الآية التي نزلت في أمية بن أبي الصلت
من هو أمية بن أبي الصلت
إن أمية بن أبي الصلت هو شاعر جاهلي من أهل الطائف، وكان والده شاعراً أيضاً، وكان متصلاً في عصر الجاهلية بأهل الكتاب يسمع أخبارهم وكتبهم، وكان دائماً يبحث عن التوحيد وحمل شعره الكثير من الآثار في التوحيد، وإن بعض الأقوال عن أمية بن أبي الصلت:
- قال ابن سّلام: ” وكان أميّة بن أبى الصلت كثير العجائب، يذكر فى شعره خلق السموات والأرض، ويذكر الملائكة، ويذكر من ذلك ما لم يذكره أحد من الشعراء، وكان قد شامَّ – أي اقترب من – أهل الكتاب ” انتهى من “طبقات فحول الشعراء”.
-
وقال ابن قتيبة: ” وقد كان قرأ الكتب المتقدمّة من كتب
الله
جلّ وعزّ، ورغب عن عبادة الأوثان، وكان يخبر بأنّ نبيّا يبعث قد أظلّ زمانه ، ويؤمّل أن يكون ذلك النبىّ، فلمّا بلغه خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصّته ، كفر ؛ حسدا له ” انتهى من “الشعر والشعراء”.[2]
هل أسلم أمية بن الصلت
إن أمية بن أبي الصلت كان عالماً من العلماء بالإضافة إلى أنه كان من فحول الشعراء، وكان شعره يحمل إيماناً كبيراً، وكان نبينا عليه
الصلاة
والسلام يستطيب في شعره وفي معانيه العظيمة، وقد ذكر في السنة النبوية الشريفة:
- فِي حَدِيثِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: هِيهْ، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهْ، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهْ، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
- وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «… كَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وهناك رواية لأمية تدل على أنه سبق أبي بكر للإسلام بسبب محاورة سمعها بين أمية وزيد بن عمرو، فقد مات زيد قبل البعثة على الإيمان واستنكف أمية عنه، وقال أبو بكر رضي الله عنه: «كُنْتُ جَالِسًا بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَاعِدًا، فَمَرَّ بِهِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، قَالَ: هَلْ وَجَدْتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَمْ آلُ مِنْ طَلَبٍ، فَقَالَ: كُلُّ دِينٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَا قَضَى اللَّهُ وَالْحَنِيفَةُ بُورُ، أَمَا إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي يُنْتَظَرُ مِنَّا أَوْ مِنْكُمْ، أَوْ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَبِيٍّ يُنْتَظَرُ، أَوْ يُبْعَثُ، قَالَ: فَخَرَجْتُ أُرِيدُ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَكَانَ كَثِيرَ النَّظَرِ فِي السَّمَاءِ، كَثِيرَ هَمْهَمَةِ الصَّدْرِ، قَالَ: فَاسْتَوْقَفْتُهُ، ثُمَّ اقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي، أَبَى أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْعُلَمَاءُ إِلَّا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي يُنْتَظَرُ مِنْ أَوْسَطِ الْعَرَبِ نَسَبًا، وَلِي عِلْمٌ بِالنَّسَبِ، وَقَوْمُكَ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا، قَالَ: قُلْتُ: يَا عَمِّ، وَمَا يَقُولُ النَّبِيُّ؟ قُلْتُ: يَقُولُ مَا قِيلَ لَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا ظُلْمَ وَلَا تَظَالُمَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْتُ وَصَدَقْتُ» رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ وَابْنُ عَسَاكِرَ.
وفي رواية أن أمية بن الصلت قد حاور النبي عليه الصلاة والسلام وقد شهد أنه الحق ولكنه تروى في دخوله للإسلام، وقد اتجه إلى الشام ولم يعد إلا بعد
غزوة بدر
، وفي تلك الفترة قرر أن يتبع النبي عليه الصلاة والسلام ، «فَقَدِمَ أُمَيَّةُ مِنَ الشَّامِ حَتَّى نَزَلَ بَدْرًا، ثُمَّ تَرَحَّلَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا أَبَا الصَّلْتِ، مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ مُحَمَّدًا، قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: أُومِنُ بِهِ، وَأُلْقِي إِلَيْهِ مَقَالِيدَ هَذَا الْأَمْرِ. قَالَ: أَتَدْرِي مَنْ فِي الْقَلِيبِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فِيهِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُمَا ابْنَا خَالِكَ»، وبعد أن قيل له أن النبي قد قتل أقاربك في غزوة بدر وتم تذكيره قد احتملته الحمية والعصبية الجاهلية، وابتعد عن الإسلام، وقام كما يقوم الجاهليون بقطع ذنب الناقة وجدع أذنيها، ثم وقف على قليب بدر وبدأ ينشد قصيدته التي يرثي بها قتلة المشركين ويسب المؤمنين، فسبق عليه الكتاب ولم يؤمن، وقد مات كافراً.
وعندما نتأمل
قصة
أمية بن الصلت نجد أنه يجب أن نخاف من تقلب القلوب، فكان رجل أمضى جل عمره ينشد الحق ويطلبه، وكان يلتمس صفة النبي عند العلماء لينصره ويكون متبعاً له، ولكن عندما سبق عليه الكتاب حسده وحسد قريشاً، وقام بتكذيبه بعد أن تيقن به، وإن أصحاب الأخبار لم يختلفوا على أنه مات كافراً، وقيل أنه مات سنع تسع من
الهجرة
بالطائف كافراً قبل أن يسلم الثقفيون.[1]
ما هي الآية التي تم نزولها في أمية بن أبي الصلت
إن أمية بن الصلت هو من رؤوس الناس في العلم أيام الجاهلية وكان ينتظر بعثة نبي ليتبعه وكان يرجو الله سبحانه وتعالى أن يرسله نبياً، وله أشعار كثيرة مليئة بالإيمان، ولكنه لم يؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام عندما بعث وقد حسده وتحدث عن قومه لأن النبي كان من قريش ولكنه لم يكن من ثقيف، وقد دخل أية بن أبي الصلت في عدة آيات تم ورودها في
القرآن الكريم
وهي:
- في سورة الأعراف آية 175: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ”.
- وفي سورة آل عمران آية 8: “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ”.
- فصَدَقَ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى في سورة آل عمران آية 86-88: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾.
ديوان أمية بن أبي الصلت
إن لأمية ديوان شعر تم فيه اختلاط الشعر الصحيح النسبة له بالشعر المنسوب له، وإن أكثر شعر ديوانه كانت تتخلل تأملاً في الكون ودلالته على ربوبية الله تعالى، وقد أخبر ديوانه عن اليوم الآخرة والثواب والعقاب بالإضافة إلى
قصص
الأنبياء، وقد
مدح
عبد الله بن جدعان وافتخر بنفسه، ومن هذه ديوان أمية بن أبي الصلت الأشعار التالية:
لك الحمد والنعماء والمُلْك ربنا * فلا شىء أعلى منك جَدًّا وأَمْجَدُ
مليكٌ على عرش السماء مهيمنٌ * لعزّته تَعْنُو الجباه وتسجدُ
مليك السماوات الشِّدَاد وأرضها * وليس بشىء فوقنا يتأودُ
تسبِّحه الطير الكوامن فى الخفا * وإذ هى فى جو السماء تَصَعَّدُ
ومن خوف ربى سبّح الرعدُ حمده* وسبّحه الأشجار والوحش أُبَّدُ
من الحقد نيران العداوة بيننا * لأن قال ربى للملائكة: اسجدوا
لآدم لمّا كمّل الله خلقه * فخَرُّوا له طوعًا سجودا وكدّدوا
وقال عَدُوُّ الله للكِبْر والشَّقا: * لطينٍ على نار
السموم
فسوَّدوا
فأَخْرَجَه العصيان من خير منزلٍ * فذاك الذى فى سالف
الدهر
يحقدُ.[3]