أمثلة .. من ” ما يعلمه العلماء دون غيرهم “

التفسير بالمأثور أربعة مصادر

إن تعريف التفسير بالمأثور هو بيان

معنى

الآية بما

ورد

في الكتاب أو السنة الشريفة، أو أقوال الصحابة رضي

الله

عنه، فهو يعتمد اعتماداً أساسياً على صحيح المنقول، ولا يتم فيه

الاجتهاد

في بيان المعنى من دون وجود دليل، ويتوقف عما لا فائدة في معرفته، وهنا في هذا المقال سنتعرف إلى مصادر ومكانة التفسير بالمأثور وهو كاالتالي:


مصادر التفسير بالمأثور هي أربعة تتجلى في:


  • القرآن

    أي تفسير القرآن بالقرآن، لأن ما أجمل وأطلق في مكان بين وقيد في مكان آخر، وهذا التفسير يعتبر من أفضل التفاسير، ومن الأمثلة على تفسير الكلمات في قوله سبحانه وتعالى:

    1. قوله تعالى في

      سورة البقرة

      آية 37: “فَتَلقّى ءادمُ من رّبهِ كلمتٍ”.
    2. قوله تعالى في سورة الأعراف آية 23: “رَبّنا ظلمنا أنفُسَنَا وإن لّم تغفر لَنَا وتَرحَمنَا لنَكُونَن من الخاسرين”.
    3. قوله تعالى في سورة المائدة آية 1: “اأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ”.
    4. قوله تعالى في سورة المائدة آية 1: “إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ “، قد تم تفسيره بال’ية رقم 3 في سورة المائدة: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ”.
    5. وقد تم تفسير الآية 19 في سورة المعارج: “إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا “، بالآيات التي جاءت بعدها في سورة المعارج آية 20 – 22 : “إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا

      *

      إِلَّا الْمُصَلِّينَ”.

  • السنة النبوية الشريفة

    ، فقد قال الله سبحانه وتعالى في سورة

    النحل

    آية 44: “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون”، وقال الإمام أحمد رجمه الله:”السنة تفسر القرآن وتبينه”، ومن أمثلة تفسير القرآن بالسنة النبوية:

    1. تفسير المغضوب عليه باليهود.
    2. بالإضافة إلى تفسير الضالين بالنصارى.
    3. وتم توضيح الخيط الأبيض والخيط

      الأسود

      في السنة النبوية الشريفة بأنهما هما بياض النهار وسواد الليل.
    4. ومن ذلك ما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ [الأنعام: 82]، شق ذلك على المسلمين، وقالوا أيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:

      ((ليس ذلك إنما هو الشرك، ألم تسمعوا قول لقمان لابنه:

      ﴿ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، رواه البخاري ومسلم والترمذي.

  • أقوال الصحابة

    ، حيث أنه إذا لم يتم إيجاد تفسير القرآن في القرآن، ولا في السنة النبوية، فيجب الأخذ بتفسير الصحابة رضي الله عنهم، فهم أعلم بذلك لما اختصوا في مجالسة الرسول عليه

    الصلاة

    والسلام، بالإضافة إلى أنهم شهدوا القرائن والأحداث  وأيضاً الوقائع التي كانت في زمن رسولنا الكريم.

  • أقوال التابعين

    ، وقد اختلف جمهور العلماء في الرجوع إلى أقوال التابعين، ولكن عندما لا نجد تفسيراً ما في

    القرآن الكريم

    أو في السنة النبوية، ولا في أقوال الصحابة، فبعض العلماء قد اعتبر أن أقوال التابعين هو مصدراً من مصادر التفسير بالمأثور، ولكن منهم من اعتبرها كسائر أقوال العلماء.


أما مكانة التفسير بالمأثور فهي:

يعتبر التفسير بالمأثور هو أفضل أنواع التفاسير وأعلاها، لأنه إما أن يكون تفسيراً للقرآن الكريم بكلام الله سبحانه وتعالى، فهو أعلم بمراده، أو أن يكون تفسيراً عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وهو المبين لكلام الله سبحانه وتعالى، وإما أن يكون بأقوال الصحابة الذين تواجدوا في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام وعاصروه، وكانوا أهل اللغة وأربابها.[1]

ما يعلمه العلماء دون غيرهم مثال

إن ما يعلمه العلماء دون غيرهم هو وجه من أوجه التفاسير الأربعة التي تتجلى في :

  • ما تعرفه العرب من كلامها.
  • تفسير لا يعذر أحد بجهالته.
  • تفسير يعلمه العلماء دون غيرهم.
  • تفسير لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ومن ادعى علمه فقد كذب.

ومن أمثلة ما يعلمه العلماء دون غيرهم هو ما يتشابه عند عامة الناس ولكن عند الراسخين في العلم يكون معلوم مثل المطلق والمقيد والعام والخاص بالإضافة إلى المتشابه والمحكم والناسخ والمنسوخ، وإن العلماء يستنبطون الفوائد والأحكام،  فالعلماء الراسخون هم الذين يعلمون من كتاب الله سبحانه فوق ما يعلمه غيرهم، وفي الحديث: “أن أبا جحيفة رضي الله عنه قال: قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله؟ قال: والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه، إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر”، رواه البخاري.[3]

ما تعرفه العرب من كلامها

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره، فنجد أن ما تعرفه العرب من كلامها هو قسم من أقسام التفسير الأربعة.

والمقصود ما تعرفه العرب من كلامها أي في اللغة مثل الكهف والعرش والمنضودة والطلح وغيرها، ويشمل هذا القسم الألفاظ الواردة  في القرآن الكريم بالإضافة إلى أنها شاملة لأساليبه في الخطاب، ويكمن السبب في أن القرآن الكريم قد نزل بلغتهم، ويشبه طرائقهم في الكلام، حيث أنهم يجدوا الألفاظ التي وردت في القرآن الكريم واضحة وغير خافية، ولكن أحياناً قد يخفى على أفراد منهم شيء منها، ويكمن السبب في غرابتها على مسمعه أو عدم تداولها في لغة قومه، فمثلاً نجد أنه قد خفي على ابن عباس بعض معاني مفرداته مثل كلمة “فاطر”، ولهذا نجد في تفاسير السلف قد تطرقوا إلى التفاسير اللغوية للكلمات الموجودة في القرآن الكريم مثل الصمد والكفؤ والفلق والغاسق وغيرها.[4][5]

تاريخ تدوين التفسير

إن تدوين تفسير القرآن الكريم قد مر بأربعة مراحل تتجلى في:


  • المرحلة الأولى

    تجلت باعتماد التفسير على الرواية والنقل، حيث أن الصحابة كانوا يروون عن رسولنا الكريم بالإضافة إلى أنهم كانوا يرووا عن بعضهم البعض.

  • المرحلة الثانية

    تم تدوين التفسير ضمن كتب الحديث، وخاصة الذين كانوا متخصصين في رواية أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام وجمعها، مثل مسلم والبخاري وأصحاب السنن.

  • المرحلة الثالثة

    تجلت في تدوين التفسير بشكل مستقل في كتب خاصة فقد جمع مؤلفوها ما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة التابعين، وقد تم ترتيبها حسب ترتيب المصحف، أي تم ذكر أولاً ما روي في تفسير سورة الفاتحة ثم تفسير سورة البقرة وهكذا، ومن العلماء الذين تخصصوا في هذا المجال ابن ماجة وابن جرير الطبري وغيرهم.
  • المرحلة الرابعة تم تدوين التفسير مجرداً عن الإسناد وقد تم اختلاط القول الصحيح بالضعيف، بالإضافة إلى أن الإسرائيليات والموضوعات قد دخلت في كتب التفسير، وقد جاء بعد ذلك من نقل عن هذه الأقوال أنها غير صحيحة.[2]