قصص من سير الصالحين تحققت فيها الرقابة الذاتية

ما المقصود بالرقابة الذاتية

إن الرقابة الذاتية هي الأساس في بناء شخصية الفرد، فيتجلى فيها قدرة الفرد على مراقبة ذاته وتفكيره قبل الإيتاء بأي عمل، والقيام بالأعمال الصحيحة وتجنب كل ما هو سيء والتي يكون لها نتائج سليبة على المجتمع وعلى الفرد، فمراقبة النفس تعمل على تقويمها وبالتالي تمنح الفرد الثقة بنفسه لأن القدرة تُدار بشكل ذاتي وتكون بعيدة عن الإدارة الخارجية، فالرقابة الذاتية هي من أرقى أنواع الرقابة فهي تمثل نبض الضمير، وتعمل على إكساب الفرد الصفات الحسنة كالعطف والكرم.

قصص من سير الصالحين تجلت فيها الرقابة الذاتية

إن الرقابة الذاتية أمر هام جداً ويجب التركيز القوي عليها، بالإضافة إلى محاسبة النفس قبل اللجوء إلى الرقابات الخارجية، فكلما زادت الرقابة الخارجية كلما كان هذا الأمر مؤشراً إلى تردي الرقابة الذاتية، وإن هناك


قصص عن الرقابة الذاتية في الإسلام


من سير الصالحين التي تجلت فيها الرقابة الذاتية ومن هذه القصص:

  • كان عبد الرحمن بن أبي ليلى كثير

    الصلاة

    ويؤدي صلاة النافلة في بيته، ولكنه كلما شَعَرَ بأن أحد قادم إليه قام بقطع صلاة النافلة ونام في فراشه، فيدخل عليه الداخل ويقول: “هذا لا يفتر من النوم؟! غالب وقته على فراشه نائم؟!”، ولم يعلموا أنه ككان يؤدي الصلاة خفية.
  • دخل عبد

    الله

    بن محيريز إلى الدكان حتى يشتري ثوباً، فقال رجل لصاحب الدكان: “هذا ابن محيريز فأحسن بيعه”، ولكن ابن محيريز غضب وقال: “إنما نشتري بأموالنا، لسنا نشتري بديننا”.
  • كان هناك رجل اسمه حمزة بن دهقان قال لبشر الحافي العابد أنه يود أن يصلي معه فوافق، ولكن عندما دخل عليه رآه يدخل إلى القبة ويصلى فيها أربعة ركعات، وسمعه يقول في سجوده: “اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل _المقصود بكلمة الذل أي عدم الشهرة_ أحب إلى من الشرف، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أوثر على حبك شيئاً”، فلما سمعه حمزة أخذ بالكباء والشهيق، فقال بشر الحافي: “اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا هنا لم أتكلم”.
  • إن هناك

    قصة

    للإمام الماوردي في إخلاصه في تصنيف الكتب، حيث أنه ألَّف كتب عن التفسير والفقه ولم يظهر شيء في حياته، ولكن لما اقتربت وفاته قال لشخص: ” إن الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما إذا عاينت الموت ووقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة في الليل، وإذا بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة”، فلما حضرت منيته بسط يده وظهرت كتبه.
  • وهناك قصة لأبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي قد نقلها خادمه أبو عبد الله أنه كان يدخل إلى البيت ويغلق بابه، ويأخذ معه كوزاً من

    الماء

    ، ولكن الخادم يقول أنه لم يعرف ماذا يصنع بهذا الكوز، ولكنه سمع ابناً صغيراً له يبكي، فنهته أمه، فقال لها الخادم: “ما هذا البكاء”، فقالت: “إن أبا الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأ القرآن ويبكي، فيسمعه الصبي فيحكيه، فإذا أراد أن يخرج غسل وجهه، فلا يُرى عليه أثر البكاء”.
  • قال ابن عيينة إن المطرف بن عبد الله كان يدعو: “اللهم إني أستغفرك مما زعمت أني أريد به وجهك، فخالط قلبي منه ما قد علمت”.
  • إن صاحب طبقات الحنابلة قد روى عن عبد الغني المقدسي أنه عندما كان مسجوناً في بيت المقدس، فقد قام الليل بإخلاص مع الله، وأخذ يصلي ويدعي، وإن في

    السجن

    معه أشخاص من اليهود والنصارى، فأخذ يبكي حتى

    الصباح

    ، فلما بدأ فجر اليوم التالي واصبح الصباح ذهبوا إلى السجان وقالوا له: “أطلقنا فإنا قد أسلمنا ودخلنا في دين هذا الرجل، قال ولم؟ أدعاكم للإسلام؟، قالوا: ما دعانا للإسلام ولكن بتنا معه في ليلة ذكرنا بيوم القيامة”.
  • قصة الفتاة التي نصحت أمها التي كانت تخلط الماء بالحليب وقد قالت لها: “إذا كان عمر لا يرانا، فإن رب عمر يرانا” رقابة ذاتية تستشعر بها رقابة الرب – جل جلاله – فهل نعزز هذه الرقابة في نفوسنا ونفوس من حولنا؟”.[1]

الأمور التي تعين على الرقابة الذاتية

إن تعزيز الرقابة الذاتية تبدأ من غرس عظيم يتواجد من

الطفولة

في البيت والمدرسة والحي والمسجد حتى المنشأة التي ينتمي إليها، فعلى كل مسلم يجب أن يغرس ويعزز هذه

القيم

ة الهامة، ونجد أن لكل مرحلة لها طريقتها وقواعدها التربوية، وإن الأمور التي تعين على الرقابة الذاتية هي:

  • أن يستحضر العبد دائماً الله سبحانه وتعالى ويشعر بإحاطته له حتى يخاف ويستحي منه، فقال الله تعالى في سورة ق آية 16: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ”.
  • أن يتذكر العبد شهادة الجوارح التي ستشهد عليه يوم القيامة، فقال تعالى في سورة فصلت آية 20-21: “حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”.
  • أن يتذكر المسلم الأجر العظيم لمن استشعر بمراقبة الله له في خلوته، فقال تعالى في سورة الملك آية 12: “إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ”.[2]

تلخيص كتاب تعزيز الرقابة الذاتية للأطفال

إن كتاب تعزيز الرقابة الذاتية للأطفال في ظل

التكنولوجيا

صادر حديثاً عن مركز دلائل بالرياض، وهدفه هو وضع حلول مباشرة وغير مباشرة حتى تساعد المربين والأسر للقيام بتنمية الرقابة الذاتبة للأطفال، وإن موضوعات الكتاب تتمحور في ثلاثة فصول هامة تتجلى في:



الفصل الأول

يتجلى فيه مفهوم الرقابة الذاتية والتي تتضمن بأنها الشعور الداخلي والقوة التي تضبط

الطفل

وتنبع الرقابة الذاتية من الإيمان بمراقبة الله تعالى، وقد تضمن هذا الفصل أهمية تعزيز الرقابة الذاتية والتي تتجلى في:

  • لمواجهة التكنولوجيا التي فتحت أبواب الشر حيث أنها أضحت في أيدي الصغار قبل الكبار.
  • حتى يتم بناء منظومة قيمية تعمل على تمكن الطفل من أن يميز ما بين الشيء الضار والنافع.
  • ليتم غرس القيم للمحاسبة الذاتية، والتي تعمل على ردع الطفل وتجنبه من كل فعل خاطئ في حال غياب الوالدين.



الفصل الثاني

وفيه أنشطة تعمل على تعزيز قيمة الرقابة الذاتية عند الأطفال عن طريق أنشطة عملية بالإضافة إلى

رسومات

توضيحية، وأيضاً  وردت أفكار تعمل على تعزيز الرقابة لدى الطفل منها:

  • شرح بعض أسماء الله الحسنى.
  • عرض فيديو لقصة الله يراني.
  • القيام باستخدام بعض

    الصور

    التي تحمل السلوكيات الإيجابية والسلوكيات الخاطئة وتلوين الطفل للسلوكيات الإيجابية بعد أن يحددها.
  • تفسير سورة الملك بأسلوب رائع وشيق للأطفال حيث أن التفسير يعتمد على الأسلوب القصصي البسيط.
  • ورود قصة الثلاثة الذين أُغلق عليهم الغار بواسطة صخرة، بالإضافة إلى قصة بائعة اللبن وابنتها.



الفصل الثالث

ففي هذا الفصل يندرج فيه بعض الأسئلة الموجهة للأمهات حول الرقابة الذاتية، والإجابة عنها.[3]