مصادر التفسير بالمأثور وأهميتها .. وبعض الأمثلة من كتبها
مصادر التفسير بالمأثور الأربعة
إن مصادر التفسير بالمأثور تكون على أربع أوجه وتتجلى في:
-
تفسير القرآن بالقرآن
، فهو ما أجمل وأطلق في مكان بين وقيد في مكان آخر، فيعتمد تفسير
القرآن الكريم
على ما جاء من القرآن نفسه، فهناك بعض الآيات التي تبين وتفصل آيات آخرى فهي مفسرة لها، فمن أعظم خصائص الأمة الإسلامية أن
الله
سبحانه وتعالى قد تكفل كتابه المنزل إلى خير
الأنبياء
محمد عليه
الصلاة
والسلام، فقد قال تعالى في كتابه الكريم: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، وقد تضمن القرآن الكريم أبلغ أساليب الفصاحة والبلاغة، فقد قال تعالى: “كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير”. -
تفسير القرآن بالسنة الشريفة
وعن ما ثبت عن رسولنا الكريم في ذلك، حيث أن الكثير من السنة النبوية تبين بعض آيات القرآن الكريم. -
وما تم نقله عن الصحابة
لأنهم عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم وهم أدرى بما شاهدوه من القرائن عند نزول القرآن الكريم، وقد اختص الصحابة بالفهم التام له وبالعمل الصالح، وقد بين لهم رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام كما بين لهم ألفاظه، وكانوا إن تعلموا عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ويعرفوا معرفة تامة ما جاء فيها من العلم والعمل، ولهذا كانوا يقيمون في حفظ القرآن الكريم مدة طويلة، وقد تم ذكر أن ابن عمر حفظ
سورة البقرة
في مدة قرابة ثمان سنين، لهذا قد تم إطلاق بعض الفقهاء أن تفسير الصحابي الذي شاهد الوحي له حكم المرفوع، والمقصود هنا بحكم المرفوع أي كأنه روي عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن هناك بعض العلماء قد قيدوا هذا الأمر بما إذا كان في ذلك بيان سبب نزول ونحوه، حيث أنه لا يدخل الرأي فيه أبداً. -
ا
لتفسير الذي يُنقل عن التابعين
، وقد اختلف العلماء في هذا الأمر فمنهم من عدَّه أنه من المأثور لأن غالبيته قد جاء من تلقين الصحابة، ولكن البعض من العلماء ذهبوا إلى اعتباره تأويلاً بسبب كثرة اختلافهم.[1]
أمثلة عن التفسير بالمأثور
إن مصادر التفسير بالمأثور أربعة كما ذكرنا سابقاً في هذا المقال وإن هناك
مراحل نشأة علم التفسير
، ومن أمثلة التفسير بالمأثور هي:
مثال تفسير القرآن بالقرآن
-
قال تعالى في سورة البقرة آية 37: “فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ”، فقد تم تفسيرها الآية الكريمة التي
ورد
ت في سورة الأعراف آية 23: “قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”. - قوله تعالى في سورة الأنعام آية 103: “لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ”، وقد تم تفسير هذه الآية في سورة القيامة آية 23 قوله تعالى: “إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ”، أي لا تحيط به.
- تم تفسير الآية الكريمة التي وردت في سورة المائدة آية 1: “أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ”، بقوله تعالى في سورة المائدة آية 3: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ”.
- وإن قول الله تعالى في سورة البقرة آية 40: “وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ”، قد تم تفسير كلمة “عهده” بالآية القرآنية التالية التي وردت في سورة المائدة آية 12: “لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا”، وتم أيضاً تفسير كلمة “عهدهم” في قوله تعالى في سورة المائدة آية 12: “لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ”.
مثال تفسير القرآن بالسنة النبوية الشريفة
- فسر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الظلم الذي ورد في سورة الأنعام آية 82 في قوله تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ”، بالشرك.
- وفسر الرسول عليه الصلاة والسلام الحساب اليسير الذي ورد في سورة الانشقاق آية 8 في قوله تعالى: “فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًاً”، بالعَرض.
- وتم تفسير القوة التي وردت في سورة الأنفال آية 60 في قوله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ”، بالرمي.
مثال تفسير القرآن بأقوال الصحابة الثابتة عنهم
وهنا نجد أن كل ما صح في رواية ابن عباس وغيره من الصحابة هو من الأمثلة لتفسير القرآن بأقوالهم، وكل ما هو منتشر في كتب التفسير الذي يكون بالأسانيد الصحيحة، ومن أهم هذه التفاسير هي تفسير ابن جرير الطبري.
أبرز كتب التفسير بالمأثور
إن من أبرز كتب التفسير بالأثر هي:
جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري
وهو الإمام الحافظ المفسر المحدث الفقيه وهو المؤرخ شيخ المفسرين والمؤرخين، وهو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، وقد ألَّف علوم كثيرة، ومن مؤلفاته:
- تاريخ الأمم والملوك، وهو من مصادر التاريخ.
- اختلاف الفقهاء.
- كتاب التبصر في أحوال الدين.
- تفسيره جامع البيان عن تأويل آي القرآن.
الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي
- وهو أبو اسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي وكان كثير الحديث، ولكن هناك من الفقهاء من يرى أنه لا يوثق به، وقد توفي سنة 427هـ.
- قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير: “والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين وكان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع”.
- وقال الكتاني: “في الرسالة المستطرفة عند الكلام عن الواحدي المفسر لم يكن له ولا لشيخه الثعلبي الكبير بضاعة في الحديث، بل في تفسيرهما وخصوصاً الثعلبي، أحاديث موضوعة وقصص باطلة”.
معالم التنزيل للبغوي
- هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الذي يعرف باسم الفراء البغوي الفقيه الشافعي المحدث المفسر الملقب بمحي السنة وركن الدين.
- وقد سئل شيخ الإِسلام ابن تيمية عن أقرب التفاسير للكتاب والسنة؟ الزمخشري؟ أم القرطبي؟ أم البغوي؟ أم غير هؤلاء؟ فقال في فتاواه: “وأما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة البغوي، لكنه مختصر من تفسير الثعلبي وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه، وحذف أشياء غير ذلك”.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
وقد ألَّف هذا الكتاب
ابن عطية
، وقد تولت
وزارة
الأوقاف في أن تشرف على طباعته في دولة قطر، ووضعه بين أيدي أهل العلم.
تفسير القرآن الكريم
وإن مؤلف هذا التفسير هو ابن كثير، وهو من التفاسير التي اشتهرت كثيراً بين الناس، ومتلقاة بالقبول عند المسلمين عامة وعند خاصتهم أيضاً.[2][3]
أهمية التفسير بالمأثور
إن التفسير بالمأثور هو الذي يعتمد على المنقول الصحيح، ويجب على كل مسلم اتباعه والأخذ به، فهو السبيل الذي يأمن المسلم به من الزلل والزيغ من كتاب الله تعالى، وإن أهمية التفسير بالمأثور تتجلى في أنه ملجأ لكل مسلم يريد أن يستجيب لله سبحانه وتعالى، وأن يفهم ويتدبر كلامه سواء على طريقة التفسير الموضوعي أو التحليلي أو حتى المقارن، فهو أفضل أنواع التفسير لأنه يعتمد على الصحيح المنقول، وإنه لا يجتهد في بيان المعنى من غير دليل، ويتوقف عما لا طائل تحته، والأمور التي لا فائدة من معرفتها.[4]