أبرز قصائد الشاعر عدي بن الرقاع
من هو عدي بن الرقاع
عدي بن زيد بن مالك بن عدي بن الرقاع، هو شاعر كبير من أهل دمشق يلقب أبا داود، كان مهاجي ومعاصر لجرير، ومقدم ومداح لدى بني أمية، قام ابن دريد بتلقيبه في كتاب الاشتقاق بشاعر أهل الشام، توفي في دمشق ودفن فيها.
قصيدة لمن الدار كعنوان الكتاب
لِمَنِ الدارُ كَعُنوانِ الكِتابِ هاجِتِ الشَوقَ وَعَيَّت بِالجَوابِ
لَم تَزِدكَ الدارُ إِلّا طَرَباً وَالصِبا غَيرُ شَبيهٍ بِالصَوابِ
مَوضِعُ الأَنضادِ لَأياً ما يُرى وَرَمادٌ مِثلَ كُحلِ العَينِ هابِ
صَدَّ عَنهُ السَيلَ مَجرى تَلعَةٍ خُدُدٌ باقٍ كَأُخدودِ الكِرابِ
ضَرَبَتهُ سَلفَعُ مَملوكَةٌ بِغُرابِ الفَأسِ في وَجهِ التُرابِ
تَدفَعُ السَيلَ به حَتّى جَرى صَحصَحانِيُّ الصَحاري وَالرِكابِ
وَبِما قَد كانَ فيها ساكِناً أَهلُ أَنعامٍ وَخَيلٍ وَقِبابِ
وَرَعابيبٌ حِسانٌ كَالدُمى لا يُنِلنَ الشَيبَ لِذاتِ الشَبابِ
فَذَرِ اللَهوَ لِمَن يَلهو بِهِ وَاِكسُ أَقتادَكَ جَوناً ذاهِبابِ
حَمَلَتهُ بازِلٌ كَودانَةٌ في مِلادٍ وَوِعاءِ كَالجِرابِ
سَنَةً حَتّى إِذا ما أَحوَلَت وَضَعَتهُ بَعدَ عَزفٍ وَاِضطِرابِ
جَلدَةً لَم يَتَخَوَّن دَرَّها سوءُ تَصريمٍ وَلا جَهدُ اِحتِلابِ
فَفَلَتهُ دِرَراً حَتّى بَدا سامِقاً يَعلو مَصاعيبَ السِقابِ
جَذَعاً يَستَكبِرُ الشَولُ لَهُ مُفنَقاً كَالفَحلِ يَعمي بِاللُعابِ
ثُمَّ أَثنى وَهوَ شَهمٌ مُصعَبٌ فَرَدٌ يُذعَرُ مِن صَوتِ الذُبابِ
فَخَلا سَتَّةَ أَيّامٍ بِ رابِضٌ يَعدِلُ أَظعانَ الصِعابِ
في خَلاءِ الأَرضِ حَتّى قادَهُ تَبَعَ المُهرِ بمَنحٍ وَاِجتِلابِ
قَلَّما حَمَّلَهُ مِن رَحلِهِ غَيرَ أَقتادٍ وَقَطعٍ وَقِرابِ
يَرقُبُ الشَخصَ بِتالي طَرفِهِ
قصيدة لمن الدار مثل خط الكتاب
لِمَنِ الدارُ مِثلُ خَطِّ الكِتابِ بِالمَراقيدِ أَو بِذِكرِ العُقابِ
جَرَتِ الريحُ فَوقَها مُذلَعِبّاً مِن إِهابِيَّ تَرتَمي بِالتُرابِ
لَيتَ لي جيرَةً كَآلِ خُلَيدٍ حَسبي الَّذي ماتِعي الأَحسابِ
بَذَلوا الماءَ يَومَ جِئنا وَحَيّوا وَسَقَونا عَلى مَناقي الرِكابِ
ظاهِرو الأُنسِ وَالعَفافِ إِذا ما لُّزَّ بَينَ البُيوتِ بِالأَطنابِ
وَرَأَيتُ الدُخانَ يَنسِلُ قُدماً نَسَلَ الذيبِ مِن وَراءِ الحِجابِ
عادَ لِلقَلبِ مِن رُوَيمَةَ رَدُّ بَعدَ صَرمٍ مُبَيَّنٍ وَاِجتِنابِ
وَسَبَتهُ بِناصِعِ اللَونِ حُرٍّ وَثَنايا مُفَلَّجاتٍ وَاِجتِنابِ
دُميَةٌ شافَها رِجالٌ نَصارى يَومَ فَقحٍ بِماءِ كَنزٍ مُذابِ
أَو مَهاةٌ تَبَلَّجَ اللَيلُ عَنها بِاللَوى بِينَ عالِجٍ فَالجَنابِ
وَإِذا الناشِئُ الرِفَلُّ رَآها لَجَّ مِن ذاتِ نَفسِهِ في التَصابي
بَيَّتَتنا تَزورُ صَرعى نُعاسٍ عَرَّسوا مَوهِناً بِأَرضِ يَبابِ
فَتَرى الغِرَّ بِالمَناكِبِ يَكبو شَهوَةَ النَومِ كَالأَميمِ المُصابِ
هُجَّداً فاتِري العُيونِ تَراهُم كَالثَمالى وَما اِنتَشَوا مِن شَرابِ
راعَهُم بَعدَ رَقدَةٍ رَقَدوها دَعوَةٌ مِن صَمَحمَحٍ غَيرِ كابِ
قصيدة شطت بجارتك النوى فتحمل
شَطّت بجارَتِكَ النَوى فَتَحَمَّلِ وَنَأَتكَ بَعدَ مَوَدَّةٍ وَتَدَلُّلِ
وَلئِن فَعَلتِ لَقَد عَلَتني كَبرَةٌ وَأَطَلتُ صَرمَكِ فَاِهجُريني أَو صِلي
وَأَسيلَةِ الخَدَّينِ ساجٍ طَرفُها بَيضاءَ مونِقَةٍ لعَينِ المُجتَلي
خَودٌ مِنَ اللائي يَمُسنَ تَأَوُّداً مَشيَ المِياهِ عَلى الكَثيبِ الأَهيلِ
لاقَيتُ في غَربِ الشَبابِ فَلَم يَكُن قَلبي لَها غَرَضاً وَلَم أَستَقتِلِ
وَأَنا اِمرُؤٌ مِنّي العَفافُ وَلَم أَكُن دَنِسَ الثِيابِ وَلا مُريبَ المَدخَلِ
أَفَلا تَناساها وَتَترُكُ ذِكرَها إِذا حَمَّلَتكَ أَخالَ ما لَم تَحمِلِ
بِعُذافِرٍ يُشري الجَديلَ كَأَنَّهُ عَيرٌ تَصَيَّفَ في نَحائِصِ ذُبَّلِ
شُزَّبٌ ذوابِلُ يَتَقينَ لَبانَهُ وَجَبينَهُ بِسنابِكٍ كَالجَندَلِ
أَرِنٌ يَعَضُّ بكاذِهِنَّ كَأَنَّهُ قِدحٌ يَظَلُّ بِهِ المُناضِلُ يَغتَلي
بَينَ السُمَيَّةِ وَالسَنانِ يَجِنُّها
قصيدة أتعرف الدار أم لا تعرف الطللا
أَتَعرِفُ الدارَ أَم لا تَعرِفُ الطَلَلا بَلى فَهيجَتِ الأَحزانَ وَالوَجَلا
وَقَد أَراني بِها في عيشَةٍ عَجَبٍ وَالدَهرُ بَينا لَهُ حالٌ إِذا اِنفَتَلا
أَلَهو بِواضِحَةِ الخَدَّينِ طَيَّبَةٍ بَعدَ المَنامِ إِذا ما سَرَّها اِبتَذَلا
لَيسَت تَزالُ إِلَيها نَفسُ صاحِبَها ظَمأى فُلُوٍّ رَأى مِن قَلبِهِ الغَلَلا
كَشارِبِ الخَمرِ لا تُشفى لِذاذَتُهُ وَلَو يُطالِعُ حَتّى يُكثِرَ العَلَلا
حَتّى تَصرَّمَ لذاتُ الشَبابِ وَما مِنَ الحَياةِ بِذا الدَهرِ الَّذي نَسَلا
وَراعَهُنَّ بِوَجهي بَعدَ جِدَّتِهِ شَيبٌ تَفَشَّغَ في الصُدغَينِ فَاِشتَعَلا
وَسارَ غَربُ شَبابي بَعدَ جِدَّتِهِ كَأَنَّما كانَ ضَيفاً خَفَّ فَاِرتَحَلا
وَكَم تَرى مِن قَوِيٍّ فَكَّ قُوَّتَهُ طولُ الزَمانِ وَسَيفاً صارِماً نَجَلا
إِنَّ اِبنَ آدَمَ يَرجو ما وَراءَ غَدٍ وَدونَ ذَلِكَ غولٌ تَعتَقي الأَمَلا
لَو كانَ يُعتَقُ حَيّاً عَن مَنِيَّتِهِ تَحَرُّزٌ وَحِذارٌ أَحرَزَ الوَعلا
الأَعصَمَ الصَدَعَ الوَحشِيِّ في شَعَفٍ دونَ السَماءِ نِيافٍ يَفرُعُ الجَبَلا
قصيدة عرف الديار توهماً فاعتادها
عَرَفَ الدِيارَ تَوَهُّماً فَاِعتادَها مِن بَعدِ ما شَمِلَ البِلى أَبلادَها
إِلّا رَواسِيَ كُلُّهُنَّ قَد اِصطَلى حَمراءَ أَشعَلَ أَهلُها إيقادَها
كانَت رَواحِلَ لِلقُدورِ فَعُرِّيَت مِنهُنَّ وَاِستَلَبَ الزَمانُ رَمادَها
بِشُبَيكَةِ الحَوَرِ الَّتي غَربِيُّها فَقَدَت رَسومُ حِياضِهِ وَرّادَها
وَتَنَكَّرَت كُلَّ التَنَكُّرِ بَعدَنا وَالأَرضُ تَعرِفُ تَلعَها وَجَمادَها
وَلَرُبَّ واضِحَةِ الجَبينِ خَريدَةٍ بَيضاءَ قَد ضَرَبَت بِها أَوتادَها
تَصطادُ بِهجَتُها المُعَلَّلَ بِالصِبا عَرَضاً فَتُقصِدُهُ وَلَن يَصطادَها
كَالظَبيَةِ البِكرِ الفَريدَةِ تَرتَعي مِن أَرضِها قَفَراتِها وِعِهادَها
خَضَبَت لَها عُقَدُ البِراقِ جَبينَها مِن عَركِها عَلَجانَها وَعَرادَها
كَالزينِ في وَجهِ العَروسِ تَبَذَّلَت بَعدَ الحَياءِ فَلا عَبَت أَرآدَها
تَزجي أَغَنَّ كَأَنَّ إِبرَةَ رَوقِهِ قَلَمٌ أَصابَ مِنَ الدَواةِ مَدادَها
رَكِبَت بِهِ مِن عالِجٍ مُتَحَيِّراً قَفراً تُرَيّبُ وَحشُهُ أَولادَها
بِمَجَرِّ مُرتَجِزِ الرَواعِدِ بَعَّجَت غُرُّ السَحابِ بِهِ الثِقالُ مَزادَها
فَتَرى مَحانيهِ الَّتي تَسِقُ الثَرى وَالهُبرَ يونِقُ نَبتُها رُوّادَها
بانَت سُعادُ وَأَخلَفَت ميعادَها وَتَباعَدَت مِنّا لِتَمنَعَ زادَها
إِنّي إِذا ما لَم تَصلِني خُلَّتي
قصيدة ما هاج شوقك من مغاني دمنة
ما هاجَ شَوقَكَ مِن مَغاني دمنَةٍ وَمَنازل شَغَفَ الفُؤادَ بَلاها
دارٌ لِصَفراءَ الَّتي لا تَنتَهي عَن ذِكرِها أَبَداً وَلا تَنساها
جَيداءُ يَطويها الضَجيعُ فَتَنطَوي طَيَّ الحَمالَةِ لَيِّنٌ مَتناها
صادَتكَ أُختُ بَني لُؤَيٍّ إِذ رَمَت وَأَصابَ سَهمُكُ إِذا رَمَيتَ سِواها
وَأَعارَها الحَدَثان مِنكَ مَوَدَّةً وَأُعيرَ غَيرُكَ وُدُّها وَهَواها
تِلكَ الظَلامَةُ قَد عَلِمتُ فَلَيتَها إِذ كُنتُ مَكتَبِلاً تَلِمُّ نَواها
بَيضاءُ تَستَلِبُ الرِجالَ عُقولَهُم عَظُمَت رَوادِفُها وَدَقَّ حَشاها
وَكَأَنَّ طَعمَ الزَنجَبيلِ وَلَذَّةً صَهباءَ ساكَ بِها المُسَحِّرُ فاها
يا شَوقُ ما بِكَ يَومَ بانَ حُدوجُهُم مِن ذي المُوَيقِعِ غُدوَةً فَرَآها
وَكَأَنَّ نَخلاً في مُطيَةٍ ثاوِياً بِالكَمعِ بَينَ قَرارِها وَحَجاها
وَعَلى الجِمالِ إِذا وَنَينَ لِسائِقٍ أَنزَلنَ آخَرَ رائِحاً فَحَداها
مِن بَينِ مُختَضِعٍ وَآخَرَ مَشيُهُ رَقِلٌ إِذا رُفِعَت عَلَيهِ عَصاها
قصيدة علاني الشيب واشتعل اشتعالا
عَلاني الشَيبُ وَاِشتَعَلَ اِشتِعالا وَقَد غَشِيَ المَفارِقَ وَالقَذالا
وَقَد بُدِّلتُ بَعدَ الجَهلِ حِلماً وَبَعدَ اللَهوِ فَاِستَرضِ البِدالا
وَما قَد كُنتَ تَلهو في اللَيالي بِمثلِ البكرِ تَتَّبِعُ الغَزالا
كَأَنَّ غَمامَةً نَضَحَت ذَراها عَلى أَنيابِها عَذباً زُلالا
وَماءٌ سَحابِ مُقفَرَةٍ زَهَتها جَنوبٌ نَفَّضَت عَنها الطِلالا
يَرِفُّ الإِقحُوانُ بحافَتَيها بِحَيثُ يُقابِلُ الجِلدُ الرِمالا
بِأَطيَبَ مَوهِناً مِنها إِذا ما لَوَت لِضَجيعِها القَصَبَ الخِدالا
فَأَصبَحَ دَهرُها دَهراً تَوَلّى وَقَطَّعَتِ الوِصالَ قَلا وِصالا
سِوى أَنّي سَأَبكي في دِيارٍ بِبُرقَةِ ضاحِكٍ حِجَجاً طِوالا
وَإِنَّ الحُبَّ بَعدَكَ غابَ عَنّي فَلَستُ أَرى لَغانِيَةٍ دَلالا
وَإِنّي عِندَ بَأسي لُمتُ نَفسي وَلومُ النَفسِ لا يُغني قِبالا
وَداوِيَةٍ يُحارُ الرَكبُ فيها كَأَنَّ عَلى مَخارِمِها جِلالا
قَطَعتُ بِفِتيَةٍ وَمُخَزَّماتٍ يُناطِحنَ المَوارِكَ وَالجِلالا
يُجَهِّضنَ الأَجِنَّةَ مُحفَداتٍ[1]