قصص عن الإخلاص في العبادة
الإخلاص لله تعالى
أراد المعلم أن يلقن طلابه درس يحمل خلق قويم، فبدأ بخير الدروس، قائلاً، أتدروا يا طلابي ما هي أجمل الصفات التي يحملها المرء، فكل طالب قال صفة يراها إنها الأجمل، بينما قال المعلم،
الإخلاص
يا أولادي هو أجمل صفة على الإطلاق، فمن حسن إسلام المرء أن يكون مخلص لله ومخلص لمن حوله.
فما أدراكم ما الخيانة وما الغش وما الرياء، فالعبد إن أخلص في نيته وأحترم عبادته نال البر ووصل إلى التقوى، ونعم الصفات الحميدة والبركة التي تصيبه، لذا عليكم يا أبنائي أن تخلصوا لله ف كل قول وعملن وأن تخلصوا لله في حياتكم وتحترموا خلوتكم، بمعنى أن تعرف أن
الله
يراك، فإن لم يراك أحد فلا تفعل خطأ.
كما أن هناك العديد من الناس تصلي ولكن لا ينالوا من صلاتهم سوى الحركات الرياضية، وهناك من يصوم طوال
الدهر
وما ينال من صيامه إلا جوعه وعطشه، وكل ذلك لأنه لم يخلص العبادة، فإن خير ما يفعل المرء أن يخلص النية ويوجه العمل خالصاً لله عز وجل.
إ يقول الله تعالى في كتابه العزيز”قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ” صدق الله العظيم، لذا عليكم أن تعملوا بجد وتراجعوا دروسكم وتصلوا وتصوموا فقط بنية طيبة لا بهدف غير سام، وخير النوايا هي النية الخالصة لله الواحد القهار[1].
قصة قصيرة معبرة عن الإخلاص
بعد صلاة الجمعة جلس الشيخ مع طلابه ليأخذوا درس اعتادوا عليه بعد صلاة الجمعة، وكان الدرس عن الرياء، فقال الشيخ من أسوأ ما يفعل المرء أن يفع الأمور الطيبة بنية خبيثة، فسأل
الطفل
حمزة، وكيف ذلك يا شيخنا، فقال له يا ولدي يمكن أن تأتي للمسجد فيبدوا عمل طيب، ولكن إن كنت تأتي لكي يقول الناس حمزة يذهب للمسجد فتكون نيتك خبيثة، ولكن إن أتيت من أجل
حب
ك للمسجد وحبك للعبادة، وأنك تبغى مراضاة الله عز ول، فقد فعلت الطيب بنية طيبة.
حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فقيل وما هو يا رسول الله قال الرياء، حيث يقول الله تعالى يوم يجازي العباد بأعمالهم أذهبوا إلى الذين كنتم تراؤونهم بأعمالكم فانظروا هل تجدون عندهم جزاء”[3].
بمعنى أن الرياء والعمل من اجل الناس وثنائهم يعتبر كفر أصغر، نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عنه كما أن الله يغضب من هذا الفعل غضب شديد، لذا يجب يا أبنائي إخلاص النية لله وحده، فهو وحده من يرى النوايا ويسمع ما ف الصدور والنفوس، فإياكم والرياء.
قال عبد الله يا شيخنا أني أحب أن أصلى وأصوم ولكني احب أن يثني عليّ الناس، فهل بذلك أن مشرك؟، أبتسم الشيخ وقال يا عبد الله لا يمكن أن يقول أحد على أخيه المسلم ذلك، ولكنك ما زلت صغيراً، وتتعلم وتعين فعليك يا ولدي أن تجاهد نفسك وتخفي ما في سريرتك لله، وتعمل الأعمال الصالحة لوجه فقط، فأبدأ بمجاهدة نفسك في حب الثناء من الناس وأعلم إننا نعبد جميعاً رب كبير هو رب كل الناس، فإنه يراك ويحبك ويسمعك، فا نعبده من أجل محبته وحدها.
قصص السلف في الإخلاص
جلس الأب بين أبنائه يلقنهم درساً عن إخلاص النية، حيث إنها اجمل الصفات في المؤمن فالله تعالى يقول ف كتابه العزيز سورة غافر آية65 “هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”
من أحد القصص التي وردت عن السلف أن هناك حرب كانت بين المسلمين والروم، فحاصر المسلمون
الروم
وأشتد الحصار وطال، فبدأ الروم بمهاجمة المسلمين، وبدأت سهامهم تتوافد عليهم، ولم يتمكن المسلمين من الدخول أبداً، حتى ظنوا إن الروم سيقضوا عليهم وما أمامهم سوى الانسحاب.
ولكن خرج رجل من المسلمين ليلاً فحفر نفقاً وتسلل إلى العدو وبدأ يحاربهم وفتح الباب للمسلمين للدخول، وحاصر المسلمون الروم ثم اختفى
الرجل
بين الناس ولم يفصح عن نغيه وكام قائد المسلمين حينها مسلمة، فخرج مسلمة يخاطب الناس ويقول استحلفكم بالله من الذي تسلل للعدو.
لم يعرف القائد من الرجل الذي فعل ذلك، فظل يستحلف الناس وفي
المساء
رجل يطلب مقابلة مسلمة، قائلاً أتريد أن تعرف من هو الرجل الذي فك الحصار، فقال مسلمة القائد نعم أريد أن أعرفه، فقال الرجل ولكن لمن فك الحصار شرطاً، قال ما هو؟، فقال إن عرفته لا تطلب رؤيته مرة ثانية ولا تتحدث معه أبداً، فقا مسلمة له ما طلب، فأخبرني عنه.
قال الرجل أنا الذي تسلل إلى العدو ولي ما شرطت فلا تسألني أمراً، ولا تسأل عني أبداً، ولا تستدعيني لمجالستك، ثم بعد ذلك أنصرف الرجل وأختفى بين الجنود، فقال القائد بعدما تعجب من أمر الرجل وأدرك إنه زاهداً متعبداً، لا يرغب شيئاً سوى رضا الله عز وجل، “اللهم احشرني مع صاحب النفق”[2].
تلك القصة مليئة بالعبرة فقد اخلص الرجل النية لله وخشي على نفسه من الرياء ومن تمجيد الناس له، فأخفى عمله العظيم لكي ينال الجزاء فقط من الله الواحد القهار.
قصة عن الإخلاص في العبادة
كان هناك ولد يدعى زيد، كان يحرص دوماً على حضور
خطبة
الجمعة وفهمها جيداً، ومن عادته أن يذهب لأمه ويحكي لها ما فهمه وأستوعبه من الخطبة، فدخل زيد على أمه فرحاً قائلاً يا أمي أدركت ما يدخلنا الجنة، وما يجعلنا قدوة حسنة.
فرحت الأم بولدها وقالت له أخبرني يا زيد عما فهمت اليوم وعن أي شيء كانت الخطبة، قال لها كانت الخطبة عن الإخلاص في العبادة، فقد كانت خطبة جميلة ورائعة، حيث قال الشيخ أن الله تعالى يعلم ما نخف وما نعلن، لذا يجب أن نخلص النية لله عز وجل.
كما حكى لنا
قصة
جميلة حيث قال الشيخ أن عبد الغني المقدسي كان مسجون في
فلسطين
في بيت المقدس، فكان يقوم الليل ويصلي وكان معه في
السجن
أناس من اليهود وأناس من النصارى، ولكنه لم يهتم بشأن أحد فجلس يبكي طوال الليل وينحب متعبداً لله عز وجل، ولما آتى
الصباح
ظل هؤلاء الناس يفكروا في أمر عبد الغني ذلك الرجل المخلص العابد لله عز وجل.
فقالوا للحارس في السجن إنا قد أسلمنا ووحدنا بالله العلي القدير فقد دخلنا في دين هذا الرجل، فتعجب الحاري وقال لهم هل دعاكم عبد الغني للإسلام، قالوا لا لم يدعونا إليه ولكننا بتنا معه ليلة واحدة، فرق قلبنا وذكرنا بيوم القيامة، وقد كان وأسلم الرجلان.
فأنا يا أمي فهمت أني يمكن أن أكون داعيا لله عز وجل، وداعيا لدينه دون أن أقول شيء سوى أن أخلص النية لله وأفعل كل شيء من أجل الله فقط دون غيره، ولا أهتم بأمر الناس فإن أحبني الله ورضا عني جعل الجميع راضين ومحبين لي، فما أجمل الإخلاص وما أعظم العبادة لله.