  • تذكر الناس
  • الذاكرة اللفظية
  • الذاكرة اللغوية
  • الإحساس بالألوان
  • الإحساس بالأصوات والموهبة الموسيقية
  • القدرات الرياضية
  • القدرات الميكانيكية
  • الفصاحة والخطابة
  • الميتافيزيقيا أو الماورائيات
  • الهجاء
  • الموهبة الشعرية
  • العطف، والإحساس، والتعاطف
  • التقليد
  • التدين
  • المثابرة وحزم الأهداف [2]

كيف يعمل علم فراسة الدماغ

خلال عملية قراءة الجمجمة، سوف يبحث الخبير في فراسة الدماغ رأس الشخص، ويقوم بتسجيل الملاحظات حول النتوءات والبثور الموجودة في الجمجمة وشكل الجمجمة بشكل عام، ثم سوف يقارن هذه الموجودات التي قام بتدوينها مع لائحة علم الفراسة والقواعد الاساسية فيها من اجل ان يعرف ماذا تخبر هذه الجمجمة عن شكل الإنسان، وصفاته الطبيعية، وميوله ورغباته.

في وقتنا الحالي، يمكن النظر لعلم فراسة الدماغ على أنه من الأمور الممتعة والمسلية في تاريخ علم النفس، وهو بالطبع أمر لا يمكن أن يؤخذ بجدية بعد تقدم العلم والأبحاث.

قام العلماء بإبطال نظريات ونفي مصداقية علم فراسة الدماغ في حلول منتصف القرن التاسع عشر، على الرغم من أن قراءات علم فراسة الدماغ استمرت في الحصول على لحظات من الشعبية خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وتبين أن علم فراسة الدماغ ما هو إلا فرع من فروع العلم الزائف، لكن فكرة ان بعض القدرات يمكن ان تكون مرتبطة بمناطق محددة في الدماغ في الواقع فتحت مجالًا جديدًا ومهمًا في علم الاعصاب واتاحت المجال لبدء الدراسات الحقيقية على وظائف الدماغ. [3]

نقد وإبطال علم فراسة الدماغ

افتقرت اساليب غال إلى الدقة العلمية والأدلة، لأنه أراد تجاهل الكثير من الادلة التي تعارض افكاره، وهذا الأمر يتنافى مع مصداقية الابحاث، ومع ذلك، انتشر علم فراسة الدماغ بشكل كبير من القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين، واصبح من الشائع ان يقوم خبير في علم فراسة الدماغ بفحص دماغ الشخص في العصر الفيكتوري، وظل هذا الأمر شائعًا إلا أن بدأت الأدلة العلمية بدحض نظريات الطبيب غال التي لا تمت للحقيقة بصلة.

اكتسبت افكار غال العديد من المتابعين، لكنه كسب العديد من الأعداء ومعارضي أفكاره، كما تعرض للعديد من الانتقادات من العلماء والجماعات الأخرى، واعتقدت الكنيسة الكاثوليكية أن نظرياته بأن هناك شكل جمجمة معين يؤدي لانتساب الأشخاص إلى  المجموعات الدينية نوع من الإلحاد، وفي عام 1802، تم منع الطبيب غال من إعطاء المحاضرات في منزله الخاص.

مع وفاة غال عام 1828، واصل بعد تلاميذه تطوير علم فراسة الدماغ، وبدأت نظريات علم الفراسة تتسرب إلى الحكايات والثقافات الشعبية، وعلم الرغم من شعبية علم فراسة الدماغ في وقت ما، إلا أنه اصبح ينظر إليه في النهاية على أنه من العلوم الزائفة، مثله مثل علم التنجيم، والأبرج، وقراءة الكف.

كما لعبت الدراسات العلمية الحقيقية دورًا مهمًا في دحض نظريات العلم الزائف وهو فراسة الدماغ، خلال بداية القرن التاسع عشر إلى منتصفه، وجدت الطبيبة

الفرنسية

الشهيرة ماري جان بيير فلورنز ، وهي رائدة في دراسات الدماغ بأن الادعاءات والنظريات التي وضعها الطبيب غال حول أن شكل الجمجمة يترافق مع شكل الدماغ لا أساس لها من الصحة.

في عام 1844، ، لخص عالم الفسيولوجيا الفرنسي فرانسوا ماجيندي علم فراسة الدماغ بأنه علم زائف، لا يختلف عن التنجيم، واستحضار الارواح، والكيمياء في العصور السابقة، حيث تحاول هذه العلوم ان تثبت بعض النظريات، لكن عندها وضعها تحت الاختبار الحقيقي، فإنها لن تثبت للحظة واحدة. [2]

مع أن علم فراسة الدماغ من العلوم الزائفة التي لا تختلف إلى حد كبير عن قراءة الكف وعلم التنجيم، إلا أننا لا يمكننا أن ننكر أن لهذا العلم تأثير كبير على إتاحة المجال لدراسة وظائف الدماغ، وكيفية ارتباط الأجزاء المختلفة من الدماغ بالوظائف المختلفة، وهذا الأمر اتاح المجال في الحقيقة لمعرفة كيفية عمل الدماغ. [1]