العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح وما الفرق بينهما
ما العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح
العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح حيث ان الاسلام من الاديان العظيمة فقد نزله الله عز وجل وامرنا بالتفكر للوصول الى خلقه وبعد التفكر بخلق الله فان الإنسان يضعف بعد ايقانه بقدرة الخالق وهذا بدوره يؤدي الى عمل الانسان وخوفه من عظمة خالق الكون وعليه فان الانسان يحب ان يتفكر في خلق الله للوصول الى عبادته بالاركان والجوارح، فعبودية التفكر تدعو الانسان الى ان الله هو خالق كل شيء عظيم فتهاب الجوارح فتصلي وتقوم بما عليها على أكمل وجه
ولكن هناك علاقة خلاف بين اثنين عليها أي على العلاقة بين عبودية التفكر وعبودية الجوارح ولعل ان تكاملية هذه العلاقة هو ما يحكم فالانسان كلما تفكر في خلق الله زاد عمله بالجوارح لان يخضع لحكم الله وكلما كان عابداً لله بجوارحه كلما كان ذلك سببا في تفكره بخلق الله يوماً بعد يوم. [3]
ما هي عبودية التفكير
أمر الله سبحانه وتعالى بالتفكر والتدبر في كتابه العزيز وأثنى على المتفكِّرين بقوله {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وقال سبحانه {إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
وقال سبحانه وتعالى على الغافلين عن النظر والتدبر في كونه فقال عز وجل {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } وقال سبحانه وتعالى {وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}.
والتفكر بمعناه الواسع ودوائره المتعددة التي تشمل النظر في آيات الله الكونية والتفكر في آيات الله في كتابه الكريم والتدبر في عظيم فعل الله وبديع تدبيره وسنن الله في كونه، ويعد في وسائل التزكية وخطوات التربية وسيلةً هامة وخطوة كبيرة لبناء نفس مزكاة
ويكفي في شرف التفكر وعظيم قدره، وحاجة المؤمنين عامة والدعاة الربانيين له خاصة أن أصول أعمالهم ورأس مالهم الذي عليه تبنى ربانيتهم من تلاوة وقيام وعلم وذكر لا تكمل ولا تثمر بدون نوع تفكر ويفجر به معاني العبودية في قيامه ويستعين به على تحقيق مقصد العلم من العمل، ويقول الإمام ابن القيم حين يصف التفكر وعظيم شرفه “تفكر ساعة خير من عبادة سنة فالفكر هو الذي ينقل من موت الفطنة إلى حياة اليقظة ومن المكاره إلى المحاب ومن الرغبة والحرص إلى الزهد والقناعة ومن سجن الدنيا إلى فضاء الآخرة
من خصائص التفكر أَن توجه الأمر به إلى مساحات فسيحة ودوائر متعددة لا تترك مجالاً يتسلل منه الملل للقلوب ولا منفذاً يتسرب منه الخمول للعقل وما ترك باباً يوصل لحقيقة الإيمان إلا طرقه فالأمر به اتسع ليشمل المحسوس والمعنوي وطلب النظر في الدنيا كما أمر بالتفكر في الآخرة، ورغب في التفكر في النفس واستجلاء آياتها والنظر في الكون والتقاط جميل إبداعه، كل ذلك في عملية فريدة تغذِّي العقل بالحكمة وتقوي القلب باليقين وتعين الجوارح على إحسان الطاعة فتجمع مع عبادة الباطن عبادة الظاهر ومع حركة القلب نشاط العقل [1]
ما هي عبودية الجوارح
العبوديات الخمس الخاصة بعبودية الجوارح إذ الحواس خمسة على كل حاسة خمس عبوديات، فعلى السمع وجوب الإنصات والاستماع لما أوجبه الله ورسوله عليه من استماع الإسلام والإيمان وفروضهم وكذلك استماع القراءة في الصلاة إذا جهر بها الإمام واستماع الخطبة للجمعة في أصح قولي العلماء
ويحرم عليه استماع الكفر والبدع إلا حيث يكون في استماعه مصلحة راجحة من رده أو الشهادة على قائله أو زيادة قوة الإيمان والسنة بمعرفة ضدهما من الكفر والبدعة ونحو ذلك وكاستماع أسرار من يهرب عنك بسره ولا يحب أن يطلعك عليه ما لم يكن متضمنا لحق لله يجب القيام به أو لأذى مسلم يتعين نصحه وتحذيره منه
وكذلك استماع أصوات النساء التي تخشى الفتنة بأصواتهن، وكذلك استماع المعازف وآلات الطرب كالعود ولا يجب عليه سد أذنه إذا سمع الصوت وهو لا يريد استماعه إلا إذا خاف السكون إليه والإنصات فحينئذ يجب لتجنب سماعها وجوب سد الذرائع ونظير هذا المحرم لا يجوز له تعمد شم الطيب وإذا حملت الريح رائحته وألقتها في مشامه لم يجب عليه سد أنفه
ونظير هذا نظرة الفجاءة لا تحرم على الناظر وتحرم عليه النظرة الثانية إذا تعمدها، وأما السمع المستحب مثل استماع المستحب من العلم وقراءة القرآن وذكر الله واستماع كل ما يحبه الله وليس بفرض والمكروه عكسه وهو استماع كل ما يكره ولا يعاقب عليه
وأما النظر الواجب مثل النظر في المصحف وكتب العلم عند تعين تعلم الواجب منها والنظر إذا تعين لتمييز الحلال من الحرام في الأعيان التي يأكلها أو ينفقها أو يستمتع بها والأمانات التي يؤديها إلى أربابها ليميز بينها ونحو ذلك، والنظر الحرام النظر إلى الأجنبيات بشهوة وبغيرها إلا لحاجة كنظر الخاطب والشاهد والحاكم والطبيب وذي المحرم
والمستحب النظر في كتب العلم والدين التي يزداد بها الرجل إيمانا وعلما مثل النظر في المصحف ووجوه العلماء الصالحين والوالدين والنظر في آيات الله المشهودة ليستدل بها على توحيده ومعرفته وحكمته، والمباح النظر الذي لا مضرة فيه في العاجل والآجل ولا منفعة، والمكروه فضول النظر الذي لا مصلحة فيه وكم قاد فضولها إلى فضول عز التخلص منها وقال بعض السلف بأنهم كانوا يكرهون فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام
ومن النظر الحرام النظر إلى العورات وهي قسمان عورة وراء الثياب وعورة وراء الأبواب، ولو نظر في العورة التي وراء الأبواب فرماه صاحب العورة ففقأ عينه لم يكن عليه شيء وهذا إذا لم يكن للناظر سبب يباح النظر لأجله كعورة له هناك ينظرها
وأما الذوق الواجب مثل تناول الطعام والشراب عند الاضطرار إليه وخوف الموت فإن تركه حتى مات مات عاصيا قاتلا لنفسه، وقال الإمام أحمد و طاوس من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار، والذوق الحرام كذوق الخمر والسموم القاتلة والذوق الممنوع منه للصوم الواجب
وأما المكروه فكذوق المشتبهات والأكل فوق الحاجة وذوق طعام الفجاءة وهو الطعام الذي تفجأ آكله ولم يرد أن يدعوك إليه وكأكل أطعمة المرائين في الولائم والدعوات ونحوها وفي السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” نهى عن طعام المتبارين “وذوق طعام من يطعمك حياء منك لا بطيبة نفس
والذوق المستحب وهو أكل ما يعينك على طاعة الله عز وجل مما أذن الله فيه والأكل مع الضيف ليطيب له الأكل فينال منه غرضه والأكل من طعام صاحب الدعوة الواجب إجابتها أو المستحب، وقد أوجب بعض الفقهاء الأكل من الوليمة الواجب إجابتها للأمر به عن الشارع، والذوق المباح ما لم يكن فيه إثم ولا رجحان.[2]