قصة قصيدة غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً
كلمات قصيدة غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً
غذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ نابَتكَ بِالشَكو لَم أَبِت لِشَكواكَ إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
كَأَني أَنا المَطروقُ دونَكَ بِالَذي طُرِقَت بِهِ دوني فَعَينايَ تَهمُلُ
تَخافُ الرَدى نَفسي عَلَيكَ وَإِنَني لأَعلَمُ أَنَ المَوتَ حَتمٌ مُؤَجَّلُ
فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ أُؤَمِلُ
جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً كَأَنَكَ أَنتَ المُنعِمُ المُتَفَضِل
فَلَيتَكَ إِذ لَم تَرعَ حَقَّ أُبوَتي فَعَلتَ كَما الجارُ المُجاورُ يَفعَلُ
زَعَمتَ بِأَنّي قَد كَبِرتُ وَعِبتَني لَم يَمضِ لي في السِنُ سِتونَ كُمَّلُ
وَسَمَيتَني باِسِمِ المُفَنَّدِ رَأيُهُ وَفي رَأيِكَ التَفنيدُ لَو كُنتَ تَعقِلُ
تُراقِبُ مِني عَثرَةَ أَو تَنالَها هَبِلتَ وَهذا مِنكَ رَأيٌ مُضَلَلُ
وَإِنَكَ إِذ تُبقي لِجامي موائِلاً بِرَأيِكَ شابّاً مَرَةً لَمُغَفَّلُ
وَما صَولَةُ الحِقِّ الضَئيلُ وَخَطرُهُ إِذا خَطَرتَ يَوماً قَساورُ بُزَّلُ
تَراهُ مُعِدّاً لِلخِلافِ كَأَنَهُ بِرَدٍّ عَلى أَهلِ الصَوابِ مُوَكَلُ
وَلَكِنَّ مَن لا يَلقَ أَمراً يَنوبُهُ بِعُدَّتِهِ يَنزِل بِهِ وَهو أَعزَلُ[1]
ملخص قصة قصيدة غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً
تعد قصيدة غذوتك مولودا وعلتك يافعا من أجمل
قصائد الشاعر الجاهلي أمية بن عبد الله أبي الصلت
لغناها بالدروس والعبر والقيم الأدبية.
جائت هذه القصيدة في عتاب ولد له كان عاقًا، حيث يعاتب الشاعر أمية بن عبد
الله
أبي الصلت ولده العاق بأسلوب رائع وجميل يحزن
القلب
ويدمع العين.
يبدأ الشاعر القصيدة بوصف وتوضيح عطائه لولده منذ أن كان ولدًا حتى أصبح شابًا يافعًا، فيصور الشاعر نفسه كالشجرة التي تعطي الثمار التي ينهل منها الابن مرة بعد أخرى وهذا دليل على عطاء الأب المستمر، فالأب كالمورد الأساسي الذي يهتم بتوفير جميع احتياجات ومتطلبات ابنه حتى كبر وأصبح شابًا.
وبالإضافة إلى العطاء المادي، لم يبخل الأب بالعطاء المعنوي وتقديم الدعم والمساندة فتراه يشاركه في أفراحه وأحزانه وجميع حالاته، وهو لا يستطيع الخلود للنوم في حال أصاب ابنه أي مكروه كألم أو مرض أو حزن، وحتى إن حاول
النوم
فإنه يأن ويتوجع عليه من الحزن، فكأن
الألم
الذي أصاب ولده قد أصابه هو، حيث تظل عيناه تترقرق بالدموع حزنًا على ولده المصاب.
يذكر الأب أيضًا أنه يظل قلقًا خائفًا على ولده من الموت على الرغم من معرفته أن الموت هو أمر حتمي ولا مفر منه، وهذا يدل على شدة خوفه على ولده وحبه له.
ولكن الولد لما بلغ سن الرشد والرجولة راح يتعامل معه بأسلوب فظ غير مقبول كأنه هو المعيل والمسؤول عن الأب، ولم يكتف الولد بذلك بل راح يصف والده بقلة العقل وسوء الرأي، ولكن في الحقيقة أن رأي الأب هو الرأي السديد وأن قلة العقل وسوء الرأي جديرة أن تنسب إلى الولد لا إلى الوالد، فهو لا يملك من الحكمة والعلم ما يملكه والده.
يبين الشاعر في هذه القصيدة مدى صعوبة ومرارة العقوق، فعلى الرغم من كل الجهود والتضحيات التي قدمها الأب في حياة ولده، كان الجزاء هو العقوق وسوء المعاملة، فالشاعر تمنى من ولده أن يجازيه بالمثل وأن يكون خير ولد له يبره ويحسن معاملته في كبره.
شرح قصيدة غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعا
- غذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
يتحدث الشاعر في هذا البيت عن عطائه ورعايته لولده في طفولته وشبابه، فهو قام بتوفير جميع احتياجاته ومتطلباته حتى كبر وأصبح شابًا.
- إِذا لَيلَةٌ نابَتكَ بِالشَكو لَم أَبِت لِشَكواكَ إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
يصف الشاعر في البيت الثاني حزنه وسهره على ولده
المريض
وتقلبه على ملة السرير كأنها الجمر.
- كَأَني أَنا المَطروقُ دونَكَ بِالَذي طُرِقَت بِهِ دوني فَعَينايَ تَهمُلُ
يوضح الشاعر أن المرض الذي أصاب ولده قد أصابه أيضًا وإن عيناه لم تكف عن
البكاء
حزنًا على ولده المريض.
- تَخافُ الرَدى نَفسي عَلَيكَ وَإِنَني لأَعلَمُ أَنَ المَوتَ حَتمٌ مُؤَجَّلُ
يستكمل الشاعر في هذا البيت تعبيره عن حزنه وخوفه وخشيته على ولده من المصائب والموت على الرغم من علم الشاعر أن الموت إذا أتى ميعاده فلا سبيل لرده، وهذا دليل على مشاعر وعاطفة الأبوة الصادقة.[1]
- فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ أُؤَمِلُ
- جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً كَأَنَكَ أَنتَ المُنعِمُ المُتَفَضِل
وحين كبر الولد وبلغ سن الرشد والرجولة التامة كما كان يتمنى والده أن يراه، أصبح يعامله بفظاظة وقساوة، كأنه هو المعيل وصاحب الفضل على والده.
- فَلَيتَكَ إِذ لَم تَرعَ حَقَّ أُبوَتي فَعَلتَ كَما الجارُ المُجاورُ يَفعَلُ
تمنى الشاعر في هذا البيت أن يعامله ولده كما كان يعامله في طفولته وصباه وأن يسعى لنيل رضاه كجزء من رد الجميل، فهو تمنى أن يرد ولده إليه جزء قليل مما كان يقدمه له وأن يطيعه ويحسن معاملته ومجاورته في كبره، أو أن يعامله كمعاملة الجار لجاره.
- وَسَمَيتَني باِسِمِ المُفَنَّدِ رَأيُهُ وَفي رَأيِكَ التَفنيدُ لَو كُنتَ تَعقِلُ
يوضح الشاعر في هذه الأبيات مدى وقاحة ولده وسوء تصرفاته، حيث أصبح يصف والده بالغباء والجهل ولكن الحقيقة هي خلاف ذلك.
- تَراهُ مُعِدّاً لِلخِلافِ كَأَنَهُ بِرَدٍّ عَلى أَهلِ الصَوابِ مُوَكَلُ
كان الولد محضرًا للخصام والخلاف وكأنه كلف بمهمة مجادلة أهل الرأي والحكمة.[2]
قصة كاتب قصيدة غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً
تعتبر قصيدة غذوتك مولودا وعلتك يافعا من أهم
قصائد
الشاعر أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي، وهو أحد شعراء العصر الجاهلي، من أهل
الطائف
، جاء إلى دمشق قبل مجيء الإسلام.
وكان أمية بن عبد الله أبي الصلت شاعرًا حكيمًا ومثقفًا وواسع الاطلاع على الكتب القديمة، فكان من الأشخاص الذين حرموا على أنفسهم شرب الخمر وعبادة الأصنام في الجاهلية.
رحل الشاعر أمية بن عبد الله أبي الصلت إلى
البحرين
حيث دامت إقامته فيها حوالي 8 سنوات ظهر في أثنائها الإسلام، حينها عاد إلى الطائف، فسأل عن خبر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: يزعم أنه نبي، بعد ذلك خرج أمية بن عبد الله أبي الصلت حتى وصل إليه في مكة وسمع منه آيات من القرآن الكريم، ثم انصرف عنه، فتبعه وفد من أهل قريش يسأله عن رأيه فيه، فقال: أشهد أنه على الحق، قالوا: فهل تتبعه؟ فقال: حتى أنظر في أمره.
خرج الشاعر أمية بن عبد الله أبي الصلت بعد ذلك قاصًدا الشام، وفي وقت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، قرر أمية بن عبد الله العودة والدخول في الإسلام، وذلك في وقت غزوة بدر، ولكن ما منعه هو مقتل اثنان من أقربائه، حيث رفض أن يسلم ولكنه أسلم فيما بعد، أقام أمية بن عبد الله بعد ذلك في الطائف حتى وفاته.[3]