مواقف من حياة عبد الرحمن بن عوف
أهم المواقف في حياة عبد الرحمن بن عوف
كان النبي صلى
الله
عليه وسلم، محاطًا بأصحابه خير البشر بعد
الأنبياء
والرسل، هم الذين آمنوا بربهم، وبنبيه صلى الله عليه وسلم، وبكل ما جاء في القرآن الكريم، وعلى لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
هم الذين جاهدوا في سبيل إعلاء كلمة الله ونشر
الإسلام
، وتحملوا منذ اليوم الأول من الصعاب ما لا يطيقه بشر، هاجروا، وقوتلوا.
وعذبوا، فقط لأنهم آمنوا بالله وحده، ونهبت أموالهم، وبيوتهم، وتركوا أهلهم، وخرجوا لديار غير ديارهم، لمصير لا يعلموا شئ عنه، فقط لأن الأمر جاء بالهجرة، ومن تلك الأسماء العظيمة والشخصيات الرائعة من الصحابة، يذكر اسم عبد الرحمن بن عوف.
ولعبد الرحمن بن عوف مواقف كثيرة في الإسلام، ومن مواقف هذا الصحابي الجليل، مع صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم؛
-موقف بينه وبين خالد بن الوليد رضي الله
عنه
فقد اشتكى عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “يا خالد لم تؤذي رجلا من أهل بدر، لو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله”، فقال: يا رسول الله إنهم يقعون في فأرد عليهم فقال: “لا تؤذوا خالدًا فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار”،
وفي هذا الموقف الذي حدث بين صحابيين من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ظهرت أخلاق ومعادن الصحابة، وبالاخص عبد الرحمن بن عوف، الذي لجأ للنبي، شاكيًا، فما كان لصحابة النبي في الخصومة إلا هذا الخلق، كما كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم، الذي يذكر مناقب أصحابه، ويحقق في الأمر.
-ومن مواقف عبد الرحمن بن عوف كذلك ما حدث بينه وبين الصحابة من أصحاب الشورى، أولئك الذين استخلفهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
حتى يختاروا من بينهم الخليفة الذي يحكم عامة وخاصة المسلمين، فقد روي أن عبد الرحمن بن عوف قال لأصحاب الشورى: هل لكم أن أختار لكم وانتقي منها، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أول من رضي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أنت أمين في أهل السماء وأمين في أهل الأرض”.
-ما حصل بينه وبين نوفل بن إياس الهذلي
فقد قال: كان عبد الرحمن بن عوف لنا جليسًا، وكان نعم الجليس وإنه انقلب بنا ذات ويوم حتى دخلنا منزله ودخل فاغتسل ثم خرج فجلس معنا.
فأتينا بقصعة فيها خبز ولحم، ولما وضعت بكى عبد الرحمن ابن عوف فقلنا له: ما يبكيك يا أبا محمد؟ قال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير، ولا أرانا أخرنا لهذا لما هو خير لنا. [1]
-ومن مواقف عبد الرحمن بن عوف التي يرويها بنفسه
أنه قال: ” كاتبت أمية بن خلف كتابًا بأن يحفظني في صاغيتي بمكة وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلما ذكرت الرحمن قال: لا أعرف الرحمن.
كاتبني باسمك الذي كان في الجاهلية؛ فكاتبته عبد عمرو، فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام الناس، فأبصره بلال فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار فقال: أمية بن خلف لا نجوت إن نجا أمية.
فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه لأشغلهم فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا وكان رجلاً ثقيلاً، فلما أدركونا قلت له: ابرك فبرك فألقيت عليه نفسي لأمنعه فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه وكان عبد الرحمن بن عوف يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه””.
وأيضاً، “عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شهدت حلف المطيبين مع عمومتي، وأنا غلام فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه، قال الزهري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة ولا حلف في الإسلام”، وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار”.
قصة عبد الرحمن بن عوف كاملة
ولأن معرفة الرجال، تثير في
القلوب
الكثير من العزة، والفخر، والحب لرجال كانوا في زمن الكفر، يؤمنون، وتشتد عليهم السيوف، فإن معرفة
قصة
صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل عبد الرحمن بن عوف، أمر ضروري.
عبد الرحمن بن عوف، واحد من العشرة المبشرين بالجنة، واسمه عبد الرحمن بن عوف هو ابن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن
كلاب
بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الزهري، وكنيته هي أبا محمد.
مولده كان في مكة، وكان بعد ميلاد النبي، والفرق في
العمر
بينه وبين عمر النبي عشر سنوات، حيث ولد بعد عام
الفيل
بعشر سنوات، وقيل إن اسمه عبد مكة، أو عبد عمرو، فلما دخل الإسلام غيره النبي له ليصبح عبد الرحمن.
أسلم على يد
الصديق
أبو بكر رضي الله عنه، واشتهر بحسن الخلق، والثراء، والكرم والمروءة، وقد ناله أذى الكفار كما نال الجميع، فهاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة المنورة.
وبعد
الهجرة
حين آخى النبي بينه وبين سعد بن الربيع، الذي قدم كل ما يملك بالنصف بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، فقدم عبد الرحمن بن عوف درس عملي على أهمية العمل واكتساب
الرزق
بالجد، ورفض ذلك وتوجه للسوق يبيع ويشتري حتى أصبح من أغنى المسلمين.
قيل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اختاره مع خمسة آخرين ليختاروا من يحكم المسلمين بعده بعد طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتوقع موته، وكان الخيرة له إذا اختلف الستة فيما بينهم بأكثر من الأغلبية أن يختار هو.
بمعنى إذا اختار ستة منهم رجل فهو خير، وإذا اختار أغلبهم واحد فيولوه الخلافة، أما إذا انقسموا ثلاثة وثلاثة يكون لعبد الرحمن بن عوف الاختيار.
ولما حانت لحظة الوفاة بكى، عبد الرحمن بن عوف، ولما سؤل عن سبب بكائه ذكر أن كيف يموت وقد أخذ حظه من الدنيا وقد يحرم من الصحبة في
الجنة
وذكر ما نال مصعب بن عمير، وحمزة بن عبد المطلب، وأنه ما ناله مثلهم، ومات وعمره خمس وسبعين سنة في المدينة، وقد دفن بالبقيع وصلى عليه عثمان بن عفان.
فضائل عبد الرحمن بن عوف
ومن فضائل عبد الرحمن ابن عوف أنه ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد، ويروي الحارث بن الصمة فيقول: سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو في الشعب.
فقال: “هل رأيت عبد الرحمن بن عوف؟” فقلت: نعم رأيته إلى جنب الجبيل وعليه عسكر من المشركين فهويت إليه لأمنعه فرأيتك فعدلت إليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الملائكة تمنعه” قال الحارث: فرجعت إلى عبد الرحمن فأجد بين يديه سبعة صرعى فقلت: ظفرت يمينك؛ أكل هؤلاء قتلت؟ فقال: أما هذا لأرطاة بن شرحبيل، وهذان فأنا قتلتهم وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره قلت: صدق الله ورسوله.
مهارة عبد الرحمن بن عوف في التجارة
أما عن التجارة عند عبد الرحمن بن عوف، فقد قال عن نفسه من كثرة ماله واجتهاده لقد رأَيْتُني لو رفَعْتُ حجَراً لَوَجَدْتُ تحته فِضَّةً وذَهَباً”، وهو ما يشير إلى مهارته، وملكته، وموهبته في عملية التجارة، والتي أدت إلى غناه، فقد دخل المدينة، وسأل عن سوقها، واخذ يبيع فيها ويشتري حتى أصبح من أغنى المسلمين. [2]