ما هي ثمرات التفكر في خلق الكون؟.. وفوائدها
نبذة عن التفكر في خلق الكون
عند التفكر في خلق الكون، يمكن أن يزداد
إيمان
الشخص ويقينه بوجود
الله
، وقد
ورد
في فضل التفكير بخلق الله العديد من الآيات القرانية التي تثني على فعل التفكر والتأمل بملكوت الله (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). [1]
التفكر يعني إشغال العقل في خلق الله، بمعنى أن يسأل الشخص نفسه عن خالق الكون، لأن العقل يدل على وجود الله عز وجل، وعلى كمال خلقه، وعظيم جاهه، وسيطرته علينا، وذلك يتحقق من خلال إمعان
النظر
بآيات الله.
كما أن التفكر في خلق النفس البشرية، يعد من أكبر الأدلة على تفرد الله وحده بالربوبية، لأن لو أطال الشخص التفكير بعجائب صنع الله لتوصل إلى ضرورة وجود آله واحد لهذا الكون، لأنه من غير الله يمكنه أن يخلق الإنسان، وأن يحول العلقة إلى مضغة، وأن يكسو
العظام
لحمًا أو يميت الإنسان بعدما أحياه. [2]
وكان السلف الصالح أيضًا يمعن التفكير في خلق الله لمل له من فوائد، حيث قال الحسن البصري (تفكر
ساعة
خير من قيام ليلة)، وقال سفيان بن عيينة ( الفكرة نور يدخل قلبك) [1]
هل عملية التفكر في خلق الكون محدودة
هذه العملية مجال واسع لا يحده حدود، ولا تنتهي أبدًا، يمكن أن يبدأ المؤمن بالتفكر بخلق الله ليجد أن هذه العملية لا تنتهي ابدًا، لأن كل شيء من حولنا دليل على عظمة الله تعالى، فالمخلوقات والأحداث إشارة واضحة على أسماء الله وصفاته، ومظاهر لعظمة خلقة، كما أن المؤمن قد يمر بالعديد من الأحداث والظروف ويأتيه لطف الله بعدها، أو جبره أو كرمه لتتحقق أسماء الله الحسنى وصفاته.
قال تعالى:
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا
[محمد: 24] اي أنه نهى المؤمن عن الإغفال عن التدبر والانشغال بأمور الدنيا الفانية، وأن العبادة والتفكر يؤديان لامتلاء
القلب
بمحبة الله تعالى وتعظيمه وإجلاله. [4]
ثمرات التفكر في خلق الكون
من
ثمرات التفكر في آيات الله
ما يلي:
-
من أهم ثمرات التفكر في خلق الكون هي إدراك عظيم خلق الله تعالى، وزيادة الإيمان به، لأن المؤمن الصالح عندما يتأمل الآفاق ويرى خلق الله من سماء وأرض، وجبال وشمس ونجوم وكواكب وقمر، وبحار وأنهار، وليل ونهار وكل ذلك، يدرك أن وراء هذا التنظيم الدقيق لا بد من خالق، قال تعالي:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
{فاطر: 27- 28
- التفكر في خلق الله يوصل الإنسان إلى عبادة الله تعالى وحده، لأنه يقتنع أن الله لم يخلق هذا الكون من أجل أن يجحد الإنسان ويهمل عبادة ربه، وإن الإنسان كلما تفكر أكبر، كلما أدرك أن الله تعالى خلقه لغرض العبادة.
-
التفكر في خلق الله يؤدي للخشوع، وهو بحد ذاته عبادة أمر الله بها ونهى عن الإغفال عنها، وإن التفكير يقود في النهاية إلى تثبيت
القلوب
على توحيد المولى، وزيادة قوة الإيمان بأن الله وحده من يملك صفات الكمال، وإدراك أنه ما خلقنا إلا بالحق ولحكمة بالغة. -
التفكر في خلق الله يزيد من الإيمان بالله ويقرب العبد من ربه،
قال تعالى
:
إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ
. {
يونس:6
}
[3]
مجالات التفكر في خلق الله تعالى
-
ان يتفكر المؤمن في آيات الله، وذلك بعد ان يتامل في جمال خلق الله من سماء وبحار وانهار وجبال وسهول وطبيعة خلابة وشمس ونجوم وقمر وكواكب، وتعاقب الليل والنهار والشمس والقمر بنظام بالغ الدقة لا يخطئ، قال تعالى :
(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا).
-
التفكر في بديع خلق الإنسان، وكيف خلق الله أجهزة الإنسان، وكيفية تناسقها وانسجامها مع بعضها البعض من الجهاز العصبي والقلبي الوعائي والجهاز الهضمي والإطراحي والبولي التناسلي ووظائف العقل والدم والأنزيمات والهرمونات، وكيفية انسجام هذه الأعضاء وعملها معًا بما يخدم حياة وصحة الإنسان، قال تعالى:
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ).
-
التفكر في حال الدنيا وكيفية تقلب أهلها من عسر ليسر، وبالعكس، والتأمل في حال الاشخاص الذين خسروا الآخرة بلهاثهم وراء متاع الدنيا الزائل، وكيف طغى بعض الاشخاص وتجبروا في الارض وتكبروا عن عبادة الله ولاحقوا شهواتهم الدنيوية لينتهي بهم المطاف للخسارة والهم في
الحياة
والممات، فهولاء خسروا الدنيا وخسروا الآخرة. قال تعالى:
(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
-
ان يتامل الإنسان في طبيعة النفس البشرية من خلال التفكر وقراءة ايات الله وذلك ليتوصل لفهم افضل للنفس الأمارة بالسوء، وكيف تدفعنا رغباتنا جميعًا مهما كانت درجتنا من الإيمان في بعض الأحيان إلى اقتراف المعاصي والذنوب، وكيف تغلب الشهوة الإنسان في بعض الأحيان، وأن يتأمل في نزعة الإنسان للشر، وتملك الغير وحب الخلود، وكيف يغري الشيطان الإنسان في بعض الأحيان ويزين له الشرور وينفره من الطاعات، قال تعالى:
(وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا).
-
ان يتأمل الإنسان في المخلوقات الحية والحياة غير الإنسانية، حيث خلق الله كائنات حية اخرى لا تعد ولا تحصى يعيش كل منها وفق نظام فائق الدقة، منها ما هو مفيد للإنسان ومنها ما هو ضار له، كما أن الله تكفل في رزق هذه الكائنات، وعندما يدخل الإيمان إلى قلب الشخص، يدرك أن الله الذي يرعى رزق أضعف كائناته، ولا ينسى سمكة في قاع البحر، لن يترك الإنسان لضعفه وقلة حيلته دون أن يمد له العون ويرزقه، وهذا التفكر يعين الإنسان على التوكل على الله وحده والاعتماد عليه دون اي احد آخر، قال تعالى
{وفي السماء رزقكم وما توعدون}
فوائد التفكر في خلق الكون
- ان يستقر في قلب المؤمن الإيمان بالله تعالى وحدهن فينصرف بعبادته وحده، ويطلب منه العون ويتوكل عليه ويسأله الرزق، ولا يخشى الدنيا ولا تقلب أحوالها ولا الناس، ولا يطلب من الناس شيئًا، إنما يكون حسبه الله فقط.
- زيادة الإيمان في قلب المسلم الذي تفكر في آيات الله تعالى وصفاته وخلقه الإنسان والحيوانات والكائنات الحية بأجمعها وهذا الكون بما فيه من الصفات الدالة على وحدانية الله تعالى، فيلجأ الإنسان إلى العبادة، وكلما زاد التفكر، زاد اليقين وزاد الإيمان وزاد العمل بما يرضي الله والعبادة. [1]