ما هي ثمرات التفكير في آيات الله ؟.. وقصص واقعية عنها
ثمرات التفكير في آيات الله
عبادة التفكير والتأمل من أروع العبادات التي حرم منها كثير من الناس بسبب غفلتهم وقيودهم التي قست قلوبهم وتسببت في تقاعسهم عن تلك العبادة وانعدام إخلاصهم لله، لأن من صفات المتأملين أنهم يتسابقون في الطاعات ويتنافسون في العبادات، خاصة التفكير في آيات
الله
.
إن
النظر
إلى جمال الكون والمخلوقات يأتي من
التأمل
في خلق الله تعالى وفي جمال خلقه، و
من ثمرات التفكر في خلق الكون
ونتائج هذا التأمل، ما يلي:
- معرفة قدرة الله تعالى ونطاق علمه وخبرته بخلقه وظروفهم وما ينفعهم وما يضرهم.
- معرفة قدرة القوة الإلهية ودقتها وكمالها في خلق الله وإبداعاته.
-
يفهم العبد مقدار
إحسان
الله ولطفه لخليقته. - وعي المتأمل بنطاق حكمة الله وحسن تقديره له.
- فهم الإنسان لمصيره، أنه في حاجة إلى الله سبحانه وتعالى، ولديه قدرة محدودة، ومن ثم فهمه لحق الله في خلقه وفضله عليهم.
- إن قلب المتأمل ثابت في عظمة الله ومصيره، بالإضافة إلى تميّز الله في الخلق، وفي المقدار، وفي تكلفة رزق الخليقة، وهو سبب اعتراف العبد بتفرّد الله في الخلق، فيخضع له وينصاغ إليه ، ويتحول إلى عبادته وحده.
- إن معرفة صفات الله الكاملة وقدرته وجلالته ومعرفته وحكمته ورحمته التي يوقعها على عبيده رغم عصيانهم له ليلاً ونهارًا يزيد من ثقة المتأمل ويقينه بالله تعالي.[1]
قصة واقعية عن ثمرات التدبر في آيات الله
من أهم الشواهد على فضل التدبر في خلق الله آياته هو الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه ، حيث كان يعي ذلك جيدًا ويعي مدى تأثير عبادة التدبر في نفوس الخلق؛ ومن هنا كان يُكثِر من عيش هذه اللحظات التي ينفرد فيها بنفسه وحيدا بعيدا عن مشاغل الخلق لينشغل فقط بالخالق، ويتفكَّر في آيات الله ومعجزاته في خلق الكون، لدرجة أن زوجته أم الدرداء وصفته بقولها: كان أكثر شأنه وهمه هو التفكُّر ، بل وصل الأمر لدرجة أنَّ الناس سألوه شخصيا رضي الله عنه عن ماهية هذا التفكُّر الطويل صراحةً، فتعجبوا بقولهم: هل ترى يا أبا الدرداء أن التفكُّر شاغلا مهما من الأعمال؟ فأجابهم بقوله: نعم، ألا وأن التفكير هو اليقين.
من واقع إجابته العميقة، أكد لنا أن
التدبر والتأمل
هو طريق التقويم النفسي، لأن التفكُّر والتدبر يؤدي إلى اليقين بالله عزَّ وجل وبحكمته وقدرته التي لا مثيل لها وقوَّته التي فاقت حدود تفكيرنا، ومن هنا -لا شك- سوف نعطي لله قدره، ونخضع له بكل ذرَّة في نفوسنا وأجسادنا، ونكون أكثر خشوعًا في صلاتنا وعباداتنا، وأشدَّ إقبالًا عليه وعلى أداء الطاعات، خاصة بعد
مدح
الله للمتدبرين والمتفكِّرين في كونه، بقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190-191].
كل هذا السمو في العبادة والتدبر
ينبع
من طريقة تفكير لا تستند إلى علوم أو إحصائيات معقدة، بل إنها مجرد نظرة تأملية إلى السماء أو
البحر
أو زهرة أو نهر، بالإضافة إلى فحص دقيق لمحتويات هذا الكون الغريب.
هل التدبر في آيات الله فرض أم من السنة
لقد فرض الله على المسلمين واجب التفكير في خليقة الله حتى يتعلموا الدروس، فأعلى مستوى من
المعرفة
والإيمان هو واجب التأمل في علامات الله في الكون وقوانينه الموجودة، وقد أمر الله تعالى بالفكر والتأمل في القران الكريم في مواضع لا تعد ولا تحصى وأثنى على المفكرين، فالتأمل واجب لا سنة، من قوله تعالى { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }(191).
التدبر في القرآن الكريم
للقرآن الكريم مقاصد عظيمة وأهداف عادلة وحكم راقية، وكلها مستمدة من منزلة الله سبحانه وتعالى، وبما أن الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا من أجل لا شيء، فهو أيضًا لم يرسل كتابه خاليًا من الأسرار والحكمة العالية، الذي فتح له قلوب بعض عباده ليعرفها ويفهمها كل واحد منهم ذاق رحيقه واستنشق عبيره بقدر ما مكنهم الله (سبحانه وتعالى) من التعمق في القرآن وأهدافه.
فهم القرآن وتدبر ما جاء به واستنباط حكمته هو نيل سعادة الدنيا والآخرة، وبما أن تفوق العلم ينبع من تفوق موضوعه وهدفه، فإن هذا العلم (تدبر القرآن) هو أرقى وأرقى علم على الإطلاق، ومن أهداف تدبر
القرآن الكريم
مايلي:
-
إخراج الناس من الظلمات إلى النور
من المقاصد العظيمة للقرآن الكريم أنه نزل بهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور وحفظهم من الضلال إلى الهداية ومن ظلمات الخطيئة إلى نور الطاعة والإيمان ومن الضلال في متاهات الشر إلى طريق الهداية والبصيرة، ومن تدبره نال هذا الشرف العظيم.
-
نيل الهدى التقوى
اذا كان القرآن ونور ورحمة فهو أيضا هدى وبشارة وتقوى لمن يتدبره، إنه هداية للمؤمنين في الحاضر إلى طريق الحق والوعي، وفي المستقبل، يمنحهم الهداية إلى المحطات التي سيصلون إليها، فالقرآن ليس كتاب علم نظري أو تطبيقي يستفيد منه كل من يقرأه ويفهمه فقط، بل القرآن يخاطب
القلب
قبل كل شيء، يصب نوره وهدايته وتقواه في القلب المفتوح الذي يتقبله بإيمان ويقين، فكلما تبلَّغ القلب بالإيمان استطاع تذوق حلاوة القرآن وإدراك معانيه واتجاهاته، خلافًا للقلب القاسي والجاف تمامًا، وكلما استرشد بنوره إلى ما لا يستطيع المنكر إيجاده، زادت استفادته من تدبره حيث لن يستفيد أي قارئ شارد الذهن.
وأيضا من يقرأ آية أو سورة عدة مرات عندما يكون غائبًا عن عقله أو في عجلة من أمره ينتهي به الأمر بعدم الاستفادة من القرآن، لكن مع التكرار فجأة، يضيء النور في قلبه، وتنفتح عوالم جديدة تمامًا لم تخطر بباله مطلقًا، ويبدأ في قراءة القرآن بهدوء وتدبر، فالقرآن مليء بكنوز عظيمة من الهداية والمعرفة والنشاط والتوجيه، الإيمان والتقوى هى مفاتيح كل هذه الكنوز التي لن تنفتح إلا بهم، وهناك أناس لديهم
إيمان
حقيقي بقلوبهم ، وقد صنعوا المعجزات بهذا القرآن، أما إذا أصبح القرآن مجرد كتاب ، يردد المرشدون آياته فلا يتجاوز الأذان ولا يدخل القلب، فإنه لا يفعل شيئًا ولا ينتفع منه أحد، ويصبح القلب في غفلة وقسوة دائمة.
بالنهاية، القرآن قد نزل ليخبرنا عن وحدانية الله، من أجل شرح هذه العقيدة، اتخذ القرآن نواحٍ عديدة، واستخدم أساليب وأدوات عديدة، وذكر بعد ذلك أن وحدانية الله لا تحتاج إلى أكثر من تذكر شخصية الإنسان الطبيعية والعودة إليها مع الدلالات الكونية والتدبر الدائم في كل ما خلق الله.[2]