مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


ما هي مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد أهم العبادات، والمبادئ الأساسية في الإسلام، والتي لا ينكرها مسلم على منهج أهل الكتاب والسنة، وذلك لأن بدونها ينقلب

العالم

لصراع، ولا ناصح ولا دليل فيه، سواء كان داخل الأسرة، أو بين الأصدقاء، أو حتى على النطاق الأوسع بين الناس وبعضها في المجتمع.


وأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مستدل عليها من القرآن الكريم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾.


وقد بين ذلك الإمام الغزالي والذي قدم كتاب عظيم باسم إحياء علوم الدين، وقدم في هذا الكتاب، موضح ومبين درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبينها على ثمانية درجات، وهي:


  • المرتبة الأولى



المعرفة

، ما يعني معرفة وجود المنكر، وهو ما يحصل بظهوره، وليس بالتفتيش عنه، حيث يوضح الأمر هنا أنه من عدم جواز التجسس أو استراق السمع حتى تحصل له

المعرفة

بذلك، لكن لا بد للمنكر أن يظهر بنفسه.


  • المرتبة الثانية


التعريف

فإن كانت المعرفة للشخص نفسه فإن التعريف يقع على الطرف الثاني، حيث يوضح المنكر لمن يقوم به على اعتبار أنه قد يجهله.


  • المرتبة الثالثة



نهي الذي يقوم بالعمل بالنصح

، وبالوعظ، وبالتخويف بالله، وبالطرق السلمية التي تمتليء بالنصح اللطيف، والوعظ الهاديء والتخويف من عذاب

الله

.


  • المرتبة الرابعة



القول الشديد القاسي

، والتعنيف القاسي والقول الخشن الشديد الممتليء بالغلظة، وهو في حالة ما إذا كان الشخص قد صعب عليه المنع من  توجيه الغير بطريقة خالية من التعنيف، مثل قول إبراهيم عليه

السلام

لقومه  ( أُفࣲّ لَّكُمۡ وَلِمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ) سورة

الأنبياء

67.


  • المرتبة الخامسة



مرتبة الفعل

وهي مرتبة التغيير باليد، مثل تكسير زجاجات الخمر، وإراقة الخمر، وإغلاق الملاهي، ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 113، 114].



  • المرتبة السادسة



الالتجاء إلى التهديد

و التخويف حتى إذا كان يدخل فيه لأكسرن أو لأضربن، أو لأفعلن كذا.



  • المرتبة السابعة



الفعل المادي الملموس

بالضرب باليد أو الضرب بالرجل، دون اللجوء إطلاقاً إلى شهر سلاح و الاقتصار على قدر الحاجة فقط.


أن لا ينتهي المنكر إلا بالاحتياج إلى إشهار سلاح، وفي هذا يقول الشيخ الإمام « و هذا مما قد ظهر فيه الاختلاف في احتياجه إلى إذن الإمام لإنه ربما أدى الى الفتن، فقال قوم لا بد من إذن الإمام لأنه ربما أدى الى الفتن و الفساد””.


“”و قال آخرون :لا يحتاج إلى إذن و لا يبالي بلوازم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و لاننا نجوّز للآحاد من الغزاة أن يجتمعوا و يقاتلوا من أراد من فرق الكفار، فكذلك قمع أهل الفساد جائز، و المسلم أن قتل فهو شهيد كذا قال الغزالي … و رجحه».


ويستدل على ذلك أيضاً في مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال تعالى: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾، ويقول الله عز وجل: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ).


شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبدأ إسلامي، هام لا يمكن تعطيله أو إلغاؤه أو تهميشه، أو إنكاره، ولا يقبل تعطيله، ولكن هذا الأمر ليس مطلق دون شروط أو أسباب، فهو له شروط محددة ومعروفة لدى الفقهاء، وهي كالتالي:


حيث يجب على كل من يتصدى لمسألة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أن يكون شخص مسلم، لأن هذا مبدأه النصر للإسلام، فلا يجوز أن يصدر ممن هو كافر بدين الله أو جاحد له يقوم به كافر أو جاحد لدين الله تعالى، وذلك لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نوع من العزة والكرامة لا تكن لكافر، ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾[41].



  • التكليف


ويشترط في الذي يأمر بالمعروف وينعى عن المنكر التكليف، حيث يعتبر من شروط العبادات عامة، فلا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على غير المكلف، لكن يمكن للصبي المميز الإنكار.



  • الاستطاعة


و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شروطه الاستطاعة، حيث يكون له القدرة على تغيير المنكر والدليل قوله تعالى: ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ﴾[42]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه». [1]


إنكار المنكر أربع درجات ماهي


ويعتبر المسلمون في أمر إنكار المنكر على درجات، وهي كما يلي:


_

الدرجة الأولى إنكار المنكر باليد

، مثل ولي الأمر والذي ينوب عن من يمنح صلاحية لذلك، مثل الوالد مع ولده، والزوج مع زوجته، والسيد مع العبد.


_

الدرجة الثانية وهي إنكار المنكر بالنصح وبالإرشاد

وبالنهي وبالزجر وبالدعوة بالتي هي الأحسن بدون استخدام

اليد

واستعمال القوة، وذلك خوف من إثارة الفتن وانتشار

الفوضى

.


_

والدرجة الثالثة وهي درجة من يجب عليه الإنكار بالقلب فقط،

لضعف النفوذ واللسان، وهذا أضعف الإيمان، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله : ” من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ” أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .


وتحدد المصلحة الشرعية مرتبة الشخص سواء في العيش في وسط قد انتشر فيه المنكر، ولم يخاف على نفسه من الفتن ويبقى بين من يرتكب المنكر، مع الإنكار على حسب الدرجة، أو الهجر من مكانه من أجل المحافظة على دينه.


أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


قال تعالى عن من يتمسكون بشرع الله ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،( یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [آل عمران 114]، ومن أركان هذا الأمر:


  • المحتسب.

  • المحتسب عليه.

  • المحتسب فيه.

  • نفس الاحتساب.


أيات ذكر فيها الأمر بالمعروف


تعددت الآيات التي ذكر فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها:


  • ۞ قَوۡلࣱ مَّعۡرُوفࣱ وَمَغۡفِرَةٌ خَیۡرࣱ مِّن صَدَقَةࣲ یَتۡبَعُهَاۤ أَذࣰىۗ وَٱللَّهُ غَنِیٌّ حَلِیمࣱ )

    سورة البقرة

    263.

  • (یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ)، آل عمران 114

  • ( وَلَا تُؤۡتُوا۟ ٱلسُّفَهَاۤءَ أَمۡوَ ٰ⁠لَكُمُ ٱلَّتِی جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ قِیَـٰمࣰا وَٱرۡزُقُوهُمۡ فِیهَا وَٱكۡسُوهُمۡ وَقُولُوا۟ لَهُمۡ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا )

    النساء

    5.

  • ۞ لَّا خَیۡرَ فِی كَثِیرࣲ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَـٰحِۭ بَیۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِیهِ أَجۡرًا عَظِیمࣰا) النساء 114.

  • ( وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَیُطِیعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ سَیَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ )

    التوبة

    71. [2]